عبد الظل - الفصل 2239
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2239 : ألوانٌ زاهية
اهتزت ساحة المعركة المتصدعة عندما هبط صني على العظام البيضاء، منطلقًا على الفور مع دويّ الرعد. محاطًا بعباءة متماوجة من الظلال، بدا وكأنه كتلةٌ لا شكل لها من الظلام تتحرك حول هيئة ملك السيوف المهيبة، مستهدفًا إنهاء حياة الملك.
كان سيفه الأسود نذير الموت، وفي أي لحظة، قد تزدهر عباءته الداكنة بمجساتٍ تنطلق للأمام بسرعة جنونية، متحولة إلى شفرات حادة، أو أيدٍ ذات مخالب، أو سلاسل صاخبة.
استهدفت الشفرات اختراق درع أنفيل، بينما حاولت الأيدي الحبرية سحبه إلى الأسفل، وسعت السلاسل إلى تقييده.
ولكن بدلاً من ذلك، أصطدمت كلها بالفولاذ الداكن لدرعه المنيع، وقُطعت بسيوفه، ومُزِّقت إلى أشلاء بقوته الوحشية.
‘يا له من وغد.’
لو كانت الظلال التي استحضرها صني أكثر فاعلية ضد عدوه الفائق، لكان قد أحاط نفسه بالفعل بقشرة الظل، مسقطًا قوتها الهائلة على أنفيل. ولكن في الوقت الحالي، لم يكن هناك جدوى – إذ لن تكون القشرة سوى هدف أكبر لملك السيوف، وسيتم تدميرها بسرعة.
‘إنه… إنه يشبه…’
كان الأمر أشبه بأن صني عالق في مستنقع. هكذا كان الشعور عند القتال ضد عدو صاغ إرادته منذ زمن طويل إلى سلاح قاتل – كما لو أنه الرعب الصامت لشخص يغرق ببطء في طين بارد، غير قادر على انتشال نفسه أو العثور على موطئ قدم.
وذلك لأن العالم نفسه بدا وكأنه يقف إلى جانب أنفيل، ينحني ليتوافق مع إرادته. لم يلاحظ صني ذلك في البداية، ولكن بمجرد أن أدرك هذا الخلل، أصبح من المستحيل تجاهله.
كان التأثير دقيقًا، لكنه لا لبس فيه، مما جعل سيوف الملك أكثر حدة بينما أصبحت أسلحة صني أكثر بلادة، وجعل درع الملك أكثر متانة بينما أصبح درع صني أكثر هشاشة، وساعد الملك على تسديد ضرباته بدقة في كل مرة، بينما بدا أن صني يخطئ هدفه دائمًا بفارق شعرة.
‘الإرادة…’
امتلك صني الإرادة أيضًا، ولم يكن غريبًا تمامًا على استخدامها. حتى إنه حاول إطلاقها ضد إرادة أنفيل، على أمل إعادة العالم إلى حالته الطبيعية – ليس حتى ليكون في صالحه، بل فقط ليبقى محايدًا. ولكن الأمر بدا وكأنه رضيع يحاول التغلب على بالغ.
كانت الفجوة بينهما شاسعة جدًا.
تمكن صني من الإحساس بما كان يفعله أنفيل… ومع ذلك، لم يكن لديه كلمات أو مفاهيم لوصف ما كان يشعر به أو لفهمه.
كان الأمر أشبه بشخص أعمى تمكن بطريقة ما من إدراك ماهية الألوان، بينما كان أنفيل قادرًا على مزجها ورسم لوحة زاهية وجميلة بفرشاته.
شعر صني بالسوء. وشعر بالسخط.
لماذا كان عليه أن يشعر وكأنه يغرق بينما كان يختبر قوته الكاملة لأول مرة؟.
‘آه… هذا يدفعني إلى الجنون.’
فجأة، التهم العالم ضياءٌ مُعمي عندما أطلقت نيفيس سيلًا هادرًا من اللهب الأبيض على مسافة قريبة. لم يستطع صني تخصيص أي انتباه لمتابعة معركتها ضد الملكة، لكنه كان يلمح لمحات منها من حين لآخر.
كانت نيفيس قد اتخذت بالفعل شكلها المتسامي، فبدت كروح من النور في أعماق ظلمة شظية عالم الظل. انتشر إشعاعها النقي على نطاق واسع، مضيئًا البحر المظلم من الدمى والعاصفة المدوية من السيوف أعلاه…
لكن رغم ذلك، كانت هيئتها الجميلة ضئيلةً مقارنة بالغوليم اللحمي العملاق، وهي تتحرك في الهواء متجنبة هجمات الملكة المدمرة. من مسافة بعيدة، بدا الأمر كما لو أن بشريًا يطارد يراعة مضيئة عبر هاوية مظلمة – ولكن كانت تلك اليراعة تملك لدغة قاتلة، إذ كانت تحرق المخلوق المروع بأشعة مُعمية من النور المتوهج، كل منها يمتد لمئات الأمتار.
كانت تلك الأشعة المتوهجة لهبًا روحيًا يتم توجيهه عبر النعمة، مكثفًا ومشكَّلًا بنصله المتألق. كانت تقطع وتحرق الغوليم اللحمي في الوقت ذاته، وربما حتى تبخر بعضًا من النهر الدموي الذي تدفق مع ذلك المخلوق البشع…
ورغم ذلك، لم يعد وعاء الملكة بتلك البشاعة بعد الآن. بينما كانت تقاتل، واصلت التغير والتشكل، متخذة هيئة أكثر بشرية. لا تزال الكائنة الشاهقة تبدو كمخلوقٍ ولد من كابوسٍ مرعب، لكنها امتلكت الآن نوعًا من الجمال المروع والمخيف، متحركةً عبر ساحة المعركة المتصدعة بشعور شرس لا يعرف الرحمة.
تم محو الجراح التي سببها لهيب نيفيس في غضون ثوانٍ، دون أن تترك أي أثر.
تحرر ‘العمالقة’ الموتى الآخرون في ذلك الوقت أيضًا. تمزق أحدهم إلى أشلاء على يد رجسٍ عظيم مرعب بشكل خاص، وتحول آخر إلى جبل من اللحم النازف بفعل السيوف الطائرة… لكن البقية كانوا بالفعل يدمرون جيش صني المسعور، يقتلون ويفترسون الوحوش المفترسة القديمة في الأدغال الرجسة بطرق مروعة متنوعة.
‘نحن نكبح أنفسنا جميعًا.’
حتى مع تدمر درعه وإصلاحه، وبينما كان يهاجم أنفيل كإعصارٍ من الظلام القاتل، كان صني يعلم أن الأربعة منهم لم يطلقوا العنان لكل قوتهم بعد.
كانوا يستكشفون بعضهم، حاليًا، ويتعلمون أساليب عدوهم.
وكان صني المستفيد الأكبر من هذه المقدمة القصيرة، لأن رقصة الظل منحته فهمًا فريدًا لأنفيل… لفهم كيف يقاتل السيادي.
وماذا يكون السيادي بالتحديد.
لكن لن يستمر ذلك طويلًا.
لأنه كان يدرك الأمر بالفعل…
بدأ أنفيل يشعر بالملل.
على الرغم من أن ذلك جرح كبرياءه وجعل قشعريرة تتسلل إلى عموده الفقري، فقد رأى صني أن عدوه لم يكن يحتمل المعركة إلا على أمل أن يختبر شيئًا مسليًا.
لكن أمله كان يتلاشى تدريجيًا بسبب انعدام التحدي الذي يقدمه له صني.
كان مشهدًا محبطًا.
إذًا… ما الفائدة من كبح قوته؟.
ارتجفت السهول العظمية عندما ظهر فجأة رأس ثعبان عملاق فوق الهاوية الشاسعة.
في الوقت ذاته، انبثق جواد داكن من الظلال خلف أنفيل، قاضمًا بأنياب صلبة كالألماس، بينما خرجت فارسةٌ أنيقة مرتديةً درعًا معقدًا من العقيق من الظلام أمامه، ومُسددةً سيفها الأسود نحو رأسه. نظرًا لقدرة أنفيل على التحكم في المعدن، أوكل صني إلى الشرير مهمة أخرى لا تقل أهمية – حماية رَين من الأدغال الرجسة. أما القديسة والكابوس، فكانا كافيين لإجبار أنفيل على التوقف لحظة.
وكانت تلك اللحظة كافية للثعبان كي يتحول إلى أوداتشي أسود، استقر في يد صني بعد لحظة.
كان يتعلم كيف يوجه الإرادة من أنفيل…
لكن ذلك لا يعني أنه لا يستطيع الغش.
[نصل القتل] وصف القدرة: “عندما يكون ثعبان الروح في شكل سلاح الروح، فإنه يجسد جانب الموت لسَامي الظل. وبذلك، يتجاهل إرادة الكائنات العظمى.”
بينما كانت ظلاله تثبِّت السيادي في مكانه، خطا صني خطوة إلى الأمام وأسقط أوداتشيه بضربة عمودية، محدثًا شقًا شاهقًا في الهواء نفسه بقوة ضربته.
ترجمة آمون