منظور الشرير - الفصل 79
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
مر الوقت بسرعة ، و كتب التاريخ نفسه خطوة تلوا الأخرى..
يمكنك أن ترى مشهدا لتلك الفتاة الصغيرة التي فقدت ضوءها بالكامل ، بين ليلة و ضحاها إختفت إبتسامتها المشرقة تماما و لم ييقى شيء سوى وجه فارغ أنهكته الدموع التي كادت تجف ..
“أخبرتني أنك ستعودين ”
“أخبرتني أنني أهم شيء لك بهذه الحياة”
لكنها لم تعد .. بل غادرت الحياة بإرادتها ..
متكئة على الشجرة التي حملت جثة أختها ، وسط حقل إنتشرت فيه رائحة الموت مشكلة بيئة لا ينبغي لطفل صغير أن يعيش وسطها ..
لم يبقى سوى الأطفال .. أطفال لم يفهمو حتى ما كان يحدث و بعضهم ظن أنه مجرد كابوس مرعب…
هو كان كابوسا نعم ، لكنه كان حقيقيا تماما ..
هذه البيئة شكلت الفرصة المناسبة لتستغل تلك الشياطين قلوب اولئك من فقدو الضوء تماما ..
لكن البشر يكونون أسوء من الشياطين أحيانا..
كل ما تطلبه الأمر كان بعض الكلمات التي قيلت في المكان الصحيح و الوقت المناسب ..
“أتريدين الإنتقام من الشخص الذي فعل هذا لأختك الغالية ؟”
الشرير الذي تسبب بكل هذا لم يكن سوى والدها .. اللورد دروغو مونلايت..
شيئا فشيئا زرع بايلور مونلايت أفكاره المسمومة بعقل كل طفل تواجد بذلك المكان ..
سترى فتاتا صغيرة أثقلها عبئ لا أحد يستطيع تحمله ناهيك عن طفلة صغيرة ..
شخص عاش مثل هذه المعاناة المقرفة يستحيل أن يكون عاديا .. لقد كتب على من عاش هناك أن يحيو بطريقة تختلف عن الآخرين منذ الدقيقة الأولى..
بايلور مونلايت كان على دراية تامة بهذا .. بما أنه كان الشخص الذي جهز هذه البيئة بنفسه ..
الشخص الذي شكل تلك الحواجز الجليدية القوية لم يكن أحدا سواه و ليس دروغو ..
من جعل إقامة اللورد دروغو مونلايت معزولة عن العالم لم يكن أحدا سواه ..
لولاه ، لما وصل لهذا الحد ..
لكن ما حدث قد حدث ، و ها نحن ذا ..
بايلور قد جهز الساحة بالفعل ، لم يتبقى له سوى وضع نهاية لهذا الفلم الكئيب ..
ببراعة ، تمكن من جعل تلك الفتاة الصغيرة التي لم تختبر أي شيء بهذا العالم قط تشارك بمخططه القذر ..
ستراه يمنحها أداة من نوع ما ..
ثم ستذهب تلك الفتاة الصغيرة إلى نفس الشخص الذي تسبب بهذه الكوابيس بنظرها ..
سيرس الصغيرة قد دخلت على دروغو ، الوحش الذي فقد عقله بالفعل ..
في الوقت الحالي ، لا أحد سيستطيع التعرف على دروغو بسبب كثرة التشوهات على وجهه .. كان أشبه بمخلوق قذر بأعين وسط كتلة من اللحم العفن ..
سيرس قد دخلت ببرود على هذا النوع من الأشخاص دون خوف بل و إقتربت منه الخطوة تلوا الأخرى..
دروغو كان ينظر إليها باستمرار .. لكنه لم يهاجمها أبدا..
في مكان ما داخل قلب ذلك الوحش ، تمكن من الإبقاء ولو على ذرة منطق لكي لا يقتل ابنته الصغيرة فور دخولها الغرفة ..
بلمسة واحدة من يد سيرس التي كانت تحمل أداة غريبة إتخذت شكل مكعب ذهبي ..
إنبثق ضوء بعمي الابصار إبتلع كل شيء ..
مثل نار التطهير التي تمحي كل الخطايا ، إحترق بايلور وسط ذلك الضوء و الضباب الأسود يرتفع من جسده بشكل متفجر و كأنه يأوي كل شرور هذا العالم ..
لحظة تجمد فيها دروغو تماما ، لحظة لم تسمح له بالنجاة من ذلك الرمح الجليدي الضخم الذي إخترق جسده بعنف تاركا فجوة عملاقة يستحيل على بشر النجاة منها ..
وسط كل هذا دروغو لم يصدر أي صوت .. هو فقط أغلق أعينه بارتياح بعدما عاش الجحيم بطريقته الخاصة ..
بايلور قد قتل دروغو بعدما أذاقه الامرين جاعلا من نفسه البطل الذي أنهى ذلك الكابوس ..
آدا كانت تشاهد بتعبير فارغ ..
“هذا كثير علي لأستوعبه ..”
فقط المشاهدة كانت كافية لدفع أي شخص عاقل للحصول على مشاكل عقلية ، ناهيك عن عيش شيء كهذا على أرض الواقع ..
هزت ريم رأسها و وجهها يظهر إشمئزازه من ذلك الرجل ..
دروغو لم يرى سوى آبراهام الذي كان أعلى منه ..
فقط رجل واحد ..
لكنه لم يدرك أنه الآخر كان الشخص الذي نظر إليه الكثيرون ، أبرزهم شخص عاش بظله منذ صغره ..
شخص كتب عليه منذ ولادته أن يبقى في الظل مهما فعل لأنه لم يستطع أبدا كسر جليد أخيه الأكبر..
أكثر دمية معرضة للإنكسار لم يكن دروغو .. بل كان بايلور ..
السعي وراء القوة التي لم يستطع بلوغها مهما حاول ، شخص يائس كهذا سيتمسك بالحبل الأول الذي يرمى إليه و قد حدث ذلك بالفعل..
موت دروغو كان خبرا صادما لدرجة أن الإمبراطور مايكار فاليريون بنفسه قد جاء عندما لم يقتنع بالكلمات التي قالت أنه خان الجنس البشري ..
تم التستر عن الجرائم اللا أخلاقية التي حدثت هناك و قيل فقط أن دروغو قتل أبناءه و معظم بناته بعدما لم يتحكم بتلك القوى التي غزت قلبه ..
حجة يصعب تصديقها ، لكن الأورا الشيطانية التي كشفت عنها الكنيسة من جسد دروغو قد عززت ما قيل عنه و قطعت الشك باليقين ..
من نجو كانو مجرد أطفال معظمهم عانو من مشاكل عقلية و لم يستطع أحد اخذ أي حقيقة منهم ..
و من حافظ على أي منطق من بينهم فقد تم إخراسه بالقوة من قبل بايلور ..
فقط أفراد العائلة الرئيسية من علم بالحقيقة عما حدث بالداخل ، رغم أن البعض منها قد تسرب إلا أنها قد أصبحت مجرد إشاعات يرويها الغرباء الأن..
هكذا سقط أحد أعمدة الإمبراطورية و أقواها ، و بدأت فترة حكم للورد جديد حصل على مكانه بأخبث الطرق و أكثرها وحشية ..
“هل أنت متأكدة من عرض كل هذا علي ؟ أنا الشخص الغريب على هذه العائلة ؟”
هزت ريم رأسها ..
“بمعرفة ما تحضرينه .. لورد ستارلايت فأنت على وشك إحداث تغيير حقيقي داخل هذه العائلة .. تغيير لابد منه إذا ما أردت إستمرار الإرث الذي تركته سيدتي سميراميس .. لذلك أنا لن أوقفك .. على الرغم من أنني لن أقف متفرجة في حال ما قررت قتل الإرث..”
..
تنهدت آدا بانزعاج ملقية بنظرة على كلتا يديها .. كل يد حملت رمزا دمويا أثقل كاهلها ..
“من كان يظن أن ذلك الرجل المحايد دوما قد تسبب بشيء كهذا ..”
“لطالما كانت المظاهر هي أكثر الاشياء المكذوبة على الإطلاق ..”
“أجل .. لقد خان بايلور مونلايت نفسه و بني جنسه و عائلته ، لازلت إلى الأن غير قادرة على تقبل ما رأيت و ما سمعت .. لكنني لا أفهم ..”
توقفت آدا للحظة مستذكرة أخاها الذي رأت مستقبله .. المستقبل الذي تنبأ بموته ..
“ما علاقة فراي بكل هذا ؟”
بقيت ريم صامتة لبعض الوقت بينما تحرك المشهد ليعرض شيئا آخر تماما ..
“فراي ستارلايت .. يمكم القول أنه مجرد شخص غير محظوظ وجد نفسه وسط مكب الفوضى و القذارة هذا ..”
عرضت ريم مشاهد مختلفة على آدا ، مشاهد اللحظات التي تقرر بها مصير شخص آخر تماما .
كل هذا حدث داخل المكتبة التي تم إغلاقها عن العالم الخارجي بواسطة بوابة عملاقة ..
بوابة وقف أمامها رجل معين في الوقت الحالي .. بشعره الأزرق المساوي و بشرته الشاحبة و تلك الهالة المرعبة ..
لقد كان بايلور مونلايت ..
…
…
…
-منظور فراي ستارلايت-
“هوف”
“هوف”
تنفست بصعوبة بينما كان جسدي متراميا فوق الأرض..
لن أكذب الأن ما إذا قلت أنني حطمت جسدي تماما بالقوة ، مثل إجبار حنفية صغيرة على صب مياه بحر هائل في وقت وجيز ..
“هل أنت بخير ؟”
سألتني كارمن التي كانت تجلس بجانبي الأن بينما كانت لا تزال تواجه بعض الصعوبة لتقبل ما حدث قبل قليل ..
بابتسامة ضعيفة حركت فمي المنهك ..
“من ذا الذي كنتي تنادينه من قبل .. بالنصف رجل ؟”
تفاجأت كارمن للحظة قبل أن تضحك ضحكة مكتومة..
“يا فتى ، ما هو سرك ؟ هل أنت بشري حتى ؟”
رفعت جسدي المنهك من الارض بصعوبة ..
“أنا بشري .. على ما أظن ”
اخذ الأمر مني بعض الوقت لإلتقاط أنفاسي و التكلم بطريقة صحيحة ..
“أما بالنسبة لسري ، فعلي أن أسألك عن ردك .. هل توافقين على أن تصبحي موالية لي ؟”
كرد فعل بقيت كارمن صامتة لبعض الوقت ..
هي أنزلت رأسها لتنظر إلى كلتا بديها و تتذكر تلك اللحظة التي جعلت ذلك الحاجز الذي منعها لوقت طويل من الإختراق يظهر و لو علامة صغيرة على التحطم ..
كانت تدرك أنها لو كررت نفس العملية معي ، فاختراقها من الفئة S+ الى SS- هو مسألة وقت فقط ..
الشاب أمامها هو إبن اللورد آبراهام ستارلايت .. الشخص الذي صنع جزءا كبيرا من ما هي عليه الأن.. إضافة لحقيقة أن آبراهام كان الشخص الذي أحبته بطريقة أو بأخرى ..
ثم كانت الإجابة واضحة ..
أومأت كارمن برأسها لتظهر إبتسامة عريضة على وجهي ..
“إذا أنت توافقين على عرض النصف رجل الذي أمامك ؟”
بتجاهل تعليقي الساخر و بوجه جدي تعاهدت كارمن ..
“أقسم من اليوم فصاعدا على إتباعك بصفتي فارستك ، إذا كانت حياتك على المحك فسأضحي بحياتي من أجلك ، أسرارك ستموت معي .. عندما تحيا سأفعل ، و عندما تموت .. فأموت ”
“لحظة .. إحذفي الجزئية الأخيرة عن الموت لا تجلبي فأل الشر علينا ..”
إبتسمت كارمن بطريقة ساخرة ..
“هذا المستوى ضروري من أجل صنع الثقة بيننا ، أم تردني أن أعرض جسدي بالمقابل ؟”
كارمن.. جسدها ..
إنتابتني قشعريرة حادة لألوح لها بيدي ..
“أنا أخشى إقتراحك الأخير ، خصوصا بما أنك أقوى مني .. لربما سأفكر بالأمر عندما أتجاوزك ..”
“هوه ؟ تتجاوزني بموهبة فئة A ؟”
قالت كارمن جملتها لتصمت تلقائيا عندما تذكرت كمية الأورا المرعبة من السابق.. هذا جعل عقلها يتوقف تلقائيا لأنها لم تجد تفسيرا مناسبا ..
بعد كل شيء الموهبة من الفئة A عنت توقف جميع إحصائياتي على ذلك المستوى كحد أقصى .. إلا أنني تخطيته بكثير ..
هززت رأسي ببطء ..
“لقد تعاهدتي بالخدمة تحتي كفارستي ، و أنا بدوري اتعاهد بصفتي سيدك الجديد أن أعاملك بشكل صحيح دون إجبارك على تنفيذ ما يتعارض مع إرادتك ”
توقفت للحظة قبل أن اكمل..
“الأن إلى ما أنت بحاجة إلى معرفته ..”
رفعت أصبعا امامها..
“أولا ، موهبتي ليست فئة A .. ”
إتسعت أعين كارمن فور سماعها لهذا لكنها لم تقاطعني ..
“لست بحاجة لمعرفة سقف قوتي ولا سبب جهل الجميع من حولي بهذا .. ”
“ثانيا ، الأورا التي شعرت بها و كيف نجوت داخل أراضي الكابوس لسنة كاملة ..”
هنا إضطررت لمزج الحقيقة مع الأكاذيب لكي أعرض حجة مقنعة على كارمن ..
لم أستطع البوح لها بكل شيء ، لكنني إستطعت إعطاءها بعض الحقائق هنا و هناك ..
أولا مصدر قوتي هذا ، فقد عزيت الأمر إلى طائفة الظلال .. حكيت عنها بإيجاز دون ذكر العديد من التفاصيل مثل التماثيل و ما إلى ذلك..
لكنني أخبرتها عن أسلوب 10 آلاف خطوة من الظل ، و لتعزيز حجتي اظهرت لها سيفي .. باليريون الرعب الأسود..
هي كانت تنظر إليه منبهرة لتعرف أخيرا الحقيقة الكاملة كيف تمكنت من جرحها في ذلك اليوم ..
“إنه يشبهه ..”
علقت كارمن دون وعي ..
“يشبه ماذا ؟”
“سيفك .. يشبه سيف آبراهام ..”
ذكر من قبل أن آبراهام كان حاملا لسيف الدارك سيستر .. السيف الذي يفترض أن يحمله سَّامِيّ السيف آفالون في الإعداد الأولي..
كلاهما يندرجان تحت صنف السيوف السوداء سواءا باليريون أو الدارك سيستر لذلك أتفهم التشبيه ..
‘نوعا ما ..”
تخطيت الأمر لأنني لم أرد التحدث عن أسرار السيوف الأسطورية السبعة ..
“الأن إلى ما أنت بحاجة إلى فعله .. كارمن ..”
أول ما تحدثت عنه كان اللعنة الموضوعة علي و كيف كنت مستهدفا الأن..
و على غير المتوقع ، لم تبدي كارمن رد فعل قوي .. بل بدت ملمة بالموضوع تماما ..
“هل بطريقة ما أنت تعلمين عن هذا ؟”
أومأت كارمن برأسها .. ما جعلني أؤكد شكوكي ..
“كيف ؟”
بقيت كارمن صامتة للحظة قبل أن تتكلم ..
“علمت عن الأمر من آدا..”
آدا ..
“بما أنك ذكرتها فهذا يقودنا إلى الأمر التالي .. أريد منك الإستمرار بدعمها .. هذا من جهة ..”
إقتربت من كارمن بوجه جدي ..
“و من جهة أخرى أريد منك إخباري .. مالذي تخطط أختي للقيام به بحق ؟”
آدا كانت تعلم الكثير ، و أستطيع القول بوضوح أنها تنوي على شيء ما ..
كنت بحاجة لمعرفة الأمر الأن لكي أبني خطوتي التالية بشكل صحيح ..
لكنني لم أحصل على الإجابة ..
“آسفة .. فراي ، أختك فرضت علي قيودا قوية لكي لا أستطيع البوح بما تخطط له .. حتى ولو كنت موالية لك الأن فلن أستطيع الكلام ..لهذه الدرجة هي جادة بهذا ..”
وضعت يدي على دقني للتفكير بالأمر..
آدا تنوي على شيء جعلها تخرس كارمن بالقوة ؟
بدأ الأمر يصبح مزعجا اكثر و أكثر الأن..
كارمن قد إلتمست ما كنت أشعر به لذلك سارعت لتوضيح الأمر..
“فراي .. أختك بصفك تماما و لن تفعل أي شيء يضرك كن متأكدا من هذا .. أفضل ما يمكنك القيام به الأن هو سؤالها مباشرة عن الأمر..”
أومأت لكارمن ..
“أفترض أنك على حق ..”
كنت بحاجة إلى التكلم مع أختي .
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ..
“أين هي آدا ؟”
في تلك اللحظة لم أنتبه لا أنا و لا كارمن القوية لذلك الشخص الذي تمكن من التسلل عبر حواجزها و راقب كل شيء من الظل ..