منظور الشرير - الفصل 61
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
-منظور فراي ستارلايت-
“روح مزدوجة”
مالذي يعنيه هذا ؟ فراي … لقد بدأت أصل حدودي هنا ..
أنا أعيش حياتي كل يوم منذ وصولي إلى هذا العالم أترقب تلك اللحظة التي تقوم بها بحركة ما ..
كلما أقرأ تلك الكلمتين “روح مزدوجة” بجانب إسمي أشعر بأن جسدي ليس ملكا لي ..
و كأن شخصا آخر يشاركني كل شيء ، حواسي و مشاعري و ممتلكاتي ..
لأكون صريحا ، أنا لا أعرف كيف سأتعامل معك في حال عودتك ..
مالذي سأفعله ما إذا تم أخذ جسدي مني بكل بساطة ؟ هذه الفكرة بالذات كانت تؤرقني لبعض الوقت الأن ، لكن مهما مر الزمن أنت لم تظهر ..
ثم لا يسعني سوى الإنتظار أنا الأخر ..
أغلقت الحاسوب بينما ألقيت بنظرة فاحصة على غرفتي ..
المكان هادئ هنا ..
الأيام تمر واحدة تلوا الأخرى ، لازلت داخل المعبد حتى الأن بطلب من الإدارة .
لكن ما عداي انا و بقية النخبة ، تم تسريح الجميع بالفعل.
لهذا قررت إستغلال الفرصة للقيام بجولة داخل المعبد الفارغ.
كانت قاعة النخبة لا تزال صاخبة بعض الشيء ، رأيت مجلس الطلبة يحاولون التحكم بالجميع لكن الوضع كان صعبا ..
أراد الكثير منهم العودة إلى منازلهم بالفعل ، من المدهش بقاء هذا العدد في المقام الأول.
بالطبع… لم أهتم لهم و غادرت مباشرة.
أول ما ظهر أمامي كان حديقة معهد النخبة التي تم تخريبها بالكامل ..
تلك النباتات الخضراء و الورود مختلفة الألوان التي زينت هذا المكان في السابق لم تظهر بأي مكان و ما تبقى كان مجرد أرض قاحلة محترقة.
كلما تحركت و أينما ذهبت كنت أجد المزيد و المزيد من المباني المحطمة ..
تكررت المشاهد لدرجة أنني سرحت لبعض الوقت ..
المعبد تعرض لضرر مادي و معنوي إضافة للإنتقادات اللاذعة التي سقطت عليه من كل حدب و صوب ..
قريبا ، ستلجأ القوى الحاكمة لبلودمادير و تحوله إلى كبش فداء ليتحمل اللوم بمفرده و هذا سيعمل بشكل جيد حقا ..
” بلودمادير..”
تذكرت ذلك الرجل العجوز صاحب الأفكار الثورية ..
ما فعله كان الجنون بحذ ذاته … مهما كانت أهدافه إلا أنه تسبب بموت أطفال لم يقومو بأولى خطواتهم داخل هذا المعبد حتى الأن ..
876 ل 430 ..
كانت هذه هي نتيجة الإقتحام الأخير ..
876 طالب قد مات جراء الهجوم .
بينما أستطاع المعبد قتل 430 شخص من الألتراس و الخونة ..
طبعا هي إحصائيات غير دقيقة لكنها قريبة نوعا ما من الحقيقة … دون ذكر الجرحى و المصابين الذين لن يستطيعو القتال ثانية.
“يالها من جريمة إرتكبتها … رافاييل بلودمادير”
لكنني أعلم…
بصفتي شخصا يعرف معظم ما سيحدث لهذا العالم ، فأنا قادر على قول هذا ..
أنت لست مخطئا … بلودمادير ، الأسوء لم يأتي بعد .
الدم الذي سكب هنا كان مجرد قطرة وسط كأس الدماء التي ستراق قريبا ..
أفكاري هذه سيطرت علي ..
أصبح شرودي هذا يتكرر كثيرا مؤخرا لدرجة أنني وجدت نفسي بمكان مختلف تماما الأن…
برؤية الدمار من حولي ، تذكرت شيئا مهما فجأة ..
“إنتظر … شاهين !”
أصبت بالذعر عندما بدأت الركض نحو شارع المطاعم ..
لم أفكر في الأمر حتى الأن ، لكن الإقتحام قد مس المعبد بأكمله .. تذكرت الأن ذلك العجوز الذي أمضيت معه ساعات طويلة هنا..
“اللعنة … من الأفضل الا يكون قد أصابك شيء أيها العجوز … ”
بعد بضع دقائق أنا كنت واقفا هناك بالفعل ، لكنني لم أستطع هضم المشهد أمامي على الإطلاق ..
تلك الخيمة البديعة التي كانت شبيهة بخيم السيرك … الأضواء المبتذلة التي زينت المكان ..
تم تدمير كل شيء ..
هم مزقو إلى عشرات القطع بينما تم تحطيم كل شيء ..
“مستحيل ..”
مشيت بخطوات ثقيلة إلى وسط الخيمة متأملا الأنقاض من حولي ..
ما هو أسوء من ذلك … وجدت بعض بقع الدم المتفرقة هنا و هناك داخل الأنقاض ..
“هل هو … ميت ؟”
أحسست ببعض المرارة و الحرقة داخل صدري ..
كان مجرد عجوز خرف أعاد إلي بعض الذكريات ..
مجرد عجوز أعاد إلي الإنسانية التي ظننت أنني قد فقدتها ..
فقط … شخصية أخرى داخل عالم لعين ..
لكنني لم أستطع تقبل الأمر… لم أستطع قبول موته ..
بينما وصلت إلى نقطة مسدودة سمعت صوت خطوات من خلفي ..
“هاي يا فتى ، مالذي تفعله هناك ؟ تم تدمير المكان بالكامل لذلك لا يوجد خدمة اليوم ”
صوته و طريقة حديثه كانت نفسها كالعادة..
إستدرت على الفور لأجد ذلك العجوز القصير يقف خلفي مرتديا مئزره الأبيض بينما برزت عضلات ذراعيه و صدره ..
وجدت نفسي أضع يدي فوق وجهي بإبتسامة تشكلت تلقائيا ..
“أنت لا تزال حيا ..”
تمتمت دون وعي ، من جهة أخرى
“هممم؟ أوه الفتى فراي .. لا ترعبني هكذا لم أتعرف عليك للحظة ”
هذا غريب… بمجرد أن رأيته حيا إختفت تلك المشاعر المزعجة بشكل سحري ..
ضحكت على نفسي مدركا وضعي الحالي ..
أنا حقا أصبحت رقيقا ..
إبتسمت لشاهين ملوحا بيدي ..
“الأن الأن ، لا أصدق أنك لا تزال حيا ايها العجوز الخرف … كيف نجوت حتى الأن ؟”
تغيرت تعبيرات شاهين بمعدل مرأيي بعد سماعه لي …
هو عقد حاجبيه بينما ضرب صدره ..
“طفل جاهل ، منذ متى و أنا هنا برأيك ؟ لطالما بقيت على قيد الحياة ، أنا أكبر من كل الحمقى هنا !”
هو محى المسافة بيننا بينما نقر على صدري بواسطة إصبع السبابة ..
“بالمقابل أنظر إلى نفسك ، كيف نجوت بهذا الجسد النحيل ؟ أنت تبدو أكثر نعومة من أطفالي !”
هذا العجوز كان خاصا بعد كل شيء ..
“هاها أنا أقوى مما أبدو .. شاهين ، يمكنني أخذ 10 منك بيد واحدة ”
“تأخذ مؤخرتي ! تعال إلى هنا ايها الطفل الوقح سأعلمك درسا بنفسي ”
ما تلا ذلك كان ساعة كاملة من العبث مع شاهين وسط كومة من الدمار ..
مصارعة الأيادي ، تحدي القوة و كل الألعاب الغبية التي من المفترض الا تحدث بين شخصين بفارق عمري مهول كذلك الذي بيننا ..
حتى لو قسم شاهين عمره إلى 3 أجزاء فسيبقى أكبر مني ..
لكن أيا من هذا لم يؤثر على طريقتي في التعامل معه ، ضحكت بشكل خاص من فكرته الغريبة أن القوة تعتمد بشكل أساسي على العضلات ..
بعد العبث لبعض الوقت أشار شاهين إلي لكي أتبعه ..
“تعال … أيها الفتى فراي ”
“همم ؟ إلى أين ؟”
بدون مبالاة هو بادر بالمغادرة ..
“بما أنك هنا بالفعل أظنك تريد الحصول على وجبة هل أنا مخطئ ؟”
بسماع سؤاله أنا أجبت بتردد ..
“حسنا أنت لست مخطئا ، لكن مطعمك مدمر بالكامل ..”
“تسك تسك كم مرة يجب أن أشير إلى مدى جهلك ..”
بعد الخروج من الباب الخلفي للخيمة تفاجأت برؤية كشك صغير مركون بالجانب ..
سرعانما دخل شاهين إليه ضاحكا بصوت مرتفع…
“هاها ! الإنضباط و الإستمرارية ! أعطني المكونات و سأطبخ داخل أراضي الكابوس لو تطلب الأمر!”
“أنا مندهش من أنك لا تزال تريد العمل بهذا المكان بعدما حدث ”
هو لم يأبه لتعليقي الجانبي بل جهز مكوناته بالفعل ..
“المعتاد أليس كذلك ؟”
برؤيته يتجاهل كلامي قررت مسايرته ..
أومأت له بالإيجاب ..
في النهاية وجدت نفسي أخذ وجبة مع العجوز شاهين بينما تحدث كلانا دون توقف ..
قل الكلام شيئا فشيئا الى أن بدأ الصمت يخيم على المكان ..
كان كل واحد منا شاردا وسط أفكاره الخاصة ..
وسط كل ذلك ، فتح شاهين فمه متكلما بتعبير لم أره يظهر مثيله من قبل ..
“أخبرني .. ايها الفتى فراي ، أتذكر عندما سألتني عما إذا كان لدي إبنة و أنك تريد الزواج منها في ذلك اليوم؟”
إستغربت من سؤاله ، لم أجرؤ على أخذه بطريقة ساخرة بعدما رأيت مدى جدية تعابير وجهه ..
“أظن أنني قلت شيئا كهذا ..”
رغم أنني قلتها بشكل عفوي بذلك اليوم و لم أقصد كلامي …
شاهين تنهد بخفة مواصلا الكلام ..
“حسنا ، أنا أمتلك واحدة … أو بالأحرى كنت أفعل ..”
شعرت بشكل غامض إلى أين كانت تتجه هذه المحادثة لذلك بادرت بالإعتذار ..
“آسف”
هو هز رأسه فقط ..
“لا داعي ، حدث الأمر قبل أكثر من 20 سنة بالفعل”
“إمتلكت إبنة صغيرة موهوبة ، كانت أكثر بكثير مما أستحق .. أنا مجرد طباخ إبن طباخ . لذلك عندما ولدت تلك الفتاة الموهوبة التي قدر لها أن تصل إلى أبعاد لم أحلم أن أبلغها قط … أنا كنت سعيدا ، و خائفا ..”
لا أعلم لماذا هو بدأ سرد ماضيه الأن بين كل الاوقات ، لكنني أصغيت بتمعن ..
شاهين كان شاردا ينظر إلى المكان من حولنا..
“كنت سعيدا لأنها ولدت مميزة ، و خائفا عليها لأنها كانت ستختبر أشياء مخيفة لم يكتب لي أن أختبر مثيلها ..”
” بالطبع ، أنا دعمتها بكل ما أملك … هي تمكنت من دخول المعبد .. هذه المؤسسة المرموقة التي لم أحلم أن أدخلها قط ، بما أن أمها قد توفيت باللحظة التي ولدت بها كنت أنا عائلتها الوحيدة ، لذلك تمكنت من نقل مطعمي بأكمله إلى هذا المكان بفضلها ..هكذا إستطعت البقاء بقربها على الدوام ..”
فجأة تنهد شاهين قبل أن يتابع ..
“لكن لا شيء يدوم إلى الأبد أليس كذلك ؟ … أتعلم أيها الفتى فراي ، هذا الإقتحام الذي حدث اليوم لم يكن الأول… حدث شيء مشابه قبل 20 سنة ..”
“وقتها أتذكر أنني وجدت نفسي أختبئ مذعورا بينما قامت إبنتي بحمايتي ، أنا الذي كان من المفترض أن يكون درعا لها … إختبأت خلف جسدها النحيل ذاك … عندما أحسست بدمائها الساخنة التي تحولت ببطء إلى البرودة في النهاية أدركت وقتها أنني فقدتها بالفعل ..”
“هاي … أيها الفتى فراي ، لقد سألتني سابقا لماذا لا أزال هنا رغم كل ما حدث أليس كذلك ؟”
كانت أعينه مركزة علي الأن ..
لم آتي بأي حركة ، لم أعطه أي تأكيد أو نفي ..
فقط إلتزمت الصمت تاركا له المجال لمواصلة الحديث و هذا ما فعله بالظبط ..
حمل شاهين الأطباق بوجه فارغ ..
“لقد نجوت … فراي ، انا نجوت منذ ذلك اليوم و واصلت النجاة إلى يومنا هذا .. و سأواصل النجاة حتى النهاية ، هذا هو عقابي لتركها تموت .. سيموت الجميع من حولي لكنني سأظل حيا بينما يتساقط الجميع من حولي واحدا تلوا الأخر ..”
بدأ شاهين بغسل الأطباق بينما كان ينظر إلي من زاوية عينه..
“لكنك مختلف … فراي ستارلايت ، فالتعد إلى عائلتك و غادر هذا المكان الملعون ”
كلماته الأخيرة جعلتني أتفاجأ بشكل خاص ..
أنا طرحت السؤال دون وعي مني ..
“كيف ؟”
شاهين ضحك فقط على كلامي.
“أتظن أنني لن أتعرف على شخص بمثل شهرتك ؟ في المقام الأول من سيدفع ذلك القدر من القطع الذهبية على وجبة كتلك ؟”
“صحيح..”
تجاوبت معه بضعف ، شاهين إلتمس ذلك مني بالفعل ..
“فراي ستارلايت ، أنا لا آبه لتلك الشائعات عنك .. تعاملت معك بنفسي و أنا أعلم أنك شخص جيد … لذلك لا تضيع وقتك و لا ترتكب الأخطاء مثلما فعلت أنا ، قدر الاشياء العزيزة عليك بشكل صحيح ، غادر و لا تعد … هذا العالم لن يرحم أحدا ..”
إبتسمت بتكلف بعد سماعي لنصيحة شاهين الأخيرة..
نهضت من مكاني تاركا عملة ذهبية فوق الطاولة ..
“لا داعي للقلق شاهين ، أنا أدرك الأمر بشكل صحيح ..”
إرتفعت الأبخرة السوداء من جسدي بينما إستدرت تاركا ظهري لشاهين ..
“الأشياء العزيزة علي … تلك التي تملك قيمة بالنسبة لي … عائلتي .. إذا ما أردت العودة إليهم ، فأنا مضطر لمواصلة القتال ، و لن أموت … سأبقى حيا حتى النهاية أنا الأخر لذلك سترى وجهي كثيرا مستقبلا … شاهين ”
بابتسامة ، خطوة واحدة تلوا الأخرى أنا إبتعدت عنه بشكل تدريجي تاركا إياه منبهرا من هالتي ، لكنني توفقت لثانية ..
“أتعلم … شاهين ، لربما لا يحق لي قول هذا .. لكنني أظن أن إبنتك قد حمتك لأنها أحبتك بقدر ما فعلت أنت … هي أرادتك أن تبقى على قيد الحياة لذلك .. عش ”
غادرت بعدها تاركا شاهين خلفي ، أنا كنت أجهل وقتها أن تلك كانت أخر مرة أرى بها العجوز شاهين الذي إختفى باليوم الموالي ..
…
…
…
نحن على وشك الخروج من الأرك الثالث “أرك الإقتحام ”
و دخول الأرك الرابع ” أرك ماضي فراي ستارلايت” ..
بهذا نقترب خطوة أخرى من الأرك الأخير من الجزء الأول “الفيكتورياد!”