منظور الشرير - الفصل 2
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
“أكثر ما يخيفني في هذه الحياة هو ‘الأمل'”
“لا تعطني أي أمل لأنك عندما تفعل ذلك سأذهب إلى الجحيم لو تطلب الأمر ”
…
…
…
فتحت عيني ببطء و سمعت صوت صرير حاد بجانب اذني و كأنني إستيقظت بعد غيبوبة دامت سنوات .
مادخل مجال نظري كان ذلك السقف ذو الإضاءة المبالغ بها ٬ أما أنا فكنت نائما فوق سرير الملعب ذاك ..
هذه هي المرة الثانية التي أفتح فيها عيني على نفس المشهد و بكل صراحة … لا أريد أن يحدث ذلك مرة ثالثة..
ما هي إلا بضع ثواني لأستوعب الموقف برمته مرة أخرى و لم أستطع أن أمنع صوت أنين من الحسرة أن يخرج ..
“أنا تناسخت داخل روايتي ؟”
لامستحيل … هراء الإنتقال إلى العالم الأخر هذا لا يحدث سوى بتلك الروايات الغبية …لابد أنني أحلم ..
بإلقاء نظرة خاطفة مرة أخرى على الغرفة العملاقة التي كنت أنام بها و إمعان النظر بتفاصيلها المذهلة لم أستطع سوى أن أضحك على نفسي ..
حلم ؟ أي حلم هو هذا الذي يمتاز بكل هذه الواقعية؟ و أي حلم هذا الذي في بضع ثواني شعرت فيه بألم لم أشعر بمثيله في حياتي كلها ..
أنا حقا دخلت روايتي ..
صررت على أسناني و حفرت أظافري عميقا داخل جلد يدي ..
أحسست برأسي يغلي ما جعلني أصرخ بأعلى صوت أستطيع إخراجه ..
“لماذا ؟ لماذا؟ لماذا؟ لمااااذا بحق ؟”
“لماذا أنا بين كل الناس ؟ لدي حياة … لدي عائلة … لدي ..”
لم أستطع منع صوتي من الإرتجاف عندما تذكرت والدي ٬ عائلتي ، حياتي ..
هربت دمعة من عيني بينما لعنت تحت أنفاسي ..
في تلك اللحظة سمعت ذلك الصوت الكئيب مرة ثانية بجانب أذني
“إنتهت المزامنة”
“تم نقل ذاكرة المضيف بنجاح”
فجأة تدفق سيل من الذكريات التي لم تكن ملكي نحو رأسي لكن وعيي كان يركز فقط على ذلك الصوت الكئيب .
قفزت من السرير العملاق و غضب عارم يعتريني جعلني أقذف بكلمات عشوائية .
“سحقا لك و لمزامنتك يا إبن السافلة !”
“من طلب من مؤخرتك اللعينة أن تأتي بي إلى هنا؟ من بحق أراد حياة جديدة؟”
“أجبني يابن السافلة …أجبني ايها اللعين … من طلب فرصة ثانية في الحياة ؟ ..”
“أعدني … أعدني الى حياتي ..”
“انا لا أريد فرص أخرى … لقد إمتلكت كل شيء بالفعل .. لا أريد هذه الحياة … ارجوك … أرجوك أعدني ..”
بعد التلويح بشكل عشوائي في الهواء سقطت أخيرا على ركبتي و أختفى الغضب بالكامل و تم إستبداله بحزن عميق ..
“أرجوك … أنا أترجاك … لدي عائلة … لدي ..”
بكيت بشدة عندما كنت شيئا فشيئا أدرك موقفي و مدى واقعية ما كان يحدث لأن ذكريات صاحب الجسد كانت تتدفق بشكل مستمر متجاهلة أنيني البائس ..
في النهاية لم أستطع سوى أن أصرخ بأعلى ما أملك لأن هذا كان كل ما إستطعت فعله ..
طبعا يجب أن أشير إلى حقيقة أن العديد من العيون قد رأت إنهياري بفضل صراخي العالي سابقا لم يمضي وقت طويل قبل أن يدخل العديد من الأشخاص الغرفة لكنني لم أهتم بهم في المقام الأول ..
كل ما سيطر على عقلي هو تلك الحقيقة المرعبة .. حقيقة أنني فقدت كل شيء ..
…
…
…
مرت الأيام بسرعة و داخل قصر عائلة ستارلايت الضخم كانت الهمسات تنتقل بين الخادمات حول الحالة المزرية التي وصل إليها لورد العائلة الصغير ..
“القصر هادئ على غير المعتاد” نفخت أحد الخادمات سحابة من الدخان بينما كانت تدخن سجارتها بجانب أحد النوافذ ..
“هذا صحيح … يبدو أن اللورد فراي قد جن أخيرا ..”
بجانبها وقفت فتاتان ترتديان نفس ملابس الخادمات التي لا تراها سوى في الأفلام ..
همهمت إحداهن بوجه فارغ ” تقولين أصيب بالجنون؟ ذاك الفراي؟ هاه .. هذا مستحيل ..”
توجهت الأنظار الى الخادمة الكئيبة التي على ما يبدو أكبرهن و بطبيعة الحال كانت مثل السينباي بالنسبة لهم
“ماذا تقصدين ؟ ألم تري كيف بدأ يصرخ و يلوح في كل مكان كالمجانين ؟”
تنهدت الخادمة العجوز مرة أخرى قبل أن تواصل كلامها …
“ذلك الشيطان الصغير لم و لن يصاب بالجنون .. اعني لقد خدمته منذ صغره و لم أجن فكيف سيفعل هو؟” سخرت الخادمة بينما ظهرت ملامح الرعب على الاخرين ..
“سيدة فريديريكا مالذي تقولينه! الا تخافين أن يسمعنا ؟ لا أريد أن أكون على جانبه السيء .. ليس بعد أن رأيت ما يقدر عليه ..” إرتجفت الخادمة الصغيرة عندما تذكرت مصير تلك الفتيات اللواتي أزعجن أو أخطأن امام فراي..
أن تصبح هدفا لفراي كان مصيرا أسوء من الموت … ستصبح لعبة بين يديه الى أن تتمنى الموت بنفسك و هذا كان شيئا يدركه جميع من في القصر بالفعل ..
“تسك تسك تسك لهذا لا يستمر أمثالكن طويلا في هذه الوظيفة ” حركت الخادمة العجوز فريديريكا رأسها يمينا و يسارا بعد رؤية موقف الخادمات الأصغر ..
“حسنا على أية حال … اللورد الصغير لربما مصاب بالإكتئاب .”
“إكتئاب؟”
برؤيتها لحيرة باقي الخادمات واصلت فريديريكا “نعم …ذاك الشيطان الصغير و لمرة في حياته أحب شخصا ما من غير نفسه ..”
بسماع كلامها أدركت بقية الخادمات عن ما كانت تتحدث و رددن في وقت واحد ..
“إبنة لورد عائلة مونلايت..”
أومأت فريديريكا بالإيجاب ..”هو يحبها بجنون لكن على ما يبدو هو من طرف واحد … هي ليست الفتاة التي يستطيع الوصول إليها بنفوذه فعائلة مونلايت بنفس اذا لم تتجاوز عائلة ستارلايت ..”
بعد سحب المزيد من سجارتها واصلت الخادمة العجوز كلامها بتعبير كئيب ..
“حسنا لا تعتدن على هذا الهدوء يا فتيات فسرعانما سيتحول الى غضب … و غضب فراي موجه لنا في أغلب الأحيان لذلك خذن حذركن~”
بإنهائها لكلامها غادرت فريديريكا تاركة الجميع في حالة من الرعب…
…
…
…
مرميا على هذا السرير اللعين فتحت عيني مرة أخرى …”المرة السابعة”
كانت هذه هي المرة السابعة التي أفتح فيها عيني على هذا السقف اللعين ..
إختفت كل آمالي في أن يكون كل شيء حلما منذ وقت طويل بالفعل و كنت الان مجرد صدفة فارغة مرمية على سرير ضخم ..
مضى اسبوع بالفعل منذ أن تم نقلي الى روايتي داخل جسد الشرير ‘فراي ستارلايت’
كان هو أكثر شخص مكروه في روايتي … ذلك الشرير الذي يكرهه الجميع ..
إذا لم يقتله بطل القصة ستقتله إحدى البطلات
اذا لم تقتله احدى البطلات سيفعلها أحد الشخصيات الرئيسية الأخرى..
حتى أشرار القصة الآخرون قد كرهو فراي ..
ببساطة هو ميت في كل الاحوال لقد كان هذا النوع من الشخصيات..
اعني بحقك؟ مع انتقال كل ذكرياته لي أدركت مدى فضاعته .. لقد قام بالكثير من الأشياء على ما يبدو … أشياء لم أكتبها حتى ..
كل هذا و هو في سن السادسة عشرة من عمره … له مستقبل زاهر بكل تأكيد ..
حسنا أنا ادرك الان أن أعلام موتي كثيرة لكن من يهتم ؟ أنا ؟ هاها سحقا لكل شيء ..
في المقام الأول أنا لا أريد أن أعيش في هذا العالم
… سابقا حاولت طعن نفسي بسكين و إنهاء هذا الكابوس ..
أردت أن أنتحر ..
لكن أتعلم ماذا؟ لقد توقفت يدي في اللحظة التي كادت فيها السكينة أن تقتحم جلد رقبتي الهش ..
من كنت أخدع؟ أقتل نفسي؟ أنتحر؟..
لم أكن أملك لا الجرأة ولا الشجاعة للقيام بذلك ..
عندها فقط أدركت كم أنا مثير للشفقة ..
و على هذا النحو أمضيت الأسبوع الماضي لا أفعل شيئا ..
حرفيا كنت أتناول الطعام أتغوط ،أستحم و أنام في حلقة مفرغة تكررت سبع مرات بالفعل ..
جاء العديد من الأشخاص لزيارتي لكنني لم القي لهم بالا… فقط اغربو عن وجهي ..
فراي سيموت عاجلا أم اجلا لذلك بما أنني لم أستطع أن أنتحر فسأنتظر ببساطة أن تقتلني إحدى الشخصيات الاخرى ..
الأيام القليلة الماضية كانت هادئة … فراي كان اللورد الصغير لعائلة ستارلايت الضخمة أحد أقوى 3 عوائل داخل المجال البشري لذلك بطبيعة الحال كانت حياته فاخرة .
لقد أعجبت بشكل خاص بحمامه … كان المستعمل السابق لهذا الجسد مهووسا بالنظافة لذلك وجدت نفسي مصابا بنفس الوسواس خاصته لدرجة أنني كنت استحم مرتين في اليوم ..
إنزعجت بشكل خاص من عادات هذا الجسد لأنني احسست و كأنه يتم طمس وجودي ببطء من جانب فراي لكنني لم أهتم كثيرا …
أنا لا أريد العيش في هذا العالم ..
أريد الموت بهدوء في الزاوية فقط ..
تقلبت فوق سريري … لقد كان الصباح بالفعل لكنني قررت النوم أكثر … الى أن تبدأ الشياطين التحرك بجدية لن يحدث الكثير في هذا العالم خصوصا لعائلة كستارلايت لذلك كنت أملك الكثير من وقت الفراغ ..
في المقام الأول ، أحداث القصة الرئيسية لن تبدأ بعد الى أن تمر سنة أخرى عندما يدخل بطل القصة و بقية الشخصيات الى ‘المعبد’
عالم البشر إنحسر بشكل كبير و أصبح إمبراطورية واحدة عملاقة بفضل الهجوم المستمر من الشياطين… التي ظهرت من العدم و أوصلت البشرية إلى حافة الإنقراض …
لكن البشر تأقلمو بسرعة و سرعانما أيقضو قدراتهم الخاصة و بعد ذرف الكثير من الدموع و الدم تمكنو من صد الشياطين نوعا ما ..
و لتعزيز قوتهم جمعت البشرية كل مواردها و تقدمها لبناء مكان يمكنهم أن يخرجو منه بعض المواهب التي ستقود البشرية مستقبلا و هذا باختصار كان هو ‘المعبد’
على أية حال أحداث المعبد لن تبدأ حتى تمر سنة من الأن ..
تنهدت و أنا أتقلب فوق سريري …”فقط اسرعو و أقتلوني ..”
نمت مرة أخرى متجاهلا كل شيء ..
…
…
…
حسنا لم أستطع أن أبقى نائما الى الأبد أليس كذلك ؟
كنت أجلس حاليا فوق مكتبي أخربش على بعض الأوراق … و أحيانا اشاهد بعض الفديوهات على ساعتي الذكية التي لم أستطع أن أعتاد عليها بعد..
بعدما دفعت البشرية الى الحافة كانت قد فقدت الكثير من تطورها و حضارتها بالفعل ..
لكن الأن و بعد جهود كثيرة تمكنو الى حد ما من تجاوز ذلك و العودة بتقنيات حديثة إعتمدت على تلك القوة التي أيقضها البشر “الاورا” كوقود ..
و رغم نجاحهم نوعا ما الا ان ذلك لم يكن بشكل كامل و هذا ما يفسر بعض الامور الغريبة مثل الهندسة المعمارية الغريبة التي تبدو و كأنها مزيج من العصر الحديث و العصور الوسطى ..
حسنا يمكنك أن تلومني أنا كمؤلف للرواية على هذا الغباء الذي كنت اعيشه الان ..
إتكأت على كرسي المكتب و تنهدت للمرة الألف…
في العادة سيكون الناس سعداء بأن يتم منحهم فرصة ثانية في الحياة … لكنني لم أكن اريدها … لم أكن أحتاجها ..
كل دقيقة تمر و في كل ثانية كنت أتذكر عائلتي و ما تركته خلفي ما جعلني أدخل في حالة إكتئاب حادة ..
الحياة غير عادلة ..
~دقدقة~
صوت الباب أخرجني من أفكاري و لم أزعج نفسي بمعرفة من الطارق ..
دخلت احدى الخادمات غرفتي و إنحنت بأناقة ..
“أعتذر على إزعاج سيادتك … لقد وصلك طرد قبل قليل و إتباعا لأوامرك السابقة قررنا تمرير الطرد مباشرة دون فتحه مع التأكد من أنه آمن تماما بطرقنا ”
وضعت الخادمة صندوقا متوسط الحجم عند باب الغرفة و إنحنت بخفة قبل أن تعود من حيث أتت “أتمنى لك يوما جيدا سيدي .”
تم غلق الباب ثانية و تركت وحدي من جديد
منذ البداية لم أتفاعل مع الخادمة أبدا و يبدو أنهن قد إعتدن على ذلك ..
بإلقاء نظرة سريعة على الصندوق فوق الأرض تذكرت بشكل غامض أن فراي قد أمر الخادمات أن لا ينظرو داخل الطرود التي تصله ..
طبعا هذا يعود الى حقيقة أنه كان يطلب بعض الأشياء الخطيرة احيانا و مع القدرات الخارقة التي ظهرت في هذا العالم لم يكن من الصعب عليهم التأكد من أنه آمن دون النظر داخله ..
كان الملل يقتلني لذلك إتجهت الى الصندوق و فتحته ..
“لنرى ما لديك هنا يا فراي العجوز”
فتحت الصندوق و اذا بي أتجمد و أعيني مفتوحة على مصرعيها ..
و كيف لا أفعل بعدما رأيت ما يقبع داخل الصندوق ..
إرتجفت شفتي عندما حملت ذلك الجهاز الأسود الذي رافقني لسنوات طويلة ..
لا شك في ذلك … هذا كان حاسوبي الشخصي..
أمسكته بعناية ووضعته فوق المكتب و بقيت أحدق فيه كالمجانين..
إنتبهت لبعض الكدمات المنتشرة في كل مك
ان على سطحه … كدمات اصيب بها عندما اسقطته في الماضي ..
هذا كان الحاسوب الذي إستعملته لسنوات طويلة..
الحاسوب الذي كتبت الرواية و أنا أنقر على لوحة مفاتيحه ..
فقط مالذي يحدث هنا ؟ هل هم يسخرون مني؟
بصوت مرتجف و ترقب فتحت الحاسوب متطلعا للمستقبل .