منظور الشرير - الفصل 151
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
“ياله من مشهد كئيب ”
“ميرغو ..”
غافيد ليندمان بيد على غمد سيفه الخفي ، الاثير و من زاوية عينه اليمنى هو نظر ناحية ذلك العجوز السكير الذي جاء يتمايل متأخرا ..
العجوز بابتسامة بالكاد ظهرت للعيان بسبب شعره الاشعث الطويل الذي غطى وجهه قام بتحية نظيره .
“لورد ليندمان ، مجتهد كما العادة .. أفترض انك كنت مشاركا بالمعركة ”
“وجهت الضربة القاضية فحسب .. بالكاد وصلت بالوقت المناسب ”
“هذا مثير للاعجاب ”
مدح ميرغو نظيره بينما زاد الاستياء على وجه غافيد.
“لهو أمر مؤسف .. كنت لأصل مبكرا لو إمتلكت مهارتك بالتلاعب بالفضاء .”
“معك حق ، من المؤسف عدم امتلاكك لها هاها”
ضحك ميرغو متجاهلا إستفزازات غافيد المتعمدة .
ميرغو كان قادرا على الانضمام إلى المعركة منذ البداية بفضل قدراته على النقل الآني ، لو فعلها لربما نجحوا بكبح البونتيف بشكل اسرع بكثير دون التعرض لاي خسائر .
لكنه اختار ان لا يفعل .
“آستاروث لن يعجبه ما حدث ”
“هو حر بالتفكير بالأمر كما يشاء ، مثلما أنت حر أيضا ”
واقفين فوق السهول المقفرة ، تلك الأرض الجوفاء التي شربت كل شيء حتى دماء الجثث المتناثرة فوقها .
اصبح الموت شيئا إعتياديا الآن .
“كم عدد الموتى هذه المرة ؟ المئات ؟ ربما الآلاف .. البونتيف كان نشيطا حقا هذه المرة فياله من أمر مؤسف ما آل إليه ذلك الرجل”
“أأنت تشفق على الوحش الذي تسبب بكل هذا ؟”
“وحش ؟ ياله من وصف جميل ”
ضحك ميرغو .
“ما أنا و أنت إلا وحوش مثله يا ليندمان ”
“لن أجادلك بهذا ”
“السموات و الأرض..”
بدون سابق إنذار .. ميرغو شرع يتحدث بمهل مستمتعا غير متأثر ببحر الجثث و الدم من حوله .
“تتعاقب الفصول على هذه السماوات والأرض فـي دورة لا نهاية لها ،و مثل ذلك ينطبق على البشر ”
“فتقلبات الحياة أمر لا مناص منه لذا عليهم تقبلها والتكيف معها ”
” في النهاية جميعنا سينتهي بنا الأمر إلى نيل ما نستحق .. لربما مصير المدمرين من أمثالنا سيكون أن نستلقي بين هذه الجثث ذات يوم ”
مستلقيا بين الجثث و ابتسامة على وجهه ، ميرغو أخذ غفوة هناك مستمتعا بقيلولته .
“يالك من عجوز ملعون ..”
تراجع غافيد ليندمان تاركا ميرغو وحده بعدما لم يعد يريد التعامل معه أكثر من ذلك .
“مصيري ؟ لهو صنيع يداي ..”
رغم أنه تحدث بتلك الكلمات لنفسه ، إلا أن ميرغو سمعه بوضوح ما جعله يبتسم بشكل اوسع .
فاتحا عينيه هو رأى غافيد يبتعد و معطف بدلته الانيقة الطويل يرفرف خلفه ..
“ايها المسكين .. ”
غافيد لم يكن يعلم أنه يسير فوق طريق مرسوم .. بحبر لن يزول سيقوده لمصيره أينما كان .
نهض العجوز من مكانه بعد ذلك و رائحة الموت لا تزال منتشرة من حوله .
“ها أنت ذا ”
ربت العجوز على رأس شاب حافي القدمين لا يرتدي شيئا سوى رداء اسود .
“أيا .. أيها العجوز ”
“مالامر يا لورانس ؟”
“الكثير من الجثث ”
“أنا أعلم ، أمر مؤسف اليس كذلك ؟”
“لماذا ؟”
“لماذا هو مؤسف ؟ الموتى لا يملكون أي قصص ليرووها بعد الآن يا لورانس ”
“لكل منهم قصة كانت تنتظر الاكتمال إلا أن خيوطها قد قطعت مبكرا ، سواء أكانت حياتهم مفعمة بالخير أم محرومة من البركات. ”
“في النهاية هم هلكوا جميعا ”
ميرغو اخذ يتحدث بعمق دون سابق انذار ما جعل لورانس يحك شعره الأبيض الاشعث المتسخ .
“همم بركات ؟ الم يموتو فقط لانهم كانوا ضعفاء ؟”
لورانس كان يطرح الاسئلة مثل الاطفال بينما اجاب ميرغو بصبر و إهتمام و كأنه حوار أب و إبنه .
“يمكنك النظر إلى الأمر بهذه الطريقة أيضا فلو كانوا أقوياء لربما تمكنوا من النجاة”
“إذا القوة هي ما يتحكم بالحياة و الموت ؟”
“ذلك ليس صحيحا بالضرورة .”
مشى كل من ميرغو و لورانس مبتعدين عن ساحة المعركة و كل ضوضائها .
“لماذا ؟ أنت قلت للتو انهم كانوا سينجون لو كانوا أكثر قوة ”
بعالم يحكمه قانون الغابة كذلك الذي عاشوا به ، كانت القوة هي المعيار الاساسي للنجاة و قد ادرك لورانس ذلك بشكل غريزي .
“تذكر با لورانس ، مهما بلغت قوتك فهنالك دوما شخص أقوى منك ”
“أقوى من ميرغو ؟”
“نعم ، اقوى مني بكثير ”
بمرحلة ما ، كان كلاهما بعيدا جدا عن ساحة المعركة ضد البونتيف و قد واصلا رحلتهما من أجل تجنيد الهولو دون سابق انذار .
لورانس كان غريبا و أشبه بطفل صغير قد إلتصق بميرغو الذي وحده من استطاع السيطرة عليه .
“إذا لم تكن الاجابة هي القوة ، إذا ما هي ؟ ماهو الشيء الذي يفصل بين الحياة و الموت ؟”
“أتساءل بهذا الشأن ”
عبث ميرغو بالمساحة من حوله هو و لورانس ناقلا إياهم بعيدا .
“لنأخذ الالتراس كمثال ”
“كيف ؟”
“الشياطين كيانات شديدة القوة ، آستاروث ما هو إلى المقعد رقم 19 ، لكنه بالفعل شديد القوة بمعايير هذه الأرض .. أما الألتراس فما هم إلا بشر لكنهم تمكنوا من النجاة عن طريق بيع أنفسهم للطرف الاقوى”
“لكن البشر بذلك المكان .. الإمبراطورية أحياء هم الآخرين ”
“هذا صحيح ايضا ، الإمبراطورية منقسمة جدا بطبيعتها .. فهناك رجال الدين ، و رجال العوائل الحاكمة .. و حتى أصحاب المنظمات المتفرقة .. جميعهم يقاتل منفردا بطريقته الخاصة .”
“رغم ذلك و عندما يحين موعد الحرب ستجدهم قوة واحدة رغم إختلافاتهم ما يجعل منهم قوة لا يستهان بها ”
“أنا لم أعد أفهم بعد الآن ”
تذمر لورانس بعدما لم يعد يعرف أي إجابة هي تلك التي اراده ميرغو أن يصل إليها .
العجوز قد ربت على رأس الإمبيريل الخاص به بينما تطلع الى الأمام .
“إنه التكيف يا لورانس ”
“التكيف ؟”
“أجل .. سواءا محارب فاضل نجا بأخلاقه و معتقداته ، أو خائن جاحد باع نفسه و كل من حوله .. جميعهم يحاولون التكيف مع مواقف الحياة و الموت التي تفرضها عليهم الحياة”
“في النهاية لن ينجو سوى أفضل اللاعبين ، من يلعبون لعبة الحياة ”
تنهد لورانس مستسلما بعدما سئم من الموضوع بأكمله .
“الأمر معقد جدا .. سأثبت على اجابتي الأولى فحسب”
“هاها ، إذا فالتركز على أن تصبح أقوى فلابد أنها طريقتك يا لورانس .”
واصل كلاهما الدردشة بدون ملل و لا كلل .
لتطأ أقدامهم مكانا شديد الغرابة .
وسط الصحاري المقفرة و القاحلة .
تواجدت مساحة من النبات الاخضر الحي و الهواء العليل بشكل سحري .
و كأنه سراب و اقرب للوهم من الحقيقة.
وسط تلك المساحة الخضراء ، تم بناء مبنى ضخم كان أشبه بدير قديم بطوب أسود كالفحم .
محاطا بسياج طويل ، و لافتة بسيطة فوق البوابة كتبت عليها كلمات قليلة .
“ميتم يوسيفكا ”
ميتم بشعار حمامة دلت على الحرية .
ميتم وسط صحراء قاحلة.
أمل وسط بؤرة يأس … حتى و لو كان هذا الوصف الأبعد عن الحقيقة .
“ما هذا المكان ؟”
“إنه ميتم يجمع الأطفال الذين فقدوا آباءهم ”
“أباء ..”
إنزعج لورانس عندما حاول التفكير بالأمر ، مستذكرا والديه اللذان لم يتمكن من تذكرهما مهما حاول .
ميرغو ربت على راسه بينما وصل كلاهما إلى باب الدير .
هناك وجد كلاهما حارسا بجسد ضخم نظر إليهما من الاعلى تاركا اعينه تتوهج من تحت درعه الحديدي .
“ما عملكما هنا ؟”
الحارس كان عدائيا جدا ، و ميرغو لم يظهر أي علامة على رد تلك العدائية ، بل اراد الحديث.
لكن لورانس كان السباق للهجوم عندما إندفع ناحية المدرع محولا يده الى رمح عظيم من اللحم الصلب الاحمر و الاسود .
بهجوم وحشي ، اخترقت يد لورانس صدر المدرع لتخرج من ظهره .
لورانس صاح بجنون بينما انفجرت المجسات من ذراعه داخل جسد الفارس محولة اياه الى قطع لحم متناثرة.
جدير بالذكر أن صراخ عذاب الفارس المسكين بالكاد كان مسموعا أمام جنون لورانس .
أما ميرغو فقد سحب مشروبه المعتاد بينما شرب و هو ينتظر فحسب .
و ما هي إلا بضع دقائق ليفتح باب الدير ، و يخرج رجل واحد فقط .
ميرغو لمح الاطفال بالداخل و هم يراقبون من النوافذ خائفين .
أعينهم كلها كانت على ذلك الرجل و أملهم معلق عليه و كأنه بطلهم الاوحد .
رجل بشعر طويل بني محمر ، جسده كان منتصبا كالرمح مرتديا رداء القساوسة مخفيا بشرته السمراء الخشنة تحتها ، بنظارة قراءة ذهبية بجانب واحد فوق عينيه اليمنى الحمراء .
ميرغو تعرف عليه ، و بالمثل فعل مدير الميتم المزعوم .
“ميرغو ..”
تمتم الرجل بصوت عميق و أعينه لا تنظر لأحد سوى العجوز .
متجاهلا تماما الوحش لورانس الذي هاجمه من الجانب صارخا فيه بجنون .
يد لورانس تضخمت بشكل مرعب بينما تحطمت بعنف فوق جسد الرجل امامه مرسلا موجة مرعبة من القوة الغاشمة
سالت الدماء و سمع الجميع صوت تحطم العظم و تمزق اللحم .
لورانس صرخ بينما قفز الى الخلف و هو ينظر إلى يده المحطمة .
مالذي ضربه ؟
هل ضرب نوعا ما من المعدن الذي لا ينكسر ؟
لا ، بل ضرب جسد ذلك الرجل الذي كان لا يزال يقف مكانه دون خدش .
لورانس حتى و هو وسط جنونه هو فكر بكلمة واحدة فقط ..
“صلب ”
أما المعني فقد إلتفت أخيرا الى الامبيريل لورانس و اعينه الحمراء تتوهج بشكل مرعب و كأن حشرة ما قد اصطدمت به .
“وقح ”
كلمة واحدة مقابل صرخة هزت السماء .
اندفع لورانس بينما تضخم جسده بشكل مرعب و المجسات السوداء تلتف و تلتف من حوله محاولا سحق الرجل امامه .
* بوم ، بوم بوم !!! ×3 *
بدون سابق انذار ، سمع الجميع على بعد كيلومترات صوت انفجار مدوي و كان احدهم قد فجر قنبلة من نوع ما .
يد مدير الميتم قد تحركت و كأنها قاذفة صواريخ .. بدون اي هالة أو الوان مبهرجة .
فقط عرض مرعب من القوة الخام التي غرقت عميقا داخل جسد لورانس محطمة اياه .
مجرد 3 لكمات شديدة السرعة بخرت اللحم و العظم على حد سواء تاركة لورانس يسقط يجسد محطم ارضا و فمه و اعينه الفارغة مفتوحة على مصرعيها .
رفع المدير قبضته من اجل الضربة الأخيرة ، هي سقطت مثل منجل حاصد الارواح الذي هدد بسلب روح الشخص الراقد تحته .
لكنها لم تلبث تصل حتى توقفت مُجبرة بواسطة سيف ظهر من العدم .
ميرغو حاملا سيفه بيد واحدة قد حظر تلك الضربة ببراعة .
“أراك تحاول ازهاق الارواح فوق ارضك المقدسة .. يا مدير الميتم .. سموغ”
نطق ميرغو باسم الرجل الملعون امامه بينما رد نظيره عليه .
“و ما من روح قد أُزهقت فوق هذه الأرض سوى تلك التي أنهاها تابعك ”
بدأ الفراغ نفسه يرتعش عندما حاول سموغ الضغط لكنه لم بزحزح ميرغو مهما حاول .
“روح بروح .. تعرف كيف تسير الأمور هنا يا لورد القفير المظلم ”
“أعتذر .. فقوانين الهولو لم تعجبني يوما ”
حدق كلاهما بالاخر بينما تصادمت جزيآت الاورا من حولهما .
و ما هي إلا ثانية لينقض الهولو على نظيره اللورد .
بابتسامة مدوية قطع ميرغو بواسطة الاوشيغاتانا مرسلا موجة مزقت كل شيء من حوله محولا الميتم الى آلاف القطع و قاطعا سموغ هو الآخر متسببا بآلاف السلاشات باقل من ثانية واحدة ..
وسط الفوضى العارمة .
سحب سموغ يده بينما اعاد ميرغو سيفه الى غمده .
هذا الأخير ضحك بهدوء .
“قرار حكيم ”
أما سموغ فلم يقل شيئا بينما كان لا يزال يتصور و يتخيل ذلك المستقبل المشؤوم من الصدام قبل قليل .
سموغ اعاد قبضتيه إلى خلف ظهره بينما تكلم بنفاذ صبر .
“ما عملك معي هنا ؟”
“لا داعي للقلق فأنا لن ازعج وليمتك ايها الكانيبال .. فما أنا هنا الا لأوصل الرسالة ”
“رسالة ؟”
“الحرب قادمة .. لذلك تسلح و تأهب فالشيطان سيكون المتسيد هذه المرة ”
“حرب أخرى ..”
ضحك ميرغو.
“و ليس أي حرب ، فهي ستكون الأخيرة ”
بعدها لن يعيش الإمبراطورية و الألتراس معا .. بل سيزول احدهما تماما .
سموغ فهم أن المشاركة اجبارية هذه المرة .
فشيطان و نصف شيطان قد ظهرا امامه .
سموغ بدون كلمات استدار عائدا .
“غادرا المكان فأنتما تخيفان الاطفال”
“هاها .. يالك من اب حنون ”
“اه .. انا الاب .. و صادف أنني أملك إبنا ظالا هرب مني بعيدا .”
توقف سموغ للحظة بينما أكد لميرغو .
“سأخدم .. كما فعلت دوما ”
أومأ لورد القفير المظلم بالمقابل .
“أتطلع لذلك ”
حمل العجوز ميرغو لورانس المحطم بينما خطا خطوة واحدة لكنها نقلته بعيدا بينما ترك مدير الميتم سموغ خلفه .
هذا الأخير قد وضع يده فوق وجهه بينما انتشر صوت مرعب من حوله .
صوت ضحك مشؤوم .
“حان الوقت قريبا .. يا إبني المولود في الظلام ”
” حان الوقت … لتعود للمنزل ”
عاد سموغ الى داخل الدير لتغلق ابواب ميتم يوسيفكا الى أن يحين الوقت مرة أخرى لإيواء طفل ضائع آخر.
…
…
…
فوق نفس الأرض ، لكن بالجهة الأخرى من العملة النقدية .
أرض تدريب المعبد المحطمة نتيحة النزال الأخير .
*هوف ..هوف *
تنفس فراي الصعداء مرميا ارضا فاتحا كلتا ذراعيه .
حاملا زوجا من السيوف السوداء المشتعلة .
سيوف تألقت بشدة ، لكن جسده ما عاد قادرا على الحراك اكثر ..
فوق وقفت امرأة بشعر احمر و ابتس
امة رائعة على وجهها .
تنفسها لم يكن منتظما هي الأخرى بينما وضعت الكلايمور على رقبة فراي .
“إنها خسارتك ”
“لست مضطرة لقولها .. فأنا اعرف بالفعل ”
تكلم الاثنان بشكل ودي متجاهلين حقيقة بؤرة الدماء و ندوب السيف العميقة التي خلفاها .
ميلينيا مدت يدها لفراي الجريح الذي نهض بصعوبة و ابتسامة متكلفة على وجهه ..
“أصبحت اتعرض للضرب على يد النساء كثيرا مؤخرا ..”
…
…
…