منظور الشرير - الفصل 134
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
إنتهى .
إنتهى الحدث الأبرز بنهاية هزت كيان الإمبراطورية بأكملها.
قفز العديد من الأشخاص داخل تلك الحفرة الهائلة متجهين ناحية الشابين الراقدين هناك .
كلاهما كان بحالة مزرية ، خصوصا فراي ستارلايت الذي بالكاد تنفس بشكل صحيح.
أما المشاهدون ، فلم يتعالجوا من الصدمة حتى الآن .
“هل حقا .. خسر البطل ؟”
أمام من ؟ فراي ستارلايت ؟
الكثير منهم لم يتقبل ما حدث .
البطل المبارك الذي وصف بأنه الأكثر موهبة بالتاريخ . قد سقط رغم إطلاقه لكل قوته .
عار عائلة ستارلايت الذي وصف ذات يوم بأنه وصمة سوداء بتاريخ تلك العائلة العريق . قد حقق المعجزة أمامهم .
تذمرت الجماهير باستمرار.
كيف فعلها ؟
“لابد من وجود سر ما ”
“لابد و أنه قد غش بطريقة ما !”
“نعم ! يستحيل أن تزيد قوته لهذه الدرجة بفترة وجيزة كتلك !”
زاد الصخب شيئا فشيئا .
لم يحتج الأمر سوى لشخص واحد أثار تلك الفتنة لجعل الجميع ينفجرون سخطا .
فراي ستارلايت لم يسلم منهم حتى و هو فاقد للوعي .
حتى الكبار نفسهم لم يعلموا كيف فعلها فراي ، لكن أن يوصف بالغشاش .
ذلك لم يكن صحيحا ، فكيف سيهرب فرد ضئيل كذاك من أعينهم هم الجبابرة لو حاول حقا الغش .
تلك الإتهامات في الواقع كانت إهانة مباشرة لهم دون وعي .
فينيكس صنلايت قد شعر بالغضب من رؤية رد الفعل ذاك .
“الأوغاد ”
“لا داعي لتشغل بالك بهم ”
إتكأ العجوز إيريس على يده بينما واصل مراقبة فراي ستارلايت الراقد في الأسفل بتلك الأعين التي توهجت باستمرار.
“سخطهم هذا ما هو دليل إلا على ضعفهم ، و تذكير لنا بكم هو هذا العالم وضيع ”
بل مبالاة ، واصل إيريس صنلايت الحديث .
“فراي ستارلايت هو فرد خاص تماما ، لأنه و رغم خلفيته القوية .. إلا أن موهبته كانت أدنى بكثير من خصومه ”
“رؤية فراي يفوز على الوحوش التي يفترض بأن تكون هي الاقوى على الإطلاق ، تحقيقه لتلك المعجزة التي ليس لها مثيل .”
“هم لا يستطيعون الاعتراف به ، لأنهم لو فعلوا فبذلك هم يعترفون بحقيقة أنهم جميعا مجرد حفنة من الفشلة ”
كثيرا ما يستسلم اولئك الناس قبل أن يبدأو حتى ..
متحججين بأعذار واهية ، مثل أن الحياة لم تكن عادلة معهم .
و كيف أن موهبتهم لا تسمح لهم بالنجاح .
لقد كانوا يقنعون أنفسهم بتلك الكلمات ، كنوع من إرضاء النفس .
لكن ماذا عن الآن ؟
فراي ستارلايت بموهبة بالكاد تعتبر لائقة ، فاز على بطل الإمبراطورية المختار.
تمكن من محو ذلك الفارق الذي لم يحلموا حتى ببلوغه ، بواسطة الدم و السيف .
بالطبع ، هم لن يعترفوا بوجود شخص كهذا .
فذلك سيكون بمثابة طعن أنفسهم بسكاكين حادة .
لذلك فراي ستارلايت ..
“حتى و انت مغمى عليك ، أنت مجبر على تحمل هذا .. ”
يالها من كآبة.
لم يقل فينيكس صنلايت أي شيء .
كلمات إيريس كانت واقعية تماما .
لكن الأمر آلم بعض الشيء .
حتى بعد معاناتك تلك ، تكافؤ بالإستهجان و الكراهية .
ذلك لم يكن عادلا البتة .
…
…
…
فوز فراي ستارلايت كان له العديد من التداعيات ..
تداعيات كبيرة جدا .
الكنيسة قد شاهدوا بكفر ، كيف خسر بطلهم الموعود .
جوزيف بلاتير ، بتلك الأعين المضيئة حدق بفراي بوجه مظلم .
البطل المختار .. حامل الفيرميثار .
خسر ؟
تم تدميرها .
تم تدمير خطته بشكل كامل الآن.
الأسقف الأعلى الذي أراد توحيد الامبراطورية بجعل البطل يعتليهم ، تلك الخطة قد بدأت تتدمر أمامه .
فوزه بالفيكتورياد كان سيرسخ من وضعه و يجعل الكثير يتبعونه .
لكن تلك الخاتمة القبيحة قد دمرت كل شيء .
البطل الموعود يخسر أمام عار ستارلايت.
لا يوجد شيء سيتفوق على تلك القصة .
حاول الاسقف تمالك أعصابه .
“لو فقط إستخدم الفيرميثار ..”
لكن ذلك غير ممكن ، فالأسلحة المشتعلة ممنوعة بالفيكتورياد.
في المقام الأول.
“ماذا يكون ذلك الشاب الملقب بفراي ستارلايت ؟”
كيف إستطاع القتال بتلك الطريقة ؟
كيف تمكن من هزيمة البطل الموعود ؟
فجأة إرتقى فراي ستارلايت ليبصح موضوع الساعة .
الكنيسة قد كانت ساخطة عليه بشكل خاص .
كثير منهم شعر بالتوتر من هزيمة البطل.
البعض كان غاضبا .
الوحيدة التي بقيت هادئة بعد كل ما حدث ، كانت تلك المرأة ولا أحد سواها ..
القديسة يوراشا لم تظهر أي تغيير على تعابير وجهها .
جالسة بمقعدها الخاص خلف الأسقف .
تكلمت القديسة بهدوء .
“لماذا تظهرون هذه الأوجه الآن ؟”
متزامنين .
إلتف الأسقف الثلاثة ناحيتها .
جميعهم أرادوا معرفة سبب هدوء تلك المرأة .
“سواءا فاز البطل ، أو خسر الآن .. علينا تقبل الأمر”
من قال أن البطل سيفوز دوما ؟
هو ليس سَّامِيّا ليفعل ذلك ..
“منذ أن حمل سنو ليونهارت سيف الفيرميثار أصبحت أفعاله جميعها تتبع مشيئة حاكم الضوء .. و بما أنه خسر هنا فلابد أن لذلك حكمة ما ”
الحاكم مطلق ، و لا مجال للخطأ فيما يرسمه .
“هزيمته هذه ، ماهي إلا جزء من مشيئة الحاكم . ستأتي بإجابياتها بطريقة أو بأخرى .”
يستحيل أن يضمر لهم حاكمهم الشر .
هذا ما كانت تحاول قوله .
جوزيف بلاتير لم يظهر أي رد فعل ، بل أشار للمطران الذي جلس أسفله .
“هاي ”
“أوامرك سيدي ؟”
“إحرص على جعل الجميع يسمعون كلمات القديسة ”
“أمرك ”
جوزيف بلاتير لم يبدو مثل أولئك المؤمنين رغم مظهره الذي شابه الكهنة.
بل بدا أشبه بديكتاتور عسكري خطط لكل شيء بالتفصيل .
مستعملا كلمات القديسة ، جعل الاسقف الأعلى جميع المؤمنين يتمالكون أنفسهم مصدقين و مؤمنين بقضية حاكمهم و مشيئته.
بأعين ذلك الأسقف القديم ، إرتقى فراي ستارلايت ليشغل مرتبة عالية بالفعل .
أما بطلهم المختار ، فلا تهم خسارته.
سنو ليونهارت سيقوم بدوره عندما يحين الوقت المناسب .
تحركت الكنيسة بسرعة كبيرة مسيطرين على الوضع بينهم .
المطران قد قاموا بأكبر العمل بما أنهم كانو الأعمدة الحقيقية التي حافظت على الكنيسة ، فالأسقف ما كانو سوى الواجهة و أسلحة الحرب الأقوى.
يمكن القول بأنهم كانو الأكثر إنشغالا .. من بينهم غادر شاب بشعر أبيض مرتديا نظارة قراءة و جلبابا أسود متجها نحو مكان ما .
“هاي ! مايكا إلى أين أنت ذاهب الآن و نحن لم ننتهي بعد ؟”
صاح احدهم على المطران ، مايكا ستارلايت .
لكن هذا الأخير لوح له بإبتسامة.
“فالتأخذ مكاني لبعض الوقت ، فقد لمحت عائلتي بالقرب .”
بابتسامة سار مايكا بعيدا .
“يجب أن أذهب و ألقي التحية .”
حدق المطران بكفر في ذلك الشاب ، و لم يستطيعوا الشكوى حتى .. بعد كل شيء هو كان المطران الأقوى و الموهبة الاعظم لديهم ..
البشر لم يكونوا متساوين بتاتا حتى و لو حملوا نفس الرتبة ..
…
…
…
إنتهى النهائي ، لكن من الصعب أن يخرج من عقول جميع من شاهده .
تلك المعركة قد جعلت باقي السنوات تبدو مجرد هراء محض .
و الآن مع ظهور علامات إستفهمام كبيرة .. لعل أكبرها كان الشاب المسمى فراي ستارلايت.
أصبح المستقبل مجهولا تماما .
مايكار فاليريون ، الإمبراطور الحالي قد رأى كل شيء بوضوح.
“خان ، تواصل مع آيفار بأقرب وقت ممكن .. أخبره أن يأتي إلي . ”
“علم ..”
حان الوقت ، من أجل كشف كل ذلك الغموض .. و معرفة المصدر الحقيقي لكل تلك القوة .
اللورد الحالي لعائلة ستارلايت لم تكن بمقعدها .
بل هي كانت تجري داخل الاروقة بينما تبعتها كارمن.
“آدا ! لا فائدة من الذهاب الآن فنحن لن نساعد بأي شيء ”
“…”
“سيقوم المعالجون من عائلتنا بالإعتناء به .. لا داعي للقلق بحق اللعنة ”
آدا لم تصغي البتة.
بل ركضت ناحية اخيها ..
كارمن تنهدت بخفة و هي ترى آدا تذهب بعيدا .
“الصغار متحمسون دوما .”
مشت كارمن ببطء و لم تزعج نفسها بملاحقة آدا بعد الآن ، بعد كل شيء فراي كان يتعالج بالقرب .
أثناء سيرها ، أخرجت كارمن سيجارا فاخرا بينما شكلت شرارة نارية مشعلة إياه .
“هوووف”
نفخت السيدة الأنيقة لعائلة ستارلايت سحابة من الدخان بينما إتكأت على الحائط .
كانت ترتدي سروال أبيض مع قميص أبيض فوقه بدلة سوداء .. أما أياديها فقد تمت تيغطيتها بقفازات .
بسجارتها تلك ، بدت رائعة تماما و مفعمة بالقوة .
حدقت بلا مبالاة بالحائط أمامها ..
كثيرة هي الأفكار التي شغلت بالها .
من حين لآخر مر بعد الناس بجانبها .
أشخاص عملوا هنا داخل الحلبة ، أو مجرد متفرجين ظلو طريقهم.
عندما كانت على وشك إنهاء سجارتها ..
توقفت أقدام بالقرب منها ..
كارمن أحست بهالة قوية منبعثة من ذلك الشخص.
لكنها لم تزعج نفسها بمحاولة النظر إليه ، بعد كل شيء أعداد المحاربين الاقوياء فوق هذه المدرجات كانت بالمئات .
لكن كلمات ذلك الشخص .. قد جعلت تلك الأعين تنفتح على مصرعيها ..
“لا تزالين تدخنين كعادتك هاه ؟ لم تتغيري اطلاقا..”
صوت مألوف .
إستدارت كارمن متفاجئة .. وجهها أظهر مزيجا مرعبا من المشاعر المتضاربة .
أمامها ، وقف ذلك الشاب محدقا بها بابتسامة ، و أعينه السوداء تتوهج تحت نظارة القراءة تلك
“مايكا .. ”
“لماذا تبدين متفاجئة هكذا ؟ و كأنك رأيت شبحا ”
سار الشاب ناحيتها ..
“كم عدد السنوات التي مرت ؟ لم أعد أتذكر بعد الآن ..”
لقد كبر كثيرا..
كبر كثيرا لدرجة أن كارمن كانت عاجزة عن الكلام .
“مر بعض الوقت .. أماه ”
مايكا كان هادئا تماما على عكس كارمن المتوترة .
مهما نظرت إلى ذلك ، هو لم يبدو إطلاقا مثل لقاء أم و إبنها بعد وقت طويل .
أعينهم حدقت بالآخر لبعض الوقت .
“لقد زادت قوتك كثيرا .. الفئة SS- ؟ تهاني لك ”
أمام مايكا الذي تكلم بشكل عرضي ، كارمن تكلمت بصوت مرتفع على غير العادة ..
“مالذي تفعله هنا ؟”
“همم ؟ أنا أقوم بعملي .. لقد أصبحت مطرانا مؤخرا ..”
“لماذا غادرت ؟!”
صرخت كارمن بينما إرتعشت يداها .
“لماذا .. تركت العائلة ؟”
بوقت كانت فيه عائلة ستارلايت تعاني ، غادر أفضل موهبة لديهم معلنا إتباعه لطريق الضوء منضما للكنيسة ..
تلك كانت ضربة موجعة لعائلة ستارلايت..
“لماذا تخليت عن .. عن العائلة ؟”
أمام كارمن المرتجفة.. توسعت ابتسامة مايكا بينما ظهر الإزدراء بتلك الأعين.
“لا تستطعين قولها أليس كذلك؟ بهكذا موقف يجب أن تسألي لماذا تخليت عنك بدلا من العائلة يا أماه ”
سار مايكا واقفا بجانب كارمن و أعينه تتوهج بها .
“لكنك لا تستطيعين فعل ذلك ، لأن أمثالك لا يستحقون ذلك حتى .. ”
إقترب وجه مايكا من وجه والدته ..
“هل حقا تجرئين على توجيه ذلك السؤال لي أنت يا من تخلى عني عندما لم أكن أستطيع الوقوف على قدمي حتى ؟ فالتلتزمي حدودك أيتها العجوز اللعينة ”
“…”
كارمن لم تقل أي شيء .
لأن تلك الكلمات قد حفرت عميقا داخلها مستحضرة ذكريات قديمة ..
مايكا قد واصل السير بعدما عادت إبتسامته المعتادة ..
“لكنك ستبقين دوما والدتي يا أماه .. حتى و لو كنتي مجرد عجوز قذرة .. لذلك سأحذرك من الآن ”
إستدار مايكا مرة أخيرة..
“غادري عائلة ستارلايت ، فلو بقيتي بذلك المكان .. فالموت هو كل ما ينتظرك .”
بتلك الكلمات .. غادر المطران ، مايكا ستارلايت.
خلفه .. بقيت كارمن متجمدة مكانها بعد أن إلتقت بإبنها الوحيد بعد كل تلك السنوات .
هي حقا أحست بالفراغ لأول مرة منذ وقت طويل .. طويل جدا .
بهذا .. مر اليوم الأخير للفيكتورياد بسرعة كبيرة .. معلنا عن النهاية .
…
…
…
-منظور فراي ستارلايت-
ظلام ..
ظلام لا نهاية له .
أحسست بفراغ شديد بينما عانقت جسدي بشدة .
كنت أعلم أنني أحلم الآن .
حلمت بعائلتي و عالمي كما فعلت دوما .
لكن هذه المرة ، هم غادروا جميعا دون قول كلمة لي .
حاولت الركض خلفهم .. لكن دون جدوى ..
هم فقط تركوني بمفردي غارقا بالظلام .
لطالما تساءلت ..
بعد كل هذا الوقت هنا ، هل حقا أنا مؤهل للعودة الى ذلك المكان ؟
هل هذه النسخة مني ، التي عاشت وسط هذا العالم الدموي مؤهلة لتناديهم بالعائلة ؟
لم أعد نفس ذلك الكاتب الهش بعد الآن.
كنت أدرى من أي شخص آخر بكم تغيرت .. إلى ذلك الوحش الذي كنت عليه الآن .
العودة إلى عالمي ، إلى عائلتي كان الشيء الوحيد الذي أردته حتى الآن راغبا بذلك بكل جوارحي لدرجة أنني دخلت الجحيم من أجل ذلك السبب و لا شيء سواه .
لكنني أشعر بالرعب .. و الخوف عندما أتخيل كيف ستكون ردة فعلهم .
عندما يرون ما أصبحت عليه..
هل سيتقبلون حقا .. هذا الشخص كإبن ؟
كأخ ؟
كصديق ؟
فقط .. من اكون انا الآن؟
ركضت .. و ركضت وسط الظلام محاولا إدراكهم ..
رغم كل شيء .
أنا حقا ، حقا ، حقا ..
أفتقدكم .
مادا يدي ناحية الظلام .
قفزت مرتعبا الى ضوء ضبابي .
بصرخة مكتومة ، نهضت متحسسا المكان من حولي .
كنت نائما فوق سرير ما ..
لم أستطع الرؤية بسبب عصبة العين التي تم لفها حول عيني ، و بعد إزالتها بالكاد لمحت أي شيء .
شعرت بألم شديد يضرب رأسي .
جسدي كان ملفوفا بالضمادات من الرأس إلى القدمين .
بدأت ببطء أستوعب ما حدث حتى الآن قافزا من مكاني .
كانت رؤيتي ضبابية كرد فعل جانبي من دفع التعالي و أعين الصقر إلى أقصى حدودهم لوقت طويل . ما جعلني أعمى تقريبا .
لكن ذلك لم يكن مهما الآن.
“لقد فزت !”
فزت بالفيكتورياد.
تلك الذكريات ، و تلك المعركة الجنونية .
لم يكونوا وهما .
لقد كانوا حقيقة لا غبار عليها .
لقد نجحت ..
“لقد نجحت !”
كفاح سنتين ..
معاناة سنتين ..
أحسست بقلبي يكاد ينفجر داخل صدري ..
أخرجت على الفور حاسوبي الشخصي من داخل وشم باليريون..
ممسكا إياه بأيادي مرتعشة ..
جلست أرضا بينما تعرقت بشدة ..
تعرقت لدرجة أنني أحسست و كأنني أكاد أجن ..
فتحت الحاسوب ..
“الإجابة ..”
الإجابة التي إنتظرت الحصول عليها لوقت طويل .
الإجابة التي عانيت من أجلها حتى الآن .
أضاء الحاسوب .
لم أرى بوضوح ما جعلني ألصق وجهي بالشاشة حرفيا .
أدوات المؤلف .. إختفت تماما .
لم يبقى أي شيء فوق تلك الشاشة سوى كلمات قليلة .
بالكاد تمكنت من قراءة ما كتب هناك .
فوق واجهة الحاسوب .. بخط عريض ..
المهمة النهائية : الفوز بالفيكتورياد(مكتملة)
الجائزة : 10 آلاف نقطة إنجاز .
سؤال النظام : يستطيع المؤلف الان تقديم سؤال لمهندس النظام و سيكون هذا الأخير مجبرا على الاجابة مهما كان السؤال .
ضغطت على الفور على السؤال …
بهذه اللحظة .. أحسست أن كياني بنفسه يرتعش ناهيك عن جسدي ..
ترقب ، و شوق .. و خوف .
نحو ذلك المستقبل المجهول .
فور ضغطي على خانة السؤال .
ظهرت كلمات مفاجئة أمامي منعتني من ذلك .
نصيحة مجانية :
أنصحك بالتفكير مليا قبل إستعمال سؤال النظام ، فمن يدري ما يخبؤه المستقبل لك و قد لا ينفع الندم بذلك الوقت .
شعرت بالفراغ .
ظهرت نصيحة جديدة بجانب المباشرة و العشوائية.. شيء لم أراه من قبل
النظام حرفيا كان يخبرني أن لا أستعمل سؤال النظام الآن
“ندم ؟ مستقبل؟”
شددت قبضتي بينما حاولت كبح مشاعري التي تكاد تفيض .
“هل تمازحني الآن ؟”
تطلب مني التمهل بعد كل ذلك الوقت ؟
كل ذلك العذاب ؟
على الفور تجاهلت تلك النصيحة الغريبة ..
“سحقا لك و لنصيحتك هذه ”
ما أريده ليس هراءك اللعين هذا ، بل أريد معرفة الطريق.
الطريق للعودة إليهم .
بالحرف الواحد كتبت بسؤال النظام .. تلك الكلمات التي فكرت بها لآلاف ، بل ملايين المرات .
“كيف أستطيع العودة إلى عالمي ؟”
إلى عائلتي .. إلى حياتي .
أحسست بأن كل شيء من حولي تجمد بتلك اللحظة .
عالمي كله .. تجمد .
الوقت نفسه قد توقف بنظري ..
إسودت الشاشة ، و إختفى كل شيء بينما شعرت بهالة ما تنبعث من داخل حاسوبي ..
في تلك اللحظة سمعت صوتا .. صوته .
“إذن لقد إستعملتها بالنهاية .. سؤال النظام .. رغم أنني حذرتك من أنك ستندم مستقبلا .”
صوته بدا أشبه بالآلة ..
صوت لم أسمعه من قبل بحياتي ..
لكن لسبب ما ، أحسست و كأن كل كلمة منه كانت تحرك كياني بطريقة ما .
انه هو .
هذا هو المسؤول عن ما حدث لي حتى الآن.
أحسست برأسي يحترق بينما صرخت .
“إبن السافلة اللعين !”
ألصقت رأسي بالشاشة .
“سحقا لك ! سحقا لك ! فالتحترق بالجحيم أنت و نصائحك اللعينة تلك !”
صرخت إلى أن آلمني حلقي بينما لعنت ذلك الكيان الذي جلس بالجانب الآخر من الشاشة .
لعنت و لعنت .
لوقت طويل ..
بينما إستمع إلي بصمت .
“سحقا لك .. فقط أخبرني .. ”
أخبرني ..
“كيف أعود الى عالمي.”
أنا لم أعد أستطيع التحمل بعد الآن.
لم أعد أستطيع القتال بعد الآن.
ذلك الخيط الرفيع من الأمل لم يعد يكفي .
لقد بلغت حدودي ..
إنحنيت أمام الحاسوب بجسد مرتعش ..
“أرجوك .. أتوسل إليك ..”
بصوت مرتجف ، ناشدته أن يسمعني الإجابة..
“أرجوك .. أخبرني بالطريقة .. كيف أعود إليهم ..”
“إلى عالمي ”
بصقت تلك الكلمات ، بينما عم الصمت .
الصمت إستمر لدقيقة .
دقيقة بدا و كأنها قد إستمرت إلى الأبد .
إلى أن جاء الجواب أخيرا.
“أنت لا تستطيع”
كانت مجرد كلمات ، لكن رأسي قد أصبح فارغا تماما بمجرد سماعها .
“ما .”
لم أستطع حتى النطق بشكل صحيح بينما واصل ذلك الكيان الكلام .
“أنت لا تستطيع العودة إلى عالم ، لم تغادره من الأساس ”
“مالذي ..”
“كاتب .. روائي .. إبن .. خرج رفقة عائلته بذلك اليوم ذاهبا الى عمله ”
إستمر بالكلام و كأنه آلة .
“ركب بالسيارة رفقت عائلته ، في السنة الميلادية 2026 .”
“بتلك الليلة شهدت البشرية كارثة غير مسبوقة ، عندما إنفتحت بوابات من العدم .. بوابات جلبت الجحيم و أهواله الى عالمهم .”
ضربت تلك الكلمات بعنف ..
“ذلك الضوء الذي أعماهم ، كان ضوء البوابة التي فتحت أمامهم و تسببت بتحطم سيارتهم و موتهم جميعا .”
ماتوا ..
عائلتك ماتوا ..
هذا ما كان يقوله ..
“و الآن و بعد أزيد من 300 سنة ، ها أنت ذا تجسدت ثانية هنا . ليس على أنك ذلك الكاتب ، بل على حقيقتك يا فراي ستارلايت”
سكت الصوت .
و أظلم معه كل شيء .
“لا ..”
إرتجفت كل ذرة من كياني .
بينما تمتمت بصعوبة ..
“لا ..”
لم أغادر عالمي منذ البداية ..
كنت موجودا به طوال الوقت ، لكن بالمستقبل .
هذه هي الحقيقة .
سقطت الدموع فجأة بينما جلست أحدق ب الارض بوجه مظلم .
لا اعلم أي تعبير صنعه وجهي بهذه اللحظة .
هل كنت أصرخ ؟
هل كنت أبكي ؟
لا أعلم .
لقد كان هنالك الكثير من القرائن بالفعل .
كان هنالك الكثير من الدلائل .
لكمت الأرض بعنف .
الأرض تحطمت تحت قبضاتي دون توقف .
لو فكرت بالأمر بشكل صحيح ، لربما كنت قد إستنتجت كل شيء منذ البداية .
لكنني لم أفعل .
لقد تجاهلت الأمر.. تجاهلته عمدا مفضلا التشبث بالأمل حتى النهاية.
سنتان .. سنتان من المعاناة التي لن يتحملها أي بشري آخر.
لكن أكثر ما آلم ، من كل تلك ذلك مجتمعا ..
كانت تلك الكلمات .
ماتوا
هم موتى.
ماتو جميعا .
سمعت صوت صراخ مخيف .
صوت نحيب و أنين شديد .
و كأنه زئير وحش قديم غاضب .
و بمرحلة ما .. أدركت أن ذلك كان صوت صراخي ..و تلك كانت دموعي ..
الظلام تضخم أكثر.
لقد ماتوا بسببي ..
أبي ..
الظلام زاد أكثر .
أمي ..
لو لم أكتب تلك الرواية .
إخوتي .
لو لم أنشيء هذا الجحيم اللعين ..
جميعهم ..
لكن لا ..
في النهاية ..
“أنت هو السبب !!!”
صرخت مهاجما الحاسوب بغضب عارم قاذفا إياه محطما الحائط .
ذلك الشيء .. ذلك المهندس ..
“أنت المسؤول ”
شعرت و كأنني أكاد أنفجر .
مشيت وسط هالة من الظلام .
رؤيتي عادت .
لكنني لم أعد أهتم بأي شيء..
كل شيء قد إنتهى الآن.
كنت داخل مستشفى .
داخل تلك الغرفة التي حطمتها بيدي .
عندما عدت إلى وعيي ببطء وجدت جثث كل تلك الممرضات و الأطباء منتشرين من حولي موتى .
لقد قتلتهم جميعا .
لكنني لم أهتم .
لا شيء يهم بعد الآن.
بوجه مظلم ، واصلت السير محطما كل شيء .
بمرحلة ما ، جاء الحراس متجمعين حولي .
لكنني واصلت .
بعد فتح المرحلة الأولى من رقصة الظلال .
و بتلك الهالة الغريبة التي طوقتني .
لقد كنت أقوى..
أقوى بكثير ..
حطمت كل شيء .
بكيت دما كرثاء على حالتي تلك .
هم موتى.
لماذا قاتلت حتى الآن ؟
لماذا تعذبت كل ذلك العذاب .
لم أعلم متى ، لكن حراسا من الفئة S قد طوقوني بشدة الآن.
مثبتين جسدي بقوة .. لكنني لم أكن أراهم حتى .
ما رأيته .. كان جثثهم .
جثث عائلتي .
“اه لا فائدة ..”
أجل ، لا فائدة .
“لا فائدة من الحياة بعد الآن.”
شعر الجميع بالرعب عندما تشقق جسدي مظهرا خطوطا بنفسجية مرعبة ..
لننهي هذه المعاناة البائسة .
إشتد ضغط الأورا العنيف جاعلا جميع من ظهر من حولي يشعر بالرعب.
هناك رأيت آدا ، كارمن ..
و الكثير غيرهم .
الكثيرون ينظرون إلي.
لكنني لم اعد أهتم .
أغمضت عيني مستعدا لتفجير جسدي . ووضع نهاية لكل شيء.
أنا صرخت..
“الإنبعاث ”
…
…
…
بينما تشقق جسد فراي ستارلايت مطلقا موجة مرعبة من الاورا .
شعر الجميع بالخوف .
الخوف من ذلك الشاب .
في العادة ، كان فراي يستعمل الإنبعاث عن طريق تفجير سلاحه ، لا جسده .
جسده كان مجرد وسيط .
لكن الآن ، ذلك الشاب كان ينوي تفجير جسده نفسه .
حركته هذه أطلقت القوة الكاملة لمحيط الاورا من الفئة SSS .
فراي ستارلايت ينوي تفجير نفسه منهيا حياته ، و يريد تفجير ذلك العالم البائس معه .
العالم بكله قد إرتعش في تلك اللحظة .
إنفجار كهذا لن يمحي المعبد فحسب ، بل سيجعل العاصمة بلغراد تختفي بأكملها من الخريطة .
آدا ستارلايت شاهدت بالقرب اخاها الذي غرق وسط الظلام .
متجها نحو النهاية .
و بطريقة سحرية ، و قبل أن ينفجر ذلك الشاب .
توهجت تلك الافعى فوق ذراع فراي اليسرى بضوء ازرق لامع .
الافعى طوقت جسد فراي بشدة ، بينما ظهر سيف أسود مشؤوم من خلال تلك اليد .
السيف تصرف و كأنه يملك
وعيا خاصا به ليرتفع إلى الأعلى و يسحب كل تلك الاورا المتفجرة بالقوة .
باليريون قد سحب كل شيء مطلقا إياه عاليا في السماء .
إرتفع عمود مشؤوم من الأورا السوداء عاليا في السماء مخترقا القبة من الفئة S التي حمت المعبد محطما إياه كما يتحطم الزحاج ، و مواصلا طريقه متسببا بحفرة هائلة وسط السحاب .
شاهد العالم بأكمله ذلك العمود .
كل من في المعبد .
و سكان بلغراد .
الجميع حدق مرعوبا بذلك الشيء .
الذين تواجدوا باختبار الجزيرة قد رأوه من قبل .
من بينهم .
فينيكس صنلايت قد حدق بذلك الشاب بعدما جاء مسرعا .
إلى فراي ستارلايت.
السيف فوق يده اليسرى قد أنقذهم بعدما أرسل ذلك الموت الأسود بعيدا عنهم .
شيئا فشيئا تبدد الظلام .
و ظهر فراي المتشقق و أعينه ميتة .. و كأنها جثة قديمة ..
آدا ستارلايت شاهدت بصمت .. كيف أن أخاها سقط ببطء فوق الأرض.
ملامحه الأخيرة تلك قد تركت علامة عميقة داخلها .
تلك الملامح .. كانت ملامح شخص فقد كل شيء .
ملامح شخص أراد الموت .
ذلك هو .. فراي ستارلايت.
…
…
…