منظور الشرير - الفصل 12
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
أحسست بالفراشات في بطني بينما غمرني ضوء يعمي الأبصار .
رأيت الصورة تتغير بستمرار أمامي إلى أن بدأت شيئا فشيئا تتضح .
عندما خطوت خطوتي التالية كنت قد خرجت بالفعل من البوابة ، أحسست بصداع شديد و كأنهم قامو برميي من سيارة تسير بسرعة 200 كلم في الساعة .
سقطت على ركبتي للحظة و أنا أحاول ضبط نفسي .
عندما قمت أخيرا بأخذ نظرة صحيحة لما حولي وجدت نفسي داخل غابة ضخمة ، بلغت الأشجار عنان السماء ما حجب الرؤية تماما ..
الكروم على الأرض كانت أشبه بمئات الأفاعي المتشابكة مع بعضها البعض ما جعل المشهد عتيقا حقا .
“أنا داخل أراضي الكابوس..”
دعمت جسدي و قفزت متسلقا أحد الأشجار ، جلست فوق أحد الأغصان لشجرة ضخمة و سحبت حاسوبي الشخصي من خاتم الأبعاد .
التجوال داخل أراضي الكابوس دون هدف هو أغبى شيء يمكنني القيام به حاليا ..
هدفي هو بلوغ طائفة تشون ما مكان تواجد أسلوب 10 آلاف خطوة من الظل.
هي كانت طائفة مميزة تواجدت بقمة أحد الجبال الذي تميز بلونه الأسود على عكس بقية الجبال من حوله ، لذلك لم أكن قلقا بشأن التعرف عليه .
المشكلة كانت بمكانه ، كانت المنطقة التي أتواجد بها حاليا ضخمة حقا ..
إذا كنت محظوظا سأجده على الفور .
أما في أسوء الاحوال هو قد يكون بعيدا ببضع مئات الكيلومترات من هنا ..
لحسن الحظ إمتلكت وسيلة الغش الخاصة بي ..
فتحت الحاسوب و توجهت على الفور نحو نصيحة المؤلف .
“ماذا أستعمل ؟ العشوائية أم المباشرة؟”
النصيحة العشوائية (10 نقاط إنجاز).
تقدم النصيحة العشوائية تعليمات مبهمة و غير مفهومة ، لكنها بكل تأكيد تمنح المسار الأفضل للعمل بشكل آمن رغم صعوبة فهمها .
النصيحة المباشرة (30 نقطة إنجاز).
تقدم النصيحة المباشرة تعليمات واضحة و حتى الطفل قادر على فهمها ، لكن رغم أنها تقود الى الهدف بشكل مباشر إلا أنها دوما ما تضع عائقا من نوع ما في الطريق عند إستعمالها لذلك فالتحذر هاهاها !
“هل أذهب مع العشوائية ؟”
كانت هي الأرخص ، كما أنها تقود لطريق آمن ، رغم أنني أشك في وجود طريق آمن داخل أراضي الكابوس ..
“حسنا لنفعلها .”
إخترت النصيحة العشوائية و على الفور أضاءت هذه الأخيرة .
“النصيحة العشوائية ! إنتبه جيدا و حاول إستعاب ما ستراه لعله يكون سببا في نجاتك !”
“لا أحد يستطيع أن يحدد نقطة البدء، أهي من عند الليل أم من عند النهار؟ … هي تتخطى كل الألوان و الأزمنة ببهائها … عندما تجد الفجر إذهب شمالا ثم شرقا ثم جنوبا ثم غربا ، أعد الكرة و عندما تشعر أنك بلغت أشدك ستجد الطريق .”
بتعبير فارغ نظرت نحو الهراء أمامي ..
“هل يفترض بي أن أفهم هذا ؟ من أين أتى النظام بهذا الهراء؟ أراهنك أنه لا يحمل أي معنى بل هو فقط يعبث معي ..”
تخليت على الفور عن النصيحة العشوائية فقد أدركت أنني لن أفهم شيئا و لم يكن لدي المجال لأجرب في أرض كهذه …
لذلك لا خيار أمامي سوى النصيحة المباشرة .
النصيحة المباشرة (30 نقطة إنجاز).
نقاط الإنجاز الحالية :610 .
حدثني عن تضييع نقاط الإنجاز ..
بعدما لم يبقى أمامي أي خيار ، إستعملت النصيحة المباشرة لتضيء هي الاخرى بنفس الضوء كما أضاءت العشوائية.
“النصيحة المباشرة : إذهب شرقا .”
بسيطة و مباشرة ، لا أبيات شعرية ولا كلام فارغ .
هذه هي النصيحة التي أستطيع إتباعهها ..رغم أنني كنت قلقا قليلا بشأن العائق الذي ستضعه أمامي ..
أعدت الحاسوب إلى حلقة الأبعاد و سحبت بدلا منه أحد المسدسات التي جهزتها آدا .
سيكون هذا هو سلاحي الذي سأعتمد عليه بهذه الرحلة ، مسدس والتر p99 مجهز بكاتم للصوت ، بعد كل شيء آخر ما أريد فعله هو التسبب بالضجيج داخل أراضي الكابوس و جلب مختلف المخلوقات التي كانت تختبئ هنا ..
قفزت من الغصن الذي كنت أجلس عليه ، تفقدت مكان البوابة التي إختفت قبل بعض الوقت و حاولت مزامنتها مع المفتاح بيدي و على الفور إستجابت لي .
“ممتاز ، بهذا لن أقلق بشأن طريق العودة..”
أخذت نفسا عميقا و جددت عزمي ..
“حسنا… من أين الشرق ثانية ؟”
حددت إتجاهي و بدأت رحلتي داخل أرض الكابوس .
…
…
…
“خطوات الشبح”
فعلت المهارة ما جعل خطوتي صامتة تماما بينما كنت أسرع إلى الأمام..
تغير المشهد باستمرار أمامي لكنني لم أخرج أبدا من الغابة بحيث أن كل ما رأيته في طريقي كان الأشجار و الكروم التي غطت الأرض.
بعد الجري لنصف ساعة بدأت أواجه التغييرات الأولى ما جعلني أتباطأ تدريجيا ..
رائحة الدم الثقيلة التي تخللت الهواء أنذرتني بوجود شيء ما أمامي ..
لم أكن معتادا على رائحة الدماء لكنها كانت كثيفة لدرجة مثيرة للسخرية .
تقدمت ببطء غير قلق من أن أصدر صوتا بفضل خطوات الشبح ..
أخيرا وجدت مصدر الرائحة … أمامي تواجدت منطقة مفتوحة خلت من الأشجار ، بعيدا ببضع مئات الامتار عن مكاني رأيت مخلوقا هائلا مرميا هناك بينما تم أكل أزيد من نصفه .
رأيت العديد من الأشكال الغريبة التي كانت بنفس طولي لكنني كنت بعيدا لأعرف شكلها فمن هذه النقطة بدو كالنمل من بعيد .
“عين الصقر”
فعلت مهارتي الثانية و دققت النظر لأشمئز مما رأيت .
كانو مخلوقات مقرفة برؤوس كبيرة و جثث ضخمة مزودة بمجسات و مخالب مرعبة ، العشرات من هذه المخلوقات مزقت جثة الرجس الساقط أسفلهم ..
هذا الأخير بدا مزيجا من نسر ضخم برأس غراب ، على الأرجح كان هذا أحد أقوى المخلوقات في الماضي قبل أن يرديه شيء ما قتيلا .
و الأن قامت تلك الآفات بالتهام جسده ..
تسللت بين الأشجار بينما غيرت مساري ، لم أملك لا الشجاعة ولا القوة للتعامل مع تلك المخلوقات هناك ..
تلك المخالب بالذات بدت قادرة على قطعي لنصفين بضربة واحدة..
أخذت لفة كبيرة على المنطقة لأتجنبهم و قد نجحت إلى حد ما حيث لم يعترض طريقي أي شيء لبعض الوقت .
واصلت الركض معتمدا كليا على خطوات الشبح لكي لا أصدر أي صوت .
في اللحظة التي ظننت فيها أن كل شيء يسير بسلاسة حدث ما لم أتوقعه .
عندما رميت بقدمي إلى الأمام أحسست بشيء غريب ، لم تكن نفس الأرض الصلبة التي كنت أجري عليها بل شيء آخر تماما .
إعتمدت على غريزتي و رميتي بجسدي على الفور إلى الجانب .
عندما ألقيت نظرة على مكاني السابق غرق قلبي عندما رأيت مخلبا ضخما يقف هناك ..
لو تأخرت لثانية لكان قد إخترقني ..
من تحت الحشائش نهض مخلوق مماثل لتلك التي رأيتها من قبل ، تمكنت من تمييز خصائصه من هذه المسافة ، رأسه بدا مثل رأس سلطعون ضخم ، 3 مجسات من كل جانب .
4 مخالب ضخمة ، لكن إثنين من تلك المخالب كانت محطمة تماما كما أنه بدا مصابا .
“هل لربما لم يستطع الإنضمام لرفاقه بسبب إصابته ما جعله ينصب كمينا هنا ؟”
سمعت صوت صرير حاد صدر من السلطعون أمامي ، على الفور إنقض علي كالمجنون بعد أن رأى عشاءه ..
قمت أنا الأخر بسحب المسدس الذي جهزته و بالإعتماد على عين الصقر أطلقت 3 رصاصات في أقل من ثانية .
إخترقت جميعها جسده لكن الرجس لم يتوقف على الإطلاق بل واصل الركض تجاهي .
كان مستميتا لقتلي لدرجة أنه لم يهتم بالدفاع بل هاجم فقط لأنه سرعانما طعن بمخلبه تجاهي ..
بفضل عين الصقر تمكنت من معرفة مسار ضربته ما جعلني أتفاداها على بعد شعرة.
رميت بجسدي و قمت بشقلبة على الأرض محاولا وضع مسافة بيني و بين الرجس .
واصلت إطلاق النار حتى أثناء حركتي ما جعلني أخطئه عدة مرات .
هو الاخر كان يلوح بمخالبه كالمجنون ما جعل تفادي ضرباته صعبا .
مخلوق لا يهتم بالدفاع و يقوم فقط بالهجوم ، ما هذا بحق ؟
إحتجت إلى ضربه بنقطة ضعفه ، لم أكن أعرف أي نوع من المخلوقات كان هذا لذلك قررت إستهداف نقطة الضعف الشائعة “الرأس” .
لأحصل على ضربة مؤكدة أضطررت للإقتراب منه .
مستفيدا من حقيقة أنه لم يستطع إستعمال سوى أثنين من مخالبه الاربع تمكنت من تفادي ضرباته ثم أطلقت النار مباشرة بين عينيه .
يبدو أن هذا قد أجدى نفعا لأن الرجس قد ترنح و تراجع عدة خطوات للخلف .
في هذه اللحظة إعتقدت أنني قد فزت ، لكن سرعانما أدركت مدى سذاجتي ..
في اللحظة التي أدرك فيها الرجس أنه في وضع غير مؤات دخل في حالة هيجان و بدأ يلوح كالمجنون بكل مكان .
أنا الأخر كنت قريبا جدا منه ما جعلني أتلقى جنونه .
باستعمال عين الصقر رأيت مسارات ضرباته ، لكن لم يكن هناك جدوى من محاولة التفادي … كانت ضرباته عشوائية و سريعة جدا.
قمت على الفور بفتح المسافة محاولا تجنبه … تجنبت الاولى و الثانية .
بدأت أستعمل عضلات لم أكن أعلم أنها كانت موجودة حتى .
تفاديت كالمجنون خوفا على حياتي لكن الحياة كانت قاسية ..
تعثرت للحظة ما جعلني أتلقى أحد ضربات المخلب السريعة ..
أحسست بشيء ما يخترق كتفي الأيسر و عندما ألقيت نظرة رأيت مخلبا بحجم سيف إخترق كتفي و أكمل طريقه ليخرج من ظهري .
على الفور إنتشرت موجة من الألم الحارق ، الم لم أحس بمثيله قط ..
رأيت دمائي الساخنة تقطر بغزارة ما جعلني أجن أنا الأخر.
بدأت أطلق النار كالمجنون تاركا حفرا صغيرة بكل أنحاء جسد الرجس ..
“هذا مؤلم هذا مؤلم هذا مؤلم أيها اللعين !”
واصلت إطلاق النار و وسط صراخي المدموج بصراخ الرجس أمامي حدث صراع من أجل الحياة .
كان السلطعون قد مات منذ بعض الوقت بعدما تراكم الضرر على جسده ، لكن إصابتي لم تسمح لي بإدراك الأمر ما جعلني أستمر بإطلاق النار بجنون .
في النهاية أدركت أنني كنت الوحيد الذي يناظل ، لذلك سرعانما توقفت و حاولت نزع مخلبه من على كتفي .
لكن في اللحظة التي سحبت بها مخلبه لميليمتر واحد ضربتني موجة حادة من الألم و كأن شخصا ما يقوم بتقطيع جسدي ..
دوى صراخي في المكان بينما لعنت بكل مصطلحات السب التي أعرفها ..
كان هذا الألم أكثر من اللازم لشخص مثلي عاش كل حياته داخل عالم مسالم ..
عندما نجحت أخيرا و سحبت مخلبه أدركت أن الجرح أعمق مما توقعت عندما رأيت كمية الدم الذي تسربت منه ..
أخرجت إحدى جرعات إستعادة الصحة و شربتها على الفور ..
لففت الجرح و رميت بجسدي على جذع أحد الأشجار..
كان الجرح يتعافى بمعدل سريع بفضل الجرعة التي إستعملتها قبل قليل لكن هذا لم يوقف الالم بأي شكل من الأشكال .
بدأت ببطء أستعيد رشدي لأدرك أنني في مأزق …
“يجب أن أتحرك ..”
دعمت جسدي المتهالك و حاولت الركض ..
سواءا صراخي أو صراخ الملخوق الذي قتلته قبل قليل ، لقد أحدثنا ضجة هائلة … ضجة ستجلب المزيد من الكوارث إلي ..
كنت أترنح مع كل خطوة محاولا الهرب و لسخرية القدر حدث ما كنت أخشاه ..
ظهرت العديد من مخلوقات السلطعون من بين الأشجار سواءا من الأمام أو الخلف ، و على عكس الذي قتلته قبل قليل ، هم لم يكونو مصابين ..
“اللعنة .”
دفعت بجسدي و هربت مطلقا النار بشكل عشوائي ..
وجدت نفسي مطاردا من عشرات مخلوق السلطعون القبيح ذاك ..
فرصي في مواجهة هذا العدد كانت معدومة … أنا الذي عانيت الأمرين لأقتل أحدهم بينما كان مصابا .
جريت و جريت متمسكا بكتفي المصاب ..
سمعت صوت طحن الأسنان من ورائي ، لم أرد الإلتفاف لأرى مصدر الصوت مدركا مدى رعب المشهد خلفي .
كانت تلك المخلوقات متلهفة للحظة التي تبتلعني فيها لدرجة أنهم كانو يصطدمون ببعضهم البعض أثناء جريهم ورائي .
كان العدد يزيد شيئا فشيئا بينما تقلصت المسافة بيننا لدرجة أن بعض الضربات كانت تمر على بعد شعرة من جسدي ..
لقد أدركت أنني لن أبقى طويلا لو إستمرت الأمور على هذا الحال ، أما القتال فلم يكن خيارا ..
تسابقت مع الزمن و حاولت إستعمال كل ذرة من دماغي لأجد حلا لوضعي الحالي ، لكن مهما فكرت و مهما حاولت أدركت أنني سأموت هنا لا محالة ..
و ما زاد الأمر سوءا كان ذلك الضباب الذي منعني من الرؤية ..
“إنتظر … ضباب؟”
عندما إستعدت إحساسي بالواقع أدركت أنني كنت أجري وسط الضباب لبعض الوقت الأن..
ضباب كثيف لدرجة أنني لم أعد أرى شيئا ..
في تلك اللحظة بالذات غرق قلبي ..
توقفت عن الجري على الفور و إختبأت بجانب أحد الأشجار ..
عانقت جسدي و أغلقت عيني بشدة ..
هذا الضباب عنى شيئا واحدا فقط … تمنيت من كل قلبي الا يكون ما إعتقدت أنه كان ..
حقيقة أن مخلوقات السلطعون لم تقتلني بعد أكدت مخاوفي..
لا أعرف متى دخلت مجاله … لكنني الأن كنت داخل منطقة أحد أخطر الوحوش داخل أراضي الكابوس بأكملها ..
‘جساسة الضباب’
غطيت رأسي و إنكمشت في مكاني مواصلا إغلاق عيني ..
“مهما حدث و مهما سمعت … لا يجب أن أفتح عيني أبدا ..”
كانت هذه الطريقة الوحيدة للنجاة ..
من حين لآخر كنت أسمع أصوات التقطيع من حولي..
سمعت صوت صراخ المخلوقات التي كانت تجري ورائي ..
كانت الجثث تسقط من حولي ، إنهمرت الدماء طارت الأطراف …
و كأنني أجلس وسط حرب ، قاومت رغبة جسدي العارمة بالهرب و تجمدت مكاني هناك لا أرى شيئا سوى الظلام .
بدأت أصوات المعركة تختفي تدريجيا من حولي إلى أن عم الصمت أخيرا .
إستمر الهدوء لبعض الوقت ، كانت بضع دقائق لكنني أحسست و كأنها ساعات ..
مغمضا عيني بقيت أدعو أن تمر الكارثة ..
عندما ظننت أن الأمر إنتهى سمعت صوت همس عند أذني ..
“فراي”
كان صوت فتاة … صوت لطيف و منعش ..
أحسست بلمسة رقيقة على صدري ، لكنني لم أستمتع بها إطلاقا بل على العكس… لقد غرق قلبي أكثر و أكثر .
“فراي”
هذه المرة كان صوتا مألوفا … كان هذا صوت آدا ..
كان شيء ما يهمس لي بصوت أختي بينما يتحسس جسدي ..
“أنظر إلي … فراي”
واصل الصوت الهمس بجانب أذني ..
لكن حتى اللحظة الاخيرة ، رفضت فتح عيني ..
“مالأمر ؟ الم تعد تحبني ؟ فراي ؟”
صوت من كان هذا ؟
عجزت عن التعرف على الصوت الأخير ، لكن صاحب الصوت رفض أن يتركني و شأني ..
أحسست بجسد ناعم يعانقني من الخلف ..
“أنظر إلي … فراي ”
‘اللعنة ، إبتعد عني أيها المخلوق القذر ‘
بقيت ألعن داخليا … لم أدري متى سأتخلص من هذا الموقف ..
سكت الصوت قليلا قبل أن يتكلم ثانية ..
“أنظر إلي ، ****”
هاه ؟ مالذي قاله للتو؟
جفلت مكاني … الإسم الذي ناداني به الأن..
كنت الوحيد الذي يعرف هذا الإسم… بعد كل شيء ، كان هذا الإسم الذي تمت مناداتي به في عالمي القديم ..
“أنظر إلي ، **** .. الم تعد تحبني ..”
إرتجفت شفتي و جسدي بأكمله على حد سواء ، و كيف لا أفعل ؟ كان هذا صوت أمي … أمي الحقيقية ..
صررت على أسناني و منعت نفسي من التحرك … كنت أدرك أن كل هذا مجرد وهم … لكن هذا تجاوز الخط بكثير ..
هذا كان صوت والدتي بحق اللعنة ..
“إفتح عينيك ، بني ”
صوت والدي ..
“لقد إفتقدتك ، أخي ..”
صوت أخي ..
عضضت شفتي بشدة لدرجة أن الدماء قد إنفجرت مغطية ذقني بأكمله ..
عائلتي ..
غلبني الشوق لدرجة أنني أوشكت على فتح عيني ..
أحسست بذلك العناق الدافئ الذي إفتقدته بشدة … أردت مبادلة هذا الدفء … أردت ذلك بشدة ..
لكنني كنت أعلم … في اللحظة التي أفتح فيها عيني ستكون تلك النهاية ..
وسط حرب الأفكار هذه إختفى ذلك الدفئ و إختفت اللمسة الناعمة التي كنت أشعر بها..
بدلا من ذلك ، شعرت الان أنني أتكئ على شيء ضخم … شيء لم يكن بشريا ..
“إفتح عينيك أيها القذر !”
هذه المرة لم يكن صوتا ناعما … بل صوتا مرعبا جعلني أتخيل أبشع شيطان تمكنت مخيلتي من إستحضاره ..
“أنظر إلي أيها اللعين ”
واصل الصوت المرعب الهمس بجانب أذني ..
إستمرت الحرب النفسية لوقت طويل ، لا أعرف كم مر من الوقت لكنني بقيت هناك أغمض عيني بشدة ، إستعنت بالألم لكي لا أفقد حواسي و بقيت واعيا حتى النهاية ..
إختفى الكائن الذي كان بجانبي و لم أعد أسمع الاصوات منذ بعض الوقت الأن..
لكنني لم أبرح مكاني ..
مرت الساعات واحدة تلوا الأخرى و أنا جالس هناك …
عندما أحسست أخيرا أن الأمر قد إنتهى ، فتحت عيني ببطء ..
واجهت صعوبة في رؤية ما كان أمامي بسبب الإنتقال المفاجئ من الظلام الى الضوء لكن سرعانما إعتادت عيني على الصورة من حولي.
كان الضباب قد إختفى بالكامل الأن..
من حولي رأيت عشرات ، بل مئات الجثث المتناثرة في كل مكان …
كانت الأطراف المقطوعة من جثث مخلوق السلطعون تملأ المكان ..
بدى و كأن حربا قد حدثت هنا … حرب من طرف واحد ..
قاومت الرغبة بالتقيؤ و جلست هناك منهارا ..
“أي جحيم هو هذا الذي أقحمت نفسي فيه ؟”