منظور الشرير - الفصل 104
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
-منظور فراي ستارلايت-
“مضى وقت طويل حقا ..”
بمشاعر متضاربة وقفت أحدق شاردا في هذا المكان المألوف ..
المعبد ..
واصفا إياه بالمألوف .. لكنه تغير كثيرا ..
بمجرد دخولي من البوابة الرئيسية و تجاوز كل شكليات الأمن.. ها أنا ذا أجد نفسي هنا مرة أخرى..
عاد ذلك الضجيج الحاد لمختلف الطلاب و هم يقومون بأعمالهم ..
بدون سابق إنذار ، تكاثر طلاب المعبد بشكل عجيب و عادو ليملؤوه من جديد بعد إنتكاسة الهجوم الاخير..
الأمر كان مبهما بحق ..
من ناحية أخرى ، يمكنني ملاحظة العديد من المباني الجديدة التي لم تكن موجودة قبل شهرين من الآن
.
كانت التكنولوجيا المعمارية متطورة حقا و سريعة بما فيه الكفاية لإبهاري ..
تحسست شعري بهدوء بابتسامة باهتة بينما شققت طريقي ..
لم يكن المعبد هو الوحيد الذي تغير ..
شتانا بين فراي الحالي و فراي الذي دخل المعبد لاول مرة في حياته منذ بضعة أشهر..
بينما كنت على وشك شق طريقي ناحية إقامة النخبة ، قاطعني صوت مألوف …
“فراي ستارلايت؟”
إستردت ببطء ناحية الصوت الذي رن بشكل عجيب بجانب أذني .. لأجد مخلوقا قصيرا بشعر أبيض ينظر إلي من الأسفل..
“واو .. لقد جعلتني أنتظر طويلا .. ستارلايت..”
“إيلين وايت .. أن تستقبلني رئيسة مجلس طلبة النخبة بنفسها .. إنه لشرف لي..”
لم أبدي أي رد فعل مبالغ به أثناء وقوفي أمام رئيسة مجلس الطلبة رغم أنني لم أتوقع أن أجدها بانتظاري ..
لكنني أستطيع تخمين السبب بطريقة أو بأخرى ..
إبتسمت إيلين وايت بينما أشارت لي لأقوم باتباعها ..
“سلوكك لا يزال نفسه رغم تغير وجهك .. ستارلايت ، تعال معي.”
“هل لي أن أسأل إلى أين يجب أن أتبعك بالظبط ؟”
أثناء سيرنا بين مختلف منشآت المعبد ، حاولت سحب بعض المعلومات من الفتاة امامي..
“لا أعرف الكثير عنك يا فراي لكنني لا أعتقد بأنك غبي لدرجة الا تحزر وجهتنا .”
لم أضحض كلماتها بل فقط تمتمت ..
“الإدارة .. مكتب المشرفين ؟ ربما المدير بنفسه ..”
“إنها الأخيرة ”
توقفت ايلين بابتسامة ذات معنى..
“المدير الحالي يرغب بلقاءك ..”
“..”
لقد توقعت حدوث هذا في اللحظة التي سمعت بها عن تعيين مدير جديد للمعبد .. لكن من ظن أنه سيرسل بطلبي منذ الدقيقة الأولى..
أتوقع أن للأمر علاقة بغيابي لشهر كامل سابقا عندما كنت أتعافى .. و ما حدث داخل عائلة مونلايت ..
شددت قبضتي بقوة ..
أشعر أنني قمت بتكرار الامر لدرجة أن فمي على وشك أن يسقط من مكانه .. لكن ها نحن ذا مرة أخرى..
متغير جديد حدث أمام عيني ..
تم تنحية بلودمادير من منصبه كمدير و تم تعيين شخص آخر..
هذا لم يحدث بأحداث الرواية ..
يفترض أن يظل بلودمادير مديرا إلى أن يحين موعد الحرب .
لكن ها نحن ذا ، أمر ما قد طرأ و غير المستقبل الذي كنت أعرفه ثانية ، و أول ما تبادر لذهني هو ذلك الشيء الذي تكلمت عنه آدا ..
المجهول صاحب الاعين الزرقاء ..
بطريقة ما شعرت و كأنني في مواجهة شد حبل ضد هذا الكيان..
لم أكن لأهتم كثيرا بالتغييرات على مجرى الأحداث ، فكل ما أريده هو الفوز بالفيكتورياد ثم الإختفاء عن الانظار بعد معرفة كيفية العودة إلى عالمي ..
أما هذا العالم فهو يملك بطله الخاص به الذي سيتكفل به رغم أنه سيخسر في النهاية لا محالة ..
لكنني لا أستطيع أن أغض البصر عن المدير الجديد .. بعد كل شيء هو قد يشكل عقبة لي ..
بين هذا و ذاك .. سأكتشف الإجابة قريبا .. لأنني الآن على وشك مقابلة ذلك المدير الجديد ..
…
…
…
إيلين وايت قامت بواجبها و قادتني إلى غاية مكتب المدير ، واقفين أمام باب كبير نسبيا .. شعرت بالظغط الخانق للشخص الذي تواجد خلفه ..
هو لم يكلف نفسه عناء إخفاء قوته أو مراعاة من تواجد بقربه لدرجة أنك ستشعر ببعض الكهرباء الساكنة تخز جسدك كلما إقتربت ..
كنت بانتظار أن تقوم ايلين بالدخول أولا ، لكن على ما يبدو هي لم تكن تنوي على ذلك ..
“لقد قمت بعملي بالفعل .. أنت وحدك الآن ستارلايت..”
تنهدت قبل أن أمسك بمقبض الباب ..
“كان بامكانك مساعدتي قليلا على الأقل.. ”
إبتسمت إيلين وايت نصف ابتسامة ساخرة على وضعي الحالي ..
“حظا موفقا فراي ، هذا كل ما يمكنني مساعدتك به ”
“يالها من مساعدة ..”
بدون إطالة .. دخلت إلى الداخل لأجده جالسا هناك ..
كانت الغرفة بسيطة تماما .. إثنان من الارائك و طاولة بينهما ، أما بنهاية الغرفة فقد تواجد مكتب تراكمت فوقه مئات الوثائق والأوراق التي نظمت بعناية شديدة ..
جالسا هناك .. رجل بشعر أشقر مألوف تم تمشيطه جانبا بدقة مرتديا بدلة عسكرية فاخرة زينتها ميدالية واحدة بدت و كأنها شيء ثمين ..
وجهه كان حادا و جادا تماما لدرجة أنه من الصعب تخيله يبتسم ..
المدير الحالي للمعبد و أخ الإمبراطور … إيفار فاليريون..
أقوى آرشر داخل الإمبراطورية..
أمام شخص كهذا أردت إنهاء الأمور باسرع وقت ممكن ..
“المعذرة .. أنا طالب النخبة فراي ستارلايت من الفصل B .. بلغني أنك قد قمت باستدعائي ..”
بقي إيفار صامتا و واصل العمل على أوراقه دون النظر إلي ، لكنه أشار بيده ناحية احد الارائك لذلك جلست مباشرة دون مقدمات ..
على ما يبدو ، هو لن يتحدث معي بأي وقت قريب ..
جلست هناك منتظرا إياه أن ينتهي من كل تلك الوثائق.. وقد طال الإنتظار ..
يمكنني أن أحزر أنه يحاول ممارسة نوع ما من حرب الأعصاب علي ، كان هذا التكتيك سينجح بإرباكي سابقا لكنه متأخر جدا ..
يمكنني أن أنام الآن دون مشاكل لو تطلب الامر ناهيك عن البقاء جالسا أمامه ..
و مرت الدقائق و الساعات … لكن المدير الجديد أبى أن يتحرك ..
و بعد ما بدا و كأنه قد إستمر إلى الأبد .. اخيرا تحرك إيفار ..
بعد تنظيم آخر المستندات بين يديه و وضعها جانبا ، نهض من مكانه و جلس على الأريكة المقابلة لي بخطوات سريعة ..
هذه المرة أعينه الذهبية كانت تنظر الي مباشرة.. بل من خلالي إذا صح التعبير ..
شعرت و كأنني أجلس عاريا أمامه الآن ..
و بدون سابق مقدمات فتح المدير المزعوم فمه ناطقا بأولى كلماته …
“فراي ستارلايت .. فالتترك المعبد ”
كان صوته واضحا تماما لذلك علمت أنني لم أسمعه بشكل خاطئ ..
لكن رغم ذلك أردت أن أتأكد ..
“المعذرة … لكن مالذي قلته الآن ؟”
لم يطرأ أي تغيير على وجه ايفار … بل كرر كلامه ..
“كما سمعت .. فراي ستارلايت ، فالتغادر المعبد ”
تغير الجو السائد داخل الغرفة تماما ..
قمت بتضييق عيني على الرجل امامي بينما فشلت في إخفاء الهالة السوداء من حولي ..
“دعني أفهم الامر بشكل صحيح .. آيفار فاليريون ، هل أنت تقوم الآن بطردي من المعبد ؟”
لم ينزعج ايفار من سلوكي الفظ بتاتا .. بل نفى برأسه كلامي ..
“كلا ، لا تسئ الفهم يا فراي ستارلايت أنا لا آمرك هنا .. بل أطلب منك أن تغادر بنفسك ..”
كلماته خففت من الجو الحاد لكنها جعلتني في حيرة من أمري ..
“و لماذا قد أفعل شيئا كهذا في المقام الأول ؟”
أتخبرني أن أغادر المعبد و أضيع كل ما قمت به طيلة ما يقارب السنتين من أجل لا شيء ؟
لو طلب مني أن أموت الآن لكان شيئا سيتقبله عقلي أكثر من ذلك..
“إنه لمصلحتك .. فراي ستارلايت”
توقف ايفار لثانية قبل أن يواصل ..
“بقاؤك داخل المعبد لن يجلب لك سوى المتاعب خصوصا بعد حادثة عائلة مونلايت ”
فجأة بدأت أفهم الآن مالذي كان يتحدث عنه ..
ظهرت ابتسامة متكلفة على وجهي ..
نعم .. لماذا لم أفكر في الامر ؟ ..
“يبدو انك قد تمكنت من إستنتاج شيء ما ..”
“بالكاد .. لكنها ليست المرة الأولى لذلك يمكنني توقع ما حدث بشكل أو بآخر.. ”
أومأ ايفار ..
“إنهيار عائلة مونلايت ، أحد أعمدة القوة داخل الإمبراطورية بل خيانة لورد تلك العائلة لنا و إنخراطه مع الالتراس .. نزول إثنين من اللوردات الاربعة ناهيك عن حقيقة أن أحدهم لم يظهر من قبل … هذه أخبار ثقيلة ..”
بالفعل ..
الإمبراطورية تقبع تحت سيطرة الكنيسة و عائلة فاليريون بالتساوي ، ما جعل العائلة الإمبراطورية قادرة على التفوق على متعصبي الدين كان دعم العوائل الثلاث .
الآن و بعد إختفاء جزء كبير من قوة عائلة المونلايت إنهار التوازن ..
صحيح انهم لا يزالون اقوياء .. لكن مكانهم أصبح مهددا ..
يمكن الآن لأحد النقابات الكبرى منافستهم و لو كان الامر صعبا .. و العائلة الإمبراطورية لن تسمح بارتقاء قوة ليست تحت سيطرتهم ..
لذلك ستدعمهم ، و ستحاول امتصاص غضب أفرادهم .
و ياللمصادفة .. في ليلة انهيار عائلة مونلايت ، تواجد شخص مكروه بشدة من طرفهم بمكان الحادث ..
فراي ستارلايت..
“العالم و حتى أفراد عائلة مونلايت لا يعلمون عن خيانة اللورد بايلور .. لذلك الامر برمته مبهم و محبط لهم ..”
تكلم ايفار بهدوء لأن ما قاله كان مجرد حقائق مصرح بها ..
“أفراد عائلة مونلايت الغاضبون و في حالتهم تلك كانو بحاجة و لو لشيء بسيط لكي ينفسو عليه عن غضبهم .. و إحباطهم ..”
بالتالي..
بضحكة مثيرة للاشمئزاز عرفت إلى أين تتجه هذه المحادثة ..
“دعني أخمن .. غضبهم موجه نحوي اليس كذلك ؟ هيه .. يالها من دراما رائعة ..”
“نعم و لا … غضبهم موجه إلى الالتراس و هذا هو الصحيح .. لكنهم يرونك شخصا متواطئا .. و متسببا بما حدث هناك … ”
بسطت نفسي فوق الأريكة بتنهيدة مثقلة ..
“لذلك إقترحت علي المغادرة هاه ؟ لأنني لن أكون بمأمن حتى بداخل المعبد هل هذا ما تقوله ؟”
ٱومأ آيفار ..
“بالظبط… هذا لمصلحتك ..”
“سحقا لك يارجل ..”
عندما قاطعت آيفار بكلمات غير متوقعة .. حتى هو نفسه قد تفاجأ ..
“مالذي قلته ؟”
“قلت لك سحقا لك أيها المدير هل هناك مشكلة بآذانك ؟”
نهضت من مكاني متجاهلا ضغط الهالة الذي كان يتزايد بستمرار .. لكنني واصلت قول ما كان بعقلي ..
“تقول لمصلحتي هاه ؟ دعني أسألك .. من دعم إدعاءات المونلايت تلك التي نصت على أنني أحد المتسببين بتلك الحادثة ؟ بل و جعلها حقيقة مسلما بها .. أليست العائلة الإمبراطورية بنفسها بقيادتك يا آيفار فاليريون ؟”
توجيه غضب عائلة مونلايت نحوي انا .. فرد ضعيف من عائلة ستارلايت و مكروه بشدة… كنت مثاليا لهم و لخططهم ..
“الآن تخبرني أنك تعرف مصلحتي .. هيه أنت لا تعرف شيئا ايها المدير الجديد .. و إحزر ماذا ، أنا لن أذهب إلى أي مكان . آسف لتخييب ظنك لكن الأمور لن تسير كما تريد يا عزيزي ”
كنت أتحدث دون توقف لكن موجة من هالة آيفار قد أخرستني تماما ..
كانت تعابير وجهه لا تزال نفسها .. لكن مزاجه تغير كليا ..
“يبدو أن الشائعات عن شخصيتك القذرة كانت صحيحة تماما فراي ستارلايت .. أنت شخص جاهل لا يعرف حتى مكانه ..”
“بالعكس تماما .. آيفار فاليريون .. أنا أعلم مكاني أفضل منك .. كما أنك لا تستطيع لمسي أليس كذلك ؟”
لو كان يستطيع لطردني بالفعل بدل أن يطلب مني المغادرة بنفسي ..
“الآن بعد فقدانكم للمونلايت .. لا تستطيعون قلب ستارلايت ضدكم .. ليس و الحرب تهدد بالإندلاع قريبا ..”
لسوء حظه ، فستارلايت بكاملها تقف خلفي الآن بفضل أختي آدا ..
لم يقل آيفار أي شيء … لأنني كنت محقا تماما ..
“عائلة فاليريون العظيمة رمت بقضية مهمة كهذه علي أنا.. الفرد الضئيل من ستارلايت”
بابتسامة مرعبة حدقت بايفار ..
“ثم لي حرية التعامل مع الامر كما أريد أليس كذلك ؟”
“مالذي تنوي عليه ؟”
سألني آيفار بأعصاب مشدودة مقاوما فكرة محوي من الوجود بضربة واحدة ..
لكن كإجابة هززت كتفي بيتما غادرت ..
“الفوز بالفيكتورياد”
“ماذا ؟”
“هذا ما أنوي عليه .”
بتلك الكلمات .. غادرت مكتب المدير غير مبالي بموقفه
..
فور خروجي من مكتبه و المشي قليلا شعرت بالوهن الذي أصاب قدماي ..
“يا رجل .. هذا متعب حقا..”
كان جسدي يرتجف بشدة بعد الجنون الذي قمت به قبل قليل..
مستيقظ في الفئة C يتحدث مع آخر في الفئة SS بهذه الطريقة ..
لو رأى الآخرون هذا لأنفتحت أفواههم و سقطت أرضا كردة فعل ..
لحسن الحظ .. نجحت مخاطرتي و لم يلمسني آيفار ..
رغم ذلك .. يبدو أن المتاعب لا تزال تلاحقني .. و كأن ما أملكه لا يكفيني بالفعل.
الآن.. أصبحت مستهدفا داخل المعبد أيضا ..
“ياللإزعاج ..”
…
…
…
جلس آيفار فاليريون بمكانه محدقا بالباب الذي خرج منه فراي ستارلايت قبل قليل ..
و فجأة إتكأ على مسند الأريكة بجانبه بينما ظهرت إبتسامة رائعة على وجهه ..
“جريء حقا … بل مجنون إذا صح التعبير ..”
الشاب الذي تجرأ و وقف ضد عائلة مونلايت و نجى حتى النهاية وسط كل اولئك المصنفين الاقوياء ..
أومأ آيفار بالإيجاب ..
“لم يخيب ظني .. بل تجاوز توقعاتي .. من الناحية النفسية على الأقل..”
فراي ستارلايت لم يتعمق بشخصية آيفار لذلك يمكن القول أنه لم يكن يعرف الكثير عنه .. بل يمكن القول أن معظم الناس لا يعلمون شيئا عن هذا الرجل الذي أخفى مشاعره الحقيقية دوما .. حتى أمام عائلته ..
إبتسامته الآن لوحدها كانت شيئا لن يصدق الكثيرون أنها قد تظهر على ذلك الوجه ..
فكر المدير الجديد لبعض الوقت بكلمات فراي ..
“الفوز بالفيكتورياد..”
كلمات كبيرة خرجت من فم شاب لقب ذات يوم بعار عائلة ستارلايت..
يمكن القول أن مستوى الصعوبة الذي يواجهه هذا الفرد أكبر بكثير من الاخرين..
فوزه بالفيكتورياد يبدو مستحيلا ..
و حتى آيفار قد حكم أن فراي لا يستطيع فعلها ..
لكن من يدري ما يخبؤه المستقبل ؟
“أتطلع لذلك ..”
بهذا بدأ
الصخب منذ يوم فراي ستارلايت الأول..
…
…
…