السجل البدائي - الفصل 1955
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
دعم مترجم لزيادة تنزيل رواية The Primordial Record
الفصل 1955: تحطيم المهد (6)
على نحو غير متوقع، كانت “وحش الحتمية” هي من بدأت بالهجوم أولاً.
لقد بدأت في السابق تحشد قوتها لمحو جميع الواقعات الفاسدة دفعة واحدة، لكن الهجوم الذهني ومحيط الرماد عطّلا هذا الحشد؛ ومع ذلك، كانت الوحش أكثر دهاءً مما هو متوقع، إذ لم تفقد سيطرتها حقاً على هذه التقنية، بل قامت فقط بقمع هالتها المستعرة مع السماح لها بالتراكم في السر.
من المفترض أن تبني الوحش هذه القوة تدريجياً حسب الظروف، لكنها كشفت أوراقها لاستدراج عدوها إلى فخ، والآن، أطلق ذيلها الثعباني العنان لغضبه.
بسرعة تفوق قدرة أي من “الارتشاي” على المتابعة، تحول الذيل إلى قوس من البرق الأسود المكون من الحتمية المحضة، مع سم يقطر كالأنهار محا المسافة بينه وبين “الرجس”، ودوّى صوت ارتطام هائل في أرجاء الزمان والمكان بينما اخترق الذيل كالحربة خاصرة الرجس المتضخمة.
انفلق لحم الرجس وتناثر منه صديد أبيض كثيف، وهو الجوهر المقطر للواقعات الملتهمة، وانطلق في نافورات كثيفة كالسدم.
بجذبة سريعة، عاد الذيل، واستطاع إيوس رؤية تقنية قوية أخرى تُشحن بسرعة، بينما ركزت وحش الحتمية على خصمها، وعيناها الحمراوان تتبعانه في كل حركة.
كان الجرح الذي عانى منه الرجس شاسعاً، وعميقاً بما يكفي لكشف هيكله الداخلي، الذي هو عبارة عن طبقات من الواقعات المندمجة المتراكمة مثل اللحم في عرض الجزار. كان أحد “عظامه الصدرية” المنفجرة عبارة عن واقع من الأبراج الكريستالية المرئية في الداخل، ولا تزال مأهولة بسكانها، حيث تجمدت أشكال حياة لا تُحصى في منتصف صرخاتها بينما فغرت الفتحة حولهم.
خرجت ضحكة من الرجس وهو يتأمل جرحه المروع، وشعر إيوس بنبرة إعجاب في تلك الضحكة، ثم بدأ الجرح في الانغلاق بالانطواء نحو الداخل.
تشكلت شفاه على طول حواف الجروح حيث نبتت تريليونات من الأفواه الكبيرة من اللحم لتقبل الفتحة حتى تنغلق، وتخيط اللحم بخيوط من الأوتار المسروقة. سُحبت الواقعات التي في الداخل إلى عمق أكبر، وهُضمت وهي حية، وترددت أصداء الصرخات من الداخل بينما بدأت أجساد أشكال الحياة التي لا تُحصى في إنبات أذرع تم تمزيقها لتُستخدم كأساس لمحو الجرح.
ضاقت عينا إيوس. هناك شيء ما في الأساليب التي استخدمها أخنوخ للشفاء بدا له غريباً، فخصص جزءاً من وعيه للتركيز على هذا التناقض الذي لاحظه، قبل أن يركز بالكامل على المعركة.
زفر الرجس دون أي سابق إنذار؛ في لحظة كان يراقب جرحه المنغلق وفي اللحظة التالية أصبح ينفث رماداً وذكريات بقوة هائلة لدرجة أنها انطلقت من فمه كشعاع من الضوء الرمادي الذي غمر السلحفاة، التي سحبت بسرعة جميع أجزاء جسدها تحت صدفتها.
اجتاح الرماد الصدفة قبل أن يلتف حولها ليتشبث بها، وكأن له عقلاً خاصاً به، بدأ ينقب في أي شقوق يمكن أن يجدها.
حيثما يلمس، تتلاشى الرموز بشكل أسرع. ذكريات الأرواح المحمية، أطفال يضحكون، عشاق يتعانقون، مسنون يموتون برقة، تومض عبر الصدفة وتختفي، مُستهلكة.
كانت السلحفاة قد انتهت من شحن هجوم آخر، فبرز ذيلها وضرب مرة أخرى.
بالكاد يُرى، ضاربا الذيل بطن الرجس، لكن الوحش لم تمزق اللحم هذه المرة؛ فقد رأت أن التكتيكات السابقة لم تكن تعمل بشكل جيد بما يكفي.
ما فعلته كان أكثر وحشية. بدأ رأس الثعبان في ذيلها بالثقب داخل جسد الرجس، ممزقاً كل عائق في طريقه بينما كافح الرجس لسحبه باستخدام مليارات من أذرعه، لكن القوة والعناد في ذلك العضو الواحد بدت لا تُضاهى.
ومع ذلك، تمكنت أذرع الرجس من إبطاء تقدم الذيل، لكن الأوان قد فات؛ فقد وجد وجهته، ثم اندفع رأس الثعبان، وحُقن السم مباشرة في قلب الرجس الفاسد، وهو عضو نابض بحجم واقعَات متعددة كان مرئياً عبر اللحم الشفاف.
تشنج القلب، وللحظة، ترنح الرجس مع محو الكثير من قوة حياته الفاسدة، ومع انتقال السم في جميع أنحاء جسده، كان المزيد منه يُمحى مع كل لحظة تمر.
ثم ضحك.
كانت الضحكة تعود لأخنوخ تماماً — طفولية، متسائلة، ومجنونة.
ثم قام الرجس بانتزاع القلب الذي يضخ السم في جسده بالكامل، وبنفس الضحكة المجنونة، ألقى الرجس بالقلب نحو الوحش. ضرب ذيل الوحش القلب، وحطمه إلى قطع.
ومع ذلك، قبل أن تُمحى تلك القطع، انبثقت منها كائنات “رجس” أصغر، كل منها بنفس شكل الرجس الأصلي، وجميعها عبارة عن واقعَات تعرضت للفساد، حيتان مصغرة، كل منها وُلد من واقع واحد ملتهم.
تدفقت مثل أسماك البيرانا، مطبقة حول ذيل الثعبان، وخرجت من أجسادها ملايين الأفواه التي حاولت مضغ الذيل، مما تسبب في انهمار شرارات تحترق بحرارة أشد من النجوم نتيجة الاحتكاك.
بفحيح من الغضب، تلوى ذيل الثعبان، محطماً المئات من هذه الكائنات، لكن المئات غيرها حلت محلها.
في البعيد، انهار جسد الرجس الجبار مثل بيت من ورق بينما تحول إلى كائنات رجس أصغر اندفعت نحو الوحش.
زأرت السلحفاة بغضب، ولم تستطع استخدام ذيلها بسرعة لمحو الخطر القادم بسبب الكائنات التي لا تزال تحيط بطوله وتقيد حركته الانسيابية.
في رمشة عين، غمر فيضان الكائنات الفاسدة الوحش، وبدأوا في مهاجمة صدفتها بينما ارتجفت أرجلها تحت ثقلهم. كان أخنوخ يحول هذه الكائنات تحت ضغط الوحش، وعندما غمر سمها جسد الرجس الرئيسي، أصبح ذلك هو المحفز الذي يحتاجه لتطوير القطع الفردية من نفسه إلى مستويات أعظم.
هاجموا صدفة الوحش بغضب بارد، ورغم أن ضربات الذيل قتلت المئات في كل لحظة، إلا أن الكائنات الفاسدة بدأت تصبح أصعب في القتل، ولم يعد من الممكن القضاء عليها بضربات منفردة، بل تطلب الأمر غالباً ضربات متعددة.
ثم زأر أحد الكائنات بانتصار عندما رأى شقاً في صدفة السلحفاة، واستدعى كل القوة في جسده ليمزق هذه الفجوة، ونقب داخل الصدفة، وكأن سداً قد انفتح، تبعته بقية الكائنات داخل الحفرة مثل سرب من الجراد.
نقب الكائن الأول عبر الصدفة مثل يرقة عبر اللحم. أخيراً، وجد أوردة الوحش المليئة بدمائها، والتي كانت عبارة عن محيطات من الحتمية المحضة. فغرت أفواهاً لا تُحصى مليئة بأسنان حادة كالإبر، ومزقت الوريد وبدأت تشرب بينما في الوقت نفسه تحقن فسادها في وريد الوحش.
كانت الوحش تصرخ بغضب وهي تقاتل، وفجأة تحولت تلك الصرخة إلى ألم.
حطم الصوت الفراغ القريب، مولداً واقعَات مؤقتة ينبغي أن تعيش لفترة كافية لمنح الوحش دفعة مؤقتة في القوة، لكنها تلاشت بسرعة وهي تموت صارخة.
وهي مليئة بالألم والجنون، التف ذيلها الثعباني وضرب صدفتها الخاصة، محاولاً سحق المتسللين، لكن الاصطدام لم يؤدِّ إلا إلى توسيع شق الصدفة، ورغم أنه سحق المئات من الكائنات الفاسدة، إلا أنه جعل دمائهم تتسرب داخل الجرح، مما غمر المزيد من الوحش بالفساد بينما بدأت عروق بيضاء تنتشر عبر صدفة السلحفاة.
الترجمة : كوكبة
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.