السجل البدائي - الفصل 1951
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
دعم مترجم لزيادة تنزيل رواية The Primordial Record
الفصل 1951: تحطيم المهد (2)
نطاق الموت
كان إيوس بحاجة إلى مراقبة المعركة المستمرة في “نطاق الموت”، فكثير من الأمور تعتمد على تقدمها، ومن الضروري له معرفة الوقت المناسب للتدخل، أو ما هل ينبغي له التدخل من الأساس.
ظل الموت يخفي الكثير من الأسرار عنه، ولم يعرف إيوس ما إذا كان هذا الكائن الغامض قد يكون عدواً أسوأ له من البدائيين.
وبينما علم بدائيوه الجدد أن معركة ضخمة تدور بين “وحش الراحة النهائية” و”البدائيين القدامى”، لم يمنحهم إيوس كل التفاصيل التي كان يجمعها من الأرتشاي الأربعة عشر الذين أرسلهم لمراقبة هذه المعركة.
لقد ظلوا على مسافة بعيدة، ولم يجرؤوا على التقاط الكثير من البيانات، بل اكتفوا بنخل الرماد بعد مرور القتال عبر تلك المنطقة. كان البدائيون ذوي بصيرة حادة لدرجة أنهم سيعرفون إذا تمت مراقبتهم، وحتى نخل حطام معركتهم حمل خطر الاكتشاف، نظراً لوجود بقايا من إرادتهم في كل ما لمسوه.
ومع ذلك، صُنع الأرتشاي الخاصون به لكسر قواعد معينة، وبإمكانهم مراقبة المعارك بين البدائيين والموت بأمان، لكن روان احترم أعدائه وقدرتهم على مفاجأته، وفضل توخي الحذر.
كانت ندوب المعركة التي قرأها الأرتشاي ككتاب عظيم عوناً كبيراً لإيوس، فكل ما تعلمه منها يعرضه لأعلى مستوى من القتال، وبالنسبة لشخص مثله، فقد بدأ يتطور بينما يراقب كل شيء.
ومع ذلك، تضائلت قدرته على معرفة كيفية سير هذه المعركة بدقة عندما اخترق “إلغوراث” أقاليم موت لا تحصى، وتبعه إخوته، لكن الموت فعل شيئاً فاق توقعاته عندما أغلق الجرح الذي تركه البدائيون ورائهم.
قام الوحش بتقليص المليار إقليم الخارجية إلى كرة واحدة ملساء تماماً مما أسماه الأرتشاي “العدم المضغوط”، ووجد البدائيون السبعة أنفسهم محبوسين داخل كرة مجوفة، سطحها الداخلي مصنوع من كل حالة موت تسببوا فيها للتو، مقلوبة رأساً على عقب وتنظر إليهم.
لقد حول الموت جلده إلى قفص.
داخل الكرة، حاول “أستيرواث”، بدائي النور، حرق ثقب عبر الكرة. كان البدائيون يندفعون أعمق في نطاق الموت، لكنه لم يكن مرتاحاً لكونه مغطى بنطاق الوحش.
توهجت أجنحته البيضاء بأقصى سطوع لها، وانطلقت منها حربة “تجلي”، من المفترض أن تمحو الكرة بنفس الطريقة التي محت بها أقاليم الموت الخارجية.
كان من المفترض أن تمزق شدة هذا الانفجار الكرة إلى نصفين؛ بدلاً من ذلك، شربت الكرة الضوء. كل فوتون تم التقاطه، وعكسه، وإطلاقه كإبرة “ضد-تجلي” ضربت أستيرواث في جوهر مفهومه.
لأول مرة، أوقف البدائيون زحفهم وهم ينظرون إلى “النور”، الذي كان ينزف ظلاماً محضاً ومتجمداً في ألمه بينما يلتوي وجهه بوجع حقيقي. لم يغلق الجرح، بل اتسع ببطء، مثل فم ثانٍ.
لكي يختبر “بدائي” ألماً حقيقياً لا يمكن لفانٍ أو خالد استيعابه، يجب أن ينكسر مفهومه، وقد استخدم الموت السلاح المثالي ضد النور، حيث عانى الأخير من غطرسته.
اتسعت عينا زيريس بصدمة من الضرر الذي لحق بأستيرواث، ولعدم رغبته في سماع أنات أخيه المتألمة، حاول دحرجة الكرة إلى الوراء على طول خطها الزمني الخاص لإعادتها إلى اللحظة التي سبقت إغلاقها.
إذا فعل ذلك، فإن المفهوم الذي أصاب “النور” بجروح بليغة سيتلاشى، لأن زيريس سيسلب الموت أساس هجومه.
انطلقت موجة أرجوانية من “أصل الزمن” من أجنحته، لكن الموت رد بمحو مفهوم “ما قبل” داخل الكرة. أصبح الزمن لحظة واحدة مسطحة تكرر نفسها للأبد.
بدأ صوت طنين جبار يتردد داخل هذه الكرة مع نمو الصراع بين قوى “الأصل” بين الموت وزيريس، ولكن داخل نطاق الموت، كانت قوته هي الأعظم، وبما أن البدائيين لم يعودوا مندمجين كواحد، تمكن الموت من الانتصار في هذا الصدام، وقُذف زيريس إلى الوراء.
شيخ زيريس تريليون سنة ذاتية في المسافة بين نبضتي قلب، وتساقطت أجنحته الأرجوانية كرقائق حتى لم يتبقَ سوى العظم والندم.
تلاقت أعين البدائيين وهم يدركون ما فعله الوحش؛ لقد حول الحرب من حصار إلى عملية هضم.
كانت الكرة عبارة عن معدة، وهم الوجبة.
أراد إلغوراث الهجوم، لكن نيكسارا كبحته، وجمعت إخوتها في دائرة، وأجنحتهم متشابكة:
“لن نحطم طريقنا للخروج؛ ففعل ذلك يصب في مصلحة الوحش فقط. سنأكل طريقنا للداخل. كل طبقة نلتهمها هي طبقة واحدة أقل يمكن للوحش استخدامها لخنقنا. سنهضم الموت من الداخل حتى لا يتبقى شيء يهضمنا. نحن في مكان قوته العظمى ولكن أيضاً في مكان ضعفه الأكبر… يمكن حسم هذه المعركة بسرعة إذا سلكنا هذا المسار، ولكن قد لا ينجو منا الجميع…”
انتظرت رداً، لكن البدائيين أجابوا بأفعالهم؛ إذ كفّ إلغوراث عن محاولة الخروج بالقوة، والتفت إلى الموتى المحتشدين بأعداد مستحيلة أمامهم وأطلق ذكريات سرقها منهم.
أجبر إلغوراث الموتى على تذكر طعم ضوء الشمس. وبينما توهجت تريليونات من نيران الأرواح بدفء مسروق، اكتشفوا أن الذكريات رفضت أن تنتهي. وعندما نمت وراء قدرتهم على الاستيعاب، انفجروا كفاكهة مفرطة النضج.
شرب البدائيون من ضوئهم رغم أن جوهر الموت داخل هذا الضوء حرق حناجرهم. في هذه المعركة، كانوا مصممين على الفوز بأي وسيلة ضرورية.
أنبت “فورثاس” لحماً جديداً على الموتى فقط ليمزقه مرة أخرى ويغذي قوة الحياة الخام لإخوته وأخته. كان بإمكانه إبطاء انهيار أجسادهم، وانصرف إلى هذه المهمة بتركيز صارم.
حول “زيلوس” فيالق كاملة إلى شياطين التهمت رتبها، ثم التهمت بعضها البعض، تاركة جبالاً شاسعة من اللحم الملوث الذي كافح حتى الموت لمعالجته، بينما رمى “إلدريثور” نرد الاحتمالات حتى أبادت أجنحة كاملة نفسها في سلاسل من الحوادث المستحيلة.
قاتل البدائيون بجنون، دون أي اعتبار لحياتهم، وتمدد قفص المعدة، ورقّ، وتمزق أخيراً. اندفعوا إلى الطبقة الثانية من نطاق الموت، واستقبلهم الوحش بغضبه وضحكه البارد، كاشفاً لهم أنه صنع مكاناً كانت فيه الجاذبية عبارة عن حزن وكل خطوة تكلفتها ذكرى.
شئت أم أبيت، كان “وحش الراحة النهائية” هو الموت نفسه، وهو أعظم جالبي النهاية في الوجود كله. وحدهم البدائيون استطاعوا تحديه، لكنهم حتى هم سيدفعون ثمناً باهظاً.
كان جرح أستيرواث قد اتسع لدرجة أن نصف صدره بات مفقوداً ببساطة، وحل محله دوامة بطيئة من الظلام. طار على أي حال، يقود الهجوم، وأجنحته البيضاء تخفق بعناد نجم يرفض التحول إلى “مستعر أعظم”. إذا كان سيموت، فسيكون ذلك أمام إخوته.
القشرة التي سدت طريق تراجعهم قد عزلت البدائيين، ولم يعرفوا أن تغييراً هائلاً يحدث في مهد أخنوخ.
الترجمة : كوكبة
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.