السجل البدائي - الفصل 1950
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
دعم مترجم لزيادة تنزيل رواية The Primordial Record
الفصل 1950: تحطيم المهد (1)
كان إيوس ضعيفاً في مجالات عدة، لكن قوته كبيرة بما يكفي لدرجة أنه، إذا امتلك الأدوات المناسبة، فسيتمكن من شق طريقه عبر معظم المشكلات بالقوة.
لفترة طويلة، كافح لفهم قوة “النهاية”، ولم تظهر هذه المشكلة إلا لأنه يفتقر إلى المكونات الضرورية لاستيعابها؛ فقوى وعيه أكثر من كافية لاستخدام هذه القوة، لكنه إحتاج فقط إلى المفتاح.
الأمر نفسه حدث لتجسده روان، الذي كان في طور التحول ليصبح “بدائي الفضاء”. وحتى قبل الوصول إلى هذا المستوى، فإن قوى وعيه الهائلة جعلته يتقن بالفعل الطبقات الأربع لأصل الفضاء، ولم يكن ينقصه سوى الأدوات الصحيحة لإنهاء هذه العملية.
هذا المعبد، الذي بُني خارج الزمان، طبق قوى تفوق تلاعب روان الحالي بالزمن، حيث لم يستطع الاستيلاء على المجرى الزمني لهذا المعبد، لكن هذا لم يعنِ أنه في مأمن من قواه، وهو ما كان نوكتيس يكتشفه الآن.
تنهد نوكتيس وقال: “ظننت أنني أمسكت بأفعى… لكنك تنين”. ثم أشار نحو المهندسين الآخرين المقنعين: “بعضهم سيسره هذا؛ فقد آمنوا أننا ننشئ شيئاً أعظم من أنفسنا، شخصاً يتجاوز كل الحدود، ويسعدني أن عملنا لم يكن عديم الفائدة تماماً”.
أمال روان رأسه جانباً: “أنتم جميعاً من أنشأتموني؟”
ضحك نوكتيس بخفة: “آه، ليتنا فعلنا. لا، نحن فقط جمعنا المكونات الصحيحة معاً باتباع قواعد النهاية، ودمجناها على أمل أن يخرج منها شيء استثنائي، أعني، كل الأجزاء تم دراستها، ومع كل القوة التي تحت تصرفنا، كان من المحتم أن ننجح”.
كشر روان بغضب: “اشرح، وتحدث من البداية. أريدك أن تخبرني بكل ما تعرفه”.
****
ترك المراقبون العشرة ظلالا لأنفسهم ورائهم بينما واصلوا مهمتهم القاتمة في رسم خريطة للوجود بأكمله. تعد هذه المهمة مستحيلة التنفيذ جوهرياً، لأنه لم يمر وقت طويل بعد دخولهم ليمبو حتى لاحظوا أن نسيج الوجود يتوسع باستمرار.
كانت هذه العملية مذهلة، إذ إن ليمبو صُنع من بنية تتجاوز المكان، وباعتباره فضاءً ذا بعد تاسع، فإن توسعه يسير على طول تسعة أجزاء منفصلة، حيث يتغذى كل جزء من ليمبو على الآخر في علاقة تكافلية تمد حدودها إلى الأبد.
كان أحد الأرتشاي، وهو مراقب، هو من كشف عن صيغة توسع ليمبو التي أظهرت أنه لا يوجد شيء خارج ليمبو، ولكن قوة التوسع التي لا تهدأ تمزق هذا العدم لتولد الوجود، وتستمد الوقود لتوسعها من مادة العدم نفسها.
هذه العملية لا يمكن إيقافها وكانت تنظم نفسها بنفسها.
بهذه الطريقة، أصبح ليمبو محركاً دائم الحركة لن ينفد منه الوقود لتوسعه أبداً. من الناحية التقنية، سينمو الوجود يوماً ما لدرجة أن حتى البدائيين سيصبحون أجزائا ثانوية في تاريخه، ببساطة لأنهم لن يتمكنوا من السيطرة إلا على جزء صغير منه.
في هذا الوقت، بات ليمبو بأكمله غارقاً في الشر جراء ذبح أرواح لا تحصى على يد البدائيين، ولكن كل هذا لا يزال يمثل مشكلة لأن ليمبو، وبالتالي الوجود، لا يزال شاباً في نواحٍ عديدة.
بالعمل مع إيوس، حدد الأرتشاي أن الوجود، بحالته الراهنة، يبلغ عمره حوالي 700 مليون عصر كوني. كان هذا بوضوح وقتاً طويلاً جداً، وقد نهض البدائيون قبل 65 مليون عصر كوني، وأعادت لمستهم تشكيل كل الوجود ليصبح ليمبو.
ومع ذلك، فإن هذا الكشف بأنه لا يهم ما سيحدث في النهاية، سواء كُسبت المعارك أو خُسرت، فإن الوجود سينمو يوماً ما ليصبح ضخماً لدرجة تجعل البدائيين مجرد حاشية في كتاب. قد يحدث هذا بعد كوادريليونات العصور الكونية في المستقبل، ولكن ذلك اليوم سيأتي بالتأكيد.
الحياة وكل عجائبها لم يعد بالإمكان تصفيدها.
نقل الأرتشاي هذا الكشف إلى إيوس، وكان فخوراً بهم؛ فهم كانوا من القلائل الذين سيأمرهم إيوس بالهروب من هذا الصراع إذا ما خسر، لكنه لم يكن يملك ترف الخسارة.
هناك حقيقة واحدة أخفاها عن الأرتشاي وعن الجميع، وهي قوة النهاية.
كانت حسابات الأرتشاي صحيحة، لكنها تفتقد حقيقة محددة، وهي وجود قوة عظيمة بما يكفي لتحطيم توسع الوجود.
هذه القوة يمكنها تجاوز جميع القوانين المعروفة التي تحكم البعد التاسع وإعادة كتابة القواعد كما تشاء، وسيتعين على كل شيء في الوجود التكيف مع هذا التغيير.
إذا أراد شخص يمتلك قوة النهاية، على سبيل المثال، أن تكون النار باردة والماء حاراً، فإن الوجود بأكمله، بما في ذلك كل الواقعات بداخله التي تحتوي على أبعاد وأكوان لا تحصى، ستجعل إرادته هي الأساس.
السبب الوحيد الذي جعل إيوس لا يشعر بالذعر الشديد هو إدراكه أن هذه القوة تأتي بثمن باهظ، وأن الشخص الذي إستخدامها آخر مرة كان مقيداً بشدة.
ومع ذلك، فإن تلك القيود ترتخي ببطء.
لم يعرف إيوس الهدف النهائي لأخنوخ أو البدائيين، لكنه عرف شيئاً واحداً، وهو حبهم للقوة وسعيهم اللامتناهي لتحقيقها.
لا يهم ما إذا كانوا أشراراً أم لا؛ الشيء الوحيد الذي عرفه هو أنه إذا تمكن البدائيون أو أخنوخ من السيطرة على كل القوة داخل الوجود والاحتفاظ بها، فلن يرغبوا في أن يتوسع الوجود بلا توقف.
في كل ثانية يتوسع فيها الوجود، يرون قوتهم وهي تتسرب من بين أيديهم، ورغم أن العملية التي سيصل فيها الوجود إلى نقطة يصبح فيها البدائي مجرد سيد بسيط لمنطقة صغيرة مقارنة بالمجموع الكلي هي في مستقبل بعيد جداً لدرجة تجعل الرقم شبه مضحك، إلا أن البدائيين وجدوا وراء الزمان، وبالنسبة لهم، الوقت ليس عاملاً، هم فقط يرون سيادتهم وهي تتلاشى.
كان هذا إدراكاً وصل إليه إيوس مؤخراً بينما يتأمل في الصيغة التي وضعها الأرتشاي، وفهم أن السبب الذي جعل أخنوخ والبدائيين يصبحون يائسين للغاية – بعيداً عن ادعاء القوة المطلقة – هو علمهم بأن وقتهم ينفد.
استخدام قوة النهاية جاء بتكلفة، وإذا أرادوا عكس توسع الوجود للأبد، وجعل أنفسهم سقفاً للقوة، فعليهم التحرك بسرعة قبل تجاوز نقطة اللاعودة؛ بعد ذلك، لن يهم إذا فازوا، لأنهم سيكونون قد خسروا بالفعل.
لم يخبر إيوس الأرتشاي بالحقيقة المتمثلة في ضرورة كسب هذه المعركة وإلا فإن صيغتهم ستكون بلا فائدة، لأنه عرف أهمية الأمل. هذا العبئ يمكنه حمله بمفرده، على الأقل في الوقت الحالي.
ومع ذلك، مع وجود تدخل أخنوخ في عملية صعود تجسده، عرف أن هذا الكائن لم يعد يقف جانباً بعد الآن ليسمح له بالاستيلاء على المزيد من القوة.
تجسده قد يكون مشتتاً بالأحداث داخل ذلك المعبد الغريب، لكنه لا يزال يمتلك المزيد من العيون، وحالياً كان يشاهد مهد أخنوخ وهو ينهار على نفسه مع بدء اندلاع الحرب في أرجائه كافة.
بدأ إيوس يجهز نفسه للمعركة؛ لقد انتهى الوقت، وأخنوخ كان يكسر طاولة اللعب بأكملها.
الترجمة : كوكبة
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.