السجل البدائي - الفصل 1947
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
دعم مترجم لزيادة تنزيل رواية The Primordial Record
الفصل 1947: تحت الغطاء
كانت المطرقة مكسورة، وتذبذب شكلها بين الوجود والعدم. شكّ روان أنه لولا أصل الإيمان المطلق المتجمد الذي أبقاها في مكانها، ستكون هذه المطرقة قد إختفت.
كانت قطع المطرقة المكسورة تحيط برأسها وتطفو حولها كالأقمار الصناعية حول كوكب، وعلى الرغم من أن روان لم يستطع إدراك ماهية هذه المطرقة أو لمن تنتمي، إلا أنه استخدم ما يكفي من الأسلحة التي تكسر الواقع حتى الآن ليعرف متى يكون في حضرة واحدة منها.
لم نكن هذه المطرقة تصرخ بقوة، لأنهع لم تكن بحاجة لذلك؛ بل تحيط بها هالة صامتة يصعب وصفها، جعلت قشعريرة تسري في جسده، وقد فوجئ روان عندما رد إليه إيوس نفس الشعور الذي انتابه حين رأى روان هذا المطرقة. كان رعبًا، من نوعٍ عجز إيوس عن وصفه، لكن روان أدرك أن قطعة واحدة من هذا المطرقة كافية لقتله.
لكن لم تكن قوة هذا المطرقة هي ما أثار هذا الشعور بالرعب لدى روان وإيوس، لأنه استنتج أن هذه المطرقة المكسورة فقدت قوتها تمامًا؛ فكل ما إمتلكته قد زال.
ما أثار هذا الشعور هو ما فعلته هذه المطرقة.
“ما نوع هذا السلاح؟”
كان للأفعال عواقب، وازداد هذا وضوحًا كلما تكرر هذا الفعل في البُعد الأعلى. كل ما لمسه إيوس ترك أثرًا يدوم إلى الأبد، وهو ما تعتبره كائنات البُعد الأدنى أبديًا.
استُخدمت هذه المطرقة في شيءٍ بالغ الدمار، حتى أنه بعد تحطيمها، لازالت الهالة المحيطة به كافية لقتل روان. بدا الأمر كما لو أن روان ينظر إلى مسدسٍ فارغٍ من الرصاص، قادرٍ على قتله، لمجرد أن هذا المسدس قد قتل سامينًا وكائناتٍ سماويةً من قبل، وعلامة ذلك الفعل محفورةٌ على كل ذرةٍ من هذا السلاح.
لم يحاول روان لمس هذا السلاح؛ فقد أصبح الآن حذراً من استخدام الأسلحة التي لم يفهمها تماماً، وعلى الرغم من أنه لا ينبغي أن تكون هناك طريقة لاكتشاف هذا المعبد بعد، إلا أنه لن يحاول تغيير أي شيء داخل هذا المكان حتى يعرف المزيد.
إذا كان هذا السلاح قادراً على تهديده بسهولة، فإن احتمال قتله لأحد البدائيين القدماء وارد، لكن روان يعلم أن هناك اختلافات دقيقة بين البدائيين القدماء وبقية الناس، ولن يغامر بسهولة قبل أن يفهم ماهية تلك التغييرات.
لم يكن هذا المعبد كبيرًا نسبيًا، إذ يتألف من ثلاثة أقسام في قاعة واحدة واسعة. القسم الأول عبارة عن ذكريات محفورة في الحجر، والقسم الثاني هو هذه المطرقة، والآن يستطيع روان أن ينظر إلى القسم الأخير من هذا المعبد. ربما سيحصل على المزيد من الإجابات من هذا الجزء من المعبد.
مرّ روان بجانب المطرقة، متأكدًا من أنه ليس قريبًا منها، ولم يكن ذلك بدافع الخوف، بل بدافع المنطق السليم. فهالة هذه المطرقة كفيلة بقتل جسد هذا التجسد بسهولة، ولمسها أشبه بدخول ذبابة إلى الشمس؛ لا سبيل لنجاته من هذه العملية.
كان الوصول إلى الجزء الأخير من هذا المعبد تجربة غريبة بالنسبة لروان، على الرغم من أنه يدرك أنه في هذا المعبد، لا وجود للزمان والمكان، مما يعني أنه حتى لو أمضى تريليون سنة داخل هذا المعبد، فسوف يخرج منه في نفس الوقت الذي دخله فيه بالضبط.
بالنسبة للأرشاي في الخارج، سيرون روان يدخل المعبد ويخرج منه فورًا، ولن يعرفوا أبدًا كم من الوقت أمضاه داخله. تسائل روان إن كان التجسيد المفقود موجودًا في مكان كهذا.
مع ذلك، شعر روان بشيء ما داخل جمجمته وهو يصل إلى هذا الجزء الأخير من المعبد. بدأ الأمر كما لو أنه يعود بالزمن إلى الوراء، وأوشك أن يخطو خطوة إلى الأمام عندما تجمد جسده. لم يكن ذلك قرارًا واعيًا؛ بل مجرد رد فعل تلقائي من جسده عندما استشعر خطرًا خفيًا للغاية ولكنه في غاية الخطورة.
لو أن قدمه تحركت نانومترًا واحدًا للأمام، لكان قد مات.
تصبب العرق البارد على جبينه، فتراجع عدة خطوات إلى الوراء. كان شعورًا غريبًا أن يكون روان عاجزًا تمامًا وهو في الواقع على أعتاب قمة القوة في الوجود، ويستطيع أن يعدّ على أصابع يده عدد الكيانات التي يمكنه أن يسميها أعداءً.
كل ما يعرفه الآن هو أنه قد عثر على مكان ارتفع فيه سقف السلطة بشكل كبير، وبطريقة ما كان هذا المكان مرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً.
لم يكن بوسع روان أن يصدق أن العثور على هذا المكان هو محض صدفة. فمع هذا النوع من القوة التي يستشعرها هنا، سيحمل هذا المكان كمية هائلة من الكارما، ولن يتمكن من لا يرتبط به من العثور عليه، حتى لو مرّت عليه تريليون حقبة كونية.
كان الجزء الأخير من المعبد مخفيًا عن أنظاره، ولكن كما لو أن وجوده هو المفتاح، بدأ ينكشف له كسراب، وتمكن روان من رؤية الجزء الأخير من هذا المكان. راقبه في صمت لفترة طويلة.
استشعر جسد روان الخطر قبل أن يخطو نحوه، إذ ظهر أمامه فرنٌ مُحطّم. ومثل المطرقة السابقة، كان هذا الفرن باردًا صامتًا؛ لقد أدّى غرضه بالفعل، ولكن أيًا ما يكون الغرض الذي أدّاه، فهو فظيع لدرجة أن الأثر الذي تركه عليه بات شيئًا لا يُمكن وصفه.
مطرقة وموقد، أدوات مخصصة للإبداع، ولكن لماذا الهالة التي تحيط بهما مليئة بمثل هذه القوة المرعبة للتدمير والخراب؟
لكن وجود هذا الفرن لم يكن هو ما جعل روان يراقبه لفترة طويلة؛ لا، بل هي الشخصيات التسع التي تقف حوله.
كانوا يرتدون عباءات حمراء، ولم يستطع روان رؤية ملامحهم، ولم يتمكن من تحديد ما هل هم أحياء أم أموات. لم يُطمئن روان وجودهم بالقرب من الموقد، إذ تساءل عن نوع الكائنات التي تمتلك القوة الكافية للوقوف على مقربة من هذا الموقد.
وبينما يراقبهم عن كثب، ظن روان أنه رأى نقوشاً في المواضع الأقرب إلى أقدامهم، وبينما يحرص على تجنب هالة المطرقة، اقترب أكثر حتى يتمكن إدراكه من تغطية جميع النقوش، ونطق بصوت عالٍ بما قرأه للتو.
“السلام هو الصمت الذي يسود عندما يتم إزالة كل ما يمكن أن يؤدي إلى الصراع.”
اتسعت عينا روان. لم يكن يقصد أن ينطق بهذه الكلمات بصوت عالٍ، لكن شيئًا ما في هذا المكان أو في تلك الكلمات لم يسمح لأي شيء سوى اللغة المنطوقة بالتعبير عن نيته.
تموجت أردية إحدى الشخصيات التسع كما لو أن ألف ثعبان تتحرك بداخلها، ثم سقط غطاء الرأس الذي يغطي وجهها، وتحول قلب روان إلى جليد عندما رأى الوجه الذي غطاه الرداء.
كان جزء منه يعتقد أن الوجوه المختبئة تحت القناع ربما هي وجوهه. لم تكن هذه المرة الأولى التي يواجه فيها أحداثًا كهذه، وبمعرفته لتاريخه، لن يتفاجأ بوجود نسخ مخفية منه في مكان ما؛ فهو في النهاية مجرد تجربة.
لكن هذا لم يكن ما وجده هنا. كان الوجه المختبئ تحت ذلك الغطاء هو نوكتيس.
الترجمة : كوكبة
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.