السجل البدائي - الفصل 1943
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
دعم مترجم لزيادة تنزيل رواية The Primordial Record
الفصل 1943: حقك في الحياة قد انتهى.
بعد خوض الكثير من المعارك عبر دهور لا تحصى، حول روان القتال إلى شكل من أشكال الفن، ولم يعد مضطراً للتداول في أفعاله؛ فجسده، المهيب وشديد التعقيد، عرف بالفعل ما يجب فعله، وكل جزء فيه عمل مع الأجزاء الأخرى بانسجام.
في الخلفية كان إيوس، الذي أمسك عقله بكل شيء في راحة يده؛ يوجه المسار الذي يتبعه روان، وراجعه روان ورأى أن هذه الخطة قابلة للتنفيذ. لقد امتلك الآن سلاحاً، وحان الوقت لإجراء الاختبار الأول. كانت كل هذه الأفكار فورية، ولم يكن هناك أي تأخير منذ اللحظة التي فتح فيها عينيه وبدأ معركته.
سمع روان صوت تيلموس، ولمس قلبه وهو ينطق بما يفترض أنها كلماته الأخيرة: “كم مرة ضحيت بحياتي من أجلك، ولكن لا يهم… الأمر يستحق”.
فكر روان: ‘لقد أعطيتني أكثر من كافٍ، ولك كل الحق في الراحة’.
لكن روان لم يقبل بذلك، ووضع يداً على كتفي تيلموس، ومع هذا التلامس، غمر الروح والجوهر المحتضرين بحيوية إيوس، الإرادة التي لا يمكن محوها أبداً.
قال روان: “شكراً لك، لكن لا يمكنك الرحيل، ليس بعد. واجبك لم ينتهِ… دعني أريك ما يخشاه هذا المخلوق، ومع هذه المعرفة، إعلم أنه لا يستحق حتى مسح كعبي حذائك”.
كان تيلموس، مثل روان، متناغماً مع مد وجزر المعركة، وعند سماعه كلمات روان، لم يتردد حتى، بل اندفع نحو الطفل وأمسك به، ساحباً إياه ليكون أقرب بينما يئن من الألم لأن يد المسخ لازالت ملتفة حول قلبه وتسحقه، لذا فإن كل حركة قام بها جلبت معها موجة لا ترحم من الألم، لكن كان على تيلموس إبقاء المسخ قريباً، لأنه شعر أن قلبه، الواقع في قبضة المسخ، يتغير بفعل لمسة روان.
المعرفة قوة، وهذه الحالة من الواقع عُبر عنها بالكامل في الأبعاد العليا، حيث تُعطى المفاهيم شكلاً وتُستخدم كسلاح. وبدون فهم الطبيعة الصحيحة للأشياء، لم يمتلك الخالدون في هذا المستوى سلاحاً للقتال.
هاجم المسخ باستخدام صرخات موت هوندون، التي حملت حزن وهزيمة الواقع الأول المحتومة في الوجود. والآن بعد أن عرف روان مصدر هذا الخطر، لم يعد مضطراً لصب القوة فيه بشكل أعمى على أمل أن يكون متيناً بما يكفي لتحمل الضربة. ذلك هو المسار الذي سلكه معظم حياته، وحان الوقت لتغيير ذلك.
فهم ما كان أخنوخ على وشك استخدامه ضده، ومن خلال قلب تيلموس، رد عليه.
انفجر القلب، ليس بنار، ولا بضوء.
بل بذكرى.
كل واقع تم التهامه باسم المسخ، كل صرخة ابتلعها، كل ضوء أطفأه؛ عُرض كل ذلك أمامه، وللحظة، أعطته هذه الذكرى قوة، وتشوّه وجه المسخ في ارتباك وانتشاء بمقادير متساوية.
اكتشف روان أن أخنوخ يزدهر بالفوضى، وعرض ذكرى كهذه له لم يكن سوى تغذية للجحيم المستعر لجنونه، لكن تلك مجرد لحظة، لأن روان عرف أن هناك شيئاً أكثر… شيئاً ينكره أخنوخ… وأراه الذكرى التي ظل يهرب منها…
أراه روان هوندون، مكتملاً، كما كان من المفترض دائماً أن يكون، وبعد ذلك لم تنتهِ هذه الذكرى كما انتهت بالنسبة للواقع الأول؛ بل فتح هوندون عينيه ببطء والتفت نحو المسخ، مخترقاً كيانه بالكامل بنظرته…
تجمد المسخ للحظة وصرخ، والذهول والخوف في عينيه، بعد أن تلاشت أفراح التغذي على الفوضى.
لم يُمنح هوندون الفرصة ليولد أبداً، لكن إيوس، الذي هو أيضاً واقع وُلد خارج تلاعبات أخنوخ، قد استيقظ، وعرف عملية ولادته، ولذا من السهل جداً مضاعفة ذكرى استيقاظه ووضعها فوق إطار هوندون.
انتفخ المسخ، وتشقق، وانطوى على نفسه مثل ورق في لهب بينما أصبح صراخه أكثر خشونة وقسوة. تمدد جسده المثالي الذي كان بحجم طفل حتى أصبح بحجم جبل مرة أخرى، ثم بحجم مجرة، فعنقود عظيم، فكون، حتى وصل إلى حجم واقع إيوسا، ومع ذلك، ظل يتوسع.
ازدهر المسخ على الفوضى والدمار؛ لم يهتم للحياة أو الموت، بل فقط للتحول اللامتناهي لكل شيء بين هاتين الحالتين من الوجود. مثل هوندون النظام؛ إنه العمل الراسخ لأجزاء لا نهائية تجتمع لهدف مشترك واحد، وهذا تعارض مع ما يمثله المسخ.
صرخ بعشرة آلاف رأس لم تعد تتسع داخل حلق واحد، وقُذف تيلموس بعيداً، فلم يستطع جسده تحمل قناة هذا المفهوم، لأنه لمح الجزء الأدنى من هوندون، وكاد يصاب بالجنون. تم تذكير تيلموس مرة أخرى بأن روان وإيوس يتعاملان مع مشاكل لا يمكنهما مشاركتها، لأن أحداً منهم لم يكن قادراً على تحمل هذا العبئ معه، مهما قال العكس.
سيشفى جسده، وسيقن المستوى الثالث من أصله، ثم سيسعى للرابع، ولن يتوقف هنا، سيجد الخامس، السادس… سيستمر في التعمق حتى يصبح ذلك كافياً، ثم سيستمر في المضي قدماً حتى يمتلك أكثر مما يكفي لسحق الأعداء الذين سيجعلونهم عبيداً وبؤساء.
نظر روان إلى جسد المسخ المنتفخ؛ لم يُقتل على الفور، لكنه كان يحتضر رغم ذلك… لقد ضُخ النظام والوحدة في أنقى صورهما عبر أوردته، وذلك سم لكل ما هو عليه.
بالإضافة إلى ذلك، يعد جسد واقع محطم وميت مادة رديئة لصياغة جسد بها، وقد استُنزفت موارده، والآن لا يمكنه إلا الهلاك في ألم. تمدد جسده حتى أصبح عشرة أضعاف حجم واقع إيوسا، ومثل دمل ضخم يبدو على وشك الانفجار، وصل المسخ إلى حده… ثم بدأ ينكمش بسرعة، مع رماد أسود ينهمر من مسامه مثل المطر.
خفتت صرخات المسخ حتى التفتت عشرات العيون الصفراء الضخمة نحو روان: “كيف فعلت… أين هو؟ هل يعيش؟… لا، مستحيل. أخبرني يا روان… أخبرني بالحقيقة، أو سأنتزعها منك!”
ظل روان صامتاً وهو يشاهد المسخ يسقط في أحضان العدم بينما هو ملفوف في أحضان النظام. لا يوجد شيء يخشاه هذا المخلوق أكثر من ذلك، ولو كان روان كائناً يتنعم بآلام ومخاوف الآخرين، سيكون يتوهج بشكل إيجابي كالشمس من موجات الخوف المندلعة من المسخ.
من حجمه الضخم بشكل مستحيل، انكمش إلى مخلوق صغير كالتفاحة، مع عشرات العيون الصفراء التي بدأت تذوب مثل بيض سائل، وهي تنظر بحقد وخوف إلى روان:
“الأمر لم ينتهِ يا روان، وحقك في الحياة قد انتهى للتو… سآتي من أجلك”.
ورداً على ذلك، أغمض روان عينيه وسعى للوصول للمستوى الرابع من أصل الفضاء: “سأكون في الانتظار يا أخنوخ”.
اختفى المسخ بصرخة غضب.
الترجمة : كوكبة
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.