السجل البدائي - الفصل 1940
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
دعم مترجم لزيادة تنزيل رواية The Primordial Record
الفصل 1940: صهر السيادة الذاتية
تلاشى جسد المسخ عبر المسافة التي تفصله عن البدائيين، متجاهلاً مفهوم الزمان والمكان، حيث توجهت أذرعه نحو سيرسي، بعد أن لاحظ أنها الأضعف دفاعاً بينهم جميعاً. ومع ذلك، كان هجومها قادراً على تمزيق قطع ضخمة من جسده، ولو أن هناك هدفا يجب تدميره أولاً، فهي سيرسي.
لكن، إذا استطاع المسخ الوصول إلى هذا الاستنتاج، فقد فعل ذلك أيضاً البدائيون الذين يقاتلونه. كانت عشرات المخالب على وشك تمزيق سيرسي إلى غبار عندما سطع جسدها بضوء باهر، واختفت ليحل فرايغار محلها بعملية استبدال.
سقط فرايغار للخلف بصدر مفتوح على الفراغ، وقُذف جسده بعيداً بقوة هائلة لدرجة أنه لم يتوقف إلا بعد اجتياز تريليونات السنين الضوئية ليصطدم بالحاجز المحيط بهذا المكان.
لم يوقف المسخ هجومه، فكانت ميرا التالية في السقوط؛ اللهب الذي صبته على جسده تم التهامه، وتغييره، ثم بصقه عليها بسرعة لم تمكنها من الاستجابة. سقطت بعيداً وهي تعوي من الألم بينما بدأ أصلها يُستهلك من الداخل إلى الخارج.
لفت شيبا جوهر أصلها حول المسخ لإبطائه؛ فسرعته هي أكبر ميزاته، إذ بدا وكأنه يتدفق للخلف وللأمام زمنيا في آن واحد، لكن نطاقها تمزق إلى نصفين بصوت صراخ حاد، مما جعلها تنهار على الأرض وهي تمسك برأسها وتصرخ من الألم، لكن ركلة في توقيت مناسب من المسخ تسببت في انفجار رأسها، وتبعه بعد فترة وجيزة بقية جسدها، ولم يتبق منها سوى قلبها النابض يحوم في الفضاء.
كان المسخ على وشك التهامه عندما خطفه رمح تيلموس من تحت ذقنه قبل أن ينفجر من أعلى جمجمته. صرخت كل الأفواه المنتشرة على جسده. وأُمطرت ضربات لا حصر لها على تيلموس، الذي سحب رمحه ببرود وقام بصد الضربات وتحويل مسارها وتجنبها. ومع ذلك، كان يدفع ثمناً باهظاً لوقوفه وجهاً لوجه مع هذا المخلوق، حيث تطاير لحمه من شدة القوة المنبعثة منه.
ومع ذلك، كان تيلموس يرد الصاع صاعين، مما تسبب في انكماش جسد المسخ أكثر، لكن هذا لم يؤدِ إلا إلى زيادة قوته، وعندما انضم بقية البدائيين إلى تيلموس في المعركة، لم يصمدوا طويلاً، تحطمت أجسادهم وأُلقي بهم جانباً… وأخيراً حتى تيلموس تعثر بعد أن قُذف رمحه بعيداً. وجعلته ضربة ثقيلة يترنح على ركبة واحدة، غير قادر حتى على الوقوف لفترة.
نظر حوله، لقد أصبح البدائيون مثل أكياس محطمة من اللحم والضوء، بينما تكافح أجسادهم للشفاء. كانت قوة هذا المسخ تتجاوز مجرد القوة البدنية، حيث بدا صوته وجسده بالكامل يشعان قوة تحطم كل أشكال الطاقة والجوهر المعروفة في الوجود.
ولولا حقيقة أن أساس البدائيين الجدد يعتمد على مفاهيم صُممت خصيصاً لهم، مما يجعلهم جزءاً من الوجود ومع ذلك منفصلين عنه، لعلم تيلموس أن أحداً منهم لم يكن ليصمد حتى أمام ضربة بسيطة من هذا الكيان.
أي نوع من الأعداء هو هذا؟.
ابتسم المسخ بفم فُتح بشكل عرضي عبر جذعه.
وتحدث بصوت كل كون احتواه: “أنتم متعبون. استلقوا.”
ثم زفر.
كانت الزفرة عبارة عن أنتروبيا مجسدة. العمر، اليأس، ذكرى الهزيمة، كل شيء حارب ضده البدائيون يوماً ما، تكثف في نفس واحد وضربهم بين أعينهم.
واحداً تلو الآخر، سقطوا على ركبهم على الطريق الذي بدأ يشرب دمائهم الفانية، بينما اتسعت عيون معظم البدائيين هنا بصدمة لرؤية أجسادهم قد اختُزلت إلى هذا الحد.
تقلص المسخ مرة أخيرة، ليصبح بحجم طفل، لكنه الآن بدا مثالياً. لا زيادة. لا ضعف. كل ذرة في جسده ملئية بموت الذرات.
سار إلى الأمام، حافي القدمين على الطريق الملطخ بالدماء، ومد يده نحو روان، وعلى وجهه ابتسامة عريضة كادت تشطره نصفين، مظهراً مئات الأنياب المسننة.
“أنت لي.”
البدائيون العشرة، محطمون وينازعون، كافحوا للنهوض، لكنهم لم يستطيعوا.
يد المسخ، الصغيرة الآن واللطيفة تقريباً، امتدت نحو حلق روان بينما قطر لعاب أسود كثيف من شفتيه. بدأت أصابع الصبي في السواد وهي تسحب القوة من بعد غير معروف، حتى بدأ هذا الفضاء بالكامل يظلم ويتشقق… وبدون أي شخص يقاومه، استطاع المسخ استدعاء كامل جبروت قواه، وكانت رهيبة عند رؤيتها.
لمح تيلموس ابنته التي تكافح للنهوض، قبل أن ينظر للأعلى بعيون مليئة بالمجرات المنازعة وهمس بآخر ما تبقى لديه: “ليس… بعد.”
وقف، وتحدياً للنتيجة المحتومة لهزيمتهم، وصل تيلموس إلى المستوى الثالث من الصعود المتحدي. صهر السيادة الذاتية.
تشقق جسده عند كل مفصل بينما فاضت القوة في كل ذرة من جسده، ينبغي عليه أن يأخذ الوقت ليعتاد جسده على هذا المستوى الجديد من القوة، ولكن في خضم المعركة، لا يوجد مجال لمثل هذه الاعتبارات. من الشقوق انصب ضوء كل روح وقفت يوماً بتحدٍ ضد طاغية. أصبح خيالاً من نار بيضاء، متوهجاً ورهيباً.
تلاشى جسد تيلموس، وظهر مجدداً ليضع نفسه بين المسخ وروان.
وتلقى اليد الموجهة نحو حلق روان في صدره.
غاصت أصابع المسخ في قلب تيلموس وكأنه زبدة طرية، فإنكسرت ابتسامته، وملأ الغضب وجهه. على الرغم من وصوله إلى المستوى الثالث من أصله، كان هذا المسخ في حالته المثالية الحالية قوياً جداً بالنسبة له، وتلك الهجمة كافية لقتل أي شخص. لقد أقسم تيلموس أن يكون الدرع الذي يغطي الجميع، ولن يتنصل من واجبه.
ابتسم تيلموس وهمس: “كم مرة بذلت حياتي من أجلك، ولكن لا يهم… الأمر يستحق”. بدأ رأسه يسقط ببطء، لكن يداً دافئة لمست كتفه، وتحدث صوت روان الهادئ.
“شكراً لك”، قال روان، “لكن لا يمكنك الرحيل، ليس بعد. واجبك لم ينتهِ.”
الترجمة : كوكبة
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.