السجل البدائي - الفصل 1922

الفصل 1922: التحول إلى كائن بدائي (النهاية)

بدأ مسار الخلود، في نظر البدائيين الجدد، من أحد طرفي واقع إيوسا، قبل أن يغوص في دوامة مفتوحة هائلة تؤدي مباشرة إلى أرض الأصل؛ ومع ذلك، بالنسبة لأي شخص آخر أدنى من المستوى التاسع، كان مسار الخلود لانهائيًا.

في كل عالم داخل كل بُعد، على أولئك الذين بدأ إدراكهم بالصعود نحو المستوى الخارق للطبيعة أن ينظروا إلى الأعلى فقط، وسيرون هذا المسار يتلألأ مثل لؤلؤة ثمينة.

قد يتغير مظهره تبعاً لإدراك الفرد، ولكن على مدى عشرة ملايين سنة، لم يخفت توهج هذا المسار؛ بل ظل يزداد سطوعاً ببطء مع اندماج المزيد من النفوس بأرواحها وقواها على المسار واستخدامها للارتقاء بمستوياتها من حالة الفناء إلى حالة الخلود.

حام روان فوق مسار الخلود، ناظراً إلى امتداده الكامل. من موقعه، بدا المسار صاخباً كسوق، ومع ذلك بدا كل شيء منظماً وذا طابع مهيب كطقوس تُقام داخل معبد، وبالفعل توجد هناك طقوس جارية هنا، وكان الجميع جزءاً منها، لكنهم لم يدركوا حقيقة ذلك، إلا إذا استطاع أحدهم تجاوز المسار ليصبح كائناً بدائياً.

يوجظ هناك صدى خافت لصرخة لم يسمعها أحد، حتى البدائيين الجدد بلكاد سمعوها. كانت تلك الصرخة تعود إلى أجساد البدائيين الثلاثة التي استخدمها روان كأساس لهذا المسار؛ وحتى بعد كل هذه السنين، ما زالت أجسادهم تؤدي غرضها وتجمع كارما كل حياة على هذا المسار.

إن تغيير الواقع على هذا المستوى له عواقب، حيث أنه يجمع من أسس البدائيين دون أن يقدم أي شيء في المقابل لتحقيق التوازن.

تذكر أن أساس كل الحياة داخل هذا الواقع قد بُني من جوهر البدائيين، ومع ذلك كان روان يستخدم جوهرهم دون استخدام قوتهم.

لو دخل أيٌّ من البدائيين القدماء إلى الواقع، لرأى مشهدًا غريبًا، حيث يبدو كل شيء مألوفًا، لكن طبيعته غريبة. من الواضح أن هذه العملية لن تدوم إلى الأبد، لكنها ستستمر لفترة طويلة جدًا، وحينها إما أن يُدمَّر روان أو جميع أعماله، أو يكون قد انتصر، وحينها لن يكون من الصعب عليه الانتقال بهذه العملية إلى الخطوة التالية التي خطط لها.

لقد ارتكب البدائيون القدماء الكثير من الفظائع، وقد حان الوقت لكي يبدئوا في دفع ثمن ما فعلوه، وحتى أجسادهم لن يُسمح لها بالراحة بسلام حتى يتم سكب كل الشرور التي ارتكبوها.

في كل لحظة، كانت هناك مئات التريليونات من الأرواح على هذا المسار، تسير للأمام في صمت. كان شكل أولئك الواقفين في بداية المسار ضئيلاً، بالكاد أكبر من خيط رفيع، وبدا عابراً كظل.

كانت هذه الخطوة الأولى للفانين الذين سعوا إلى مسار الخلود وأرسلوا أرواحهم للسير فيه. بدأوا كخيوط ضئيلة، ومع استمرارهم في السير على هذا المسار واكتسابهم المزيد من القوة، بدأت أشكالهم تنمو وتتصلب.

مباشرةً أسفل روان، في منتصف الجسر، كانت هناك أرواحٌ تُقاس أحجامها بآلاف الأميال. وعلى عكس الخالدين الأدنى رتبةً خلفهم، فإن العديد منهم سيضعون أرواحهم بشكلٍ دائم على مسار الخلود للنمو والتطور، حتى وإن كان ذلك صعباً، لما في ذلك من فوائد جمة.

كان مسار الخلود يؤدي إلى أرض أصله، مما يعني أن هذا المسار متصل بعالمه وقناة مباشرة إلى أفيره. والغرض من هذا المسار تغيير مسار جميع أشكال الحياة داخل واقع إيوسا من الأثير إلى الأفير.

كان الأفير شكلاً أكثر قوة وفعالية من أشكال الطاقة، ولكنه يشكل خطراً على أي شكل من أشكال الحياة لم يتم تحويله ليتناسب مع الطبيعة الاستهلاكية للأفير، والذي يمكنه استيعاب جميع أشكال الطاقة.

على هذا المسار، فإن أهم جزء في الفرد، وهو روحه، سيتجه ببطء نحو أرض الأصل، ويصقل روحه تحت التركيز المتزايد للأفير الموجود على المسار، كلما اقترب من أرض الأصل.

إنها عملية مؤلمة، وقد تكون خطيرة إذا تجاهل الفرد سلامته، ومع ذلك، فإن الفوائد التي يمكن جنيها جيدة بشكل مثير للسخرية، وعلى الرغم من أن جميع من سلكوا هذا المسار تقريبًا لم يكتشفوا كل فوائد الأفير أثناء سيرهم فيه، إلا أن الفائدة الأكثر أهمية التي جعلتهم جميعًا مجانين هي قدرة الأفير على تنمية الروح.

كان يُعتقد أن الروح هي منبع المواهب، ولهذا السبب فإن معظم الخالدين يتمتعون بذكاء خارق وذاكرة فوتوغرافية. ومع الروح الأسمى تأتي النفس الأسمى، التي تُعين على الفهم وعلى جميع جوانب الحياة الأخرى، من القتال إلى صحة الجسد.

عادةً، كانت الطريقة الوحيدة لزيادة قوة الروح هي الارتقاء إلى مرتبة أعلى. على سبيل المثال، الانتقال من مُهيمن قوي في عالم الإعلان إلى سامي أرض، مثل هذا التحول الجذري في مستويات القوة من شأنه أن يُغير الروح، ثم الانتقال من سامي أرض إلى سامي صغير من شأنه أن يُحقق مزيدًا من النمو في الروح.

ثم سيتوقف هذا النمو حتى يصبح ذلك السامي خالداً ذا أبعاد أعلى، ويتخذ الخطوة ليصبح السامي الأعظم.

كان هذا عادةً ذروة نمو الروح، على الرغم من وجود تحسينات طفيفة عندما يصل الخالد إلى مستوى أبعاد أعلى.

كان هذا التحسن يعتمد بشكل كبير على أسلوب الزراعة الخاص بذلك الفرد، حيث أن الزراعة القائمة على الروح والتي يمكن أن تزيد من أساس الروح تعد نادرة للغاية.

على الرغم من أنه كان صحيحًا أن هذا المسار الجديد الذي ينشئه سيتطلب قوة إرادة أكثر من الموهبة، إلا أن روان لم يرَ أي سبب لوضع الموهبة جانبًا، لأنها بالفعل مهمة للغاية.

كان من السهل على روان أن يغذي أرواح كل من سار على مسار الخلود لأن هذه طبيعة جوهرية لأفيره، وقد تسبب هذا في انفجار مواهب وقوة الواقع إلى حد كبير.

لم يكن الحصول على عشرة من البدائيين في مثل هذه الفترة القصيرة خطأً، والآن أصبح من المستحيل تقريبًا حساب عدد القدماء الذين يظهرون كل يوم.

بهذا الجسر، تلاشت تقريبًا صعوبة بلوغ الفاني مستوى الخالد. فإذا تحلى الإنسان بالعزيمة الكافية لتنمية روحه ودفعها نحو مسار الخلود، فإن روحه ستزداد قوة، ومواهبه ستنمو.

كانت تعابير وجوه الأرواح على المسار كثيرة جداً بحيث يصعب وصفها، من التركيز والصراع إلى السكينة العميقة والألم والفرح والكراهية، والعديد من الظلال الأخرى، ومن المثير للاهتمام ملاحظة هذا التباين.

دخلت كل هذه التغييرات في نطاق اهتمامه، وقام روان بمراجعة عملية المسار مرة أخرى تحسباً لصعوده إلى مرتبة البدائي.

لأنه سيسلك المسار القديم، فمن الصواب أن يحدث ذلك داخل واقع إيوسا، وعلى هذا المسار.

انحدر روان حتى لامست قدماه المسار. كان حافي القدمين، وغاصت أصابع قدميه في الأرض الصلبة كما لو أنها باتت ثلجًا؛ كاد أن ينحني ليشم رائحة الأرض، لكنه طرد هذه الفكرة.

لا يزال يسمع صرخات الألم القادمة من أجساد البدائيين حيث أن كل ذرة بداخلهم تحت ضغط هائل، وكاد يهز رأسه شفقة.

إذا كانوا يعانون من هذا القدر من الألم، فماذا سيشعرون به عندما يتحول إلى بدائي؟ كل كارما الكائن البدائي القديم الذي سيصبحه ستُسكب على أجسادهم، وتسائل عما إذا كانوا سيتمكنون من تحمل ذلك.

“حسنًا، لقد حان الوقت لمعرفة ذلك. اليوم، أصبح سوف أصبح بدائي الفضاء.”

نظر روان في أعماقه، فأحدث التغيير.

الترجمة : كوكبة