السجل البدائي - الفصل 1920

الفصل 1920: التحول إلى كائن بدائي (2)

لقد انقطع هذا التجسيد لروان عن إيوس، وربما يكون ذلك يسبب خللاً طفيفاً في السجل البدائي، لكن روان إعتقد أن هذا ليس هو الحال؛ هناك شيء آخر يحدث هنا يحتاج إلى عيون دقيقة وغرائز لفحصه، والمشتبه به الأكثر ترجيحاً لهذا التغيير هو القوة التي استدعاها عندما استدعى شكله النهائي.

منذ تلك اللحظة، لم يعد شيء كما كان. لا يزال لدى روان ذكريات حية لما حدث، ومع ذلك هناك ثغرات كبيرة في تلك الذكريات منذ اللحظة التي استدعى فيها شكله النهائي والأساليب المجهولة التي استخدمها لتفسير رغباته.

مع ذلك، كانت ذكريات إيوس كاملة، ورغم وجود بعض الثغرات فيها، إلا أن طبيعة هذه الثغرات غريبة. لم يكن الأمر كما لو أن ذكرياته اختفت مع جوع البدائيين عندما اختفى تجسيده، بل على العكس تمامًا. بقيت جميع ذكريات ذلك اليوم، لكنه لم يستطع الوصول إليها.

كان الأمر كما لو أنه قد تم اختزاله إلى مستوى وعقل نملة، ووضعت أمامه العمليات الداخلية لجهاز كمبيوتر كمومي فائق، حتى لو مُنحت تلك النملة إلى الأبد لتعمل على عمليات هذا الكمبيوتر، فسيكون ذلك عديم الفائدة، فليس هناك طريقة يمكن للنملة من خلالها جمع كل المعرفة والأدوات لمعرفة من أين تبدأ.

في كل مرة كان إيوس يفحص تلك الفراغات في ذاكرته، كان هذا هو نفس الشعور الذي ينتابه؛ ومع ذلك، فقد اعتقد أن وضعه قد يكون أفضل قليلاً من وضع النملة، لأن عقله قادر على استيعاب هذه المعلومات، إلا أنه لم يكن لديه الأدوات المناسبة لفتحها.

كان إيوس سيُطلع أيًا من بدائييه على هذه الذكرى لو استطاعوا فك رموزها، لكنه قرر أن يكون هذا الملاذ الأخير. فثقل الذكرى الهائل في ذهنه يعني أن المخلوق البدائي الذي أوكل إليه مهمة فك رموزها سيهلك.

إن احتواء هذا الكم الهائل من المعلومات في أرواح البدائيين الخاصين به عني أن كل شيء فيهم سيحترق أسرع بمليار مرة وبحرارة أشد لاستيعابها، وهذا استهلاك لا رجعة فيه. مع أنه يدرك أن جميع أبنائه سيقاتلون من أجل فرصة التضحية بحياتهم من أجل غايته، إلا أنه سيختار هذا الطريق دائمًا كخيار أخير.

لذا، قرر إيوس تحقيق عدة أهداف في آن واحد. كان سيصل إلى المستوى البدائي، وسيكون هذا بمثابة اختبار لما سيواجهه إذا وصل إلى المستوى البدائي بجسده الرئيسي.

لا تزال هناك مخاطر كامنة مختبئة داخل الواقع، وربما داخل جسده أيضًا، وعليه أن يكتشفها. ولإستدراج أي طرف خفي، أعلن روان للجميع صعوده إلى مستوى البدائي، وبإمكانه أن يخوض محنته داخل أرض الأصل، حيث يُعتبر في مأمن، لكن روان قرر أن يُجري هذا الصعود على مسار الخلود.

كان بلوغ مستوى البدائي يعني أن الكائن يُمكن اعتباره كاملاً. لولا وجود حالات شاذة وحشية مثل روان والبدائيين السبعة القدماء، سيكون من المستحيل تقنياً أن يهلك بدائي، حتى لو وقع في يد بدائي آخر.

في وجودٍ عادل، خالٍ من كائناتٍ مثل روان والبدائيين ذوي قوى الأصل المتعددة في أجسادهم، فإن أصلَي البدائيين المتحاربين سيتصادمان إلى الأبد، ولولا قمع البدائيين الآخرين، سيكون من المستحيل عليهما الموت. حتى السماح لنفسيهما بالموت لن يقتلهما، لأن الموت لن يستطيع حمل ثقل روح بدائي… مع ذلك، كان هذا في واقعٍ عادل.

في هذا الوجود، توجد هناك كائنات مثل روان التي يمكنها بسهولة تحطيم قوة الأصل لكيان من البعد التاسع، والموت، حسناً، لقد تغذى هذا الكيان إلى الحد الذي أصبح فيه أقوى بكثير مما يمكن أن تتطلبه مكانته.

كان هناك أمر واحد مؤكد، بطريقة أو بأخرى، بعد انتهاء هذا العصر، سيصبح من المستحيل وجود كائنات مثل روان وأمثاله مرة أخرى؛ سيحرص على ذلك. صحيح أن الوجود قد يكون أضعف بسبب ذلك، لكن التهديد لاستقراره وطول عمره سيكون حتمياً.

لذا، بالنسبة لأي شخص آخر، كان الوصول إلى مستوى البدائي حلماً يراوده طوال حياته. مع ذلك، بالنسبة لروان، فإن مشكلته تكمن في تحديد أي قوة أصل يجب أن يغرسها في جسده لإتمام صعوده إلى مستوى البدائي.

ألقى نظرة خاطفة على أسماء جوهر الأصل الذي جمعه، وكاد يبتسم. كانت الكائنات البدائية الجديدة التي يصنعها مختلفة تمامًا عن نظيراتها القديمة لدرجة أنها بدت مضحكة، ولم يكن روان ليشعر بفخر أكبر مما شعر به؛ لقد بدأ تطور الوجود يتجسد.

(كوكبة : اوكي، الكائن البدائي = بدائي فلا تلخبطوا بينهم وبين الوحوش البدائية فهم حاجة مختلفة)

كان تيلموس أول من حوّل أحلام روان إلى حقيقة. يمكن اعتبار الكائنات البدائية القديمة قوى أساسية في الطبيعة، لكن روان لطالما اعتقد أن “طبيعتها البدائية” هي مصدر قوتها وضعفها في آن واحد.

النور، الزمن، الروح، الحياة، الفوضى، الذاكرة… الشيطان. جميعها قوية، لكن مظهرها كان جامدًا بشكل لا يُصدق، لدرجة أنها افتقرت إلى أي شكل من أشكال الرقة. اعتقد روان أن هذه الطريقة في تجسيد القوة البدائية هي الطريقة القديمة للوصول إلى مستوى البُعد التاسع، وأن التطور المنطقي التالي لهذه الطريقة هو دمج مفهوم أعمق يجمع سمات العديد من المفاهيم الأدنى في حزمة متكاملة، بحيث يكون المجموع الكلي أعظم من مجموع أجزائه.

دمج تيلموس مفهوم جوع بدائي الشيطان وشغفه بالقتال والنصر مع سلالات تريون السبع، مستحوذاً على إرث عائلة روان بالكامل. أصبح بدائي الصعود المتحدي، وهذا يعني أنه كان شيئاً لم يعرفه الوجود من قبل.

يكمن ضعف الكائنات البدائية القديمة، وسبب سهولة مواجهة روان لها أو حتى انجرارها إلى الجنون، في أن الوجود يفهمها، وإن كان أضعف من أن يكبح جماحها. الفوضى، والزمن، والشيطان، والحياة… هذه مفاهيم قديمة يعرفها الوجود تمامًا، ولولا الطبيعة الشاذة للكائنات البدائية القديمة التي دفعتها إلى قمع كل ما حولها بسبب ضخامتها الهائلة، لكانت قد هُزمت منذ زمن بعيد، ومع ذلك، فإن ضعفها جعلها تُصاب بالجنون دون أن تتمكن من السيطرة على جوعها.

قد لا تتمكن كائناته البدائية الجديدة من استهلاك الواقعات وبالتالي اكتساب جوهر وقوى أصل جديدة لأنها فريدة من نوعها، لكن هذا يعني أن إمكاناتها غير محدودة، وحتى روان لم يستطع معرفة إلى أي مدى يمكنهم الوصول، لأنه لم يكن لديه طريقة للحكم على مسارهم.

توقفت أصول الكائنات البدائية القديمة عند المستوى الرابع، ولكن ما هي حدود الكائنات البدائية الجديدة؟ إلى أي مدى سيتمكنون من الوصول؟

أدرك روان أن إمكاناتهم لا تتفوق على الكائنات البدائية القديمة فحسب، بل إنهم أقوى منها أيضًا. تمكن روان من محاكاة المعركة مع الكائنات البدائية القديمة مع تقييد المحاكاة بالتحكم في عشرة من قوى الأصل، وكل كائن بدائي جديد سحق نظيره القديم… كانت الحركات التي استطاعوا ابتكارها من مفاهيمهم الجديدة بالغة التأثير لدرجة أن الكائنات البدائية القديمة لم يكن لديها أي وسيلة للدفاع ضدها.

فقط عندما استمر في زيادة عدد قوة الأصل داخل أجساد الكائنات البدائية القديمة المحاكاة، بدأوا في الخسارة، واحتل تيلموس المركز الأول في هزيمة كائن بدائي كان لديه خمسة وسبعون قوة الأصل مكدسة في جسده.

الترجمة : كوكبة

——

الكائنات البدائية هم أنفسهم البدائيين ولاكن راح يتم الإشارة لهم “بالكائنات البدائية” أحيانا ولو تبغوا أقدر أخليها البدائيين فقط.