السجل البدائي - الفصل 1888

الفصل 1888: تطهير الواقع (8)

لقد تم تدمير الهاوية العظيمة للشيطان، وتم تحطيم أرض ميراث الفوضى، وكانت المجالات البدائية الرئيسية المتبقية هي المجال السماوي بدائي النور، والمتاهة الكبرى لبدائي الذاكرة، وأخيرًا أرض المعجزات بدائي الحياة.

كان مسار سيراثيس يركز بالكامل على أرض المعجزات؛ ولديها مصلحة شخصية في هذا المجال البدائي، ولم يكن أي من تجسيدات سلالات الدم على استعداد للوقوف في وجه غضبها.

كانت ثعابين أوروبوروس الستة المتجهة إلى المتاهة الكبرى، هذه المملكة المليئة بالكنوز التي تم جمعها من جميع أنحاء الواقع وربما من خارج الواقع، مصدر جذب قوي للثعابين، وهناك فرصة أنهم قد يجدون شيئًا مفاجئًا داخل المتاهة.

كان كرونومانسر برايم متجهًا نحو المجال السماوي. اتُّخذت جميع هذه القرارات حتى قبل دخول تجسيدات السلالةاتإلى الواقع.

كان الثلاثة البدائيون المتبقون هم هدفهم، ومع النكسات التي عانى منها روان، فهم هنا للانتقام الدموي.

قد لا تزال الأجساد الرئيسية للبدائيين موجودة هناك، ولكن هذه مجرد البداية، واعتبرها برايم بمثابة تمرين قبل المسرحية الرئيسية.

في حين أن الآخرين ربما يكونون مدفوعين بالغضب أو الجوع، كان برايم مدفوعًا بحاجة جراحية باردة للتمرين.

إن النكسات التي واجهها إيوس، وتلاعبات إيوسا، والمواجهة مع أخنوخ، قد كشفت عن طبقات جديدة من التعقيد في هذه الحرب.

ربما لا تزال الأجساد الرئيسية للبدائيين طليقة، وقوتهم الكاملة تنتظر بفارغ الصبر. لكن هذه المناطق هي قواعد قوتهم داخل هذا الواقع، ومصادر نفوذهم. تحطيمها كان ليُجرح البدائيين جرحًا عميقًا.

كان إيوس عدوًا خطيرًا عندما تُقارن شبابه بأبديتهم. لم يكن من الممكن مراقبته والتحكم فيه إلا بحذر، ولكن في غطرستهم وابتهاجهم بالنجاة من جنونهم، ارتكب البدائيون خطأً.

رغم كل الأدلة التي تثبت انتصارهم، لا ينبغي لهم أبدًا تصديق هزيمة إيوس. كان هذا خطأً فادحًا سيندمون عليه لاحقًا.

يكون كرونومانسر برايم مُغطّى بهالة من القوة تنبعث من جسده تلقائيًا عندما لا يكبح جماح قوته. كان هبوطه إلى المجال السماوي صاخبًا، مُحدثًا ضجةً امتدت عبر أرض النور.

مع أن المجال السماوي قد انقسم بظهور إيفا، النور الجديد، إلا أنه لا يمكن الاستخفاف بأسس المجال البدائي. قبل الحرب مع روان، ظل المجال السماوي يُعتبر أقوى مجال بدائي في الواقع.

عشرات الآلاف من المنشئين السماويين، الذين ضمّوا نورانيين عظماء في جباههم، وفي السنوات الأخيرة، أستيراوث، بدائي النور، فتح كنوزًا سماوية، مطلقا كنوزًا لا تُحصى لدعم جباهه السماوية. هذا التدفق الهائل من الموارد أوقف المعارك، إذ ركّز كلا طرفي الحرب على تعزيز قوتهما.

أدى هذا إلى نتيجة واضحة، إذ نزل كرونومانسر برايم على أبواب السماء اللؤلؤية. أطلق نورانيون، يُقدر عددهم بالتريليونات، موجةً عارمة من القوة ضد مجال الضوء الأرجواني الشاسع الذي يهبط على السماء، مصحوبةً بمدمرين سماويين وحتى قوى خفية أخرى من بقايا الشياطين الباقية في الواقع. لم تعد السماء تكبح جماحها، وبهذه الدفعة من القوة الموجهة ضد كرونومانسر برايم، ستقضي على جميع التهديدات المعروفة داخل الواقع.

لو أن هذه ثعابين أوروبوروس أو سيراثيس، لكانت قوتهم متعادلة وتغلبوا على كل من يُرمى عليهم، لكن هذا كرونومانسر برايم. آخر ما أراده هو أن يُصاب بجرح طفيف وهو في بدلته المثالية.

في لحظة ما، بدأ شكله أكثر إشراقًا من أي نجم ساقط وكان على وشك الاصطدام بموجة من القوة التي من شأنها أن تسحق مليون بُعد، ولكن في اللحظة التالية، أصبح خلف أبواب السماء، يتخطى الدفاعات التي لا تعد ولا تحصى والتي تم إنشاؤها لصد حتى البدائي لفترة كافية.

بقوته، ادّعى برايم أن جزءًا من محيط بوابة السماء كان دائمًا به عيب – عيب خاص أصبح بمثابة باب خلفي زمني موجود أثناء إنشائها. دخل من ذلك الباب، ونظر بهدوء خلفه إلى جحافل السماء التي لا تُحصى، والتي لا تزال تراقب وابل الهجوم الأول الذي أطلقوه على برايم ليقوم بعمله.

في تلك اللحظة، ترك تجسيدا طبق الأصل لنفسه من خط زمني آخر ليستكمل مساره السابق في النزول. ينبغي أن يجذب هذا التجسيد انتباههم لفترة كافية. وتقدم خطوةً للأمام، فصنع بابًا زمنيًا آخر قاده مباشرةً إلى قلب السماء.

كانت إيفا هنا، وهذا يعني أن روان يمتلك ذاكرة هذا المكان، ولو أن هذا صحيح، فهذا يعني أن برايم قادر على تقييمه. كانت إحدى أهم مهاراته القدرة على الوصول إلى أي مكان تقريبًا عبر ذاكرة منشئه، مع أن السفر عبر ليمبو لازال صعبًا في ذلك الوقت، لكن بمجرد أن يصل روان إلى مستوى البعد التاسع، سيتغير كل ذلك.

لكن رؤية شيء ما داخل الذاكرة والوقوف مباشرةً في ذلك المكان كان دائمًا تجربة مختلفة. لو وصل إلى هنا مباشرةً باستخدام ذكريات روان، لما لاحظ هذا الاختلاف، لأن ذاكرة روان مثالية. أما إيفا، فلم تستطع إيصال كل سرٍّ وراء حقيقة السماء بدقة.

ابتسم برايم مُقدّرًا هذه العجيبة. كان القصر في غاية الجمال، ولم يستطع وصفه إلا بهذه الكلمات.

جبالٌ من التناغم المتماسك ترتفع إلى سماءٍ من اليقين الرياضي المحض. أنهارٌ من ضوء النجوم السائل تتدفق في مساراتٍ محسوبةٍ بدقة، جزءٌ منه أراد فقط الجلوس ومراقبتها.

هنا، كان كل فوتون يعرف مساره إلى الأبد، وكل نغمة في الجوقة المحيطة مُحددة مسبقًا. كان عالمًا بلا ظلال، بلا أسئلة، بلا… زمن، فقط هبة إرادة أستيراوث الأبدية واللامعة.

وكانت الإرادة قد إكتشفت للتو وجود كرونومانسر برايم. ابتسم الشاب وعدّل بدلته، وتجمدت عيناه اللتان تشبهان وجه الساعة.

كان رد الفعل فوريًا. ازداد التناغم الدقيق الذي يوجه السماء حدةً، وكأن كل فوتون هنا قد تحول إلى شفرة.

“كنت أعلم أنه سيرسل شخصًا ما، ولكن من أنت… سوف تهلك في عذاب!”

خرج الجزء الأخير من تلك الكلمات بصوتٍ صارخٍ كأصابعٍ تركض على لوح. لم يعد بدائي النور يُخفي جنونه في وجه الموت.

من الجبال والأنهار، ومن الجو نفسه، اجتمعت قوى السماء، وحاصرت برايم بسرعة.

ما ظهر هو النورانيين الذين تركهم خارج السماء في خطوة خادعة. نقلهم بدائي النور جميعًا على الفور إلى قلب السماء، ورغم كثرتهم، استطاع هذا المكان استيعابهم جميعًا دون أي مشكلة.

الأهم من ذلك كله، أن القوة التي أطلقوها ضده في السابق اصبحت الآن تضغط عليه مرة أخرى، وهذه المرة لم يكن هناك طريقة للهروب لأن قلب السماء بأكمله كان مغلقًا.

لاحظ برايم المد القادم من القوة وتنهد… بخيبة أمل قليلاً، لقد كان، كما حسب، الهجوم الأكثر قابلية للتنبؤ به على الإطلاق.

هاجم يده ببطء، لكنه لم يُظهر درعًا، بل رفع برايم تناقضًا. خرج همس من شفتيه سمعه كل نوراني في السماء:

“الفوجة الزمنية… العصر المتشظي.”

الترجمة : كوكبة