السجل البدائي - الفصل 1869
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
دعم مترجم لزيادة تنزيل رواية The Primordial Record
الفصل 1869: قانون الاستهلاك
بعد رحيل الصبي، نظر روان حوله، وازدادت القناعة في عينيه. دون تردد، جلس على كرسيه، وغيّر جزء من عقله الكرسي لا شعوريًا ليصبح عرشًا خشبيًا مريحًا مليئًا برموز تُشير إلى أسماء أمه وأبنائه.
سيستغرق إكمال هذا التجسيد بعض الوقت، وبات جزء من عقل روان متلهفًا لاستخدام هذه المهمة كنوع من التسلية. كان العرش يلائم جسده تمامًا، ومدّ إحدى يديه في إشارة استغاثة، فبدأت عظام الكهف تطير نحوه.
وكأن إعصاراً قد اندلع داخل الكهف، ارتفعت العظام التي ملأت أرضيته مع هدير وتدفقت نحوه بالآلاف، وعندما وصلت إلى الفضاء المحيط بعرشه، ظهرت حوله شقوق متعددة تشبه إلى حد ما فمًا مفتوحًا.
شهق روان عندما دخلت عشرة آلاف حياة روحه، وجميعها مليئة بالألم والجنون، كانت طبيعة موتهم هي الأكثر غرابة في الوجود، قُتلوا على يد البدائيين، لم يكن بإمكان هذه الأرواح أن تنعم بالسلام أبدًا، حتى في الموت، وسكبوا في جسد روان وروحه مثل العاصفة.
لقد توقع هذا، ولم يُقاومهم؛ بل ترك نفسه ليُحطم من غضبهم وألمهم. وعندما استنفد كل ذلك، وبينما كان روان يستوعب كل شيء، استطاعوا أخيرًا أن يروا ضوءًا في نهاية النفق، وذلك الضوء وعدًا بالأمان.
جميع الكائنات الحية، بشكل أو بآخر، تؤمن بقوة عليا تتمنى أن تكون خيرة، ولم يمضِ وقت طويل حتى بدد الواقع هذه الفكرة عندما رأوا المعاناة والتفاوت الهائلين اللذين يُبتليان الوجود. لم يكن هناك سامي خير، ولا مُخلّص يُشفي جراحهم في نهاية حياتهم، وعندما نظروا إلى الفراغ، لم يجدوا أي لغز، سوى الموت والجنون.
لكن في هذا النور داخل روان، كان هناك وعدٌ نسوه جميعًا، وعدٌ بالسلام والحبِّ الصادق. اندفعوا نحو النور، واتحدوا معه.
كانت هذه العملية معقدة وجلبت ألمًا كبيرًا وصدمة نفسية لروان، الذي لم يكن عليه فقط أن يمتص ثقل ألم كل الأرواح التي تتدفق إلى جسده، ولكن بعد أن يتم ذلك، عليه أن يقبلهم في نوره، وستظهر علامة جديدة على جلده.
مرت ساعة، وامتص روان ما يقرب من عشرة ملايين روح. توقف فجأةً وهو يزمجر ألمًا. كان جسده يرتجف على عرشه الخشبي، ولولا دفء الخشب الذي يُثبّت جسده في مكانه، لانهار أرضًا.
بدأت الشقوق في الفضاء المحيط به، والتي كانت ممرًا إلى جسده، تنزف، مُحيطةً بروان بشلال من الدم الأحمر. كان هذا الدم دمه، لأن ثمن امتصاص كل هذه الأرواح بدأ يُودي بحياته.
ينبغي ألا ينزف روان، ولكن إن فعل، لكان ما يخرج من جسده جوهرًا مركّزًا لدرجة أنه سيشبه الذهب السائل، يلمع كضوء النجوم. أما إذا تضائلت حيوية جسده كثيرًا، فإن خلوده سينخفض قسرًا إلى مستوى الخلود البشري.
في وقتٍ ما، عاد الصبي، وكان يراقب روان عن كثب. فتح روان عينيه ونظر إلى الصبي، ثم لاحظ شيئًا: أصبح للصبي الآن فم.
قبل الآن، كانت ملامح وجه الصبي فارغة، ولم يكن هناك سوى ظلام مملوء ببقع من الضوء مثل النجوم قد حل محل وجهه، والآن بعد أن أصبح لديه فم، أصبح مظهره قليلاً… خاطئ.
كان فمه صغيرًا، تقريبًا مثل فم فتاة، وشفتيه سوداء، وبينما راقب، خرج لسانه بسرعة من بين شفتيه، ورأى روان أن اللسان كان أسود أيضًا.
سمع روان قرقرة معدة الصبي، فدون أن ينطق بكلمة، تأوه ووقف، وظهره منحني، وسار ببطء نحو جزء آخر من الكهف. كان شعره أسود سابقًا، أما الآن فقد أصبح رماديًا، وبدأت التجاعيد تتشكل على وجهه. في غضون ساعة، فقد روان قدرًا هائلًا من عمره.
الكهف البارد الذي بالكاد لاحظه جعل قشعريرة تسري في جسده، وارتجف. ما يفعله جنون، لكن في قلبه يوجد هناك لهب أبيض صغير، صغير جدًا لدرجة أنه بالكاد يُرى، وشعر روان بشيء من الرهبة عندما نظر إلى ذلك اللهب.
لوّح بيديه، واستحضر مكونات وليمة الصبي من العدم، وبدأ يُعدّ له. ورغم تعبه، كانت جميع أفعاله مثالية، وحرص على ألا تتدهور جودة الطعام، بل تتحسن.
أثناء طهيه، واصل روان تحسين تقنيتيه في الزراعة، اللتين عززتا جسده وروحه. منع نفسه من بلوغ ذروة هاتين التقنيتين، متوقفًا عند المرحلة الحادية عشرة من أصل تسع عشرة مرحلة في التقنية النهائية.
أدرك روان أنه لا يستطيع الصمود إن أراد النجاة، فبدأ يتقدم نحو المرحلة الثانية عشرة من التقنيتين. حتى في المرحلة الحادية عشرة، منحته التقنيات المجهولة قوة قديم؛ ولكن هذا بفضل فهمه التام لها. أي شخص آخر يتقن هذه التقنيات سيكون في مستوى البعد الرابع فقط.
سيُبقي الوصول إلى المرحلة الثانية عشرة روان في مستوى القدماء، لكن قوته ستتضاعف إلى ما يقارب عشرة أضعاف ذروته السابقة. لو أراد إجراء أي تغييرات جوهرية في هذا المجال، فستكون هذه التقنيات المجهولة حليفه الأعظم.
انتهى من إعداد الطعام، ولم ينتظر الصبي حتى دعوته، بل بدأ يأكل. في السابق، كان يسكب الطعام كله على وجهه مباشرةً، فيبتلعه الفراغ، أما الآن وقد أصبح له فم، فقد أصبح بإمكانه الأكل بذوق رفيع… لكنه لم يفعل.
وبعد أن أكل الطبقين والطعام الذي يحتويانه، انفتح فم الصبي على مصراعيه مثل الثعبان، ومضغ كل شيء في الأفق، وحتى عندما بدأ فمه يتمزق من الجانب، لم ينتظر حتى يبلع طعامه قبل أن يضع المزيد منه في فمه.
راقب روان الصبي برهة قبل أن يستدير ويتجه نحو عرشه، حيث جلس وهو يُطور بسرعة تقنياته المجهولة إلى مستوى أعلى بعينيه المغمضتين. انتهى صوت الأكل الشره، ففتح روان عينيه ليرى الصبي مستقرًا في الهواء، وذراعاه تربت على بطنه المسطح. بكمية الطعام التي وضعها، من المفترض أن يأكل الصبي لساعات، بل لأيام، لو استمر في تناول الطعام بشكل طبيعي، لكن الصبي لم يستغرق سوى أقل من ثلاثين دقيقة لإكمال وجباته.
الآن وقد انتبه، رأى الفراغ على وجه الصبي يتقلص. يبدو أنه سيظهر وجه قريبًا. لم يدر روان لماذا لم يستوعب هذه الفكرة.
وبعد فترة قصيرة، اختفى الصبي، وأغلق روان عينيه مرة أخرى وانغمس في تقنيته التي لا اسم لها.
الترجمة : كوكبة
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.