السجل البدائي - الفصل 1868
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
دعم مترجم لزيادة تنزيل رواية The Primordial Record
الفصل 1868: للحماية والراحة
أمسك روان قطعة عظمة الإصبع ودفع إدراكه إليها. للحظة وجيزة، حدث تداخل، ثم انبعثت ضوضاء ساكنة من الهواء المحيط بالعظمة، فشعر روان بوخز في أصابعه كما لو أنه تعرض لصعقة كهربائية، لكن إدراكه تمكن من الوصول إلى العظمة.
بنظرة واحدة، رأى كل ما يتعلق بهذه القطعة من العظم. مزيج معقد من مواد عضوية وغير عضوية، يختلف تركيب هذه العظمة قليلاً عن تركيبها في واقع إيوسا، ولكن عدا ذلك، كانت عظمة طبيعية.
“لن تتمكن من رؤية اللغز وراء ذلك يا روان. قواعد النهاية صارمة ولا يمكن خرقها. لن تشعر بأثر عهدك إلا عندما تأكل العظم”. لامس صوت الصبي أذنيه.
عبس روان، وذكّره صوت الصبي بأنه، مثل البدائيين والموت والقوى الصوفية العليا الأخرى، لم يفهم كل الألغاز وراء هذا الصبي، ولم يكن من المستحسن حقًا أن يثق به.
مع ذلك، هل كان لديه خيار آخر؟ عندما أطلق العنان لقوة “النهاية”، انقلبت كل التوقعات، وأصبح عليه الآن أن ينفذ أيًا ما تكون نتائج قراره. لم يكن أمام روان خيار سوى الوثوق بالصبي؛ بإمكانه اختيار عدم ذلك، لكن هذا يعني أنه يُقرّ بأنه لم يعد لديه أي وسيلة للقتال، وأنه قد هُزم.
لا يمكن لأحد أن يقول إن روان لم يقاتل قتالاً عظيماً خلال حياته؛ فقد كانت إنجازاته رائعة بالفعل، بالنظر إلى كل العقبات التي واجهته في طريقه، وربما من الجيد أن يستريح؛ فقد أعطى أكثر مما يحق لأي شخص أن يعطيه.
“آه، من السهل جدًا الاستسلام،” تأوه روان.
“لكنك لن تستسلم،” هزّ الصبي كتفيه، “هذه ليست شخصية الرجل الذي حارب لثلاثة عصور كونية، حتى استُنزف جسدك وروحك الخالدان. قد تظن أنه لا خيار لك في هذا الأمر، لكن الحقيقة هي أنه، ولأول مرة في حياتك، هذه هي اللحظة التي يمكنك فيها أن تتأكد حقًا أن أي قرار تتخذه لم يتأثر بالبدائيين. إذن ماذا سيكون يا روان؟ هل ستأكل أم لا؟”
تنهد روان وقرب العظمة من شفتيه، “لم يكن لديّ خيارٌ قط.” ولكن، قبل أن تسقط العظمة في فمه، أمسكت يدٌ كالملقط بمعصمه. كان الصبي هو من همس بغضب: “لديك دائمًا خيارٌ يا روان. لقد قضيتَ معظم حياتك تعيش من أجل الآخرين. جوهر شخصيتك هو التضحية. لا أرى هذا عيبًا؛ إنه جزءٌ طبيعيٌّ من تكوينك. كواقع، ولدت لرعاية الحياة، لكن البدائيين لم يحتاجوا إلى واقعا يجسّد الإنشاء فحسب، بل الدمار أيضًا. روان، إن ما عانيتَه وما ولدت من أجله هو أمرٌ شنيع. ومع ذلك، هل رأيتَ ما صنعه بك؟”.
شدّت يده على معصمه، ولو كان معصم روان مصنوعًا من مادة رقيقة كالألماس، لسحقه الزمن. “اسمع يا روان، لم يكن قدرك عادلًا قط، وعانيت معاناةً قلّما يفهمها، لكن هنا تكمن قوتك، لقد صُنعت لشيءٍ مستحيل، إرادتك، قلبك، روحك نفسها مرّت بمعمودياتٍ تلو الأخرى لا يمكن لأحدٍ غيرك تخيّلها، لا تشكّ في نفسك، وقراراتك القادمة يجب أن تضع مصلحتك في عين الاعتبار… لقد بذلتَ الكثير من أجل الآخرين، والآن هذا من أجلك. اجعل الأمر كله يدور حولك!”
نظر روان إلى الصبي بعمق، وضغط عليه ببطء، ثم انتزع معصمه من يده. ابتسم ابتسامةً حزينة، وقال: “شكرًا لك على كلماتك، لكنني اتخذتُ قرارًا منذ زمن بعيد بأن موتي لا يهم، بل يجب احترام تضحيات من سبقوني، وكل من آمن بي. لقد تخليت منذ زمن عن شخصيتي وأصبحتُ مثالًا يُحتذى به، وهذا هو السبب الوحيد الذي يجعلني قادرًا على فعل ما أفعله، وإلا لكنتُ ضائعًا.”
تنهد الصبي واختفى ببطء، لكنه ترك خلفه كلمات أخيرة: “هل تسائلت يومًا ما إذا كان مثالك الأعلى هو إرث من البدائيين، وليس ما كان بإمكانك أن تصبح عليه لو سلكت طريقك دون تدخل؟”
توقف روان، والعظمة على وشك أن تلامس لسانه، وعقله يعود إلى ذكرياته. تذكر لحظة هروبه من النيكسوس بشريًا ووصوله إلى جاركار. وبينما يركض هربًا بحياته داخل هذا العالم الغريب، في ساعات متأخرة من الليل، وجد نفسه في حقل مليء بالفراشات.
حركته أفزعتهم، فطاروا. في تلك اللحظة، كانت الشمس على وشك الغروب، وشعاع ذلك الشفق قد انعكس على أجنحة مليون فراشة محلقة، فذهل روان من جمال المنظر الذي رآه.
في تلك اللحظة، غُرست بذرة في قلبه. بذرة ينبغي أن تذبل تحت وطأة شرور لا تُحصى، وحزن، وفقد، أعادت تشكيل قلبه مرارًا وتكرارًا، حتى بعد أن فقد روحه وجسده، فأصبح شيئًا مختلفًا في كل مرة يُعيد فيها السجل البدائي تشكيل شخصه من الداخل إلى الخارج إلى شيء جديد.
بقيت تلك البذرة خلال كل ذلك، وكانت البذرة هي الإيثار والرغبة في الحماية. رأى روان جمالًا حقيقيًا ذلك اليوم، ولن ينساه أبدًا. كان يعلم أنه لو امتلك القوة يومًا ما، لحمى هذا الجمال.
هناك في حقل الفراشات ذاك، تكوّن جوهرٌ لا يتزعزع. كان قويًا، لكن هذه الحياة لم تكن ملكًا له وحده. أقسم روان أنه إذا انتصر، سيُعيد جميع الموتى الذين قتلهم، وسيُحاكمونه.
ابتسم روان عندما رأى العظمة. شعر بها تنزلق في حلقه، وتفتتت قبل أن تصل إلى صدره. لم يشعر بشيء، ثم صدمته كالصاعقة، طوفان من المشاعر وذكريات حياة لم يعرفها قط.
همست له هذه الحياة: “هل ستحمي كل ما أنا عليه؟”
لم يُجب روان؛ بل أظهر لهذه الحياة جوهر وجوده، وكان ذلك كل ما يحتاجه. شعر بالحياة تُعطيه كل ما لديها دون تردد، وعلى جلد روان، ظهرت علامة صغيرة، أصغر من الذرة، لكنها انطبعت في جسده وروحه.
شهق وهو يشعر بثقلٍ لا مثيل له على روحه، وأغمض روان عينيه ليفهم ما حدث للتو. لقد حصد أرواحًا ونفوسا من قبل، لكن ما جمعه فاق كل ما اختبره سابقًا. وفهم روان ما حدث.
لقد جمع أصول الأرواح، والآن جمع نهايتها. ربما لم تكن النهاية قوةً أعظم من الأصل؛ بل مجرد القطعة الأخيرة من اللغز، الين الذي يوازن اليانغ.
لأول مرة في حياته، كان روان يحمل للتو وزن كائن بأكمله.
الترجمة : كوكبة
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.