السجل البدائي - الفصل 1866

الفصل 1866: ما هم البدائيون؟

ربما لن تقع معركة، وأن الموت والبدائيين قد اتفقوا على اتفاق سيجده كلٌّ منهما مفيدًا للآخر، لم يستطع إيوس الجزم بذلك. إلى حدٍّ ما، أصبح التنبؤ بأفعال البدائيين مستحيلًا الآن؛ ومع ذلك، كان إيوس يعلم أنه لكي يتمكن البدائيون من خداعه تمامًا، عليهم أيضًا أن ينفتحوا عليه.

لقد لعب البدائيون لعبةً خطيرة، لعبةً لم يُفلحوا في تحقيقها إلا بالتحضير وحظٍّ كبير. ربما استعدوا لوصوله منذ زمن، لكن إيوس لم يكن هدفًا سهلًا.

توجد هناك العديد من الطرق التي يمكن أن تنحرف بها خططهم، وقد حدث ذلك بالفعل، مرات عديدة في الماضي، لكن سيطرتهم على القدر والمصير قوية جدا لدرجة أنه على الرغم من أن إيوس قاتل ضد تدخلهم في حياته، إلا أنهم ما زالوا قادرين على توجيهه إلى حد كبير نحو هدفهم، وهذا هو الدليل الذي إحتاجه روان لمعرفة أنه لم يفهم حقًا جوهر النظام ذي الأبعاد الأعلى.

لقد سأل نفسه سابقًا عن سبب قيام البدائيين بإحضار القدرة على الزراعة داخل الواقع الذي أرادوا التهامه.

لقد قدموا الكثير من التضحيات لجعل ذلك ممكنًا، بما في ذلك تحطيم أجسادهم لاستخدامها كأساس لهذه القوة، والعديد من التضحيات الأخرى.

بالطبع، تأكد البدائيون من أنه يمكنه العثور على إجابات مختلفة لهذا السؤال؛ حتى أنهم كشفوا له الحقيقة ببطء عندما اكتشف أن التغييرات العديدة عبر الواقع كانت فقط لإعداد إيوس لمهمة مهمة في المستقبل.

لقد أحضروه مع إيوسا إلى مدخل، وأخبروه أنه يحتوي على القوة التي تتجاوز الأصل، وأنه قد يكون المفتاح لفتح تلك القوة.

تنهد إيوس وهو ينظر عميقًا إلى عالم الليمبو، وعيناه مليئتان بعبئ الفهم. كُشفت له حقائق كثيرة، ومع ذلك كانت هذه الحقائق مُغلّفة بالأكاذيب والتضليل.

مع كل ما حدث، قرر إيوس في تلك اللحظة اتباع مسارين واسعين. الأول هو توليه مهمة مراقبة الواقع ومعالجة المشاكل المتعلقة بالبعد الأعلى بتجسده، روان.

رغم عدم جدوى قتل آخر ثلاث تجسيدات متبقية للبدائيين في الواقع، سيقتلهم روان ويحاول قدر الإمكان محو أي وجود له داخل واقع إيوسا. كانوا يتوقعون منه فعل ذلك، ولم ير إيوس أي سبب يمنعها من تلبية طلبهم.

لقد شك في أنه سيكون قادرًا على تطهير واقع إيوسا من البدائيين بالكامل، الأمر الذي سيتطلب منه قتل كل كائن حي داخل واقع إيوسا، وحتى حينها، لم يكن بإمكانه التأكد من أن هذه الخطوة ستكون كافية.

مع ذلك، سيكون لذلك بعض الفائدة في المستقبل. ربما فاجأه البدائيون، لكن إيوس لم يستخف بقدراته، مدركًا تمامًا أن البدائيين أيضًا يائسون؛ كان يقترب تدريجيًا من اكتشاف حقيقة أمرهم وقدرتهم، ولولا المخاطرة الكبيرة، لفشلوا.

كان بإمكان إيوس احترام قناعاتهم، حتى لو أنهم أعداء. لم يكن غبيًا بما يكفي ليتجاهل جوانب البدائيين التي بإمكانه محاكاتها. في الحياة، غالبًا ما يكون أفضل معلميك هم أعدائك، وأهم تغيير يمكن أن يؤثر على حياة الإنسان سيأتي غالبًا من الألم.

المهمة الثانية التي سيسعى إليها هي التركيز حصريًا على جوهر الأصل واستخدامه كأساس لبناء نظام طاقة جديد من الصفر. كان هذا مشروعًا ضخمًا صعبًا لدرجة أن إيوس جعلع مشروعًا طويل الأمد، وكهذا هو السبب الرئيسي وراء صنعه للإيليثريين ومنحهم القدرة على البحث عن مصيرهم.

ومع ذلك، نظرًا لأن طريقه إلى السلطة كان محددًا إلى حد كبير، لم يتابع إيوس مسار الأصل بالكامل في الماضي؛ فقد نظر إليه على أنه أحد التجارب العديدة التي يحافظ عليها في أي وقت.

الآن، سيُعطي إيوس الأولوية لاستكشاف قوة الأصل، لأنه يعلم أنها من القدرات القليلة التي يمتلكها والتي لم يفهمها البدائيون. لن يكون الأمر سهلاً؛ إذ سيُعيد تعريف كل ما يعرفه عن القوة بينما يبتكر شيئًا جديدًا، دون أي ضمانات بمنافسة البدائيين في القتال أو في أي معايير أخرى مهمة.

كان لا بد أن ينجح؛ لم يكن أمام إيوس خيار سوى تحقيق ذلك. تنهد مجددًا وهو يتفقد الأدوات المتاحة له. لقد منحه صعود تيلموس إلى الطبقة الأولى من أصله كبدائي قوة جوهر الأصل. كان يتمنى سابقًا استخدام هذا الجوهر لتنمية جسده إلى البعد التاسع، لكنه لم يعد يتبع هذا المسار.

قد يكون مسار الأبعاد هو المسار الأكثر اكتمالاً في الوجود، وقد يكون من الحماقة أن يتخلى إيوس عن مسار أكيد للقوة من أجل شيء جديد وغير مجرب بمستقبل غير معروف، لكنه التقى بالبدائيين، ورأى إيوس نهاية هذا المسار.

لقد وضع كبريائه جانباً واعترف لنفسه بأن البدائيين هم الأسياد الحقيقيون للأبعاد الأعلى، ولو أنه سيفوز ضدهم باستخدام هذه القوة، فسيكون ذلك فقط لأنه يتمتع بأساس أكثر قوة؛ في الأساس، سيفوز فقط لو أن لديه قبضة أكبر.

كانت هذه الخطة ستنجح لو أنه يقاتل النسخ السابقة من البدائيين، الذين كانوا أقوياء بلا شك، لكنهم ما زالوا مقيدين، وليس هؤلاء البدائيين الجدد. ستنمو قوتهم أسرع مما يستطيع مواجهته، وستزداد تعقيدات قدراتهم بسرعة تفوق قدرة إيوس على التطور.

إن إعطاء تجسيده مهمة فهم مسار الأبعاد بشكل كامل لم يكن فقط لرؤية جميع الأسرار التي قد يكون البدائيون خبئوها، بل أيضًا لفهم البدائيين أيضًا.

أدرك إيوس أنه بحاجة إلى طرح هذا السؤال مرة أخرى… ما هم البدائيون؟

*****

في حقل العظام، قبل اثنين وستين مليون عصر كوني، كان تجسيد روان يسأل الصبي هذا السؤال بالضبط، “ما هم البدائيون؟”

الصبي، الذي ظل صامتًا طوال هذا الوقت بينما كان روان يراقب الأحداث التي حدثت مع البدائيين ورأى أنهم أصبحوا الآن أحرارًا، والكلمات التي قالتها نيكسارا لجسده الرئيسي، والعام الذي قضاه إيوس ينجرف في الألم، حول نظره ببطء نحو روان بينما رفض الرؤية.

“هذا سؤال سهل الإجابة، وهو من أصعب الأسئلة التي أطرحها عليك، لأن ذلك سيفسد المعرفة التي سأقدمها لك. مع ذلك، هذا السؤال بالغ الأهمية بالنسبة لك… فلا تخف يا روان، فالحل أمامك…” أشار الصبي بفخر إلى حقل العظام، “إجابتك موجودة هناك. كما تعلم، توقعت أن تسألني عن معنى الجوع الذي أكلته.”

الترجمة : كوكبة