السجل البدائي - الفصل 1826
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
دعم مترجم لزيادة تنزيل رواية The Primordial Record
الفصل 1826: مرحبًا بكما في منزلي
يجب أن يكون الانتقال من قلعة ألغورث الحية إلى مكان آخر أمرًا مزعجًا لتيلموس، وهو بدائي ناشئ؛ إذ يمكن لحواسه أن تلمس كل حواف الواقع عمليًا، وإذا أراد، فيمكنه الوصول إلى أي مكان على الفور تقريبًا.
لكن هذا المكان الذي هو متجه إليه لم يكن في أي مكان داخل الواقع، وعندما ظهرت التمزقات في الفضاء أمامه والتي بدت تتلألأ مثل الوقت السائل، لم يتردد تيلموس قبل أن يخطو من خلالها.
ظنّ أن هذه البوابة تشبه عينًا. كانت هذه آخر فكرة في ذهنه قبل أن تغمره موجة من القوة الجارفة، وللحظة، أعمى من شدة ثقل حواسه.
لقد كان الأمر مؤلمًا، كما لو أن أعصابه المتيبسة بدأت تؤلمه، لكن الألم لم يكن شيئًا عندما شعر بجسده يتكيف تحت معمودية النار هذه.
بالكاد شعر تيلموس بموجة خلفه تحت وطأة تيارات القوة المتواصلة التي هددت بإحراق روحه، لكنه استطاع غريزيًا أن يشعر بنبض قلب ابنته. لقد تبعته تلك الفتاة الشقية.
استغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تستعيد حواسه نشاطها. كان بإمكانه، كما لو كان يحدق مباشرة في الشمس، أن يغمض عينيه ويتكيف تدريجيًا مع سطوعها، ولكن أين المتعة في ذلك؟
بعد قليل، شعر بدفئ يد ابنته في يده. تضغط عليه بشدة، وشعر بدم الإرادة يتدفق في عروقها من شدة قبضتها… ولاحظ تيلموس أنها خائفة ومصدومة.
حواسه التي ظلت في السابق غارقة في غرابة هذا المكان الجديد، ولكن عندما شعر بخوف ابنته من خلال راحة يده، تم طرد كل شيء من خلال التركيز الشديد، وأصبحت مليار إحساس واحدًا… رؤية.
لم ير سوى بشرتها المتوهجة وشعرها الأبيض المنسدل الذي ينساب على وجهها، يحمله نسيم لم يشعر به. كان وجهها، الذي يشبه وجهه ووجه زوجته، مُركزًا في السماء، بعينين واسعتين كغزالتين تُثبّتهما نظرة تنين.
عاد ذهن تيلموس إلى اللحظة التي كانت فيها في الثامنة من عمرها عندما أخرجها للصيد، مسلحة بعصا فقط لمواجهة عدو أقوى منها مائة مرة… وعلى وجهها نفس التعبير كما الآن، وعرف تيلموس ما يجب عليه فعله.
رفع يده اليسرى، ولمس أنفها برفق، مفككًا إياها من التعويذة التي كانت تُبقيها في مكانها. ارتجفت، وامتلأت عيناها بالخوف والدهشة، والتفتت إليه، فرأى إدراكًا يتسلل ببطء إلى عينيها، تلاه فورًا موجة غضب متزايدة، وقرر تيلموس، بما هو عليه، أن يضغط عليها أكثر.
“انفضي عن نفسكِ، لماذا أنتِ خائفة؟ لا ينبغي أن يكون هناك شيء… ما هذا المكان بحق؟!”
تيلموس، الذي نوى مضايقة ابنته، نظر إلى الأمام، وكاد أن يفقد القدرة على النطق.
انفجرت حواسه التي كانت تركز على ابنته وحدها في نطاقها عندما استوعب رؤية حقيقة جديدة.
أخذ نفسًا عميقًا، وما دخل إلى رئتيه كان حياة… عميقة وخصبة لدرجة أنه كاد أن يصاب بالخرس.
رأى تيلموس أنهما وقفا على حافة غابة حيث لم تكن الأشجار طويلة فحسب؛ بل بدت بمثابة جبال.
كانت جذوعها، التي هي أوسع من القارات، منسوجة من لحاء الفضة وأوراق اليشم، وترتفع في دوامات متناغمة مثالية حتى خلقت مظلاتها سماء ثانية متحركة من الزمرد والذهب.
كان الهواء بحد ذاته كيانًا حيًا يتنفس، الأثير. تسللت هذه المعرفة إلى وعيه كالصخر.
مادة متلألئة كانت المادة الخام للإمكانات. مع كل نفس، لم يكن تيلموس يستنشق الهواء، بل كان يستنشق مفاهيم: طعم السلام المطلق، والإمكانات المثيرة لملحمة لم تُكتب بعد، والإحساس المذهل ببُعد ذي سبعة محاور مكانية.
لامس الأثير وعيه، فتذوق جوهر صعوده المتحدي وعكسه في نبضات من الضوء النابض بالحياة والموافق.
رفع بصره إلى أعلى، فرأى سماءً تتحدى كل منطق. لم تكن هناك شمس واحدة، بل ستة خطوط هائلة متوازية من إشراقة صافية تتدفق في دائرة بطيئة أبدية عبر امتداد أسود مخملي.
كان علمه الجديد، كإنسان بدائي ناشئ، يعمل بجهدٍ مُضنٍ لفكّ رموز كل ما يشهده. هذه الخطوط… هي أوروبوروس الأصل.
يمكن اعتبار هذه المخلوقات بمثابة القوى الأساسية للإنشاء والتدمير.
لكن نورهم لم يكن المصدر الوحيد. نجومٌ ساطعةٌ، تتلألأ بنورٍ عميقٍ شافي، بأعدادٍ لا تُحصى، سكبوا نورهم على هذا الواقع، وكان تيلموس يعلم أنه لا يمكن أن يكون هناك مرضٌ أو موتٌ حقيقيٌّ في هذا المكان.
هذه النجوم التي صنعها برايم من “عيون” الصراع الفوضوية كانت تحترق بقوة مدمرة في جوهرها، ومع ذلك فقد نشرت ضوءًا لطيفًا وشفائيًا.
بدا العالم تحت النجوم وكأنه يغني، حتى أوراق الأشجار المستحيلة كانت تتوهج بحياة مكثفة، وكان نفس الأثير يزداد كثافة بالقوة الخام والإبداعية.
نظر تيلموس إلى الأرض فوجد تربةً أغنى من أي حلم. كرومٌ تتوهج بنورها الداخلي. شلالاتٌ من نورٍ سائلٍ وضبابٍ متماسكٍ تتدفق من أبراجٍ مهيبة، تُغذي أنهارًا تغني وهي تتدفق.
ثم رآه، وعرف لماذا كانت ابنته في غاية الذهول.
في المسافة، جلس روان في وسط بحر واسع من حجر السج الهادئ الذي يعكس السماء المشعة.
كان جبار الذروة الكوني هائلاً لدرجة أن البحر، بحر الجروح، لم يصل إلا إلى خصره. لكن لم يكن حجمه هو ما سلب تيلموس أنفاسه، بل الحياة هي التي غمرته.
لقد أصبح شعر روان، وهو عبارة عن برية واسعة متشابكة من الزمن والقوة، أرضًا لتعشيش الطيور بحجم الجبال.
ليس عشرات، ولا آلاف، بل مليارات. ريشهم مصنوع من موسيقى متماسكة، وحركتهم المتزامنة صنعت رعدًا ناعمًا متناغمًا كان أساس سيمفونية هذا العالم.
وبينما ظل تيلموس يراقب، انطلقت مجموعة من هذه الكائنات الضخمة من رأس روان، ووجهتها زوجًا من الأشجار المتشابكة الرائعة التي نمت خلفه مباشرة – واحدة من الذهب المصقول، والأخرى من حجر السج العميق، وهي مسلة تعرف باسم لوحة العالم.
تحت سطح الماء، كان إدراك تيلموس المعزز قادرًا على استشعار وجود عدد لا يحصى من الأرواح الأخرى التي جعلت من الأعماق موطنها.
في جميع أنحاء الأرض كانت هناك مخلوقات مماثلة، أيل بلورية تتحرك بنعمة صامتة كالموت نفسه، وأرواح تشبه الجزيئات، ومخلوقات من الضوء اللطيف التي جعلت من شكل روان المغمور موطنها، ومنازلهم مزدهرة في الطاقة الهائلة والهادئة لوجوده.
كانت هناك أيضًا أشياءٌ بالكاد استطاع تيلموس رؤيتها. تاجٌ يطفو فوق رأس روان، يكاد يكون من المستحيل وصفه، وأجنحةٌ ترفرف خلفه… ضخمةٌ لدرجة أنها لم تبدُ حقيقية.
غمره تواضعٌ عميق، ممزوجٌ برهبةٍ مُرعبةٍ مُبهجة. ثم رأى الأرتشاي الواقف أمام روان، فشعر بما ظنّه خوفًا لأول مرة في حياته.
اتخذ خطوة مترددة إلى الأمام، وانفصل الأثير الحي أمامه مثل الحرير البارد.
“مرحبًا بكما في منزلي، تيلموس وستاف،” صوت روان.
الترجمة : كوكبة
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.