السجل البدائي - الفصل 1794

الفصل 1794: الرقص الكامل

أدرك بدائي الشيطان أنه يخسر. كانت الهندسة المثالية المصقولة لشكله الشيطاني متشققة ومتشققة، وقوة أصله على وشك الاستنزاف.

بدأت الهاوية العظيمة تنهار، إذ امتصّ كل ذرة من قوة الأصل من داخل هيكلها فقط ليبقى على قيد الحياة. طوال حياته، شكّ في أنه رأى محاربًا مثل روان، الذي بدا مزيجًا مثاليًا من مفاهيم مستحيلة متعددة.

‘إذن، هذا هو المسار وراء الأصل. هذا هو المصير الذي حُرمنا منه. آه، لا تزال هناك فرصة لي لاغتنامها.’

استذكر بدائي الشيطان مجريات معركتهما بأكملها. لم يكن روان فنانًا متفوقًا، بل أشبه بقوة هائلة، تُحوّل تحفة مواهبه القتالية الفائقة إلى أنقاض.

كانت قدرته على التكيف مُثيرة للغضب؛ كأنها تآكل مُستمرٍ وطاحن ليقينه بقوته. في هذا الإدراك، النابع من اليأس والغضب، وجد الشيطان وضوحًا أخيرًا مُريعًا. إن لم يستطع التغلب على هذا الكيان، فسيضطر إلى بذل كل ما في وسعه… سيضطر إلى محو اسمه من الوجود.

لا بد أن تكون هجماته شرسة للغاية لدرجة أن قدرة روان على التعافي لن تكون قادرة على اللحاق به.

انفصل بدائي الشيطان، قافزًا عائدًا عبر سهول الأمل المنسيّ المشتعلة. وللمرة الأولى، لم يكن تنفسه إيقاعًا منتظمًا لسيد، بل كان نَفَسًا متقطعًا لوحش محاصر.

لم يتخذ موقفًا ثابتًا. بل بدأ يتحرك بطريقة غريبة عن العنف السلس والفعال الذي أظهره حتى الآن. كانت هذه الحركات بطيئة، مدروسة، وثقيلة بالنهاية.

لم تكن تهدف إلى ضرب جسد، بل إلى ضرب مفهوم الوجود نفسه. أثبت روان أنه استحوذ على كل ميراث ذاته السابقة، إيوس، مما جعله كيانًا خطيرًا لم يُرَ له مثيل من قبل، لأنه لا يوجد واقع في الوجود يستطيع استخدام أصله بنفس الطريقة التي يستخدمها روان.

كانت هذه الحركات التي يؤديها بمثابة رقصة الصمت النهائي، وهي كاتا عميقة لدرجة أن مجرد بدئها بدأ يُشوّه الهاوية المنهارة من حولهم. ازداد الهواء كثافةً وسكونًا، كما لو أن الواقع نفسه يحبس أنفاسه.

قام بدائي الشيطان بالحركة الأولى في الرقصة. انطلقت يده اليسرى في قوسٍ حادٍّ مُسطّح. لم تتحرك عبر الفضاء، بل عبر الزمن. كانت الحركة بمثابة شفرةٍ مُوجّهةٍ للخلف. اتسعت عينا روان دهشةً عندما أدرك أنه لا يستطيع تفادي هذه الضربة، وأنه مهما كان بعيدًا عن بدائي الشيطان؛ فبمجرد استهدافه، ستصل إليه هذه التقنية.

كان بإمكان روان أن يسمع الهاوية المحتضرة بأكملها تصرخ بينما يشعر باهتزاز مثير للاشمئزاز، وألم شبحي حيث تم قطع نسخة من نفسه من ثانية واحدة بشكل مفاهيمي.

بدا لأمر أشبه بقطع جذور شجرة بالفأس. كان التأثير المباشر هو فقدان الاتجاه، وفقدان الأساس. تعثر، وأصبحت معرفته بتاريخ القتال المباشر غامضة وغير موثوقة. لم يتوقف الشيطان. تطلب الرقص الاستمرارية.

اندفعت راحة يد الشيطان اليمنى للأمام، ليس نحو روان، بل نحو الفراغ بينهما. انبعثت موجة من السكون المطلق إلى الخارج. خمد الصوت. تجمدت جزيئات الغبار والطاقة المعلقة في الهواء في مكانها. شعر روان بتوقف وظائفه الجسدية. توقف قلبه في منتصف نبضه، تجمدت خلاياه العصبية، وتوقفت أفكاره.

“اللعنة، هذا مثير للإعجاب”

كان عالقًا في لحظةٍ واحدةٍ مُرهقةٍ من الآن، ذبابةٌ في كهرمان. في هذا السكون القسري، تحرك الشيطان، بلا تأثر، الممثل الوحيد على خشبة مسرحٍ مُتجمدة.

بينما كان روان عالقًا في الحاضر، رسمت قدم الشيطان نمطًا معقدًا على الأرض، رمزًا للإنكار. استهدفت هذه الحركة ما هو آتٍ. استطاع عقل روان، حتى وهو متجمد، أن يُدرك المسارات المتفرعة اللامتناهية لمستقبله المُحتمل – مُتجنبًا اليسار، مُوجهًا الضربة العالية، مُغلقًا الأسفل – جميع الاحتمالات التي تُشكل قدرته على التكيف. واحدًا تلو الآخر، بدأت هذه الأغصان تذبل وتتحول إلى رماد. انهارت شجرة إمكاناته الشاسعة المتلألئة في خط واحد، رفيع، لا مفر منه: خط نهايته. انطفأ الأمل، محرك التحدي.

حدق الشيطان بنظرة روان. لم تكن نظرته غضبًا، بل نظرة نفي عميق ومطلق. هذه نظرة الهاوية، ولم تكن هجومًا نفسيًا بالمعنى التقليدي؛ بل أشبه بغرس مباشر لمعنى العدم.

غمرت الحقيقة المطلقة لضآلة عقل روان المتجمد. حبه لعائلته، وثقل انتقامه، وذكرى أبنائه – كل ذلك أصبح بلا معنى في ظل الفراغ البارد اللانهائي. لماذا القتال؟ لماذا الوجود؟

كان الجواب: لا يوجد سبب. إرادة الاستمرار، شرارة وعيه، تلاشت تحت وطأة هذه الحقيقة.

بعد أن انقطع ماضي روان، وتجمد حاضره، ومُحي مستقبله، وتحطمت إرادته، اقترب الشيطان. امتدت أصابعه، المُشكَّلة بتركيبة رقيقة، تكاد تكون فنية، ولمست صدر روان برفق. لم تكن ضربة قوة، بل تطبيقًا لقانون كوني: الإنتروبيا.

بدأت الروابط الجزيئية التي كانت تربط جسد روان تتفكك. لم يتمزق لحمه، بل تفكك كقطعة قماش قديمة. لم تنكسر عظامه، بل تفتتت إلى رمال. بدأ يتفكك على مستوى أساسي، وفقد شكله الجسدي تماسكه.

مع تفكك جسد روان، ازدادت لمسة الشيطان عمقًا، باحثةً عن جوهر وعيه – “أنا” التي هي روان. هذه لمسة الليلة الأخيرة، ضغطًا لطيفًا مُلحًّا على شعلة روحه. لم تسعَ إلى تدميرها بالعنف، بل إلى إخمادها، لإقناعها بأنها لم تكن مشتعلة من الأساس.

بدأت الذكريات، والشخصية، وجوهر من هو وماهيته، تتلاشى، ليس كحلم منسي، بل ككذبة تُكشف.

أصبح الواقع يُؤكد أن روان لم يكن موجودًا حقًا.

بدأ جسد روان يتحطم كالدخان. ظلّ متجمدًا. كان جزء منه يُدرك أنه يحتضر، لكنه ببساطة لم يستطع الحركة أو فعل أي شيء. ما إن بدأ بدائي الشيطان رقصته، حتى اصبحت النتيجة الوحيدة هي الموت.

تراجع بدائي الشيطان خطوةً أخيرة، وبحركةٍ واسعةٍ من ذراعيه، رسم دائرةً حولهم. آخر بقايا الهاوية، وصرخات الأبعاد المحتضرة البعيدة، وحتى همهمة الطاقة الكونية الكامنة – كل هذا توقف.

صحيحٌ أن صمتًا مُطبقًا خيّم. لم يكن هذا غيابًا للصوت، بل غيابًا لإمكانية الصوت. كان صمتًا تامًا لدرجة أن له ثقل يضغط من كل جانب – حرمانٌ حسيٌّ امتدّ إلى الروح. في هذا الصمت، نُسي حتى مفهوم القتال.

بحلول هذا الوقت، كانت القوة الأصلية داخل بدائي الشيطان تنفد؛ شعر بأن جوهره يتفكك، لكنه قريب جدًا من قتل روان لدرجة أنه استمر في الدفع من خلال الانزعاج.

صفق بيديه. انفجرت الدائرة التي رسمها، جاذبةً العدم الذي خلقته الرقصة. تفعّلت قوة الهاوية الكاملة والمركّزة – غايتها النفي والاستهلاك – لمرة أخيرة، مركّزة بالكامل على شكل روان المُبدّد.

لم يعد مكانه، بل قوة تهضمه بنشاط، وتمتص خيوط كيانه المفككة في فراغها اللامتناهي. كان الواقع يأكل نفسه.

جمع الشيطان كل ما تبقى – الصمت، والاحتراق، والتفكك، والمحو – في نقطة واحدة على طرف سبابته. كانت لحظةً فريدةً من النسيان. لم يكن هناك نور، ولا حرارة، ولا طاقة.

كان ثغرةً في كل شيء. تقدم للأمام، وقد اكتملت رقصته، وصوّب هذه النقطة من العدم المطلق إلى قلب صدر روان المتلاشية. هذه هي الضربة القاضية. ليست لكمةً، بل محوًا. محوًا من السجل الكوني.

كانت هذه رقصة الصمت النهائي. حركة طقسية من تسعة أجزاء لإلغاء كائن بدائي، أنشأت للقضاء على الواقعات على نطاق واسع.

“وداعًا روان، لقد كان نورك ساطعًا، لكنه أصبح نوري الآن!”

الترجمة : كوكبة