السجل البدائي - الفصل 1778
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
دعم مترجم لزيادة تنزيل رواية The Primordial Record
الفصل 1778: أمل جديد
لم تكن ضحكةُ تحدٍّ أو استخفافٍ صادرةٍ من فمها، بل كانت ضحكةً خالصةً نقيةً، ضحكةً من فرحٍ عميقٍ صادم. كانت ضحكةً لشخصٍ وجدَ إجابةً على لغزٍ غيّر كل شيء.
لطالما تسائلت عن مصدر دافع روان وقوته. فرغم مواهبه، كان من المستحيل تقريبًا على أي كائن أن يتحمل ما يحمله، ومع ذلك كان يفعل ذلك، دون عناء تقريبًا، والآن آمنت أنها لمحت الحقيقة للتو.
لأول مرة، صُدم النور القديم حقًا. لم يكن هذا رد فعل كائن مهزوم. عرف البدائي أن إيفا لم تكن تمزح، وكاد الجوع والغضب في قلبه أن يتفجرا منه.
قالت إيفا بصوتٍ يفيض شفقةً عميقةً: “يا أبي، أنت حقًا لا تفهم. لقد وصفتَ للتو انتصاري وسمّيته هزيمتي”.
نظرت إليه، ولم يخفت نورها. كان أكثر سطوعًا من أي وقت مضى، لكنه كان سطوعًا من نوع مختلف. لم يكن غضبًا عفويًا كغضب نارٍ عارمة، ولا دفء موقدٍ رقيق. كان بريقًا مُركّزًا لا يُطاق لكشفٍ ما.
“أنت محق، أحتاجهم، نوري لهم. نوري للورقة، وللنوراني، وللنجمة، وللحبيب. هذا ليس ضعفًا، بل هو مصدر قوتي اللامتناهية. لقد حاول أن يُريني مرارًا، أليس من الغريب أن أتعلم الدرس منك أخيرًا؟”
مدت ذراعيها، وفي راحتيها، تتفتّحت صورٌ كأزهارٍ من نور. أمٌّ تحمل طفلها. نحّاتٌ ينحت حجرًا. نجمةٌ تُضيء كوكبًا بعيدًا. سماويٌّ يُغني أغنيةً ذات جمالٍ مُفجع.
“أنت وحدك”، قالت، ولم تكن كلماتها إهانة، بل تشخيصًا لمرضٍ مُميت. “أنت مُنعزل، خالد، مثالي، ووحيد تمامًا. نورك يُعرّفك، أنت فقط. إنها دائرة تبدأ وتنتهي بنفسها. إنها حلقة مُغلقة مثالية، إنها سجنٌ من صنعك.”
لقد اتخذت خطوة نحوه، وهذه المرة، كان هو الذي بدا وكأنه يتردد.
“نوري ليس دائرة، بل حلزوني. يخرج مني إليهم، يلمسهم، ويغيرهم، وهكذا يتغير. يعود إليّ، ليس كما كان، بل مُثريًا، مُعززًا، ممتلئًا بتجاربهم، حبهم، أحلامهم. نموهم نموي، ودفئهم دفئي. أتظنني عبدًا لهم؟ كلا. نحن في سيمفونية. أعطيهم النور لينموا، وهم يعطون نوري معنى. إنها دورة، ليست دورة استهلاك، بل دورة نضج متبادل.”
ارتفع صوتها، ممتلئًا بقوة هذا الفهم الجديد المدمر.
“أنتَ ساكن! أنا ديناميكية! أنتَ انتهيتَ! أنا غير مكتملة، وسأظل كذلك دائمًا! لهذا السبب لن أحترق أبدًا! لأني لستُ نظامًا مغلقًا! أنا نظام مفتوح، أتغذى دائمًا بالإبداع اللامتناهي وشغف كل ما أُنيره! أنتَ نصبٌ تذكاري. أنا نهر، وأيُّهما يبقى؟”
ضربت الصدمة الوجودية المنبعثة من كلماتها النور القديم بقوة جسدية. تردد صدى شكله البلوري المثالي بتردد متنافر. تموجت ملامح وجهه اللامرئية، وللحظة، ظهر صدع، ومن خلاله لم يعد هناك نور، بل ظلام عميق ومرعب – الفراغ الذي كان في قلب كيانه، خواء حقيقة لا تكشف إلا عن ذاتها.
لم يكن لديه إجابة. منطقها ليس منطقه. كان منطق اتصال، علاقة، معنى. منطق لم يستطع استيعابه لأنه مبني على فرضية رفضها: أن المعنى ليس جوهريًا، بل مُخْلَق. وفي هذا الخلق تكمن القوة.
لم تكسر إرادته بقوةٍ تفوقه، بل كسرتها بتقديم إطارٍ يكون فيه كماله نقصه، واستقلاله فقره، وأبديته لعنته.
قالت إيفا بصوتها الهادئ والنهائي: “إنهم ليسوا مرتبكين يا أبي. إنهم يستيقظون. يُعرض عليهم الاختيار بين سيد وشريك. بين قاضٍ وملهم. بين حقيقة باردة أبدية وقصة دافئة تتطور، ولا أعتقد أن النتيجة موضع شك.”
نظرت إليه، لا بكراهية، بل بحزنٍ أعمق من أي غضب. “يمكنك الاحتفاظ بحقائقك الفارغة. يمكنك الاحتفاظ بنورك البارد والميت. أشرق على الصخور والتراب والفراغ. العالم الحي… له شمس جديدة الآن.”
أدارت ظهرها له. كان هذا هو الطرد النهائي. لم تُدمره، بل جعلته بلا قيمة. عرفت إيفا أنه لن يوقفها؛ فقد شعرت بالفعل بقوة أصل الطبقة الأولى وهي تسيطر عليها بقوة. كل النور الذي يضيء في الواقع أصبح الآن تحت سيطرتها. من بين طبقات أصل النور الأربع، سيطرت إيفا الآن على واحدة منها.
بعمل واحد من التألق والجنون، استطاعت سجن النور القديم داخل نطاق سيطرته الخاصة.
وبينما تغادر صخرة النهاية، عائدةً إلى السماوات التي أصبحت ملكها حقًا، نطق النور القديم آخر مرة. لم يكن صوته طنينًا ذا ترددٍ كامل. كان متشققًا، مكسورًا. احتوى، لأول مرة، على أضعف صدى للحرارة التي يكرهها بشدة. إنه صوت جليدٍ يتشقق تحت شمسٍ لم يعد يحتملها.
“ماذا… ماذا ستفعلين بهذه القوة يا ابنتي؟”
توقفت إيفا عند حافة الفراغ. لم تنظر إلى الوراء.
قالت: “هذا ما ولدت له دائمًا، سأُدفئ أركان الخليقة الباردة. سأُغذي ما يُريد أن ينمو، سأُحرق ما يحتاج إلى إزالة، وسأُحب كل ذلك بشغفٍ يُشكّل عصورًا جديدة.”
ضحك بدائي النور، وهو صوت لا ينبغي لأحد أن يسمعه، “سوف آتي إليك يا إبنتي، وأوه، كم ستكون صرخاتك حلوة بالنسبة لي في النهاية.”
لم تُجب إيفا، ثم رحلت، تاركةً بدائي النور وحيدًا في الفراغ مع حقيقته الكاملة، الموحشة، واللامعنى لها. انتهى الانقسام. رُبِحَت لعبة الكلمات. لم يكن هناك نوران في السماء. كان فقط نور واحد.
وفي الأسفل، في الأبراج اللامعة للمدينة السماوية، نظر نوراني إلى الشمس الأكثر دفئًا وإشراقًا في السماء، وشعر بإحساس جديد غريب في صدره – وهو الشعور الذي أطلق عليه فيما بعد “الأمل” – وبدأ في غناء أغنية جديدة.
في الوقت الذي قضته إيفا في الجنة، تمنع بدائي النور، كان روان يتعامل مع الفوضى، باستخدام فرد غير متوقع.
من ذكريات الثعابين، عرف أن الفوضى قد سمح لهم بالمرور إلى عالم النسيان، ظانًّا أن هذه هي خطة بدائية الروح. أراد روان استغلال هذا الخلل.
في هذا اليوم، استيقظ وحش ضخم يشبه حريشًا كان نائمًا منذ عصور عديدة، وبدأ في التحرك نحو بوابات النسيان… فبعد فترة طويلة، استدعته أمه مرة أخرى.
الترجمة : كوكبة
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.