السجل البدائي - الفصل 1687

الفصل 1687: الاستعداد للمعركة

مع أن روان لم يكن يرغب في ذلك، إلا أن كلماته كانت بمثابة إكراه. مع أن بإمكانه استخدام تجسيد للتحدث إلى كائنات أضعف، إلا أن شيئًا غريبًا حدث عند عودته إلى الواقع، فقد امتص جسده تجسيده دون أي تحريض، وعليه أن يقاوم القوة الخارجة من جسده التي أرادت أن تسحب إليه جميع التجسيدات التي بعثرها في جميع أنحاء الواقع.

مع اقترابه من اكتساب أصل الفضاء، بدا أن جسده البُعدي يمر بمرحلة انكماش وتجدد. كل جزء من جوهره خارج جسده بدأ يجمع قسرًا لتنقيته وترقيته.

إذا لم يكن لوجود روحه البعدية التي أعطته ميزة غير عادلة على الطاقة والقوى الخارجية العليا، إذا كان لديه إمكانية الوصول إلى لحمه البعدي وحده، فلن يكون قادرًا على صد المد والجزر المستمر لتجسيداته المنتشرة عبر الواقع العائدة إليه.

كانت هذه العملية بمثابة قوة مطلقة.

أدرك روان الآن سببًا آخر لبقاء البدائيين نائمين واستخدامهم لعروشهم. لم يكن الأمر مجرد ضعف الواقع، بل إن استيقاظهم سيُسحب عروشهم إلى أجسادهم.

وربما يحدث هذا أيضًا إذا تم دفع أجسادهم داخل الواقع إلى خارجه؛ فسوف يضطرون إلى الاندماج مع أشكالهم العليا.

ومع ذلك، لن يحاول روان إيقاف البدائيين عن طريق نفي أجسادهم خارجًا للاندماج مع شكلهم الأعلى لأن الأجساد داخل الواقع احتلت كل أساسه، وإذا اندمجوا مع أشكالهم العليا، فسيكون ذلك علامة على أن مهمتهم قد اكتملت، وسوف يتغذى البدائيون.

كان على روان أن يقتل أجساد البدائيين داخل الواقع، مع التأكد من قدرته على الحفاظ على أعمدتهم؛ إنها مهمة شاقة بدت مستحيلة تقريبًا، لكنه رأى ما حدث لكل أشكال الحياة في الواقع عندما تم قتل مفهوم النور لبضع لحظات.

سيكون من السهل جدًا خوض هذه المعركة إذا لم يكن مقيدًا بحاجته للحفاظ على الحياة عبر الواقع، عندما يكون كل شيء آخر ما عدا أطفاله مجرد أفكار عابرة على حواف ذاكرته، لكن روان أدرك انه سيكون من الخطأ تجاهل المعجزة هي الحياة حتى لو لم تكن جزءًا من إبداعاته.

بدأ نوكتيس بالكلام، وبينما يفعل، ظل روان يستخرج ذكريات كل ما رآه من كلماته وروحه. أزعج الغراب الأمر، لكنه تحمله دون أن يتذمر.

“اكتملت الساحة، ولأول مرة منذ زمن بعيد، فتحت الهاوية العظيمة أبوابها للجميع، مع وعدٍ بعدم وجود أي محاولة علنية أو خفية لإفساد أي شخص يدخل العالم، ولكن سيكون ذلك فقط في مستوى الهاوية حيث تقع الساحة، وإذا دخل أي شخص أي مستويات أخرى، فسيكون هذا الوعد لاغيًا. من آخر إحصاء لي، استطعتُ رؤية ملايين الأجناس المختلفة تدخل الهاوية، الأمر أشبه بـ…”

وبينما استمر نوكتيس في الحديث، سحب روان ذكرى الساحة إلى عينيه، مما أدى إلى إنشاء مستوى مصغر من الهاوية العظيمة أمامه.

تم بناء هذه الساحة عن طريق ضغط مائة مستوى من الهاوية في طبقة عملاقة واحدة، ثم تم دفع هذه الطبقة إلى الأعلى.

لم يسبق أن رأينا عملاً عظيماً مثل هذا منذ إنشاء الهاوية العظيمة بواسطة بدائي الشيطان، وأصبح روان مفتوناً بعض الشيء بهذه العملية.

كان مُنشئو هذه الساحة، وهم المهندسون الجحيميون، شياطين من الأساطير. تشير جميع المؤشرات إلى أنهم ماتوا جميعًا قبل ثلاثة عصور رئيسية، على يد بدائي الشيطان نفسه.

قيل أن المهندسين الجهنميين هم الذين بنوا أساس الهاوية العظيمة، لكن بدائي الشيطان أراد منهم أن يصنعوا عالمًا يمكنه الوقوف على الواقع، لكن حتى هؤلاء البناة الصوفيين لم يتمكنوا من احتواء فساد الهاوية العظيمة على سطح الواقع، والشيء الوحيد الذي يمكنهم فعله هو بناء بوابة قوية يمكن أن تكون بمثابة نفق من الواقع إلى الهاوية العظيمة.

لم يكتفِ بدائي الشيطان بعملهم، فابتلعهم جميعًا. هذه هي القصة التي جمعها روان من أرواح شياطين كثيرين كانوا على دراية بهؤلاء البناة الشيطانيين، ولكن كما اتضح، فإن جميعها أكاذيب.

كان بدائي الشيطان مشهورًا عبر الخليقة بكونه محاربًا عظيمًا، لكن روان اكتشف أنه كاذب أعظم.

مع ذلك، مهما تكون أكاذيب بدائي الشيطان، لم يكن الأمر شيئًا أمام عظمة الساحة التي تُبنى هنا. من المستحيل أن تكون هذه الساحة من صنع مهندسيين الجحيميين وحدهم؛ بل على الأرجح هم مجرد بوابات لتدفق قوى البدائيين من خلالها.

حتى مع إدراك نوكتيس، غراب الموت، لم يتمكن روان من اكتشاف كل الألغاز وراء هذه الساحة، لكنه استطاع أن يرى أنها مليئة بهالة من المستوى البدائي من مواد شددت حدود الواقع.

داخل هذه الساحة، لن يخشى بدائي الشيطان من أنه لن يتمكن من إطلاق العنان لقواه إلى أقصى حد، وينطبق الشيء نفسه على روان.

ستكون هذه الساحة لقطةً لما سيصبح عليه الواقع بأكمله إذا امتلأ تمامًا بالجوهر البدائي. بفضل تعزيزها الاصطناعي بكنوز البعد التاسع، ستصبح هذه الساحة فضاءً يتسع لقوانين تصل إلى البعد التاسع.

هذا يعني أن روان سيخوض هذه المعركة بجسده الرئيسي، لا بأي تجسيد. كان تيلموس محاربًا خطيرًا، لكن مع قوة بدائي الشيطان، الذي على الأرجح سيعزز قوة عرشه إلى مستويات هائلة، لم يكن معروفًا مدى قوته.

ألقى روان نظرة أخيرة على الساحة، ثم قلّصها ووضعها جانبًا. حان وقت الاستعداد لهذه المعركة.

مع بقاء أربع سنوات فقط، إحتاج إلى كل هذا الوقت لجمع قوته والوصول إلى قمة عطائه.

بغض النظر عن مدى فظاعة هذه المعركة، لم يكن روان قلقًا للغاية بشأنها؛ ما يقلقه هو ما سيحدث بعد المعركة.

كان تيلموس محاربًا عظيمًا، لكن روان لا يُضاهى. ربما في الواقع، قد يكون هو المحارب الوحيد القادر على مواجهته دون تراجع، وروان ممتن لهذه التجربة. في حياته، باستثناء الأعداء الذين تفوقوا عليه بكثير، من الصعب عليه إيجاد خصم جدير يُشبع شغفه بالمعركة، ووجد نفسه دائمًا يُقيّد قدراته دون وعي لمجرد الاستمتاع بمعاركه.

كان لا بد من خوض هذه المعركة، ولكن هناك فرص أخرى هنا يمكن اغتنامها. لقد أرسل نوكتيس لجمع المعلومات لأن روان أراد أن تكون هذه الساحة أكثر من مجرد ساحة معركة، بل المكان الذي سيكشف فيه عن نفسه للواقع بأكمله.

استغرق نوكتيس بعض الوقت لإنهاء تقريره، ثم طُرد. تنهد روان، ثم مد يده نحو أرضه الأصلية وأخرج السجل البدائي.

الترجمة : كوكبة