السجل البدائي - الفصل 1682
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
دعم مترجم لزيادة تنزيل رواية The Primordial Record
الفصل 1682: أن تكون فانيًا
ظل روان صامتًا لبعض الوقت، ثم خرج صوت إيوسا من أفكاره،
“الاتجاه الذي اخترته مثيرٌ للاهتمام، خاصةً لشخصٍ مثلك، مُدمِّر. مع ذلك، لا يُثير إعجابي كثيرًا، ففي النهاية، لا ينبغي لأي مُدمِّر أن يصبح واقعًا، لكنك تكسر كل أنواع الحواجز.”
“على الرغم من أنني أود أن أستحق الفضل في هذا الإنجاز،” هز روان كتفيه، “ما أنا عليه هو تأثير محيطي عندما كنت أصغير، وعلي أن أتكيف من أجل البقاء، حتى لو كان ذلك يعني العثور على الإنشاء من الدمار، أو لتصرف كإنسان حتى لو كنت ساميا”
“أرى. أخشى أن هذه الحكمة لا أشاركها. أُقدّر جاذبية التغيير، لكن الثبات كان دائمًا ملاذي.”
ابتسم روان، “أتخيل أن هذا هو الحال. أخبرني نوكتيس أنه البداية لم يوجد موت، بل حياة أبدية. لكن لا بد أنكِ كنتِ تعلمين أن هذا لن يدوم. رأيتُ أول منزل بنوه، ورغم فخرهم الشديد ببنائه، إلا أن الخشب الذي بُنيَت به جدرانه جاء من الأشجار، والرماد الذي ملأوا به مواقدهم في البداية جاء من أوراق خضراء تحولت إلى اللون البني بعد أن انتزعوها من أحضان أمهم.”
مثله، أصبحت إيوسا صامتًا، مدركة الحقيقة في كلمات روان،
“ربما هذا هو سبب سقوطي، لم أستطع أن أرى التغيير يحدث، وآمنت ببقاء ملكوتي. حتى الآن، لا أستطيع أن أفهم كيف يمكنك الاندماج بسهولة مع روح فانية زائلة.”
لم يتمكن روان من التحرك للأمام؛ كانت ساقيه لا تزال عالقة في الأرض، لكن الجزء العلوي من جسده يتحرك إلى حد كبير.
أشار إلى إيوسا، داعياً إياها للاقتراب، “الأمر أسهل مما تظنين. تعالي إلى هنا ودعني أريك كيف يكون الأمر أن تكون بشريًا.”
ضحكت إيوسا، وتسللت لمحة من جلالها من خلال القناع، فارتجف روان. اتخذت شكل امرأة، لكن حتى تلك اللحظة، لم يستطع روان تمييز شكلها؛ كانت ملامحها تتلاشى من ذهنه، إذ لم يستطع إدراكه أن يلتقط حقيقتها.
كانت إيوسا هي ما سيصبح عليه، الطريق النهائي في رحلته الأبعادية، ولكن حتى هي يجب أن تكون أغرب من الواقعات الأخرى لأنه عند وفاتها، إستطاعت إكتشاف قوة تتجاوز كل أشكال القوة المعروفة لكل الوجود، وهذه المعرفة غيرتها.
“لماذا أرغب في أن أكون فانية؟ لم أعرف ألم الجرح أو حزن الفقدان. لماذا أرغب في معرفة ما لن أكونه أبدًا؟”.
تحول نظر روان، لكنه لم يسحب يده الممدودة،
“في تجربتي، الخلود مرآةٌ لا انعكاس لها. لقد رأيت كل شيء، لكنكِ لا تشعرين به، وهذا تمييزٌ تعلمتُ تقديره. هذا هو سبب قتالي، ولن تتمكني من معرفتي، ولن أتمكن من فهمكِ، إذا لم نتشارك هذه المعرفة المشتركة.”
ارتفع صوت روان بقوة، وبدأ جسده يرتجف،
“حربي مع البدائيين، كل تضحياتي وعارِي، كلها تنبع من هذه المعرفة الوحيدة لمعنى أن تكون محدودًا. لقد رحبتِ بي يا إيوسا، والآن سأريكِ قلبي. لقد منحتيتي فرصةً لدخول قلبكِ، والآن أمنحكِ قلبي.”
لم يكن هناك هواء هنا، لكن شيئًا ما بينهما ارتجف كالحرارة فوق رمال الصحراء. في عيني إيوسا، لمع شيءٌ أشبه بالجوع. مدت يدها ببطء،
“أقبل هذه المعرفة.”
وبسلوك مهيب، مد روان يده إلى الأمام ولمس معصمها، وللمرة الأولى في الأبدية، ارتجفت إيوساه عندما أخذها روان إلى ذكرى خاصة، ذكرى كان فيها بشريًا ولم يمت بسبب الشيخوخة، ولكن بحربة في القلب.
في هذه الحياة، كان روان في الخامسة من عمره عندما بدأ يختبر فكرة الموت. وُلد يتيمًا، وتاه في غابة حيث عثر على حجر، وعلى مدار الأسابيع التالية، شحذ الحجر حتى صنع سكينًا.
ركع روان تحت ضوء القمر الساطع، وطعنه بعمق في راحة يده بالسكين، وكانت عيناه الخضراوان الساطعتان تراقبان دمه وهو يتحول إلى اللون القرمزي والعرق البارد يتصبب من حاجبيه بينما يرتجف جسده الصغير.
صدى صوت روان عبر الذاكرة،
“هذا هو الألم. ليس الجرح هو المؤلم، بل معرفة أنه سيتلاشى حتى وإن كنت تخشى بقائه.”
بقي روان متمسكًا بهذه الذكرى قليلًا قبل أن يسحب إيوساج إلى عمق أكبر. دون علمه، ظهر جرح مماثل في يدها.
مرت سنواتٌ قليلةٌ في الذاكرة، وأصبح روان، ذو التسع سنوات، يقف في غابةٍ عميقةٍ أمام شجرة تفاح. كان قد سرق تفاحةً من بستان أحد مُلاك الأراضي وزرع بذرتها في أعماق الغابة.
لقد نجت شجرة واحدة فقط ونمت، والآن بعد أن أثمرت، جاء روان إلى هنا ليحصدها.
تسلّق الشجرة بسهولة، وقطف عشرات التفاحات، ووضعها في جرابه. استطاع بيعها مقابل بعض النقود. بعد كل هذا، نزل عن الشجرة وقرر أن يأكل من ثمار جهده.
بعد أن اختار ما بدا الأكثر عصارة من بين المجموعة، قضم روان التفاحة بعمق، فتدفق عصيرها على ذقنه، وبنفس الطريقة، انهمرت الدموع من عينيه.
صوت روان أصبح كهدير،
“هذه الحلاوة… إنها حلوة فقط لأن لساني سوف ينسى مذاقها يومًا ما.”
ولم ينتظر روان إيوسا للتعامل مع هذه الذكريات، بل بحث بشكل أعمق، راغبًا في إظهار الجزء الأخير مما اعتبره مصير الفناء… الخسارة.
مرت السنوات في لمح البصر، وبلغ العشرين من عمره، ممسكًا بيدي حبه الأول والأخير. كان يبكي منذ ثلاثة أيام، وقلبه لا يزال مثقلًا بالهموم، يكاد ينفجر.
“هذا هو الحزن. إنه الصدى الذي يبقى بعد الأغنية.”
انتزع روان نفسه من الذاكرة واستعاد يده من يد إيوسا. في أعماق ذاكرته، لم يكن يدرك التغيرات التي طرأت على هذه الكائنة، لكنه الآن رأى الجرح في يدها، والدمعة على خدها، والشق في صدرها، كما لو أن شيئًا ما قد فرغ قلبها.
ظلت إيوسا ساكنة لبعض الوقت، ثم خرج صوت طنين من جسدها، وتم غسل كل أصداء الموت من جسدها.
لم يعد صوتها ذا سلطان، بل أصبح الآن يحمل طابعًا مهيبًا،
“أنت قاسي يا إيوس، أن تحملي كل هذه الأشياء بداخلك. تحترقي معها.”
ضحك روان بصوت عالٍ بينما اتخذ جسده خطوة للأمام، “والآن، افعلي ذلك أيضًا.”
الترجمة : كوكبة
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.