السجل البدائي - الفصل 1676

الفصل 1676: بوابتان

لم يتمكن روان من الاندماج مع سلالاته بسبب حالته الحالية، حيث أن عليه أن يقيد نفسه بالمستوى ثلاثي الأبعاد، للتأكد من أن وجوده لم يترك أي تموجات في الفضاء.

كان يُرسي دعائم قوته من تحت قدم بدائي، وأي إهمال طفيف سيقود إلى اكتشافه. لاكن سلالته ذكية بما يكفي لفهم ما يحدث دون الحاجة إلى تفسير منه.

لذا عليهم أن يُشاركوه ذكرياتهم، وإلا فلن يستطيع سوى الاستماع إلى سيراثيس وهي تتحدث. ورغم روعة صوتها، إلا أن برايم مُحق بقوله أنه ليس لديهم وقت لهذا. لم يبقَ سوى ثماني سنوات على مبارزته الموعودة مع بدائي الشيطان، ولم يكن مُستعدًا لذلك التحدي.

كان إدرام سيراثيس مألوفًا بالنسبة له، لكنه أصبح أيضًا أكثر ثراءً، على الرغم من أنه لم يكن مكثفًا مثل إدراك روان؛ لا يزال هناك ما يكفي من التفاصيل هنا مما يجعل ذكرياتها ممتعة للتصفح، ويمكنه أن يلتقط تقريبًا كل تعقيدات معركة الصحراء الكبرى.

لم يلقي نظرة خاطفة على الخالدين الذين تجمعوا أمام الصحراء الكبرى، على الرغم من ظهور عدد كبير من القدماء بينهم، مما أدى إلى تقزيم أي شيء من الممكن أن يصنعه هذا العصر بشكل طبيعي على مدار حياته.

“طبول فارغة… كلها وميض، لا جوهر.”

شعر روان بخيبة أمل بعض الشيء تجاه هؤلاء الخالدين الذين كانوا يسارعون إلى أن يصبحوا من القدماء ولم يستخدموا الهدايا التي قدمها لهم بشكل صحيح.

كانت الرؤى التي قدّمها بسخاء من أرضه الأصلية تهدف إلى ترسيخ أسس هؤلاء الخالدين. لم تكن هناك حاجة للتسرع في الوصول إلى المستوى الأعلى، بينما عليهم أن يخصصوا الوقت الكافي لضمان بلوغهم الكمال في كل مستوى بعدي يصلون إليه.

انجذب هؤلاء الخالدون إلى وعد القوة السريعة، فتركوا أسسهم وسلكوا المسار السهل نحو مستوى البعد الثامن. ومع ذلك، لم يكن روان يتوقع مثل هذا الأمر من غالبية الواقع.

قليلٌ منهم فقط عرفوا المعنى الحقيقي لمواهبه واستغلوها بفعالية، مثل فيوري كورانيس، أخوه غير الشقيق. كان روان يتابع تقدم فيوري بحذر، ولم يُفاجأ كثيرًا بقدرته على تطوير قدرات سلالته إلى هذا المستوى.

سيكون فيوري من أوائل العديد من الأشخاص الذين سيبدأون في فهم أن البحث عن القوة الحقيقية لا يعتمد على ارتفاع العالم، بل على الأسس التي تم بناؤها للوصول إلى هذا العالم، وعندما يحدث ذلك، فإن التغيير الجذري سوف يقطع الواقع مع إدراك الإمكانات الحقيقية داخل جسد كل خالد التي سيتم عرضها.

لن يكون بمقدور سوى هذه المجموعة من الناس النجاة مما سيأتي؛ أما أي مجموعة أخرى فسوف تكون بمثابة وقود لعملية طحن الدم التي كان الواقع على وشك أن يتحول إليها.

رأى نيميسيس وعرف أنه كائن جديد. فهو من قتل نيميسيس. نظر روان إلى هذا النيميسيس الجديد برهة، فرأى أرواحًا لا تُحصى من دماء الفوضى تندمج فيه بقوة، مُمكّنةً هذا المخلوق إلى أقصى حدود البعد الثامن.

لم يكن بدائي الفوضى مهتما بصنع كائن يعمل بشكل صحيح؛ لقد ولد نيميسيس فقط للذبح، وفي الوقت القصير الذي عاشه، عانى هذا الكائن من عذاب لا يصدق، والموت هو خلاصه.

شاهد ثعابينه تستخدم إرادة الأكبر لأول مرة، وأذهلته قواها. لو استطاع جمع قوة جميع الوحوش البدائية السابقة، ثم استخدامها وحدها، سيكون ذلك أكثر من كافٍ لتحدي البدائيين، لكنه مجرد تحدي، وليس فوزًا.

من كل ما سمعه، كان بإمكان البدائيين هزيمة الوحوش باستخدام الخداع والفصل، لكن روان أدرك أن هذا ليس كل ما في هذه القصة.

ربما انتصر البدائيون باستخدامهم الحيل لفصل الوحوش، لكن لم يكن هناك ما يضمن خسارتهم في معركة مباشرة. في معركة بهذا المستوى والحجم، لم تكن القوة كافية أحيانًا، ورغم أن الوحوش مجتمعةً ربما كانت ستحمل قوة أكبر، إلا أن المفاهيم قد تكون أهم من القوة.

لذا، إذا تم وضع التفاوت بين الوحوش البدائية والبدائيين في مصطلحات أبسط، فقد يكون الوحوش البدائية عمالقة مصنوعين من السحب الناعمة، والبدائيون كائنات عادية مصنوعة من التيتانيوم؛ لا يمكن أن يأخذ الصدام بين الاثنين الحجم فقط في المنظور.

لقد خاض باهاموت معركة ضد عرش بدائي الفوضى، على الرغم من وجود العديد من العوامل التي قللت من قوة باهاموت؛ كان من المفترض أن يكون بدائي الفوضى في وضع أكثر عيبًا، إلا أنه ساد ضد باهاموت.

في تلك المعركة، لاحظ روان أن القوانين التي يسيطر عليها باهاموت تعتبر أبسط بكثير من قوانين الفوضى، وتسائل عما إذا كان مصدر الخيانة يرجع إلى رغبة الوحش البدائي في قوانين أعلى.

إعتبر قوة ديفوس أعظم بكثير من قوة باهاموت، ولو أنها هي من تقف وراء السحرة، فإن تصرفات روان ستفشل ضد قوة الفناء.

ستكون إرادة الأكبر أداة قوية بشكل لا يصدق لو أنها قادرة على الاستفادة من القوانين الضعيفة للوحوش البدائية ورفعها إلى مثل هذا المستوى العميق، لكن روان سيستخدم هذا فقط كجزء من أسلحته.

لقد وعد نوكتيس وكل من آمن به بأنه سيجلب أهوالًا عظيمة ضد البدائيين حتى يفهموا أخيرًا معنى الخوف.

سارت المعركة التي تلت ذلك وفقًا لتقدير روان. ثم، أدى القضاء الناجح على بقايا ديفوس وهجوم بدائي الفوضى إلى وصول سلالاته الثلاث إليه داخل النسيان.

قبل عامين، كان روان يواجه معضلة. داخل النسيان، عثر على عظام أوروبوروس البدائي، وبسبب طبيعة النسيان، إذا غادر هذا المكان، فلن تكون هناك طريقة سهلة للعودة إليه، وقد يكون من المستحيل عليه العثور على هذه العظام مرة أخرى.

مقابل جائزة كهذه، كان روان مستعدًا للمخاطرة الكبيرة للحصول عليها، ومع ذلك لم يكن أحمقًا. لقد بذل جهدًا كبيرًا للوصول إلى هذه الطبقة من الفضاء، وسحب ثعابينه إلى عالم النسيان عبر المسار الذي سلكه سيُنبّه البدائيين إلى أنشطته.

لقد أرهق روان عقله بالبحث عن حل لهذه المشكلة، حتى أنه ذهب إلى حد الاستفسار من الصوت الذي يوجهه إلى أسرار الفضاء، وقد تلقى ردًا محيرًا: أي أنه يعرف بالفعل إجابة مشكلته.

وبالنظر إلى الماضي، ربما هذه هي الإجابة واضحة، ولكنها لن تكون قابلة للتنفيذ إلا بالتطبيق الدقيق.

والجواب، بطبيعة الحال، كان بوابات النسيان التي يمكن العثور عليها في أعماق العوالم الدنيا.

كان للنسيان مدخلان: بوابات النسيان وفم النسيان. كان الأول معروفًا للجميع، بينما الثاني هو سر لا يعرفه إلا البدائيون.

إذا لم يتمكن روان من إدخال ثعابينه عبر الفم، فسوف يتعين عليه اتباع البوابة، ولكن كيف يمكنه القيام بذلك دون لفت انتباه البدائيين إلى خططه؟

الترجمة : كوكبة