السجل البدائي - الفصل 1630

الفصل 1630: ترقيات القلعة

لم يكن روان يبالغ في وصف حالته الراهنة. فقد حدد بدائي الشيطان وقت وفاته بدقة، وعليه أن يتعامل مع ما لديه.

لم يكن بمقدوره التحقيق في هذا الحزب الغريب والجديد الذي صادفه أو العثور على طريق آخر للهروب، ليس عندما يكون قريبًا من الموت.

هذا هو السبب في تجاهله للإشارات الاجتماعية الواضحة وظهوره فظًا مع مضيفيه. لقد ركز كل ما لديه للحفاظ على سلامة النور الجديد، وهذا يعني التعامل مع الثغرات الواضحة داخل هذه القلعة.

لقد كان منشئا عظيمًا وصانعًا، قادرًا على إنشاء الجسد والحجر، وكل أسرار الواقع حتى نقطة معينة مفتوحة أمامه.

لقد سبب الكثير من الدمار في هذه اللحظات القليلة الماضية، مما أدى إلى مقتل مئات المليارات من السماويين وعروش البدائيين، مما تسبب في فهمه للتدمير وعملية أخذ الأرواح لتتضاعف بشكل كبير.

كانت قدرة روان على التعلم لا مثيل لها، ولو قام مراقب خارجي بفحص معاركه، لرأى أن هجماته استمرت في النمو بشكل أقوى مع مرور الوقت، حيث حقق اختراقات لا نهاية لها في قدراته القتالية.

في ساعة واحدة، حقق روان تقدمًا أكبر من التقدم الذي حققه جميع العباقرة في الواقع مجتمعين في مليار سنة!

ومع ذلك، كان منشئا خسوفا، مما يعني أن الدمار ظل ملازمًا للإنشاء. ومع ازدياد قدرته على التدمير، ازدادت قدرته على الإنشاء.

لقد كان روان قادرًا على الحفاظ على حياته لفترة طويلة على الرغم من خسارته لكل شيء، من جسده وروحه وذاكرته، وذلك بسبب الاختراقات التي لا تعد ولا تحصى التي يحققها في فهمه للإنشاء.

مع مستواه الحالي، تمامًا كما استطاع بدائي الفوضى ممارسة المزيد من القوة من العدم، يمكن الآن إنشاء ما يريده روان من العدم.

كان لديه ثلاث لحظات للعمل عليه، وروان بحاجة إلى استغلالها.

ومع تزايد قوة الإنشاء، سواء كان ذلك بسبب وجوده على حافة الموت أو بسبب قيود الوقت التي يعيش فيها، أصبح وعيه يتحرك بسلاسة أكبر، وظل روان يكتسب إلـهامات لا حصر لها.

“جدران هذه القلعة مصنوعة من مادة مظلمة مقفلة كموميًا، لكنني أستطيع تعويض ضعف الانهيار المكاني من مصدر بعيد بإضافة سبيكة ميتامبيرالية إلى الخليط. هذه سبيكة صنعتها مؤخرًا، تتمتع بالقدرة على الإصلاح الذاتي والتواجد في آنٍ واحد في حالات كمية متعددة، مما يجعلها غير قابلة للتدمير أمام جميع القوى التقليدية.”

وقد تم تخصيص ثلاثين بالمائة من بقايا روحه لإنتاج وإدارة هذا العمل.

“الآن، لننتقل إلى التفاصيل الداخلية. هذه الممرات التي تتحرك بلا نهاية باستخدام مصفوفة الجسد أدناه تمتد في أنماط منحنى كوخ، والتي تتفرع بشكل متكرر إلى فضائات فرعية ذات أبعاد أعلى. أستطيع أن أرى كيف يمكن لشخص مثل الذاكرة أو الفوضى أن يتسلل باستخدام إسقاطات فكرية، حتى النية يمكنها الاختراق إذا طُبقت باستخدام قواعد ذات أبعاد أعلى. همم، لا أعتقد أن لديّ الموارد الكافية لمنعها، ولكن إذا أنشأتُ فضاءً فرعيًا بعديًا باستخدام أرض الأصل كمرجع، يمكنني جعل الملاحة تتطلب قاعدة إجبارية باستخدام بوصلة ريمانية ثمانية الأبعاد أو حجر طريق أثيري مسحور، مع جعل كل اتجاه سلسًا مثل متاهة فضاء هيبرت فائقة القوة.”

بعد أن كرّس روان ثلاثين بالمائة من وعيه لإتمام هذه المهمة، تنهد روان بارتياح. حتى لو حدثت أي تغييرات غير متوقعة، فمع اقتراب ترتيباته من السيطرة على هذه المساحة، سيكون قادرًا على التفاعل بسرعة كافية.

كان من المقرر أن يتم التعامل مع اثنتين من أعظم المشاكل التي تواجه هذه القلعة بمجرد أن يطلق روان وعيه، ومع ذلك لا يزال لديه أربعين بالمائة من قوة روحه المتبقية، وسيكون من العبث أن يموت دون استخدام كل ذلك.

أثناء إصلاحه ثغرات هذا القصر، لم يستطع روان إلا أن يلاحظ جوانب ناقصة أو بحاجة إلى تحسينات. لم يكن بإمكانه إصلاح كل شيء، لكنه كان قادرًا على تحسين الجوانب القليلة التي كانت في متناوله.

كان من الممكن تحسين طريقة إعادة تنظيم الأجزاء الداخلية للقلعة، والتي أطلق عليها اسم “الغرفة العابرة”. إذ استطاع تخصيص كل ربع ليُرى كحجرات، ثم استطاع تحريك كل حجرة عبر التحول الطوبولوجي.

كل هذه الأشياء يمكن أن تُحكم بجيوديسيات الزمكان الواعية، لكن شيئًا ما بداخله ارتجف من اتباع تلك المسارات. كان هناك شيء ما في هذه القلعة يصرخ بالحرية والرغبة في الركض حتى حدود اللانهاية، وكان روان يستمع إلى غرائزه؛ لم يكن لديه وقت لمتابعة هذا الإطار المنطقي.

مع الحفاظ على الجيوديسية المكانية الزمنية الدقيقة، لم يجعله واعيًا، بل وضعه تحت سيطرة القلعة، وهو ما سيكون مثل إعطاء أجنحة للتنين.

ابتسم روان، مندهشًا من مدى الرضا الذي شعر به نتيجة فعل الإنشاء في هذا الوقت، حيث بدا وكأنه يوازن بين إراقة الدماء التي لا نهاية لها والتي ارتكبها للتو، لأنه حتى الآن، كان لا يزال يحقق اختراقات في تقنياته في الإنشاء.

بالنظر إلى حالته العامة من الوعي، رأى روان أن ما تبقى منه أقل من اثنين في المائة.

نظر حوله بحثًا عن أي منطقة يمكنه وضع اللمسات النهائية عليها وقرر أن الشيء الوحيد الذي يفتقده القصر هو منطقة محسنة للمراقبة.

اختار برجًا عشوائيًا، وحوله إلى مرصد أبعاد الجيب، والذي يمكن استخدامه في مراقبة الواقع من نقطة مراقبة أبعاد الأعلى.

تنهد ونظر حوله. كان هناك الكثير ليفعله، وأصابعه تتوق إليه ليغوص فيها. عرف روان أنه في لحظات فراغه الأولى، سيبدأ ماراثونًا من الإبداع. هو شيئ يتوق إليه.

من نظام طاقة القلعة إلى نظامها البيئي الداخلي ودفاعاتها، وألف منطقة يستطيع لمسها، لم يستطع روان إلا أن يحفظها في ذكرياته. ثم، أشار بيده اليمنى إلى الأعلى، وأطلق العنان لآخر شظية من روحه، مليئة بكل إمكانات الإبداع التي صنعها في اللحظتين الأخيرتين المتبقيتين له.

انطلق انفجار من الطاقة من شظية الروح، وبدأت القلعة تهتز في محنة حيث بدأت تغييرات هائلة تجتاحها، لكن روان لم يكن لديه طريقة لمتابعة تلك التغييرات.

لقد مات. لم يبقَ سوى جسده واقفًا، ويده اليمنى مرفوعة إلى الأعلى.

في المسافة، نظر نوكتيس إلى هذا الشكل بنظرة مهيبة.

لطالما كان قائدًا، وكمن النادر أن يجد من يرغب باتباعه، حتى البدائيون لم يكونوا جديرين بنظره، لأنهم جميعًا لصوص وكذابون، إلا هو… هذا الرجل، أي نوع من الفانين يستطيع فعل هذه الأشياء بهذه السهولة؟ يصنع المعجزات بمجرد وجوده.

وجد روان الموت مفهومًا غريبًا. ففي النهاية، لقد أصبح الآن كائنًا قادرًا على إطالة عمره إلى ما لا نهاية، حتى وهو فانٍ، طالما أنه يُنبت العوالم.

كان روان قد التقى بتريليونات من أشكال الحياة في تلك المرحلة، وحتى الكائنات الخاصة القليلة ذات الأعمار الطويلة جدًا، ولاكن لم يضاهيه أحد في مواهبه. بالفعل، كإنسان فانٍ، أصبح عمره أطول بكثير من غيره، ولو أنه أضاف قدراته الأخرى العديدة ليكسب المزيد من الحياة، ستكون وفاته الطبيعية قد تأجلت إلى الأبد.

كل ذلك عندما كان بشريًا، لكن كل شيء تغير عندما أصبح خالدًا.

لم يكن روان يزداد قوةً بمرور الوقت فحسب، بل يتطور أيضًا. يُمكن تشبيه الفرق بين حالته السابقة وحالته الحالية بعد كل تطور بالفرق بين الدودة والتنين.

لقد منحه تطوره اللامتناهي المزيد من الأدوات لتحقيق حياة أطول والحفاظ على خلوده أكثر مما يمكن لأي من الخالدين المزعومين أن يتباهوا به، وعندما أضاف روحه القوية إلى المزيج، أصبح روان شيئًا يمكن اعتباره لا نهاية له حقًا.

كل هذه القوى والقدرات أعمت روان عن وجود الموت.

من الممكن قتل روان، وقد نجا من الموت مرات عديدة، لكنه لم يستطع أبدًا أن يموت موتًا طبيعيًا.

مثل رجل غني للغاية لا يمكن إلا أن يُضيع ثروته، لكنه لن يكون فقيرًا أبدًا حتى بعد مائة حياة، لم يعرف روان معنى الفقر.

لقد تغير كل هذا عندما خضع لتطوره الأخير إلى رتبة الأصل، وواجه تحديًا فريدًا لم يواجهه من قبل: وجود الموت.

في تطوره، بدأ يفقد عمره بكميات هائلة، مما لفت انتباه الموت، الذي أمسك بيده اليسرى التي ظلت دائمًا بعيدة عن كتف روان، بجسده أخيرًا.

لقد صدم هذا الحدث روان بشدة. لم يكن هناك الكثير ما يصدمه في تلك اللحظة، ووجود الموت أحدها.

في تلك اللحظة، أدرك أنه قد خُدع. كان من المستحيل تقريبًا ألا يصادف مفهوم الموت، إلا إذا أُخفي عنه عمدًا.

لقد شهد روان الكثير من الأشياء في حياته، وأسرارًا لا يمكن لمعظم الخالدين تصورها أبدًا، وبقي الموت مختبئًا عن نظره لفترة طويلة.

لماذا يُخفي البدائيون عنه وجود الموت؟ الإجابة بسيطة: كان سلاحًا خفيًا لا يستطيع محاربته أو توقعه.

لو لم يتطور روان إلى مستوى الأصل، لما أدرك وجود الموت. صدمة فقدان هذا القدر من عمره ستشل قدرته على اتخاذ القرارات، وسيغرق في حالة من البؤس لن يستطيع الخلاص منها أبدًا.

ومن تلك اللحظة فصاعدا، بدأ روان في الاستعداد للقائه المقبل مع الموت، مدركًا أن وجود هذا الكيان الشرير أمر لا مفر منه.

ومع ذلك، تسائل عما إذا كان الموت مستعدًا له.

لو استطاع نوكتيس أن يُلقي نظرةً فاحصةً على وجه روان الميت، لرأى ابتسامةً خفيفةً تُزيّن شفتيه.

الترجمة : كوكبة