السجل البدائي - الفصل 1623

الفصل 1623: سفينة الجبابرة

ثمانين عامًا بعد ولادة النور الجديد.

سفينة ضخمة متعددة الأبعاد تمتد لملايين الأميال تعبر فراغ الظلام العظيم، متجهة نحو عالم بعيد من البعد السادس

سفينةٌ بهذا الحجمِ الأبعادِ تتسعُ لملياراتٍ، لكن داخلَها مئةٌ فقط، وهؤلاءِ المئةُ جبابرةٌ. أُبيدَ جبابرةٌ قدماءُ كانوا يمشونَ بينَ الواقعِ خلالَ الحربِ البدائية، لكن مئةَ جبابرةٍ نائمينَ سكنوا هذه السفينة.

كانت هذه السفينة الأبعادية تشبه كاتدرائية ضخمة، بهيكل أنيق وزاوي مزين برموز غامضة تتوهج وهي تشق طريقها عبر المكان والزمان.

تسببت الأحرف الرونية الغامضة في أن تبدوا السفينة وكأنها تتلاشى داخل وخارج الواقع، ولكن ذلك بسبب السبائك المزورة الأبعادية التي تغطي السفينة، والتي هي قادرة على تحمل الشقوق البعدية والقوى الكونية.

كان الجبابرة النائمون في مهدات إرساء مُعززة لحمايتهم وعزلهم عن الواقع، لأن الظلام العظيم لم يعد مكانًا آمنًا. لو لم تُتخذ هذه الإجرائات، فمن المرجح جدًا ألا يصل هؤلاء الجبابرة إلى وجهتهم.

كان جميع الجبابرة المائة كيانات من البعد الثامن، قدماء ذو قوة لا يمكن قياسها، ولكن في الحالة الحالية للواقع، لا يمكن ضمان سلامتهم إذا لم يتم اتخاذ الرعاية المناسبة.

في قلب السفينة توجد روحها، وهي ذكاء تم رعايته لمليارات السنين لقيادة جميع سفن جبابرة الأبعاد، والتي كانت أكثر من مائة منها تحت سيطرتها.

في العقد الماضي وحده، فقدت عشرات من هذه السفن، وككل خسارة بمثابة ضربة ساحقة لسيادة الجبابرة، لأنه لا يمكن تعويضها تقريبًا.

بدأ الواقع يتغير، مع ظهور موارد جديدة وقوية من العدم، ولكن ليس بالسرعة الكافية لإشباع الرغبة الجامحة في إنتاج سفينة أحادية البعد. لذا، كان لا بد من إدارة الموارد بعناية.

ظلت استخبارات السفينة تراقب الظلام حتى رصدت أنشطة مشبوهة في الأمام. وبعد تحليل سريع، تأكدت من اكتشافها.

استعدادًا للمعركة، أرسلت دفعة سريعة من البيانات إلى قائد السفينة، الجبار السامي، شيموس.

*****

كان شيموس داخل فضائه العقلي، يحلم بالمعركة.

وُلِد في حرب لا تنتهي، وتشكلت على يديه، ومنذ اللحظة التي فتح فيها عينيه وأخذ أنفاسه الأولى، بقيت المذبحة أقرب رفيق له.

لقد ارتجف مصيره، وعرف أن نداء السفينة قادم قبل لحظات عديدة من حدوثه، ولذا فقد انسحب من المذبحة داخل فضائه العقلي، متوقعًا شيئًا أكثر واقعية، وربما أكثر خيبة أمل.

لم يكن لدى الجميع ثمانية عصور رئيسية لإتقان فعل القتال، وعلى الرغم من أن الواقع يتغير بسرعة، وسكانه أصبحوا أكثر خطورة، إلا أن هناك أشياء قليلة يمكنها التغلب على الخبرة التي تم اكتسابها عبر الزمن.

انفتحت عينا شيموس، فلم يكن فيهما سوى ظلام دامس. كانت حدقتا عينيه أشد سوادًا من الليل، لأنه وُلد في أعماق الهاوية قبل أن يسرقها منهم البدائيون.

درع مصنوع من سحر الأركون المكرر نبض وتأوه حول جسده الضخم الذي يبلغ طوله ستة عشر كيلومترًا عندما انفصل عن مهده.

بالنسبة لكائنٍ بحجمه، فإن شيموس يتحرك برشاقةٍ خارقة. لم يبدُ جسده مقيدًا بالجاذبية أو أي قوى خارجية. بدا كإنسان، لكن بأذرعه الثمانية وأجنحته العريضة الشبيهة بأجنحته الخفاشية المطوية خلفه، كان شيموس جبارا حقيقيًا وُلد من دم زانثول، تنين الشعلة.[1]

وبربط عقله بالسفينة، رفع إدراكه إلى أقصى حد، وكزهرة متفتحة، هرب عقله من حدود السفينة، عابراً الزمان والمكان، ورأى مصدر الاضطراب.

كانت هناك قلعة معركة أمامهم لم تكن موجودة عندما تم مسح الفضاء أمامهم، منذ بضع دورات أبعادية.

إذا ما قورنت هذه القلعة بسفينتهم، فقد بُنيت بمهارة بدائية، لكن ما افتقرت إليه من هندسة وإبداع غامض، عوضته بالقوة وكمية كبيرة من المواد عالية المستوى. من خلال لمحة سريعة من إدراكه، شعر شيموس بكمية هائلة من الطاقة المتراكمة في القلعة، لا يمكن إلا لواقع اليوم أن يستوعبها.

“كأطفال يلعبون بأولى النيران،” زمجر شيموس. لكن هذا لا يعني أن من يوجد في الحصن ليس خطرًا؛ فبالنسبة لمحارب مثل شيموس، كان الأمر عكس ذلك. أصحاب القوة العظيمة الذين لا يعرفون كيف يستخدمونها غالبًا ما يكونون خطرين.

لم يُدخل شيموس إدراكه إلى القلعة بفظاظة؛ إذ من السهل اكتشاف ذلك. فبالنسبة لجبار من سلالته، كانت لديه أدوات أفضل.

مع تركيز إدراكه على القلعة، تغيرت عيناه، التي كانت أكثر سوادًا من الليل، فجأة، وأصبحت أكثر إشراقًا من أي نجم في السماء.

بدت القلعة وكأنها تذوب أمام عينيه، وانكشفت الأسرار الكامنة فيها. بفضل تواصله مع استخبارات السفينة، كان يُحدّث معلوماته باستمرار عما يراه. استخدام علمه المطلق ورؤيته كفيلٌ بإثارة من بداخل القلعة، لذا عليه الاعتماد على السفينة.

لم تستغرق السفينة وقتًا طويلاً للبحث عبر الأثير، والاتصال بمراكز المعلومات المختلفة، وتم إعطاؤه الإجابات.

محاربو أوميكرون: [فصيل جديد نشأ في منطقة آشر كوادرانتس وله تاريخ قديم يتبع خط الإمبراطور الفارغ.]

[لقد نشأ هذا الفصيل مع وجود مائة دوامة بدائية في منطقتهم، وقد جمعوا تحت قيادتهم مجموعة واسعة من الأجناس.]

تقييم التهديد: [خطير نسبيًا.]

[ لقد كان لديهم عدد قليل من القوى العظمى التي ظلت ثابتة داخل نطاقاتها، ولكن وجود مائة دوامة بدائية تحت سيطرتهم أدى إلى ولادة الملايين من القدامى.]

حصن هيشر: [ بُني من قلب بطل هاوي وسبائك معدنية بمليار بُعد. صُمم هذا الحصن لصد دمار مليون بُعد. يضم حاليًا ألف قديم ومليارات من الكيانات ذات الأبعاد الأقل. إنه مُهيأ للحرب.]

التوصية: [ علينا إيجاد طريق بديل نحو الأصل.]

تأمل شيموس توصية سفينته للحظة قبل أن يتخلص منها. غرائزه كانت تُخبره أن وجود قلعة هيشر على طريقهم لم يكن أمرًا عفويًا.

لم يكونوا الوحيدين الذين رغبوا في الوصول إلى الأصل، وإذا أضاعوا الوقت في محاولة العثور على طريق آخر، خشي شيموس أنهم سيواجهون قلاعًا أخرى ستمنعهم.

“السفينة، كم عدد الحصون القتالية التي يسيطر عليها محاربو أوميكرون؟”

لم يكن هناك سوى توقف قصير قبل أن يأتيه الرد،

“يُشتبه في أن زعيم أوميكرون الهائجين، رانثول البناء، هو منشئ سماوي سابق للنور القديم، ويتحكم في القدرة السامية العليا، الحدادة الجوفاء.”

“لا يمكن إعطاء تقييم دقيق لعدد الحصون، ولكن من المقدر أن يكون ما بين مائة إلى ثلاثمائة.”

عبس شيموس قبل أن يتخذ قرارًا؛ فقد تم اكتشافهم بالفعل. ربما لم يكن من في الحصن على علم بأن هذه سفينة تابعة لجبار لأن بصمتها منخفضة للغاية، وتبدو أشبه بفرقاطة صغيرة منها بسفينة بُعدية ضخمة. سيرسلون شخصًا للتحقيق في الشذوذ المتجه نحوهم قريبًا.

أعطى الجبار السامي تعليماته،

“استيقظوا يا إخوتي، سنمر عبرهم.”

[ملاحظة الجانب: “الدورات البعدية” مصطلح جديد يُستخدم للدلالة على مرور الزمن في الواقع. نحن الآن في مرحلة متعددة الأبعاد من القصة، وهذه طريقة لعكس هذا التغيير.]

الترجمة : كوكبة

——

[1] : تنين الشعلة هو الوحش البدائي الأول الي قتله البدائيين وظهر في المجلد الخامس لما روان شاف ذكرى للنور والزمن والشيطان وهم يقتلوه قطعة قطعة وحسب كلامي بدائي الزمن فتنين الشعلة إستغل عينه بطريقة ما عشان ينجوا وهو حاليا مختبئ في مكان ما غير معروف

بداية المجلد الأخير من الرواية….