السجل البدائي - الفصل 1594

الفصل 1594: العودة إلى الجنون

لم يكن من الممكن قياس الصراع بين الكائنات البدائية باستخدام الزمن العادي كمرجع. كان الزمان والمكان يتحطمان وينكسران بسهولة، تاركين ورائهما شظايا لا تُحصى من الفوضى والفساد تجوب هذا الفضاء.

هذا يعني أنه لا يُمكن الاعتماد على تدفق الزمن، إذ يُمكن أن يبقى ثابتًا إلى الأبد أو يتسارع تريليونات السنين دفعةً واحدة. كان كل شيء تحت سيطرة هذه الكيانات، وجميع أنواع التغييرات عديمة الفائدة.

لقد تم نسج عناصر الزمان والمكان في هجماتهم، وهكذا في الواقع، خارج هذا الفضاء الذي صنعه باهاموت، فإن الوقت المستقر الذي مر – والذي تم الحفاظ عليه بواسطة جسد بدائي الزمن الذي تحطم في عصر بعيد – كان بالكاد ثلاثة أيام، ولكن داخل فضاء المعركة، مرت عشرة ملايين سنة.

في الفترة التي راقبهما فيها، كان باهاموت والفوضى يتقاتلان لفترة طويلة من الزمن، والآن فقط بدأوا في بذل قصارى جهدهم.

كان ثقل وجودهم يضغط على الزمان والمكان، دافعًا إياهما إلى حالة من التدفق المتسارع . كان هذا في فضاء البعد التاسع. اعتقد روان أنه لو خُوضت هذه المعركة في الواقع الخارجي، لكان تأثير تشوه الزمن أسوأ بكثير.

إذا كان الواقع قادرًا على النجاة من المواجهة بين الاثنين، فقد إعتقد أن أكثر من خمسين مليار عام سوف تمر، لأن الزمن سوف يتشوه بسبب وجودهما.

حتى لو لم تأدي معركتهما إلى إنهاء الوجود، فإن هذا التدفق المكثف للوقت من شأنه أن يقتل العديد من الخالدين الأدنى، وينهي كل حياة فانية، ويدمر حالة الواقع لسنوات عديدة قادمة، وسوف يعتبر هذا أقل الآثار الجانبية لهذه المعركة.

كان هذا الفضاء الذي أنشأه باهاموت يقع في قلب عالم الساحر الأعلى. أُخلي العالم بأكمله بناءً على تعليمات أندار مع كاسري الحدود، وطوال الأيام الثلاثة التي انقضت، ساد الصمت معظم العالم.

مع السحر والفنون الخالدة الأخرى التي أصبحت متأثرة بشدة بالمستوى المتزايد من الأثير البدائي داخل الواقع، تم إخلاء جميع أشكال الحياة تقريبًا في عالم الساحر، تاركين أولئك الذين كانوا موالين بشكل متعصب للساحر الأعلى إنديريوس وتوقعوا أن غضبه سينزل قريبًا على أولئك الذين فروا من العالم.

قد يكون عددهم قليلًا نسبيًا، بالكاد يتجاوز ثلاثمائة مليون. ومع ذلك، كان هؤلاء السحرة من الطبقة الحاكمة، وأقرّوا باستحالة تأثير هذه التغييرات التي تطرأ عليهم على مكانتهم.

كانوا ينتظرون خبر القبض على أندار والقضاء السريع على أي عناصر تخريبية في مملكتهم. ورغم أن خبر قتل أندار لحراس اللهب قبل نزوله إلى المملكة قد وصل إلى مسامعهم، إلا أن أحداً منهم لم يعتقد بإمكانية حدوث أي تحولات جوهرية.

سلالة إنديريوس، التي تولت معظم المناصب الحاكمة في المملكة، لم تغادرها قط. كانوا يُدبّرون بالفعل خططًا لمعاقبة وقمع من يفرّون من المملكة، العقوبات التي يُعدّونها مُريعة.

لإظهار ولائهم للساحر الأعلى، الذي لم يُصدر الأوامر بعد، رفض معظمهم امتصاص الجوهر البدائي العائم حتى أُمروا. ومع ذلك، خلف الكواليس، استوعبوا هذه القوى بسرعة وحققوا اختراقات سرية.

في اليوم الأول، اجتمعوا وبدأوا في وضع الخطط وإرسال الأوامر إلى جميع الذين فروا من المملكة بالعودة.

قاموا بإرسال استدعائات قاسية لجميع السحرة عبر الأثير، لتذكيرهم بقوة الساحر الأعلى ومدى غضبه.

لم يكن مهمًا نوع التغييرات التي تجتاح الواقع أو أن القوى المجهولة لأندار ومن خلفه كانت عظيمة؛ فإن الساحر الأعلى سوف يفوز، وسوف يعود كل شيء إلى حالته الطبيعية.

امتلأت شبكة الأثيرنت بتصريحاتهم، ولكن الغريب أنه بعد يوم واحد ساد الصمت كل شيء؛ حتى شبكة الأثيرنت غرقت، ولكن تعليماتهم سمعها جميع السحرة، فبدأوا في العودة.

على الرغم من أن أندار أعطى تعليمات صارمة لكاسري الحدود – الذين لهم تأثير كبير في مجتمع السحرة نظرًا لكون معظمهم من العباقرة والمتصلين بمعظم عائلات السحرة الرئيسية – بأنهم لا يجب أن يعودوا أبدًا بمجرد أن يبدأ في دخول قلب العالم، وأن ينتظروا فقط حتى يستقر الغبار ويرسل الكلمة، إلا أنهم لم يتمكنوا من إيقاف العديد من السحرة الذين لم يتمكنوا من رفض أوامر عائلة إنديريوس الحاكمة.

بعد عصورٍ قصيرةٍ من حكمٍ متواصلٍ لعائلة إنديريوس الحاكمة، كان من شبه المستحيل على أيٍّ من السحرة عصيان أوامرهم. لم يستطع كاسروا الحدود إلا تأخير عودتهم لفترةٍ وجيزة، ولكن في اليوم الثالث، بدأ معظم السحرة الذين فروا بالعودة.

ومع ذلك، فإن الغرض من عودتهم قد تغير تحت تأثير التلاعب الخفي من قبل كاسري الحدود إلى جانب عقلية التغيير التي تجتاح الواقع.

لم يكن معظم السحرة عائدين بسبب الأوامر الصادرة من عائلة إنديريوس، بل لمساعدة الساحر اللانهائي، أندار إريكسون.

في ثلاثة أيام، اجتاحت تغييرات غير مسبوقة مجتمع السحرة. لم يكن معروفًا ما إذا كانت تقنية زراعتهم تستجيب بشكل خاص للأثير البدائي أو لأي عامل مجهول آخر، لكن مستوى معيشتهم ارتفع بشكل كبير.

التحولات التي من المفترض أن تستغرقهم بقية حياتهم بدأت تحدث في غضون ساعات، وإذا لم يتباطأ معدل النمو، فإن حدودهم العليا غير معروفة.

كان بإمكانهم مقاومة الأوامر وعدم العودة، مدركين أنه بمرور الوقت، سوف يصبحون جميعًا أقوياء جدًا لدرجة أنه سيكون من المستحيل قمعهم تحت حكم بيت إنديريوس بعد الآن، ولكن هناك شخص واحد لا يمكنهم تركه خلفهم: أندار إريكسون.

ظلت كلماته تتردد في قلوبهم وأرواحهم، ولذلك عادوا إلى المملكة، ليس لأنهم تلقوا أوامر من بيت إنديريوس، ولكن لأنهم أرادوا القتال من أجل أندار إريكسون.

إذا أراد الساحر الأعلى أن يقضي عليه، فعليه قتلهم جميعًا. سيطر جوٌّ من الحماسة على الجماهير، فجاءوا للقتال من أجل مستقبلهم.

******

كانت أينيد إريكسون، والدة أندار، من بين العائدين. من بعيد، بدا عالم الساحر في سلام. لم يُسمع أي صوت معركة قادم من هناك، لكن هذا لم يجلب لها أي سلام، بل قلقًا. فقط أسر أندار أو موته هو ما سيؤدي إلى مثل هذا المنظر.

عندما اقتربوا من العالم، بدأت موجة من الصمت تجتاح مئات المليارات من السحرة؛ حتى أنهم لم يدركوا أنهم قد صمتوا حيث ملأ الضغط الصامت صدورهم، ومع ذلك لم تكن هناك كلمات لوصف مشاعرهم.

من بين العائدين، اختار تسعون بالمائة منهم التباطؤ. كان هناك شيء ما يمنعهم، لكنهم كافحوا لتجاوز التردد في قلوبهم.

على بعد بضع سنوات ضوئية من العالم، يمكن الآن لتعاويذ المراقبة أن تنظر من خلال حقل التعتيم المستمر الذي حجب العالم دائمًا عن النظرة الخارجية، ورأوا الحالة الفعلية لعالم الساحر وجذر هذا الخوف المجهول في قلوبهم.

الترجمة : كوكبة

——

حقين عالم السحرة واخذين مقلب في أندار والله، تراه مش البطل بالشخصية جانبية