السجل البدائي - الفصل 1555

الفصل 1555: أثيريوس

قبل أن يتمكن أندار من اتخاذ مثل هذه الخطوة الجذرية مثل الذهاب ضد الساحر الأعلى، كان بحاجة إلى أن يكون مستعدًا تمامًا، إذا أعتبر من الممكن حتى الاستعداد لمثل هذا الشيء، ولكن على مر السنين، ومع نموه كساحر أقوى، استطاع جمع الكثير من التعويذات والقدرات الفريدة التي دفعت قواه إلى مستويات غير معروفة.

نمت مواهبه في جميع فنون الخلود نموًا هائلًا، بما في ذلك الخيمياء، وصقل الأسلحة، والتشكيل، وصناعة التعويذات، والنباتات الروحية، وصناعة الدمى. وعلى عكس السحرة الآخرين الذين ركزوا على حرفة واحدة فقط، أتقن أندار جميع هذه الحرف.

كان هذا ليُعتبر جنونًا، لكنه رأى شخصًا أعظم بكثير، وظنّ أن فنون السحرة الخالدة ليست سوى جزء ضئيل من الحقيقة المطلقة وراء الخلود. أدرك أندار أنه لا يستطيع أن يُضاهي اتساع معرفة والده، لذلك سعى وراء أعماق فنون الخلود، راغبًا في أن يصبح أول من يتقنها تمامًا ويتفوق عليها.

تمنى أندار أن يكون لديه المزيد من الوقت لإتقان هذه الفنون، ولكن في مليون سنة من حياته، وصلت كل هذه الفنون الخالدة إلى مستويات بالكاد شوهدت في الواقع، وذهبت جميعها إلى إنشاء عصا أندار الساحرة – تحفته الفنية.

لم يكشف أندار عن هذه العصا أمام أحد، حتى روان، لأنها جوهره، ولم يكن يكشف عن هذا النوع من الأشياء بسهولة بسبب طبيعته المثالية، ولأن قوة ما صنعه أعظم مما يستطيع التحكم به بمستواه الحالي. ومع ذلك، كان بحاجة إلى عصاه إذا أراد أن يحظى بفرصة الوقوف أمام إنديريوس.

لقد رأى قوة القدماء، وعرف أنه حتى الخالد من البعد السابع لا يستطيع رؤية أشكالهم الحقيقية دون أن يفسده وجوده. كان أندار يؤمن أن إنديريوس، حتى بين القدماء، يتفوق عليهم جميعًا بفارق كبير، مما يجعل مواجهته لهذا القديم من أهم التحديات التي سيواجهها في حياته.

أغمض عينيه قليلاً حتى يتمكن من صب كل ذرة من التركيز التي لديه في فضائه العقلي، واتصل بكلاودي، برجه الخاص، والذي أصبح الآن كيانًا من البعد السادس وأكبر من أي عالم من البعد السادس له أي حق في أن يوجد.

حتى لو كان الحوت السحابي العادي قادرًا على الوصول إلى عالم البعد السادس، فلن يكون سوى ذرة من الغبار أمام الحوت السحابي الحالي الذي يمكنه ابتلاع مائة بُعد في جرعة واحدة.

كان وعيه متشابكًا مع برجه، وقد أدى هذا الفعل إلى تقوية عقله القوي بالفعل إلى المستوى الذي أصبح فيه مستوى البعد السادس جزءًا منه.

حول أندار، حطمت قوة وعيه الأرض، تاركةً إياه معلقًا فوق النجم المشتعل على بُعد مئات الأميال. ضغطت قوة شمس السحر، غير المُرشَّحة بالأرض، على جلد أندار، لكن قوة وعيه كانت هائلة لدرجة أنها استطاعت صدّها.

كان الأمر كما لو أنه ضاعف قوة وعيه مليون مرة. كل هذا هو خطوة ضرورية، لأنه بدون وعي بهذه القوة، لن يتمكن أندار حتى من رفع عصاه السحرية، وإذا أراد مواجهة إنديريوس، فهو بحاجة إلى قوة وعي بهذا المستوى ليتمكن حتى من النظر إلى القديم.

عندما تم مطاردة أندار من قبل مصاص الدماء من البعد الثامن، دراكول، قام بجذب هذا الكيان إلى قلب عالمه لإيقاعه في الفخ، وفي النهاية، لم يكن بحاجة إلى القيام بهذه الخطوة لأنه كان قادرًا على الوصول إلى روان قبل أن يصل دراكول إلى قلبه.

لكن لو نجح مصاص الدماء، فإن ما كان ليراه في وسط عالم أندار سيصدم حتى هذا القديم.

كان ليرى عصاً طولها أكثر من ألف ميل، غاص طرفها عميقًا في الأرض، ولم يكن من السهل رؤية قمتها. كانت مواد هذه العصا بسيطة نسبيًا، على الأقل مقارنةً بما تحتويه عادةً عصيّ السحرة الفاخرة الأخرى. ومع ذلك، من الممكن أن تنمو مادة العصا جنبًا إلى جنب مع أندار، وهذه خاصيةً عزيزةً عليه أكثر من ندرتها.

صُنعت من الفضة السماوية وحجر السج المُلْمَس بالفراغ. هاتان المادتان اختارهما أندار بعناية فائقة لتوافقهما التام مع مواهبه الفطرية وإرادته، إذ مثّلتا ثنائية النور والظلام، التي جسّدت جوهره كمُلْتَهِمٍ للضوء.

ما لم يكن أندار يعلمه هو أن هاتين المادتين مختلفتان عما يعتقد. كلاهما يمتلكان الخصائص التي سعى إليها، لكنهما لم تكونا كافيتين لتحقيق أحلامه. لقد تلاعب روان ببراعة بجوهر هاتين المادتين، جاعلاً إياهما فريدين، ضامناً اندماجهما مع أندار دون أي فقدان للتوافق.

كان روان متأكدًا من أنه عندما يطلق أندار العنان لقوة هذا العصا بالكامل، فإنه سيتعلم الحقيقة، وأمل ألا يلومه لكونه أبًا متطفلًا.

كان عمود العصا محفورًا بأحرف متوهجة تتراوح بين اللون الذهبي المشرق والبنفسجي العميق، تنبض بجوهر الضوء والظلال.

كان المساهم الأكثر أهمية في تغيير هذه الأحرف الرونية هو سيدة الظلال، إيفا، التي منحت أندار معرفة الأحرف الرونية القديمة التي يمكن إرجاع تاريخها إلى العصر البدائي.

لم يكن أندار قد فهم هذه الأحرف الرونية بشكل كامل، ولكن بالنسبة لتلك التي استطاع فهمها، فقد نقشها ببطء على العصا حتى أصبحت جزءًا منها، وتنمو جنبًا إلى جنب مع عملية الإنشاء المستمرة.

الصوت الذي جاء من أندار خرج من جسده وروحه،

“تعال إليّ… أيثيريوس!”

اهتزت عصا الساحر في قلب برجه، ثم سمعت نداء سيدها، فبدأت ترتفع، محطمةً الأرض المحيطة بها لمئات الأميال. وبينما كانت ترتفع، بدأت شرارةٌ بدت مظلمةً ونورًا في قمة العصا.

انطلقت هالة مخيفة من العصا وانتشرت في جميع أنحاء كلاودي، برج ماجوس الحي.

هذا جعل حوت السحاب يصرخ، وسافر صوته خارج بُعد ذاكرة أندار، ليصل إلى سماء عالم الساحر الأعلى. بدا العالم كله وكأنه متجمد في مكانه أمام حضورٍ قديم وجديد في آنٍ واحد.

الترجمة : كوكبة