السجل البدائي - الفصل 1549

الفصل 1549: صاعقة البرق

نظر أندار إلى السماء، ولم يفكر في المشاعر التي لا تعد ولا تحصى والتي تدور في قلوب الجميع.

كان يعلم أن هناك من سخر منه، وآخرين أشفقوا عليه، ظانّين أنه مجنون، وعددًا كبيرًا منهم صدقوا كلامه، لكن هذا لم يُهم. أمام عظمة أبيه، سيسير كل شيء على نهجه. لقد أراه روان الاتجاه الذي أراد أن يسلكه في الوجود كله، وآمن أندار بتلك الرؤية من كل قلبه.

“بووم!”

فجأة، انطلقت صاعقة فضية من يدي أندار وبدأت تدور حول جسده.

بدا الأمر كما لو أن كل نفس يأخذه يتسبب في تدفق المزيد من البرق الفضي من يديه مثل الفيضان.

بدلاً من إطلاقها في المناطق المحيطة بها، اندمجت في حلقة دائرية حوله كانت تنمو بشكل متزايد أكثر إشراقًا وأكبر.

في نفس اللحظة، توقف البرق الخارج من يدي أندار، ولم يبق حوله سوى حلقة دوارة من البرق الفضي المكثف الذي بدا وكأنه مصنوع من المعدن تقريبًا.

لمس أندار الحلقة الدوارة بإصبعه ببطء، فانكسرت البقعة التي لمسها. انفتحت الحلقة فجأةً على شكل شريط برق واحد، مصحوبًا بضربة مرعبة هزت الأرض لملايين الأميال، فأمسك أندار بتلك الصاعقة.

لقد كان هذا الفعل بسيطًا على ما يبدو، لكن أندار استثمر كل ذرة من القوة في جسده لصنع هذه الصاعقة، وأشرقت عيناه بالإثارة عند إنجازه.

أخذ لحظة لالتقاط أنفاسه حتى يتمكن من استعادة قوته، وفي الوقت الذي جمع فيه نفسه، أصيب الواقع بالجنون.

****

في هذه اللحظة القصيرة من التحول من حلقة من البرق إلى صاعقة قوية واحدة، لمحة خاطفة من القوة التي تحتويها تلك الصاعقة انتشرت في جميع أنحاء عالم الساحر الأعلى، والسحرة ذوي الأبعاد الأعلى خلفه شحبوا من الصدمة.

تم الكشف عن لمحة من أساس أندار المذهل من خلال هذه البرقية الوحيدة.

دخل أندار إلى مستوى البعد السادس مع أسس ألف مساحة من البعد الخامس في برجه السحري الخاص به.

تبدأ الأبعاد، وخاصةً الخامس، في احتواء القوانين المختلفة للواقع التي يتقنها الخالد.

كان السبب الأعظم وراء سعي الخالد للحصول على القوة ليصبح حاملًا للعالم بسيطًا: فهو يمنح رؤية محسنة للقوانين التي تربط الواقع.

ما لم يكن معروفًا لجميع الخالدين الذين أصبحوا حاملي العالم وأظهروا أبعادهم على الواقع، أن القوة التي أظهرت أبعادهم وأعطتها الاستقرار كانت مماثلة للجوهر البدائي الذي ملأ الواقع ذات يوم.

يحتوي هذا الجوهر على جميع قوانين الواقع، وعندما يتم توجيهه إلى بُعد، فإنه يكمل أساس ذلك البعد، وبالتالي إذا قام الخالد الذي هو فقط على دراية بقوانين النار بصنع بُعد بدون قوة حامل العالم، فإن بعده سيكون غير مكتمل.

لن يمتلك سوى قوى اللهب الشديدة والقوانين الثانوية الأخرى التي تعلمها الخالد، ولن يكون صالحًا للحياة. بصفته حاملًا للعالم، سيكمل هذه القوانين ويجعل البُعد مستقرًا.

لكن هذه القوانين كانت مُخبأة في نسيج العالم، وسيستغرق الخالدون وقتًا طويلًا جدًا لفهم قوانين أبعادهم ببطء. إتقان هذه القوانين سيؤدي إلى نمو سريع في عوالم الخالدين ذات الأبعاد.

لقد جاء هذا النمو أيضًا مع بعض العيوب، لأن هذه القوانين لم يتم تصورها في الأصل من قبل الخالدين؛ ولم يتمكنوا من التحكم بها بشكل كامل حتى عندما تم فهمها.

لم يكن لدى أندار قوة حامل العالم؛ كان بُعده خاصًا به، وأساسه، الذي بُني عليه من خلال سلالته العميقة، جعل كل جزء من قوته نقيًا للغاية.

لم يُصدم هذا الخالدون ذوي الأبعاد العليا. كانوا يعلمون أن قوى أندار نقية، وليست مشتقة من مصادر خارجية. ما لفت انتباههم هو حجم القوة الكامنة في تلك الصواعق، وسيطرته المذهلة عليها.

لم يبدُ أنها قوةٌ يستطيع رجلٌ واحدٌ استخدامها، لأن كميتها كانت مُرعبةً للغاية. بدأ بعضهم يُحصي كمية الأثير التي يُمكن أن تحتويها هذه الصاعقة، وكادوا أن يسقطوا أرضًا من الدهشة.

كان هناك أربعة آلاف ساحر من الأبعاد الأعلى خلف أندار في البعد الرابع، وثلاثمائة في البعد الخامس، وأربعون في البعد السادس، وثلاثة على مستوى البعد السابع.

في كل مستوى من الأبعاد، قام جميع السحرة بالحسابات فيما بينهم، واكتشف سحرة البعد الرابع أنه حتى لو تم دمج كل الأربعة آلاف منهم، فلن يتمكنوا من تجميع ما يكفي من الأثير لتشغيل صاعقة البرق هذه.

تردد صدى هذا الشعور لدى سحرة البعد الخامس والسادس والسابع. ما لم يجمعوا كل الأثير في أجسادهم، فلن يتمكنوا من تشغيل هذه الصاعقة الوحيدة، وهذا ليس سوى جانب صغير من الأسرار الكامنة ورائها.

ستتطلب أجزاء أخرى منها موارد إضافية منهم، مثل قدرة حاسوبية قوية لاستنتاج الحركات الدقيقة للقواعد العديدة اللازمة للعمل بسلاسة لإنتاج هذه الصاعقة. تطلب الأمر عناصر إضافية كثيرة لإنتاج هذه الصاعقة.

ازدادت تعابير وجوههم جدية، وإن كان في قلوبهم أي تلميح للسخرية، فقد اختفى ذلك الشعور. بحركة واحدة، أثبت أندار قدرته على التحدث في قضايا لم يكن في الحسبان، لأن قوته جعلته جديرًا بها.

إذا لم تفهم الجماهير التي تراقب أندار والأعداد التي لا تعد ولا تحصى التي تراقب من الأثير قوة هذا البرق الوحيد الذي يحمله، فلم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى انتشرت الحقيقة، وهزت الضجة الواقع.

في البداية، كان معظم الخالدين الذين يشاهدون الأحداث في عالم الساحر الأعلى من الخالدين الصغار، لكن هذه الصاعقة لفتت انتباه الوجود بأكمله.

أحضر أندار يده اليمنى التي حملت صاعقة البرق الفضية وأشار بها إلى العاصفة التي أصبحت على ارتفاع ألف قدم فوق رؤوسهم جميعًا، وقال،

“لقد قلت لكم أن العصر القديم قد مات، وسأريكم فجر العصر الجديد.”

مع هذه الكلمات أطلق صاعقة البرق، التي انطلقت بعيدًا عن يده مع هدير ثم ضربت العاصفة الهابطة.

الترجمة : كوكبة