السجل البدائي - الفصل 1541

الفصل 1541: الواقع البدائي

كانت التغييرات التي شهدتها جميع العوالم التي نشأت فيها العاصفة جذرية وغير مسبوقة، وكان أول من فهم هذه التغييرات هم القدماء؛ كانوا هم الذين لديهم أقرب علاقة بالمفاهيم إلى جانب البدائيين، ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى يدركوا القوة الكامنة المذهلة التي تسكن داخل العاصفة بعد أن بدأ روان في إطلاق خمسة في المائة من الطاقة التي كان يكتسبها من خارج الواقع.

قد لا يبدو خمسة في المائة كثيرًا، ولكن في المخطط الكبير للأمور، عندما يتعلق الأمر بالقوى على المستوى البدائي، كانت خمسة في المائة قوية للغاية، وكانت كمية الطاقة المنبعثة قد تجاوزت أي شيء شوهد على الإطلاق في الواقع، حيث تعادل تقريبًا مستويات الطاقة في المجالات البدائية.

ومع ذلك، يتوقع روان أن الأمر سيستغرق بضع سنوات، وربما عقدًا من الزمن، قبل أن يتأقلم كل كائن قديم مع طاقة العاصفة. فالواقع لا نهائي في النهاية، وعقد من الزمن لاكتشاف هذا التغيير وتسخيره يعتبر بمثابة لمح البصر بالمقارنة.

كان بإمكان روان الاستجابة بسرعة كبيرة للتغيرات في الأحداث في وقت قصير نسبيًا لأن الوقت أكثر وفرة بالنسبة له مما هو متاح لبقية الواقع.

مرّ الزمن أبطأ بكثير في أرضه الأصلية، وخاصةً في أعماقها، حيث اختار روان أن يستقرّ في وعيه. في مدينة شيول، كان الزمن يتسارع بنسبة عشرة إلى واحد، حيث أن كل عشرة أيام داخل مدينته تعادل يومًا واحدًا خارجها، وفي أعماق أرضه الأصلية، كان ألف عام يمرّ في يوم واحد.

كانت هذه الميزة فعّالة للغاية، وسيستفيد منها روان أكثر مع مرور الوقت. هذا يعني، من الناحية الفنية، أنه لا يمكن تهديد روان بأي طارئ، لأنه سيمتلك دائمًا الوقت الكافي لمواجهة أي موقف طارئ. ومع ذلك، ينطبق الأمر نفسه على أعدائه. فالبدائيون موجودون خارج الزمن، وأي قيود لديهم هي ما يفرضونه على أنفسهم.

كان أمله الوحيد أن تُلغي مزاياه مزاياهم، مما يُبقي على تكافؤ الفرص. إن جلب العاصفة إلى الواقع هو وسيلة لكسر إحدى أعظم مزايا المجالات البدائية، وتحطيم سيطرتهم الراسخة على الواقع تدريجيًا.

في ذلك الوقت، سيدأ الوجه الحقيقي للواقع بالتغير، لكن هذه العاصفة ستجلب التغيير ليس فقط من الأعلى ولكن أيضًا من الأسفل، وروان يعلم أن التغييرات من الأسفل أكثر أهمية بالنسبة له مما سينشأ من الأعلى.

بقدر ما قد يستفيد القدماء من الجوهر الذي كان نقيًا وقويًا تقريبًا مثل الجوهر البدائي، فإن المستفيد الأكبر من هذه العملية سيكون الفانين والخالدون الصغار.

نشأ القدماء جميعًا تحت تأثير البدائيين. لم يكن طريقهم ممكنًا إلا باتباعهم ما أُعطي لهم. ومع ذلك، في واقعٍ اتّسمت فيه الإمكانيات اللامتناهية، اعتقد روان أن الفانين والخالدين الأدنى هم وحدهم القادرون على استغلالها.

إن فعل غريبا، الملكة الفضية، بقتل كل حياة داخل مملكتها لم يكن متعمدًا فقط بسبب جنونها ونفورها من الحياة التي تسكن مملكتها، بل هوفي إدراكها أنه إذا فهمت هذه الكائنات ذات الأبعاد الدنيا القوة الكامنة في العاصفة، فهناك احتمال كبير أنهم سوف يتمردون ضد سيطرتها.

سرعان ما أدركت الاحتمالات اللامحدودة للتقدم المخفية داخل العاصفة، ولم تستطع السماح للأشخاص الذين أصبحت تكرههم بالمطالبة بهذه القوة، على الرغم من وجود ما يكفي من القوة داخل هذه العاصفة لإرضاء الجميع في بُعدها، بما في ذلك نفسها.

كان من الصعب أن يصبح كائن مثل القديم أقوى لأن كل خطوة للأمام تطلبت متطلبًا قاسيًا، لكن لم يكن هذا هو الحال بالنسبة للفانين والخالدين الصغار، الذين كانوا عبارة عن ألواح فارغة، وقد أعطاهم روان الأداة النهائية للتقدم.

كانت الطاقة والمفاهيم الكامنة في الجوهر الذي ملأ العاصفة عالية المستوى لدرجة أنها كفيلة برفع مكانة فاني من الصفر إلى مرتبة السمو في لمح البصر. سرعة الإنجازات التي يتمتع بها من يُسمون بالعباقرة لا تُقارن بما هو آتٍ، وهذه مجرد الفوائد الأساسية التي سينعمون بها.

لم يُطلق روان هذه العاصفة في العوالم العليا فحسب، بل فعلها في العوالم الدنيا أيضًا. ورغم أن العاصفة تسببت في دمار هائل ووفيات في أكوان لا تُحصى، إلا أن التغيير الذي سيحدث في السنوات القادمة سيُحدث تغييرات جذرية هائلة، لدرجة أن روان لم يستطع التنبؤ إلا بالاتجاه العام الذي سيسلكه الواقع، وليس بالتغييرات والمفاجآت الطفيفة العديدة التي ستنشأ عن عودة الواقع تدريجيًا إلى حالته البدائية.

يمكن للحياة أن تزدهر داخل بُعد ما لأن هناك كمية صغيرة من الجوهر البدائي تغذي هذا البعد، وروان الآن يطلق هذه القوة على كل الواقع.

كان روان يُقدّر إمكانيات الفانين، ولذلك أطلق خمسة بالمئة فقط من الجوهر البدائي الذي اكتسبه من خارج الواقع. بهذا المستوى من القوة، لن يكون الأمر قاسيًا على الفانين، وسيتمكنون من التكيف معه بسهولة.

لن يظل متساهلاً إلى الأبد، لأنه سيبدأ بإطلاق المزيد من القوة في الواقع بسرعة بعد فترة. من استطاع التكيف بسرعة سيزدهر في هذا العصر الأسمى الجديد، ومن لم يستطع سيُصبح من بين ضحايا هذه الحرب اللامتناهية.

كان هناك شيء آخر لفت انتباه روان وهو الحالة العامة للواقع التي تتحول، بسرعة أكبر بكثير مما توقع، لأنه افترض أنه سيبدأ في رؤية هذه التغييرات عندما يطلق حوالي أربعين بالمائة من الجوهر البدائي الذي يتحكم فيه.

ومع ذلك، كان البدائيون قد حرموا الواقع من الكثير من الجوهر لدرجة أن وضع خمسة في المائة فقط من هذا الجوهر داخله لازال كافياً لتحفيز هذا التغيير.

كان هذا التغيير خفيًا ولن بصبح أكثر وضوحًا إلا بعد قرون، ولكن لا جدال في أن الطاقة المنبعثة من العاصفة بدأت تجعل الواقع أكثر كثافة.

الترجمة : كوكبة