السجل البدائي - الفصل 1520

الفصل 1520: خيوط الكارما

لم تهدأ العاصفة العاتية فوق أرض المعجزات، بل ازدادت قوتها تدريجيًا. بدأ الظلام ينتشر من العاصفة، يلتهم تدريجيًا النور المنبعث من أغصان شجرة الحياة.

لأول مرة منذ فجر العصر البدائي، ملأ الظلام أرض المعجزات وكان الضوء الوحيد الذي أشرق هو الضوء المنبعث من صواعق البرق الضخمة التي امتدت عبر سنوات ضوئية لا تعد ولا تحصى والعيون المتوهجتين أعلاه.

كانت العيون الباردة في الأعلى تحمل نظرة ثاقبة وصلت إلى قلوب كل خالد، وبعضهم حدق في العيون لفترة طويلة جدًا وهلكت أرواحهم، لمسة قصيرة على أجسادهم حطمتهم إلى غبار.

صرخات الخوف والهستيريا ملأت كل الواقع من المجال السماوي وجحافله النورانية التي لا نهاية لها إلى العالم الأعلى للسحرة حيث كان عبقري لا يمكن تفسيره على وشك أن يُمنح لقبًا، وصولاً إلى الهاوية العظيمة حيث دخل الشياطين العاصفة وصرخوا بخوفهم المتنكر في شكل غضب، وتلك العيون الباردة التي تفتقر إلى أي مشاعر نظرت إلى كل ذلك.

في تلك العيون، الشجعان الذين نظروا إليها ونجوا استطاعوا أن يروا أجزاء من الألغاز التي أثارت حواسهم، وقد ضاع العديد من الخالدين في وهج تلك العيون العظيمة، التي بدت وكأنها تحتوي على كل الألوان في الواقع، ولكن بالنسبة لهم، كان الموت فقط هو جوابهم، ومع ذلك فإن الأمر المرعب هو أن جميع الخالدين أو الفانين الذين نظروا طويلاً في العيون وماتوا، فعلوا ذلك بابتسامة على وجوههم.

كانت ابتسامتهم جميلة، وكأنهم رأوا إيدين خلف كل حدود خيالهم، وكانوا عائدين إلى ديارهم.

كثيرون رأوا تلك الابتسامات على وجوه الموتى فحسدوهم. ورغم علمهم بالمصير المنتظر، اختار كثيرون النظر عميقًا في تلك العيون فوق العاصفة، فضاعت أرواحهم، لكن ابتساماتهم… ظلت سعيدة.

كان سِيد وإلورا ينظران إلى العاصفة والأعين فوقها ثم إلى ذاكرة بدائي الحياة، كان المحيط الأخضر قد تجمد، وأصبح يشبه مرآة زمردية ممتدة إلى ما لا نهاية، على الرغم من أن هذه المرآة لم تعكس العاصفة أعلاه.

لم يبدو أن كلاهما متأثران بالتوهج من العينين، وعلى السطح، بدا كلاهما هادئين، لكن هناك تصلب معين لم يلاحظاه كان يحيط بأجسادهما، وعلى الرغم من مدى ما يعرفه روان عن عقول الآخرين، إلا أنه لم يكن ليصدق أنه في هذه اللحظة، حتى لو لم يكونا على دراية بذلك بعد، فقد تم زرع بذور الخوف منه في روحي سِيد وإلورا.

لقد خطط كلاهما لكل الاحتمالات قبل أن يقتلا خادمة روان ويطعنا جمجمته بشفرة، حتى أنهما فكرا في أحداث عشوائية قد تحدث كانت مستحيلة تمامًا، مثل قتال روان ضد قوات أرض المعجزات بأكملها بقوة غير معروفة والعديد من الاحتمالات الغريبة الأخرى، لكن لا شيء يمكن أن يعدهم لـ… هذا!

عاصفةٌ تجتاح الواقعَ بأسره، وعيونٌ مجهولةٌ تنظرُ إلى كلِّ شيءٍ من الأعلى. كانت هذه قوةً بمستوى بدائي!

متى بدأ روان بالارتباط بقوى بدائية أخرى، وإلى أي مدى وصلت هذه المؤامرة؟ هل كان العديد من البدائيين يدعمونه، وهل كان هؤلاء البدائيون أعداء بدائي الحياة؟

كانت هناك العديد من الأسئلة التي لم يكلفا أنفسهما عناء وضعها في المعادلة تتبادر إلى ذهنيهما، وبالتالي لم يكونا على دراية بالبذرة التي تنمو ببطء داخل قلبيهما.

كانت إلورا عابسة على حاجبيها وأصابعها ترتعش على الجانب، بينما شظايا خافتة من الذكريات والقدر والمصير تدور حول أصابعها بينما تستخدم قدرتها الاستنتاجية كقديمة قوية لفك خيوط المستقبل.

كانت هذه ممارسة محفوفة بالمخاطر للغاية، لكن إلورا لم تعد قادرة على الانتظار لما سيأتي، كان عدم الفهم يأكل روحها من الداخل وقررت المخاطرة.

على الرغم من أنه كان صحيحًا أنه لا يمكن لأحد رؤية المستقبل، إلا أن هذا لم يكن الحال تمامًا، لأن عقول الخالدين، وخاصة القديم مثل إلورا، كانت قوية جدًا إلى درجة أنها اقترنت بقوى الذكريات والقدر والمصير التي كانوا يتحكمون بها، مما منحهم القدرة على رؤية المستقبل، ولكن هذا كان مجرد محاكاة.

ومع ذلك، فإن المحاكاة التي تمكنوا من تنفيذها بقواهم ذات الأبعاد الأعلى كانت دقيقة للغاية في نطاقها وأعماقها لدرجة أنه لم يكن هناك أي فرق تقريبًا بين المستقبل الحقيقي والمستقبل المحاكي المنتج باستخدام هذه الطريقة.

إذا تم استخدام هذه التقنية على الخالدين أو الفانين الأقل شأناً، فيمكن القول أن المحاكاة صحيحة بنسبة مائة بالمائة، وبالتالي يمكن لإلورا رؤية مسار حياة الفاني، من اليوم الذي يولد فيه إلى اليوم الذي يموت فيه، وإذا أصبح خالداً، فستظل قادرة على حساب مستقبله حتى يصل إلى مستوى البعد السابع ويملك قدره الخاص.

كانت هذه التقنية قوية للغاية، ولم تكن معروفة إلا لعدد قليل من القدماء، ويمارسها عدد أقل منهم لأنه من الممكن التنبؤ بدقة بمسار حياة كائن واحد بدرجة كبيرة من الدقة، ولكن المشكلة نشأت عندما بدأ هذا الكائن في الارتباط بالآخرين، مما تسبب في تشابك مصيره مع كل من حوله.

إذا تم وضع الفرد في فراغ حيث لا يتفاعل مع العديد من الأشخاص المختلفين، فإن المحاكاة ستكون دقيقة للغاية، ولكن خارج الفراغ، فإن هذا التفاعل سيصبح خارج نطاق السيطرة تقريبًا، وستصبح تكلفة فهم كل هذه التفاعلات مخدرة للعقل.

كان هذا التفاعل بين مصائر العديد من الأفراد يسمى “الكارما”، وفهم تعقيده وقوته أدى إلى وفاة بعض القدماء الذين أرادوا حساب المستقبل.

ما بدأ كقصة شخص واحد سوف يتضخم إلى نسيج كبير من القدر يمتد عبر مليارات الأرواح حيث يلمس مصير رجل واحد حياة المليارات ويغير هذا التفاعل اتجاه حياته وحياة كل من حوله، سواء بطرق كبيرة أو صغيرة.

الترجمة : كوكبة