السجل البدائي - الفصل 1519

الفصل 1519: اللعبة الكبرى (النهاية)

كانت كل هذه اكتشافات مذهلة تتعلق بحالتها العقلية، لكن سيرسي فكرت في الأهم هنا، وهو قدرتها على إدراك توزيع القوة في الواقع بشكل كامل. كان هناك منحنى تعلمٍ هنا عليها استيعابه بسرعة وإلا لخيبت آمال روان فيها.

ما زالت غير قادرة على النظر بعمق إلى هذه الخريطة، لكن الوعي بما تحتويه اندمج مع روحها، وكان لدى سيرسي شعور غريب بالامتلاء كما لو أن روحها قد امتلأت إلى الحد الذي أصبحت فيه على وشك الانفجار، لكن هذه المعرفة التي اكتسبتها لا غنى عنها.

كان الواقع واسعًا، ولكن من بين الأبعاد التي لا تعد ولا تحصى التي ملأته، فقط هذه المجالات السبعة البدائية هي التي تستحق الاهتمام، وإذا سارت الأمور وفقًا للخطة، أراد روان إنشاء موقع ثامن من شأنه أن يساوي هذه المجالات السبعة القوية.

لقد فجر هذا المفهوم عقلها، لم يكن روان ينوي فقط القتال ضد المجالات البدائية، بل كان أيضًا ينشئ مجاله الخاص الذي سيسعى للتنافس مع مجالاتهم.

إذا سمعت هذه الرؤية من أي شخص آخر، سواء كانوا من القدماء أو بعض العباقرة الأعظم من عصر مضى، فإنها ستختنق من الضحك، كل أولئك الذين عرفوا البدائيين فهموا مدى غموض أسسهم، كيف يمكن لرجل واحد، ولد بالأمس دون أي تأثير معروف على الواقع أن يختار إنشاء قوة يمكن أن تقف ضد هؤلاء الجبابرة السبعة العظماء؟

لكن هذا كان روان، وسيرسي اختارت أن تتبعه، حتى عندما بدا الطريق أمامها مستحيلاً، والسبب الوحيد الذي دفعها إلى القيام بذلك هو أن روان أظهر مرات عديدة لشعبه أنه يستحق ثقتهم.

لم يتأخر روان في شرحه لسيرسي عندما رأى أنها قد شُفيت تمامًا وفهمت اللاعبين الرئيسيين في هذه اللعبة الكبرى، وبدأ يشير إلى جوهر خطته لسيرسي،

“جميع الهالات التي تغادر هذه المجالات البدائية هي قوى اكتسبوها طوال هذا العصر الأسمى، وهي أسلحتهم وجيوشهم وترتيباتهم الخفية الأخرى التي جمعوها على مر السنين، ولو كشفتُ عن أرضي الأصلية، لهاجموني جميعًا، ولا شيء آخر أستطيع فعله سيجذب انتباههم هكذا. كما ترين، يحتاج البدائيون إلى استغلال جميع الأبعاد تحت مجالاتهم لتتحقق قواهم بالكامل داخل الواقع، وهذا هو الشرط اللازم لاستيقاظهم من سباتهم، ومع حجم أرضي الأصلية، سيُخزي كل بُعد آخر داخل الواقع.”

أشرقت عيون سيرسي وهي عابسة، “أنت تستخدم نفسك كطعم، ما هي الجائزة التي يمكن أن تكون مهمة للغاية؟”

ابتسم روان وعادت عيناه إلى المجالات البدائية،

“البدائيون طماعون بقوتي، فمملكتي ستمنحهم منافع لا يمكن لأي أبعاد آخرى، رغم كثرتهم، أن يمنحها لهم، وبينما يتطلعون إلى قوتي، أشعر بجوعٍ شديدٍ لقوتهم أيضًا. على هذه الخريطة، حاربت قواتهم لخمسين مليون عام، وفشلت في هزيمتهم، ولكن إذا لجأوا إليّ، فلن أتمتع بأفضلية في موطني فحسب، بل ستُترك مملكاتهم أيضًا بلا دفاع، وستكون لديّ فرصةٌ لضرب قلوبهم.”

عندما لاحظ اتساع عيني سيرسي من الصدمة عندما بدأت تفهم ما يريد فعله، عرف أنها لم تفهم موقفه تمامًا، لذلك لوّح بيده فوق الخريطة واختفت الهالة من المجالات البدائية تاركة كل مجال يقف بمفرده دون أي من هالاته المحيطة به.

“سيرسي، هذا العصر الأسمى فريد من نوعه، والفرصة هنا أمامي لن تأتي مرة أخرى، فالبدائيون مجبرون على النوم بسبب حالة هذا العصر لأنه لم يعد هناك جوهر بدائي داخل الواقع ليحمل ثقل وجودهم، مما يمنحني فرصة ضئيلة للقضاء عليهم في أضعف لحظاتهم، إنهم نائمون ويمكنني قتلهم جميعًا!”

ارتجفت سيرسي وهمست: “ألا تشرب السم لتشفى عطشك؟ إنك تفتح أرضك الأصلية للغزاة بينما تغزو المجالات البدائية بالمقابل، أخشى ألا يكون هناك منتصر في هذه المعركة يا روان.”

أشاح روان بنظره عن سيرسي، والتفت نحو الواقع، وهو يتمتم: “أحيانًا تكون المعركة مكافأة بحد ذاتها. حتى لو ابتلعت هذه المعركة آخر ما تبقى من دمي، كما يبتلع المساء الشمس – ليس هزيمةً، كلا، بل استسلامًا للقتال الذي يدوم بعد النصر، إن كان هناك هدف واحد أقاتل من أجله، فليكن احتضان الغسق بذراعين مفتوحتين.”

التفت نحو سيرسي وابتسم، “هل تفهمين أحلامي؟”

وبينما كانت الدموع تملأ عينيها، أومأت برأسها وضحك روان،

“لقد نظرتُ إلى القدر والمصير، وهذا هو الطريق الوحيد الذي يمنحني فرصةً للنجاة، وحتى لو كان تافهًا، فسأسلكه. لقد تعلمتُ أن أجد المعنى في المعركة لا في النتائج.”

كانت سيرسي صامتة قبل أن تهمس، “ماذا عن أطفالك، هل أنت على استعداد للسماح لهم باتباعك في هذا المسار؟”

ظل روان صامتًا لفترة طويلة وهو يشاهد الزمن ويبدو أن نظراته تتطلع إلى ما وراء المكان والزمان لترى اللحظة التي خان فيها سيد وإلورا جسده الأبعادي، وشعر بالألم والغضب والعجز الذي ملأ جميع زوايا عقله وعلم أنه إذا كان من الممكن إسقاطه بهذه الطريقة، فلن يكون لدى أطفاله أي طريقة لمحاربة هؤلاء الطغاة العظماء،

“أفعل هذا من أجلهم”، أجاب روان، “ليس عليهم أن يحبوني أو يفهموا سبب إلقائي بهم في معركة لا ضمان فيها للنصر. لو كان هناك أي سبيل آخر لاتخذته، لو رأيتُ شخصًا آخر قادرًا على القيام بهذه المهمة برشاقة وحكمة أكبر، لسلمتُ إليهم هذا العبئ وركعتُ عند أقدامهم، لكنني أقف وحدي يا سيرسي. أنا الأمل الأخير لكل من يعيش.”

في هذه اللحظة استولى جسده البعدي على قوة الذاكرة وتنهد روان،

“اللعبة الكبرى هنا.”

الترجمة : كوكبة