السجل البدائي - الفصل 1486

الفصل 1486: فجر العصر الأسمى (1)

كان نوكتيس يبتسم عندما نزلت ألغورث، ومع ذلك، بدأت تلك الابتسامة تتلاشى ببطء من وجهه عندما رأى حالة القلعة، همس بحزن،

“لم يكن هذا ما اتفقت عليه، لم تستحقي هذا المصير. ماذا فعلوا بكِ؟ أين نوركِ، أين شعلتكِ؟! من سرق منكِ أعمدتكِ؟!”

في النهاية، تحولت همساته إلى صرخات غضب. لورد الشياطين أبروزول، الذي انبهر للحظة بنزول ألغورث، انتفض من تأملاته وتصرف.

على عكس هذا المخلوق المجهول هنا، كان لورد الشياطين على علم بهذه القلعة وبالمنظمة الغامضة المجهولة التي تحكمها. تعتبر هذه القلعة من أعظم الغنائم التي سعت إليها قوى الهاوية أو أي قوى بدائية، وخاصةً الهاوية العظيمة.

على عكس الممالك الأخرى، اشتهرت الشياطين بقوة أجسادها الممتلئة، واستمدت الكثير من قواها من استخدامها كأساس. لطالما كان الألغورث أحد أهم الكنوز التي يبحث عنها الشياطين، وقد وضعوا مكافأة باهظة لمن يجده.

كانت قدرة هذه القلعة معروفة جيدًا، حيث كانت قادرة على توفير كمية لا حصر لها من الجوهر لأولئك الذين بداخلها، لدرجة أنه كانت هناك قيود هائلة في المكان لمنع الخالدين من الإفراط في الانغماس والهلاك من تجاوزاتها.

كان أبروزول يتخيل مدى عظمته لو تمكّن من دخول هذه القلعة، فلم يكن من المستبعد أن يصبح لوردا للشياطين. لم يعد يكترث بهذا الخالد الغريب الذي بجانبه، فدفعه جانبًا، واختفى أبروزول ليظهر مجددًا تحت القلعة المنهارة، وفتح يديه على مصراعيهما ليلتقطها، وعندما رأى نوكتيس هذا الفعل، ازداد غضبه، لكن بدلًا من أن يثور، تجمدت تعابير وجهه.

أثناء بحثه عن الرابط الذي أصبح خامدًا بعد سنوات طويلة من سوء الاستخدام، لمس نوكتيس جوهر ألغورث الذي كان جزءًا من روحه، نصفه بداخله، والنصف الآخر داخل هذه القلعة، وما لم يتم تدمير كليهما، فلن يموت أبدًا، وكذلك قلعته.

لماذا يحتاج إلى روح عندما كان لديه قصره؟

عندما لمس نوكتيس قلبه، صُدم من حالته المتهالكة، إذا كان الضرر الذي لحق بقلعته يمكن أن يعبر حاجز الموت ويؤثر على القلب بداخله بهذه الطريقة، فإنه بالكاد يستطيع أن يتخيل الأضرار التي لحقت بها على مر السنين، كل هذا حدث بسبب فشله.

وضع نوكتيس غضبه وحزنه جانبًا، وتعمق في أعماق نفسه، وكشف ببطء عن سنوات لا حصر لها من التقارير المذعورة والأضرار الكارثية التي تم إرسالها وتسجيلها، وخلود لا حصر له من المعاناة والإساءة التي كانت ستحطم أي شيء، ولكن ليس قلعته، ولا شيبا…

“آه، أراه الآن، الناهبون. لقد لوثوا قاعاتكِ المقدسة، ونهبوا خزائنكِ، وتغذوا على نوركِ، ولم يتوقفوا عند هذا الحد، بل استمروا في السلب والنهب… أنتِ التي ولدتِ لتكوني قمة الخليقة. إلى متى تحملتِ هذا الازدراء لكرامتكِ؟”

“يا وغد، لقد عدت، ظننتُ أنني سأفتقدك، لكنني تذكرتُ حينها كم أكره صوتك. بعد كل هذه العصور، لم يتغير ذلك الصوت المزعج الغريب فيك. دعني أتخلص من هذه الحشرة التي تحاول التسلل إلى داخلي.”

فجأة تجمد لورد الشياطين الذي فتح يديه على مصراعيها لاستقبال القلعة في مكانه واختفى، ثم ظهر مرة أخرى داخل القلعة وقبل أن يتمكن من فهم ما كان يحدث، كان مغطى بالظلام، واختفت صراخاته من المفاجأة والغضب.

لم يبدو نوكتيس مندهشًا من هذا التغيير، بل صرخ بفرح عند سماع صوت قلعته،

“شيبا… آه، إنها تتحدث! كيف يكون هذا ممكنًا، لم يتبقَّ سوى القليل من نوركِ بداخلكِ.”

“لقد تغيرت أشياء كثيرة في غيابك يا نوكتيس، كان عليّ إجراء بعض التعديلات على معاييري التشغيلية لأتحمل ويلات الزمن”.

أومأ نوكتيس برأسه متفهمًا، “كان عليّ أيضًا التخلي عن جزء من نفسي لأصبح ما أنا عليه… لأتمكن من العودة وتغيير أخطاء الماضي.”

ساد الصمت في القلعة لبعض الوقت قبل أن تتكلم، وكان هناك نبرة حزن في صوتها،

“نعم، أرى ذلك الآن، إذًا اخترتَ أخيرًا هذا الجانب. آه، يا نوكتيس، بعد كل هذا الوقت، كل شيء يعود إلى نقطة البداية، وقد اتخذتَ العباءة التي رفضتها. لماذا تسلك هذا الطريق؟”

“اخترت؟ لم أرغب بشيء! هذا الطريق هو الطريق الوحيد أمامي يا شيبا. قاتلتُ بشرف، واتبعتُ القواعد، لكن أعدائنا وحلفائها كانوا بلا خجل، لا توجد قوانين لا يخالفونها، وأطعموني للذئاب لإشباع رغباتهم. لقد فكرتُ طويلاً يا شيبا، ولم يعد هناك نور في داخلي، في أسوأ لحظاتي، لم تكن هناك سوى يد واحدة تمتد إليّ، كل شيء آخر قد ذهب، فأخذتُ تلك اليد، ووجدتُ هدفي من جديد… أريد فقط أن ينتهي كل شيء. كل العوالم، كل الحياة وكل ما تجلبه من بؤس. أريد نهاية هادئة حيث لا يبقى شيء سوى صمت النهاية. هذا مناسب، هكذا يجب أن تنتهي. لقد عدت لأجعلها كذلك.”

بدا قلب القلعة بداخله وكأنه يرتجف مع كلماته،

“ستفعل هذا يا نوكتيس، ستحطم القواعد التي عشت بها طوال حياتك. سأشاركك هذا. كان هناك وقت كنت سأدين فيه أفعالك باعتبارها مجرد الفعل الأخير لمن هزم ولم يعرف طريقه، لكنني رأيت أولئك الذين ضحيت بنورك لإنارة طريقهم يبددون عطاياك. لم يعودوا يتذكرون اسمك أو يعترفون بأفعالك، لقد ازدادوا قوةً بالتغذي على دمك، ومع غروب الشمس، حان وقت نهاية كل نور، لكنني أخشى أنك كنت نائمًا لفترة طويلة جدًا وأنهم ازدادوا قوةً بحيث لا يمكن تحديهم أبدًا’.

قال نوكتيس: “أنا النهاية، وهناك أشياء كثيرة تعلمتها عن…” ارتجف نوكتيس وأطلّ خارج الواقع، عميقًا في العدم بينما اندفع شعاع نور ساطع نحو الواقع، وشهق قائلًا:

“هذا النور، كيف يضيء بهذا السطوع؟ سبأ، هذا العصر، ما اسمه؟”

“العصر الأسمى، نوكتيس، لكنك تعرف بالفعل إجابة هذا السؤال.”

“كنت أعرف الإجابة، لكنني لم أكن أعرف معناها، لكنني الآن أستطيع رؤيتها. من المضحك أنني استيقظت مع فجر العصر الأسمى.”

الترجمة : كوكبة