السجل البدائي - الفصل 1477

الفصل 1477: الفهم

ربما تكون كلمة “سجناء” غير مناسبة لوصف وضعهم، لكن روان اعتبرها الكلمة الوحيدة الأنسب لوصف وضع البدائيين. لقد وقعوا في فخ بطريقة ما، وعلى روان أن يؤكد هذه الحقيقة، وإلا فلن يتمكن أبدًا من تنفيذ أيٍّ من خططه. لم يكن يرى سوى جانب واحد من لغز بالغ التعقيد، ولكي يفهمه، كان بحاجة إلى منظور.

كان من حسن حظه أنه وصل إلى بُعد الذاكرة السادس، وبالتالي، استطاع أن يبدأ بتحريف الزمان والمكان بطريقة لا يقدر عليها أي خالد. لقد رأى كيف تعامل البدائيون مع الزمان والمكان، ومع أنه لم يستطع تكرار ذلك، إلا أنه ما زال بإمكانه إنجاز أشياء كثيرة.

في هذا الوقت، كان برج الجشع الخاص به سيكون أداة رائعة، ولكن بدون ما يكفي من الجوهر والأثير لتشغيله، سيكون بالكاد قادرًا على استخدام جزء بسيط من القوة التي يحتاجها، بالطبع يمكنه محاولة استعارة الطاقة من بُعد الذاكرة الخاص به، وهي قدرة فريدة من نوعها، ولكن لها أيضًا عيوب لم يكن مستعدًا للتعامل معها، لذا عليه ببساطة استخدام قدراته البعدية الجديدة بطرق أخرى.

بعد حساب نفقات الطاقة وكذلك التكلفة التي ستترتب على ذلك، قرر روان أنه يستطيع دفعها، وكانت الفائدة تستحق التكلفة، إلى جانب أن هذا هو الخيار الأرخص الذي كان أمامه والذي لن يضعفه لفترة طويلة.

بدمج ذاكرته مع الزمان والمكان، أرسل نواياه إلى روحه البعدية، قبل عام في الماضي، وكانت إرادة الحقيقة هي حاملة هذه الرسالة.

كان روان يأمل أن تكون مخاطرته قادرة على تحقيق النجاح.

******

كان روح روان البعدية تحوم خارج أرض المعجزات منذ أن تم حبس جسده الرئيسي، وهذا في حالة وجود موقف حيث تكون هناك حاجة إلى قواه، على الرغم من حقيقة أنهما كانا منفصلين، فإن كل تجربة مرا بها تم فهمها على الفور من قبل كل من الجسد والروح، ولم يكن هناك من سيكون قادرًا على الرد بشكل أسرع منه.

ومع ذلك، توجد هناك جوانب معينة من قوى روان التي كانت مغلقة بعيدا عن روحه الأبعادية، والتي هي أرضه الأصلية وسلالاته.

لم يكن بإمكانه مشاركة هذه القوة مع روحه البعدية دون تفعيلها، فهذا سيُثقل كاهل موارده التي تتناقص بسرعة، والتي تُستخدم بالفعل لتنظيم اهتمامات روان في جميع أنحاء الوجود، من العوالم الدنيا إلى العوالم العليا. بالكاد بقي لديه نصف الأثير والجوهر، وعندما تُستنفد مخزونات الطاقة داخل روحه البعدية، ستخمد ببساطة وتعود إلى جسده.

لقد تسبب هذا الانفصال بين جسد روان وروحه في حدوث ظاهرة فريدة من نوعها بين جانبيه.

عندما بدأت الأعين الضخمة التي سببت العاصفة التي اجتاحت الواقع، لم يُذعر روح روان البعدية، إذ كان يشعر أن كل شيء يسير وفق خطته، مع أنه لم يفهمها. كانت روحه ترسل وتستقبل المعلومات بسرعة من مليارات المصادر، متابعًا الوضع الراهن للأبعاد المتعددة، وكانت غرف بئر المعرفة لديه وقدراته الروحية المذهلة تُستنزف إلى أقصى حد. كان معظم انتباهه منصبًا على المجالات البدائية، لكنه كان لا يزال مُلِمًّا بأحداث الواقع أكثر مما كان يعتقده الكثيرون، وما رآه كان مُذهلًا.

كانت هناك حرب في الأفق، ويبدو أنه هو الذي أشعلها، وربما يظن الشخص أنه بسبب كونه المسؤول عن هذا الحدث فإنه سيفهمه، لكن الروح البعدية لم يعل ذلك، فقد كان يشهد إطلاق قواه على نطاق هائل لدرجة أنه قزم أعظم إنجازاته تمامًا.

كانت عيناه العظيمتان حاضرتين في كل بُعد، من أعماق الهاوية إلى سماء السماويين، كل بُعد في كل عالم كان يلمسه قوته، ولم تفهم روحه البعدية ما كان يحدث.

إذا أراد أن يفعل شيئًا كهذا بقدراته الحالية، كان الأمر مستحيلاً، فقط إنفاق الطاقة وحده أكبر بمليارات المرات مما هو قادر على تفريغه، حتى لو أضاف كل قوى أطفاله وكل الأرواح التي جمعها.

كان الروح البعدية يتوقع ردًا على إهانة سِيد وإلورا، وسيكون الأمر كارثيًا بشكل لا يصدق إذا تم تدمير جزء من أرض المعجزات في نهاية هذا الصراع، إذن كان شيئًا يمكنه توقعه، ما لم يتوقعه هو هذه العاصفة التي تدمر الواقع بأكمله، لقد كان الأمر يتجاوز فهمه حتى عندما شعر بقواه تتدفق عبر كل قطرة مطر.

لقد عرف عندما دخل جسده الرئيسي إلى مستوى البعد السادس، ولفترة طويلة كان هناك تنافر بين لحمه البعدي وروحه البعدية، وهذا سبب ارتباكه لأن روان الذي يسبب هذه العاصفة كان على مستوى البعد السادس بينما روحه البعدية لا تزال في البعد الخامس.

لقد أصبح وجود روان غريبًا تمامًا، كانت حالته الجسدية ضخمة للغاية وكل جزء منه مقسمًا إلى أقسام، وأصبحت طبيعته معقدة للغاية، ولم يعد من الغريب أن تعمل يده اليسرى على شيء لم تكن يده اليمنى على دراية به.

مع ذلك، لم يدم هذا الالتباس طويلًا، ففي اللحظة التي أرسل فيها روان، وهو داخل ذاكرة الحياة البدائية، نواياه نحو روحه البعدية، تغير كل شيء. سُدّت الفجوة في التواصل ومستويات القوة، وغمر الفهم روحه.

لقد تجمدت روحه الأبعادية في مكانها للحظة ثم صرخ قبل أن ينهار في كرة من الضوء، والتي سرعان ما اختفت.

في لحظة اختفائه، اجتاحت عدة حواس قوية موقعه السابق، كان الوضع متوتراً وكان الجميع على حافة السكين، لكن روح روان كان قد اختفى منذ فترة طويلة.

الترجمة : كوكبة