السجل البدائي - الفصل 1437

الفصل 1437: التغييرات السريعة

بدا سِيد وكأنه يناقش كيفية الرد على روان قبل أن يصرح ببساطة، مدركًا أن روان كان متكيفًا بما يكفي لفهم آثار كلماته دون أي ذعر غير ضروري، فقد كبر حفيده ليصبح قوة في حد ذاته،

“للسلطة ثمنها، وبالنسبة لشخص مثلك، تُزعزع قدراته استقرار الوضع الراهن، فسيتم إقصاؤك، لكنك أثبت أنه يمكن توجيهك نحو هدف يُناسب مصالح من هم في القمة، ولهذا، ستحظى بالحماية وتُمنح الموارد اللازمة للنمو”. تنهد سِيد، “أنت شخص ذكي يا روان، لذا عليك أن تفهم أن قوة كقوتك يجب أن تُنظر إليها على أنها تحت سيطرة مؤسسة، وإلا لما كنت عدوًا لواحدة، بل للجميع، وصدقني، هذا ليس وضعًا ترغب في أن تجد نفسك فيه. في العصر البدائي، مُنح المُحطمون حرية كبيرة، ونظموا أنفسهم في قوة كانت قوية لدرجة أنها بدت لا تُقهر، ومع ذلك سقطوا جميعًا، ودُمرت سلطتهم.”

ضحك روان ساخرًا من نفسه، “لذا، مكافأتي هي الحق في الوجود طالما أنني سلاحك وخادم البدائيين.”

أجاب سِيد دون أن يرمش: “نعم، إلى أن تصبح قويًا بما يكفي لتتمكن من الوقوف على قدميك دون خوف من انتقام أي دولة أخرى، أنصحك بأن تحني رأسك النبيل. هناك مصائر أسوأ بكثير من أن تكون خادمًا للبدائيين، يمكنك اختيار أن تصبح عدوًا لهم، لكن هذا خيار لن أنصح به”.

“هل لدي خيار آخر؟”

“لا، لا تظن ذلك سيئًا يا روان، أعلم أن قدومك من الأبعاد الدنيا حيث تكون أقوى الكائنات قد يُفقدك إدراك قوة البدائيين الحقيقية، لكنك لم تزر أراضيهم قط، ولا تعرف ما هم قادرون عليه، وفي نظرهم، أنت أقل من تراب. في الماضي، ربما كنت قادرًا على إيجاد كاسرين أقوياء آخرين ليقفوا إلى جانبك، لكن ليس في هذا الوقت، فإرادة البدائيين هي كل شيء الآن. الخيار الأمثل هو أن تصبح عميلًا لأرض المعجزات، وكل هذا…” أشار سِيد إلى الواقع من حوله، “سيكون لك.”

“ملعون إن فعلت، ملعون إن لم أفعل.”

“كلنا لدينا مالكون وأطفال، وإذا كنت تريد أن تكون تحت راية، فاختر الأكبر.”

اعتبر روان أن هناك تهديدًا ضمنيًا تحت كل ما كان سِيد يقوله له، لم يكن لديه خيار أبدًا للرفض، وكان متأكدًا من أنه إذا فعل ذلك، فإن الرجل العجوز سيقتله، كان من الجيد إذن أن روان كان هنا للخدمة، كان هنا ليتعلم، وبعد أن اكتسب المعرفة التي كان يتوق إليها، ستنهار المجالات البدائية تحت قدميه.

ظل روان صامتًا لبعض الوقت قبل أن يسأل، “أنت تقول إن تدمير الطريق المتجمد ليس مجرد رغبتك بل هو رغبة أرض المعجزات أيضًا، لماذا هذا؟”

تنهد سِيد قائلًا: “أنت لا تسأل الأسئلة السهلة، أليس كذلك؟ ما تسأل عنه يتعلق بقضايا يعرفها القدماء وفئات خاصة من الخالدين، والتي يجب أن تندرج تحتها. آه، ما كان ينبغي أن يكون هذا عبئًا عليك، فأنت ما زلت صغيرًا جدًا، ولكن بمعرفتك، فإن البحث عن تلك الإجابة سيستنزف طاقتك حتى ترتكب حماقة حقيقية. إذا كان الأمر كذلك، فلنعد إلى أرض المعجزات، هناك أشياء لا أستطيع شرحها لك حتى ترى بنفسك عالمًا بدائيًا.”

“لقد رأيت مجالًا بدائيًا، سِيد،”

“ليس بالطريقة التي ستراها.”

“هل لم تعد ترغب في النظر إلى الأبعاد؟”

“لقد اكتفيت، والتغييرات قادمة، وربما حان الوقت لكي لا أعلق في الماضي بعد الآن، فكل شيء يتغير بسرعة كبيرة.”

******

ألغورث، القاعدة الرئيسية لبريزم.

في إحدى المناطق المركزية الخالية من الحركات الداخلية الفوضوية للقلعة العظيمة التي من شأنها أن تتسبب في ضياع أي شخص محاصر بالداخل إلى الأبد، اجتمع رؤساء بريزم السبعة مرة أخرى لمتابعة حالة الشؤون حيث كانت التطورات الحالية في جميع أنحاء الواقع تحدث بسرعة كبيرة، أكثر بكثير مما يمكن لأي منهم أن يتوقعه.

وأصبحت اجتماعاتهم تُعقد سنويًا بدلًا من كل قرون أو آلاف السنين كما كانت العادة، وكان ذلك لأسباب وجيهة، إذ كانوا على وشك الانخراط في حرب، وكانوا سيفوزون بها بكل الوسائل الضرورية.

في البداية، كان من المتوقع أن يُسبب تدمير الطريق المتجمد فوضى عارمة في العالم، لكنهم كانوا مُستعدين لاستغلالها. طرح الأخضر، أحد قادة بريزم، فكرةً جنونيةً قبل ألف عام، مفادها أنه في المستقبل، سيُمنحون الإذن بالسيطرة على مساحات شاسعة من العوالم الدنيا.

كان بريزم يبحث دائمًا عن فرص لتوسيع سيطرته على الواقع، وكان اتباع مسار حيث سيخضع المزيد من العوالم الدنيا لسيطرته خيارًا مرحبًا به دائمًا، لكن لم يُنظر إلى هذا على أنه استراتيجية قابلة للتطبيق بسبب وجود الطريق المجمد الذي ساعد وأعاق كل قوة أعظم في العوالم العليا.

كان هذا الطريق يربط جميع مناطق الظلام العظيم، مُشرفًا على العوالم الدنيا بأكملها، مما يُسهّل على خالدي العالم الأعلى التنقل عبر الظلام العظيم، الذي كان فضاءً رباعي الأبعاد للفوضى البدائية. لم يكن بإمكان بريزم الاستيلاء على أي عوالم دنيا من اختياره، لأن جميع القوى العظمى كانت قد تقاسمت العوالم الدنيا فيما بينها في الماضي، وكان أي استحواذ على ممتلكاتهم يُعدّ دعوةً للحرب، وستكون ممتلكات بريزم في العوالم الدنيا مفتوحةً لأي قوة عليا للاستيلاء عليها متى شاءت.

بفضل هذه الطريقة، كان هناك توازن دقيق بين العوالم العليا في تعاملهم مع العوالم الدنيا، ولذلك عندما طرح الأخضر اقتراحًا حول الاستيلاء على أعداد هائلة من الأكوان في العوالم الدنيا، لم يُمنح الأخضر الكثير من الموارد لمتابعة هذه الأجندة حتى أشاروا إلى أن الطريق المجمد سوف ينهار في المستقبل.

في البداية، لم يُنظر إلى هذا كسبب وجيه لتفويض هذه العملية، لأن الطريق المتجمد كان عملاً عظيماً لبدائي الفوضى، ولا شيء أقل من قوة بدائي آخر يمكنه تعطيله. كان المنشور بمثابة ذراع ممتدة لمجالاتهم البدائية المتنوعة، ولكن لم يكن بإمكان أي منهم هنا التباهي بقدرته على استدعاء قوى بدائية في أي من شؤونه.

كان من المتوقع أن يكون الطريق المتجمد شيئا سيستمر إلى الأبد.

مع ذلك، استغلّ الأخضر مكانته كعضو من السبعة ليحصل على الموارد اللازمة لإحداث تغييرات جذرية في العوالم الدنيا فور تدمير الطريق المتجمد. ولم يرَ قادة بريزم أي عيب في منح الأخضر الموارد اللازمة بعد مراهنته بمقعده في حال فشله، فوافقوا على اتباع خطة الأخضر.

عندما انهار الطريق المتجمد، أعطوا جميعًا الأخضر موارد إضافية لمتابعة خطتهم وجلسوا ليحصدوا فوائد هذا المشروع، ولكن بعد ذلك حدث حدث غير متوقع عندما أصيبت دماء الفوضى بالجنون، وبدأ القدماء الذين لم نراهم منذ العصر البدائي في الارتفاع.

بفضل موارد بريزم، لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى أدركوا أن جنون دماء الفوضى وإحياء ذكريات القدماء الساقطين مرتبطون.

وقف عرين، مقترح خطة السيطرة على العوالم السفلية، ليبدأ الاجتماع، وتسببت كلماته الأولى في تحول الجو،

“يجب إيقاف خطة السيطرة على العوالم المرتبطة بالجبابرة، فقد عادت مؤخرًا أعدادٌ كبيرةٌ من القدامى، تُقدّر بالعشرات، إلى الظهور بين ممالكهم، ومن المتوقع صعود المزيد منهم في السنوات القادمة. لم يعد الجبابرة قوةً من الدرجة الثالثة، وصعودهم في العام الماضي وحده يُثير القلق. أقترح أن نُبطئ خططنا ونُعيد تقييم وضعنا الراهن، فالجبابرة ليسوا القوى القديمة الوحيدة التي نهضت من العصور القديمة، يُرجى مراجعة الرسائل التي وصلتكم عبر سلاسل إرادتكم، هناك أمرٌ مُريعٌ للغاية يلوح في الأفق في الظلام العظيم.”

الترجمة : كوكبة