السجل البدائي - الفصل 1425

الفصل 1425: تجربة عظيمة

سبعة كروبيم أحاطوا ببقايا دراكول المحطمة. كالشموس السوداء، لم يكونوا مرئيين في أي طيف مادي، لكن وطأة وجودهم تسببت في تشوه المكان والزمان. اعتاد روان على وجود كائنات الأبعاد العليا لدرجة أنه فقد الإحساس بمستويات أدنى من القوة، ولذلك لم يُحرك وجود الكروبيم حاجبه، بل ابتعدوت عن ظلال أجنحة روان العظيمة، وتألق مجدهم ليُدركه جميع العوالم.

لقد قضى جبروتهم العظيم على هذا العالم بأكمله وعلى من بقي فيه. كانوا جميعًا في سبات عميق تحت سلطة الكروبيم، القداس، وحتى من كانوا من أبعاد أعلى، والذين هم في البعد الرابع، حيث قتل فرايغار كل من كان أعلى.

لقد دمرت المعركة بين فرايعار وأبناء دراكول هذه المملكة حتى أسسها النازفة، وعندما وصل القديظ، لم يكن لطيفًا مع المملكة أيضًا، في لمحة، رأى أطفال دمه، لم يكن معجبًا، أعمى بما يعرفه من العصر البدائي، لم يكن دراكول معجبًا بقوة أطفاله ولم يتراجع عندما أطلق العنان لقوته على فرايغار، مما أسفر عن مقتل عدد من أطفاله أكثر من جيوش فرايغار مجتمعين.

باستثناء القمر الأسود الذي اقتلع منه جزء كبير منه بضربة فريغار المدمرة، فإن بقية العالم قد تقلص إلى قطع لا تزيد عن الحصى.

كان أبناء دراكول، سكان هذه المملكة، أكبر ضحايا هذه المعركة. وكانت الخسائر في الأرواح فادحة.

لقد أودت الحرب الطويلة مع التنين الأبيض بحياة أكثر من عشرين بالمائة من سكانها، وفي النهاية، عندما شنّ فرايغار هجومه الشرس، وردّ دراكول بقوة أكبر، هلك غالبية السكان، بعد أن أبادهم أبٌ لا يكترث. في مملكةٍ كانت تضمّ عشرات المليارات، لم يبقَ سوى مئة مليون نسمة.

قد يبدو هذا العدد كبيرًا، لكنه كان نتيجة عصور تكاثرية عديدة. لم يكونوا سلالة خصبة، وكل ولادة جديدة تستغرق مئات الآلاف من السنين، وكان الوصول إلى هذا العدد، رغم فوضى الواقع، إنجازًا عظيمًا.

من العار أن يضطر البقية منهم إلى الموت.

مثل أبائهم، كان سكان هذا العالم مصاصي دماء، مخلوقات تتغذى على دماء وجوهر الآخرين للحفاظ على حياتهم واكتساب القوة. داخل عالمهم، كان جوعهم اللامتناهي يُشبع بكمية الدم اللامحدودة المتدفقة من القمر الأسود في الأعلى، لكن خارجه، ازدادوا جوعًا وضراوة، مما أدى إلى تدمير عوالمهم، إذ كان سعيهم وراء الدم والجوهر لا يُشبع، وهذا ما قاد فرايجار إلى هذا العالم في المقام الأول، وكان جوعهم دفعة قوية لفهم إرادته، وتمكن من صقل نفسه إلى قمة البعد الخامس داخل هذا العالم.

بالطبع، أفعالهم جعلت سكان هذا العالم غير مرحب بهم في معظم الواقع، وبالتالي فإن معظم مصاصي الدماء لم يغادروا منازلهم أبدًا، راضين بالبقاء في بُعدهم حيث يمكنهم بسهولة العثور على القوت، على الرغم من أنه كما هو الحال مع كل أرض حيث كان هناك فصل للسلطة وتقسيم واضح بين الضعيف والقوي، فإن الأقوياء قمعوا دائمًا الأضعف، وحتى المطر الذي لا ينتهي من الدم المتدفق من القمر كان يتم جمعه من قبل أولئك الذين في الأعلى، وكان الضعفاء في الأسفل مجبرين على الخدمة والاستعباد بعيدًا عن كميات صغيرة من الموارد لمساعدتهم على النمو وإشباع جوعهم.

قبل وصول فرايعار وجيوشه، كان مجتمعهم ينهار، وهو أمر غريب عندما كانت الموارد غير محدودة للجميع حتى نهاية الزمن نفسه، لكن جشع القلب لم يكن يعرف حدودًا، وبالنسبة للمخلوقات التي هي مقيدة بالجوع والتي لن تتلاشى أبدًا، كانت معجزة أنهم استمروا لفترة طويلة، ونموا إلى هذا الحجم.

ولكن البناء كان صعباً والدمار سهلاً، وحضارتهم التي ظلت قائمة لفترة طويلة خلال العشرة ملايين سنة الماضية بدأت تنهار ببطء حيث وصل جشع أولئك الذين في القمة إلى نقطة لم يعد بإمكان أولئك الذين في الأسفل تحملها، وبدأت ثورة قلبت هذا العالم رأساً على عقب.

لقد أعطاهم وصول التنين وسيلة للتجمع معًا لمقاومة التهديد الكبير، وكان النصر سينقذ مجتمعهم من الانهيار، كما أن عودة دراكول من شأنها أن تجلبهم إلى قمة الوجود، فكم من الأبعاد يمكنها أن تدعي أن لديها قديمًا يحكم شؤونها؟، لكن القدر كان عشيقة متقلبة، ووصول سلفهم، بشر بنهايتهم.

*****

فتح الكروبيم النبوة كفه؛ كان هناك عشرات الملايين من مصاصي الدماء مستلقين هناك كما لو كانوا نائمين، وحالتهم هي نفسها مثل كل الباقي داخل البعد.

في الدقائق القليلة الماضية، كان يجمع بقايا سلالة دراكول التي هي خارج بُعد القديم. مع أن غالبية سلالته بقيت هنا، إلا أن هناك دائمًا آخرين يسعون للحرية خارج حدود وطنهم، وقد تعقبهم النبوة جميعًا.

بفضل سيطرته على إرادة النبوة، كان قادرًا على جمع كل مصاصي الدماء القدماء من جميع أنحاء الواقع، ومن الجيد أنهم لم يتمكنوا من السفر بعيدًا، وإلا لكان ذلك مصدر إزعاج.

في نظر الكائنات ذات الأبعاد الدنيا، فإن التحرك لمسافة اثني عشر بُعدًا بعيدًا عن موطنهم يجب أن يبدو وكأنه مسافة مستحيلة لتغطيتها، حيث استخدموا مئات الملايين من السنين للهجرة إلى هذه الأبعاد البعيدة للهروب من طغيان مصاصي الدماء الأكبر سناً في السلطة، لكن النبوة كان قادرا على جمعهم جميعًا في غضون دقائق.

قذف مصاصي الدماء النائمين نحو القمر الأسود، وأومأ برأسه إلى بقية إخوته، وضمّ ضوء شمسه إلى ضوء شموسهم مع اقتراب التشكيل الذي كانوا يبنونه من الاكتمال. ووجّه معظم قوته إلى الكروبيم، الانقراض، وسمح لأخيه بتوجيه قواهم بحرية.

لم يكن القضاء على بقايا القديم من البعد الثامن أمرًا سهلاً، وكان يتطلب قدرًا كبيرًا من القوة، لكنه لازال شيئًا يجب أن يكون الكروبيم السبعة قادرين على القيام به عندما كانوا مدعومين بمئات الملايين من النورانيين الأصغر في الخلفية.

تشكل تشكيل روني ضخم في الأعلى، على شكل سيف ضخم. كانت القوة التي بدأ الإنقراض يوجهها تعود إلى مدمر روان، أبوليون. وحده الكروبيم، الإنقراض، كان قادرًا على استخلاص ما يشاء من القوة من المدمر دون أن يموت بسببها، ومع ازدياد قوة المدمر في الأعلى، ازدادت لهيب النيران السوداء المنبعثة من أجساد الكروبيم سخونة.

وسرعان ما وصل السيف إلى حجم مثير للسخرية، حيث امتد إلى أكثر من ألف سنة ضوئية في الطول، وقرر الكروبيم فيما بينهم أن هذا من شأنه أن يقضي على جميع أبناء دراكول، حتى أولئك الذين ربما فاتهم؛ فسمحوا له بالسقوط مباشرة نحو الحفرة التي صنعها فرايغار على القمر الأسود.

****

كان من المفترض أن يكون مشاهدة هذا القديم العظيم وهو يتلوى ويقاتل ضد نهايته الحتمية بينما كانت سيراثيس تمضغ روحه أمرًا يهز الأرض، لكن روان لم يشعر بأي شيء، فقد كانوا جميعًا وحوشًا هنا، وخلال المعركة، على الرغم من أنه إمتلك فرصة ممتازة للفوز، فإن خطأ صغيرًا غير مهم وسيكون الممكن أن يكون هو من على شفير الموت.

بعد أن حصد أرواح أكوان بأكملها، لم يكن أي طرف هنا يستحق الشفقة، والموت متوقع في أي لحظة. ومع ذلك، لازال مشهدًا رائعًا أن ترى شيئًا لا ينبغي أن يموت أبدًا… يموت.

كان بإمكانه أن يفهم المركب والخوف في قلب دراكول، فهو مشابه جدًا لمخاوف فاني يعلم أنه على وشك الهلاك، لكنه لم يتمكن من فهم كيف يحدث ذلك؛ كان هذا الخوف غنياً عن فشلاً أن روان يمكن أن يشعر بسلالة أوروبوروس براكلة لديه.

لقد مر زلزال عبر أنسجة الواقع، واستدار روان قليلاً إلى الجانب وأمال رأسه كما لو كان يستمع إلى شيء ما، وسرعان ما تبع ذلك صراخ دراكول من الألم.

“ماذا؟… كيف… لقد دمرت قلبي!!”

هز روان كتفيه، “إذا أردتُ قتلك، فعليّ أن أقتل كل ذكرياتك. بالطبع، أعلم أن القدامى الآخرين سيعرفونك أيضًا، لكنك لا تريد أن تعاد الآن، أليس كذلك؟ تقبّل مصيرك، وتلاشى في العدم، وربما في عصرٍ لا أعيش فيه، ولا يزال أي قدامى يتذكر اسمك، حينها يمكنك العودة. وداعًا دراكول، لقد كنتَ تجربةً رائعة.”

الترجمة : كوكبة