السجل البدائي - الفصل 1423

الفصل 1423: الذهاب للقتل

بدأ هدير السلاسل الطحن يهدأ تدريجيًا، وكذلك صرخات دراكول، وانبعاثات ذكريات دراكول التي لم تعد تُذكر. من جميع المؤشرات الخارجية، كان القديم يحتضر، لكن روان شعر بروحه تزداد قوة. لا بد أن دراكول أدرك أن سلاح الخطيئة أعاق ذاكرته بشدة، وأنه على وشك أن يتحول بسرعة إلى روح ليتمكن من الوصول إلى إرادته وتعاويذه.

همس روان: “لا، لا تفعل. ستكون هذه المعركة قصيرة.” لم يكن اختيار القدرة المناسبة للاستخدام سوى فكرة بسيطة وهو يفتح قناةً من سيراثيس إلى العالم الخارجي؛ مع أنه لم يُفعّل هذه السلالة تمامًا، لم يُهمّ الأمر، فالشمس لا تحتاج إلى مساعدة لتشرق؛ وجودها فقط كان لعنةً على الأرواح، بصفتها سلالةً أصليةً لمنشئ خسوف.

ابتلعت سيراثيس سلالات شيول البدائية وشجرة الرغبة، وكانت القوة التي امتلكتها مخيفة للغاية، إذ لم يكن تعزيز اندماج السلالتين تراكميًا، بل أُسيًا. كانت قوة سلالاته عظيمة لدرجة أن روان لم يكن مستعدًا حتى لتفعيلها وإكمال تطوره إلا بعد أن أصبح فهمه لأساسيات الواقع أقوى.

بما أن هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها أيًا من سلالاته في القتال، فقد كان حريصًا على استخلاص المعلومات وما أصبحوا قادرين عليه الآن.

خرج ضوء أخضر ذهبي ساحر من صدر روان وانتشر فوق كرة السلاسل الدوارة، في البداية بدا الأمر كما لو لم يحدث شيء، ولكن داخل الضوء الأخضر، بدأت آلاف الكرات من الضباب الأحمر في الظهور والتي انجرفت نحو روان، وعندما اقتربت منه، اندمج الضباب الأحمر في بلورات حمراء لامعة تم امتصاصها على الفور من قبله.

كانت كل من هذه البلورات تعادل طاقة الروح الكاملة لخالد البعد الرابع، وفي لحظات قليلة، حصد روان عشرات الآلاف منها.

كان بالكاد قد بدأ بكشف روح هذا القديم، ومع ذلك فقد اكتسب الكثير من بلورات الروح. لونها الأحمر يعني أنها مليئة بأكثر من مجرد طاقة روحية، بل احتوت أيضًا على الكثير مما جعل دراكول ما هو عليه، بما في ذلك ذكرياته وقدراته.

إذا كان لديه أي تردد على الإطلاق بشأن خططه لإعادة كل هؤلاء الخالدين من البعد الثامن من الواقع، فقد تم كسرها في هذه اللحظة، لأنه لا يوجد شيء آخر يمكن أن يمنحه هذا العدد من الأرواح، ولا حتى غزو مليون كون، ناهيك عن أن ذاكرة القديم كانت مختلفة عن الخالد من الأبعاد الأدنى حيث أنها قوة ملموسة، حتى لو لم يكن بحاجة إلى كل هذه القدرات، فهذا لا يعني أن أطفاله لن يحتاجوا إليها.

أظهرت سلالة سيراثيس قوةً أكبر على الأرواح، إذ استطاعت استنزاف قوة خالدٍ من البعد الثامن؛ ولن تتمكن شيول من فعل ذلك حتى تقتله. ولم يكن هناك أي تعب في هذه العملية، إذ تمت معالجتها وجمعها داخل أرضه الأصلية بسلاسةٍ فائقة.

لم يبدو أن هناك أي رد فعل من دراكول، وكان روان قد استنزف ملايين بلورات الروح في هذه المرحلة عندما خلص إلى أن سيراثيس كانت أكثر شيطانية مما إعتقد في البداية.

بدت سيراثيس، بفضل قوة الحظ والاحتمال، قادرة على حجب حواس من يقعون تحت تأثيرها. لو علم دراكول أن قوته الروحية تسرق لما بقي هادئا، لكن القديم لم يكن يعلم أن روحه تُستنزف بسرعة. بالطبع، لا بد من وجود العديد من العمليات الخفية الأخرى وراء الطريقة التي استخدمتها لخداع حواس دراكول، لكن التحقيق فيها الآن قد يُنبه القديم؛ روان يُفضل تناول الطعام بسلام.

ومع ذلك، فإن هذا الوليمة السهلة لم تستمر لفترة طويلة لأن دراكول لابد وأن يكون قد اكتشف أن هناك خطأ ما، كان من الصعب خداع قديم لفترة طويلة، ولم يكن روان يستخدم سيراثيس بكامل قوتها، على الأرجح ترك ثغرات معينة كان دراكول ليكتشفها، لكن روان قد اكتسب بالفعل الكثير من بلورات الروح لدرجة أنه إذا لم يكن هناك المبلغ المستحيل الذي جمعه خلال فترة وجوده في نجم الهلاك، لكان يبتسم كالمجنون.

كان يعتقد أيضًا أنه استنزف الكثير من قوة روح دراكول لدرجة أن هذا القديم أصبح ظلًا لما كان عليه سابقًا. إن سيراثيس جبار حقًا. حان وقت الهجوم.

“كيف تجرؤ!” انبعثت من كرة السلاسل موجةٌ مفاجئةٌ من القوة مصحوبةً بإرادةٍ تسعى لاستيعاب كل شيء، فكسرت موجة الصدمة الفضاء المتصلب كالزجاج، وحوّلت السلاسل التي تغطي القديم إلى رمادٍ أحمر. سحق روان القوس بيده اليسرى، فتحول إلى درعٍ ضخمٍ وضعه أمامه.

“بووم!”

أصابت انفجارات ويل الدرع، وتم دفع روان إلى الوراء بضعة أميال؛ وبينما كانت قدميه تحطم المساحة تحته، تحولت الأسهم الثلاثة في يده اليمنى إلى رمح بدأ في شحنه بقوة التدمير.

انبعثت أصوات طقطقة من الدرع، إذ كان يتحطم إربًا إربًا تحت وطأة قوة القديم. وجّه روان رأس الرمح نحو مركز الدرع، وانتظر اللحظة التي يوشك فيها الدرع على التحطم، فطعنه في فم خفاش ضخم ملطخ بالدماء، كان على بُعد خطوات قليلة من التهامه.

اتخذ دراكول ظلّ هيئته الحقيقية، ظلّ خفاشٍ غوليّ تغذى على أكوانٍ وأبعادٍ لا تُحصى ليصل إلى مستوى كائنٍ قديم. عندما كان يصدّ ثوران قوة دراكول، لم يلحظ هذا الخفاش الضخم يتسلل نحوه، ومع ذلك، غمرته غريزةٌ كأنّه عاش الموقف ألف مرّة، وعرف روان أن دراكول على وشك الانقضاض عليه، وكان هذا هو النمط الذي يستخدمه هذا القديم في الصيد، وبفضل الذكريات التي جمعها من روح دراكول، عرف روان هذا النمط، بشكلٍ وثيقٍ تقريبًا.

صرخ دراكول؛ لم يكن رمح الدمار يهتم بالدفاعات التي يمتلكها؛ فقد اخترق تاج فمه، واستقر عميقًا في الجمجمة، ولف روان الرمح بينما أمره في نفس الوقت بالامتداد.

انفجر الرمح من جمجمة دراكول، إذ اختفى الجزء العلوي من رأسه بجانب عينه اليمنى بفعل موجة حمراء؛ واختنقت صرخات الخفاش عندما ظهرت عدة حلقات من السلاسل حول رقبته، وظهرت أطرافها على يدي روان. اتسعت عين دراكول المتبقية، “لا، لا… يمكنني المساعدة -”

دفع روان قوته ببرود في السلاسل، فانفصلت الأسنان عنها وبدأت بالدوران؛ بالكاد استطاع دراكول أن يُطلق صرخة مدوية قبل أن يُقطع رأسه. انتصب جسده المقطوع الرأس، وجناحيه يرفرفان في ذعر محاولين الهرب، لكن روان كان قد فصل السلاسل إلى نصفين وضرب بها جناحي دراكول، حيث أحاطت به عند المفصل، وتردد صوت دوران وطحن أسنانه مرة أخرى مع قطع جناحي القديم.

لم تتوقف السلاسل عن الحركة بينما كان روان يلوح بها في حركة دائرية، ممزقًا الأطراف المتبقية من الخفاش المخيف، وقبل أن يتمكن الجسم من السقوط، دفع روان يده إلى الأمام، ومد السلسلة مثل الرمح واخترقت صدر دراكول، وباستخدامها سحب قلبه النابض.

في لحظات قليلة، كان القديم مذبوحًا عند قدميه.

رأس دراكول مستلقيًا في بركة من الدماء المتنامية، هدر،

“ماذا تعتقد أن هذا سيحقق؟ سأعود-” أسكتته مطرقة عظيمة استُحضِرت فجأة، وحولت الرأس إلى عجينة بينما ضرب روان المطرقة العظيمة عدة مرات على بقايا الجمجمة بقوة هائلة لدرجة أن هذا البعد بأكمله كان يهتز، مما أدى إلى إجهاد التعزيز الذي تصنعه روحه البعدية إلى نقطة الانهيار.

ما كان جديرًا بالملاحظة هو أن تأثير قوة سيراثيس لم ينته أبدًا، ولا تزال تجمع طاقة الروح من دراكول، لذلك حتى بينما راقب روان، كان جسد الخفاش المحطم يتقلص تحت ضوئها الذي لا يستطيع رؤيته إلا هو.

الترجمة : كوكبة