السجل البدائي - الفصل 1422

الفصل 1422: كلاودي وراكبه غير المرغوب فيه (النهاية)

ما كان مُقيدًا بين حلقات سلاسله كان قديمًا، حتى لو كان مجرد ذكرى، لكن قوة روان وسلاحه لا يُضاهيان. كانت بنيته الجسدية قوية جدًا لدرجة أن الواقع لم يستطع كبحه، ووحدها قوة إيوس المجهولة التي حصرت كل قوته في وعاء يقاوم هشاشة الواقع سمحت له بالسير بين الخالدين، فما هي قوة مجرد ذكرى أمام جبار كهذا؟

ألقى بالسلاسل، إرادته وإرادة السلاسل التي تمسك بذاكرة دراكول بقوة، ثم عندما رأى أن عمله كان ثابتًا، انطلق إلى الخلف بسرعة صاروخية، وسحب القديم الصارخ من جسد حوت السحاب، الذي كان على وشك الاستيلاء عليه.

على الرغم من أنه كان حساسًا قدر الإمكان، إلا أن جسد الحوت السحابي كاد أن يتمزق إلى قطع من جراء تمزيق دراكول بالقوة من غزوته، وأرسل روان بسرعة دفعة من طاقة الخلق العلاجية إلى جسد كلاودي.

بإشارة من يده اليسرى، انكسر عمود من الضوء الأبيض المزرق على ذاكرة دراكول الذي لم يتعاف بعد من صدمة انتزاعه من فريسته، وقد نفخه قوة الأسطرلاب إلى بُعد آخر يبعد سنوات ضوئية لا حصر لها عن هذا المكان، نظر روان إلى حوت السحاب ليؤكد أنه مستقر قبل أن يغطيه نفس الضوء ويختفي، ويظهر مرة أخرى على بعد أميال قليلة من الذاكرة الهادرة.

لقد تم بالفعل إغلاق هذا البعد بواسطة روحه البعدية وكان يتجول خارجه، ويعيد تعزيز الأختام للتأكد من أن ذاكرة دراكول قد تم دفنها دون أي عامل غير معروف يزعج المعركة، بالطبع هذا يعني أن جسده البعدي أصبح محاصرًا هنا مع القديم، لكن هذا رهان هو على استعداد لتحمله.

لقد لاحظ روان هذا المخلوق من خلال عيون أطفاله، وبالتالي فإن ما رأوه كان بطبيعة الحال أقل بكثير مما يمكنه رؤيته، وهو أمر جيد لأنه كان يشتبه في أنه إذا رأوا دراكول بأكمله، فإن الجنون والموت كانا مصيرًا لطيفًا لهم.

كان بإمكانه فك رموز أجزاء كثيرة من هذا المخلوق، لكنه لم يستطع فهمها بعد؛ ومع ذلك، فإن تركيبه أبسط بكثير من كائن مثل عين بدائية فُكّكت أجزاؤها. كانت مسألة وقت وموارد فقط، وسيفهم ما الذي يحرك دراكول، لكن روان شعر بخيبة أمل من هذه الإجابة، فهذا مصاص الدماء القديم لم يكن ذا قيمة بالنسبة له إلا بفضل ثروته من طاقة الروح والذكريات التي سيكتسبها، وكانت قواه أو قدراته تكاد تكون بلا قيمة في نظره.

وبينما كان ينظر بشكل أعمق إلى دراكول، سرعان ما لاحظ أن هذه الذاكرة كانت تنهار، وكانت هذه العملية تزداد سرعة بشكل متزايد.

كانت قطع صغيرة من ذاكرته تتساقط نحو ما يعتبره روان جوهر وجود دراكول، وكانت قوته الإجمالية تنخفض باستمرار، لكن هذا لا يعني أنه كان يموت أو أصبح أقل خطورة؛ في الواقع، كان العكس: كان دراكول يصبح أقوى لأنه كان يحول ذاكرته إلى روح.

كان روان يراقب العملية التي يستعيد بها أحد الرجال القديم قواهم، ويبدو أنه قبل أن يسحب ذاكرة دراكول من جسد كلاودي، كان القديم قادرًا على التهام القوى الفريدة للحوت السحابي، وبالتالي تسريع عملية استيقاظه.

بقدر ما أن مشاهدة هذه العملية شيئ مستنير لروان، إلا أنه ما زال يريد قتل دراكول قبل أن يستعيد المزيد من قواه، وعلى الرغم من أن حصول دراكول على روح سيجعله عرضة لسيطرة روان على الأرواح، فإن هذا يعني أيضًا أن إرادة دراكول ستستيقظ، وسرعان ما سيتبعها جسده، لم يكن على استعداد لمحاربة القديم بهذه الشروط، حتى لو كان لا يزال ضعيفًا للغاية، بدون جوهر أو أثير لتفعيل قدراته.

كان من المغري مشاهدة هذه العملية كاملةً، لكن روان لم يستطع المخاطرة. جذبه صوت دراكول من تأملاته،

“ما أنت؟!…” سألت ذاكرة دراكول بفضولٍ مُلِحّ، “لماذا الواقع من حولك… ناقص؟” بدا وكأن القديم قد نسي انزعاجه وغضبه من انتشاله من جسد حوت السحاب، بينما ازدادت نظراته نحو شكل روان الضبابي اشتعالًا. لم يستشعر دراكول أي تهديد من روان، بل لم يستشعر أي شيء على الإطلاق، ولكن كانت هناك علامات حول كيانٍ من بُعدٍ أعلى لا يُمكن إخفاؤها، ولم يكن روان يمتلكها. ومع ذلك، أثار هذا فضوله أكثر لأنه أحس بالقوة التي انتشلته من جسد حوت السحاب، وكانت بلا شكٍ مُلفتة.

ظنّ دراكول أن روان لا ينبغي أن يكون خالدًا، بل سلاحًا واعيًا. كانت قفزة منطقية جنونية، لكن كل شيء بدا مناسبًا. لا يمكن لخالد من بُعد أدنى أن ينظر إلى ذكرى كائن قديم دون أن يُفسده، ولم يستشعر دراكول أي استسلام في عقل روح هذا الشخص الذي أمامه.

على الرغم مما قد يفكر فيه دراكول، اعتقد روان أنه من الغريب أنه كان ينظر تقنيًا إلى ذاكرة شخص كان على قيد الحياة ذات يوم ولكنه لا يزال يحتفظ بكل حواسه، مما يجعله غير قابل للتمييز تقريبًا عن شخص حقيقي.

عند النظر إلى الفضاء من حوله كما أشار إليه القديم، عبس روان وتلاشى الغموض المحيط به قبل أن يختفي، وحتى إيفا لن تكون قادرة على العثور على أي عيب في محيطه.

لم يكن قادرًا على خداع الواقع المحيط به بالكامل لأنه يفتقر إلى الطاقة، ولكن الآن مع طاقة الدائرة العليا التي تملأ جسده باستمرار بكل القوة التي يريدها، كان من السهل إكمال العملية، وتعزيز قوة إرادته الحقيقية، والتي كانت العمود الفقري الرئيسي لهذه العملية.

مدّ روان يديه على اتساعهما وخاطب القديم: “قل لي يا دراكول، هل ترى أي عيوب حولي؟” تراجع القديم فجأةً كما لو أنه تلقى لكمة في وجهه، وبدا أن كلمات روان كانت أثقل مما ينبغي.

“عيوب؟ هل يمكنك إعادة تشكيل القوى الأساسية التي تقف وراء هذا الواقع من حولنا؟ هل أنت مرشح رئيسي؟ إذا كان الأمر كذلك، فأنا أعتذر عن تقصيري، وسأغادر.”

بدا روان مسليًا بعض الشيء، “لا حاجة لكل هذه المسرحيات يا دراكول، أنا لست مرشحًا رئيسيًا أو أيًا كان ما تسميه، ولن تغادر هنا بحياتك، أريد فقط أن أعرف ما إذا كان الواقع حول جسدي مثاليًا، ولكن أعتقد أنه إذا لم تخبرني …”

فجأة اهتز الفضاء من حولهم عندما تدفقت مليارات السلاسل الضخمة مثل المطر على ذاكرة دراكول المذهولة، وكلها تحمل وزنًا كافيًا لسحق ألف كون ومليئة بإرادة مدمرة يمكن أن تزعزع استقرار حتى ذاكرة عالم قديم،

“…سأخذ إجاباتي من روحك.”

انطلقت صرخة الغضب والسخط من أسفل الكتلة التي لا نهاية لها من السلاسل التي كانت تحيط بذاكرة دراكول وكانت تدور على نطاق واسع، مما وضع القديم في مطحنة كانت مباشرة من الجحيم.

مد روان يده اليسرى، وعلى الرغم من أنه لم ينشط سلالاته بعد، إلا أن قوة الإنشاء ملأتها وتم إنشاء قوس ضخم من العدم، وفي يده اليمنى تجمعت قوة الدمار وتم صنع ثلاثة سهام كبيرة، ووضعها على وتر هذا القوس وسحبه ببطء إلى الخلف.

خرج هدير قوي من داخل الكرة الدوارة من السلاسل التي هزت الفضاء المحيط، لكن تجارب روان مع قوته على الفضاء لم تقتصر على خداعها ببساطة، فقد تعلم كيفية تقويتها أيضًا، وإذا كان دراكول يعتقد أنه سيهرب عن طريق تحطيم الفضاء، إذن كان في مفاجأة سيئة.

لكن قوة ذلك القديم كانت لا تُوصف، فقد كان يفقد ذاكرته بسرعة، لكن قوة روحه بدأت تتوهج كنجم أحمر، إذ انبعثت من فمه كلمات قوة مجهولة، قديمة ودنيئة للغاية، وانفجرت ثقب كبير في كرة السلاسل الدوارة. شق سهم روان الأول الفضاء مخترقًا هذا الثقب، واصطدم بجبهة دراكول، بينما دخل السهمان الآخران في عينيه؛ لم يكن لدى الذاكرة وقتٌ للدهشة قبل أن ينفجر السهم.

“ختم!” زأر روان وأغلقت الحفرة التي فجرها دراكول مرة أخرى بينما استمرت السلسلة في الدوران، مما أدى إلى طحن القديم إلى لا شيء.

رفع روان يده اليمنى مرة أخرى وظهرت ثلاثة سهام أخرى مصنوعة من الدمار.

الترجمة : كوكبة