السجل البدائي - الفصل 1413

الفصل 1413: الجوع

عند طلبه المساعدة، أمسكت ستاف بطنها وبدأت تضحك: “ههههه، جشعك الجامح يا أيها تنين أبيض، سيكون نهايتك… ههه، لماذا تصطاد بقايا خالد من البعد الثامن؟ لقد غادرت العوالم الدنيا منذ مليون عام تقريبًا، وبصرك وصل إلى ذروة الوجود. لا أعرف إن كان عليّ الإعجاب بشجاعتك أم السخرية منك لغبائك.”

شهق فرايغار بانزعاج، “أريدكِ أن تعلمي أن هذا الصيد كان مربحًا للغاية بالنسبة لي. دخلتُ عالم دراكول، تنينا من البعد الرابع، وأنا الآن في قمة البعد الخامس. لو أتيحت لي الفرصة لاستيعاب مكاسبي، فسأكون في مستوى البعد السادس؛ من منكم هنا يُمكن مقارنته بي إذًا؟ هذا العالم مناسب جدا لسلالتي، ولا أندم على لحظة واحدة قضيتها فيه. علاوة على ذلك، لا أريدكم أن تأتوا لأخذي. لا أعتقد أنني سأتمكن من النجاة، لكن مرؤوسي يحتاجون إلى مخرج. لم أحضرهم إلى ذلك العالم ليموتوا. قد يستغرق الأمر وقتًا أطول، لكنني سأستعيد كل ما فقدته.”

شخرت ستاف قائلة: “لم أكن أعلم أنك حقودٌ إلى هذا الحد يا فرايغار؛ ما دمت حيًا، فلا سبيل لنا للوقوف مكتوفي الأيدي ومشاهدتك تموت وأنت على حافة البعد السادس. إذًا لا يمكننا المخاطرة بسقوطك الآن، فنحن بحاجة إلى كل القوة التي نملكها في هذه اللحظة. دراكول لم يبقَ له إلا ذكرياته، حتى لو لم نتمكن من قتله، سنكون قادرين على إخراجك من ذلك المكان. تماسك أيها العملاق، نحن في طريقنا.”

“إذنا عليكم أن تُسرعوا. لا أظن أنني سأعيش طويلاً، ويبدو أن هذا الوغد يتوق إلى جسدي!”

*****

قبل لحظة من وصول دراكول، كان فرايغار على وشك تحقيق النصر. شقّت ألسنة لهيبه طريقًا عبر بُعد دراكول، متجهةً نحو قمة البُعد الذي كان أقوى الخالدين يدافعون عنه ضد هجومه الشرس لمليون عام.

لقد كانت هجماتهم عندما كان مشتتًا بسبب الاستدعاء من والده مزعجة للغاية، لقد كشف عن يده دون علمه، ولم ير أي سبب يدفعه إلى الحفاظ على الخدعة التي كان يلعبها منذ ما يقرب من مليون عام.

طوال هذه السنوات الطويلة من المعركة، كان فرايغار يتصرف كمجرد تنين يمتلك سرعة وقوة كبيرتين مع متانة سخيفة كانت قادرة على التخلص من معظم الأضرار التي وجهت ضده، لكن الخالدين هنا لم يعرفوا قوة سلالة نوسفيراتو وإرادته وقد خدعوا بأفعاله وبدلاً من الفرار، استمروا في قتاله جميعًا، معتقدين أنه سيسقط من الإرهاق … الحمقى.

كانت إرادة فرايغار إرادة الجوع. وتعتبر إرادة نادرة للغاية، لأن المخلوقات التي تمتلك القدرة على إيقاظ هذه الإرادة عادةً ما لا تعمر طويلًا بما يكفي للوصول إلى مستوى البعد الرابع؛ فقد استهلكت شهواتهم عقولهم وأرواحهم، لكن سلالة نوسفيراتو وقوة جسده كابن روان مكّنت وجوده المحرم من الوصول إلى مستوى الخالد، وعند هذا المستوى بدأت طبيعة سلالته المنحرفة بالكشف عن نفسها، وبدأ الوحش القادر على التهام الوجود كله يُظهر أنيابه.

بفضل سلالة نوسفيراتو، كانت إرادته الجوع تسرق بهدوء ثروة وسمات وأعمار وحظ وجوهر وأرواح وأفكار الخالدين الذين يقاتلهم، وكانت تتناقص تدريجيًا طوال هذه الفترة، بينما كانت إرادتهم وأقدارهم تُسرق، وإن بدرجة أقل. ومع ازدياد قوة فرايغار في المستقبل، لن يبقى هناك ما لا يستطيع سرقته.

مع انتشار حضوره في جميع أنحاء العالم مع الزيادة التدريجية في قوته، كان فرايغار يمتص أيضًا كل هذه الفوائد من العالم بأكمله، وعلى الرغم من أنه كان يوجه ما يقرب من ثمانين بالمائة من كل ما كان يسرقه إلى جسده لتقويته من أجل صعوده النهائي، مما دفع فرايغار في وقت قصير إلى تحقيق جوهر الدستور الأعلى ونواة القوة الأعلى، كان فرايغار قادرًا على الوصول إلى ذروة البعد الخامس من البعد الرابع بسهولة نسبية، وفي وقت قصير، كان يعلم أنه سيحقق قريبًا نواة المرونة العليا.

ولم يكن فرايغار أيضًا جشعًا بالمكافأة الهائلة التي كان يستنزفها من هذا العالم ونقل كمية كبيرة من القوة إلى مرؤوسيه الذين يخوضون هذه الحرب معه، وفي غضون مليون عام، كان هناك أكثر من ثلاثين خالدًا من البعد الرابع ولدوا بين عددهم!

على الرغم من قوة سلالاتهم التي ضمنت لكل ابن من أبناء روان الوصول إلى قمة عالم الخلود الزائف، إلا أن لمس الإرادة، وبالتالي عبور الأبعاد العليا، كان أمرًا بالغ الصعوبة، ومع ذلك، بفضل إرادة فرايغار، استطاع أن يبني جسرًا يربط بين العديد من الخالدين ويعبر هذا الحاجز. لم يعد إعلانه أنه سامي تنين زائفًا، بل أصبح فرايغار، من بعض النواحي، شخصًا يجب على روان الاعتراف به.

لولا إصرار التنين على كتمان قواه، لكان أبناء أوروبوروس معه قد اجتاحوا أساسات هذا العالم. لولأت هناك أي شك في اتباع التنين في الماضي، لكان كل ذلك قد زال. إنه بحق الابن الأول للمنشئ، التنين الأبيض العظيم الذي سيجتاح العالم تمهيدًا لمجيئه.

كان على فرايغار أن يهضم وجبته ببطء؛ فلم يكن الوصول إلى البعد الأعلى بالأمر الهيّن، وكان كل ما في وسعه هو القتال ورفع مستوى بُعده في آنٍ واحد. لحسن الحظ، كان يسرق مواهب هؤلاء الخالدين ويعزز موهبته الخاصة، فقد أصبحت قوة وعيه الآن أعظم بكثير مما كانت عليه في بداية هذه المعركة، وستستمر في النمو.

لم يتمكن فرايغار من إنكار نتائج هذه الحملة؛ فقد سُرقت أسس هذه المملكة من أيدي المدافعين، وما كان مسليًا بشكل خاص بالنسبة للتنين هو أنهم لم يكونوا على دراية بلمسته الشريرة.

كان هناك بعض الخالدين حديثي الولادة من الأبعاد العليا بين مرؤوسيه الذين يمكنهم خداع الحالة العقلية للآخرين؛ لقد اختاروا إرادتهم خصيصًا لمساعدة سيدهم في غزوه، ووجودهم قد جعل غزو فرايغار نتيجة حتمية.

كان هذا هو السبب أنه عندما وصلت نيرانه إلى الخالدين الذين كان يقاتلهم؛ تم ببساطة محو جميع الخالدين من البعدينم الرابع والخامس من الوجود.

لم يصمد الخالدون من البعد السادس لعدة ثوانٍ قبل أن يختفوا، وباستثناء السابع، الذي كان لديه قبة من الإرادة والقدر التي كانت تتآكل ببطء، تم التخلص من أعدائه.

تحت حرارة ألسنة اللهب كانت تكمن الطبيعة المدمرة لإرادته التي امتصت كل شيء من أعدائه، والخالدون الذين تم حذفهم لم يموتوا من الحرارة؛ بل استهلكوا جسديا وروحيا.

كان آخر الخالدين الأحياء يصرخ. تحت لهيب التنين، أدرك خسة العدو الذي يواجهه. كانت النيران تسرق منه كل شيء، حتى أفكاره، إذ اكتشف أن عقله كان يدور في دوامة طوال هذه الفترة، بدلًا من التركيز، ففي كل مرة أراد فيها حشد هجوم، كانت أفكاره تُسرق منه.

ولم يمت بسلام.

لقد أظهرت تقوية بنيته الجسدية قيمتها في هذه اللحظة لأنه استغرق كل تركيزه للحفاظ على كل القوة التي أخذها من هذا الخالد داخل قلبه الضخم لتخزينها للاستهلاك في وقت لاحق.

بفضل هذه القوة، أصبح فرايغار متأكدًا من الوصول إلى مستوى البعد السادس، وهذا يعني أنه سيكون الأقوى بين جميع أطفال والده.

بقدر ما كان يحب الانتهاء من التهام جوهر هذا العالم، فقد استدعاه والده، لذلك سيحتاج إلى المغادرة، لكنه سيعود إلى هذا العالم في المستقبل لإنهاء وجبته.

تحدث صوت أرسل قشعريرة أسفل عموده الفقري بجانب أذنه،

“أي نوع من التنانين أنت؟”

الترجمة : كوكبة