السجل البدائي - الفصل 1407

الفصل 1407: أنت رفيقي

كان بإمكان روان إنجاز الكثير في تلك الفترة الزمنية، فما بالك ببدائي الزمن نفسه، ومن بين الأشياء الكثيرة التي كان بإمكان هذا البدائي إنجازها في اللحظة الوجيزة لظهوره، اكتشف روان للتو أحدها؛ كان يحاول إحياء مصدر سلالته. لم يكن الغرض من ذلك معروفًا، ولكن إذا سُمح لبدائي الزمن بالنجاح في عودته، فسينتهي الواقع كما كان معروفًا.

‘هل هذا ما يعنيه؟ أن أكون منشئا خسوفا. لا بد أن هناك سببًا لوجودي دائمًا في المكان المناسب لإيقاف الأحداث التي قد تُفْشِل الواقع. آه، يا قدري، ربما أرى ما يدور حوله هذا البُعد.’

مع أن جميع أفعاله كانت غير إيثارية، لم ينكر روان قيامه بالقضاء على وحوش خطيرة في حياته، من انعكاسات عين الزمن إلى منع ولادة ثينوس. كل ما فعله كان لمصلحته الشخصية، ولكنه بذلك قضى على عدد كبير من المخاطر، وستمتد آثار أفعاله عبر الوجود.

لكنه لم يُقرّ بذلك قط.

لولا وجوده في الكون، لتمكنت انعكاسات عين الزمن، التي اكتسبت الأرواح، من فك أسرار السجل البدائي، ولكانت مكائد الأمير الثالث، وربما كين، قد اكتسحت الواقع. لأصبح ثينوس ولوحة العالم تهديدًا يهدد الوجود في وقت قصير، وكان روان يعتقد أنه لو مُنح المزيد من الوقت والمساحة للنمو، لكان البدائيون وحدهم قادرين على إيقاف ثينوس.

الآن يبدو أن مصيره أو قدره كان يسحبه نحو مدار البدائيين، لأنه يعتقد أنه يعتبر واحدًا من القلائل الذين نظروا بعمق أكبر خلف ستائر الواقع.

باكتشافه لمصدر سلالة الزمن، كان روان مصممًا على الوصول إليه واستغلاله بكل ما فيه من فوائد، ولم يكن قد خلص بعد إلى أن إحياء البدائي قد يكون نعمة عظيمة أو نقمة. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أهمية هذا المصدر بالنسبة له.

من بين العديد من القوى المخفية التي يمتلكها، ما قد لا يكون واضحًا جدًا هو تأثير مصادر سلالة الدم المختلفة التي اكتسبها بعد استهلاك الكون عندما أصبح كيانًا ثلاثي الأبعاد.

كان مصدر سلالة الدم هو المعرفة الخالصة، ويمكن اعتباره أداة مهمة لأي كون ليكون قادرًا على تطوير الكائنات الحية التي يحتويها، وبدونه، لن يكون أي كون قادرًا على إنشاء كيانات خارقة للطبيعة.

من فهم الحمض النووي الصحيح اللازم لنمو شعر رأس الإنسان، إلى الأعضاء التي تُشعل النيران داخل التنين، إلى موهبة سلالة الدم التي وُلدت بها كل فصيلة، احتوى كل كون على مصادر سلالة دم متعددة، وقد ورث روان جميعها عندما استوعب كونه. لو استمر في استيعاب جميع الأكوان التي اكتسبها، لكان قادرًا على اكتساب المزيد من مصادر السلالات.

كانت كل المعرفة التي اكتسبها من استيعاب مصدر سلالة الدم بالغة الأهمية. عندما سيطر روان على الدوائر العليا، كان أحد الأسس التي احتاجها لتحقيق هذا الإنجاز هو المعرفة التي اكتسبها من جميع مصادر سلالة الدم الخاضعة لسيطرته. إذا كان بإمكانه جني هذه الفائدة الهائلة من مصادر سلالة الدم في الكون، فكم بالحري يمكنه جنيها من مصدر سلالة بدائي الزمن؟

كانت عين الزمن السابقة مُقادة بأنفها بسبب رغبتها في الحصول على مصدر سلالة الزمن، مما جعلها عرضة للتلاعب من قِبل روان. كان روان أيضًا مهتمًا جدًا بهذه القوة، لكن مشكلته الوحيدة كانت أنه بعد اكتسابه لسلالة الدم، لم يتمكن من الوصول إلى مصدر السلالة مرة أخرى. مع أنه كان يعتقد أنه سيجد طريقة لتحقيق ذلك مع مرور الوقت، إلا أنه لم يكن متحمسًا جدًا لهذا الاحتمال.

بمساعدة عين الزمن، ربما كان قادرًا على إيجاد طريق نحو هذا البعد المجهول، لكن روان سيكون أحمقًا حتى لو فكر في العمل مع عين الزمن المجنونة، وحتى النسخة الجديدة لم تكن أفضل.

ومع ذلك، فقد رأى بابًا مفتوحًا له، وسيكون فيراك تذكرته إلى هذا المكان. كان بدائي الزمن يلعب لعبة طويلة الأمد، لكن روان انضمّ لتوه للعبة معه.

******

استراح سامي التنين فيراك على ركبتيه، وحيدًا في الفراغ، مغمض العينين ورأسه منحنيًا. كان انتقامه كاملًا، وانتظر الموت ليأخذه.

أحاطت أياديه الأربع بنصل ضوء القمر الأحمر، ورأس السماوي المعلق على حزامه، الذي كان وجهه ملتويًا من الغضب. بدا فيراك هادئًا، لكنه كان يتجهم أحيانًا مع تنامي شعوره بالانتهاك في روحه.

كما استنتج روان، لم يصل فيراك إلى النقطة التي ينبغي أن يكون قادرًا فيها على لمس مستوى البعد الثامن، والآن بعد أن أصبح عقله صافيًا، فقد اعترف بهذا الحدث الغريب.

كان هناك شيء آخر مسؤولاً عن وصوله إلى هذه النقطة، وفهم سامي التنين معنى التبادل المكافئ؛ في اللحظات الأخيرة من حياته، لفت انتباه الكيانات القوية، وحتى مع قوته، كان مجرد بيدق.

لم يستهين بهذه الهدية التي مُنحت له، حتى وإن حملت أشواكًا. لولا هذه القوة، لكان كل من دمّر عالمه قد نجا، ولكانت جثته على الأرجح إحدى غنائمهم، لكنه أصبح المنتصر. صدّ خالد واحد غزو قوتين بدائيتين، وقصة كهذه ستُزعزع أركان الواقع.

ولم يكتف بقتلهم جميعاً، بل حصل أيضاً على أقوى سلاح صادفه في حياته، وهو سلاح يرتبط اكثر بروحه مع كل لحظة تمر، ولكن هذا إضافة جديدة إلى روحه؛ كان هناك شيء آخر قبله.

كان هناك نموٌّ غريبٌ آخر داخل روحه، كورمٍ سرطاني، ويزداد قوةً. مع أن هذا النمو بدا صغيرًا، إلا أنه بدا أيضًا عميقًا بشكلٍ لا يُصدَّق، ومن أعماق ذلك الورم انبعثت همساتٌ من الجنون والمعرفة من واقعٍ مجهولٍ كان يُحطم عقل فيراك ببطء.

ما كان بداخله كان قويًا جدًا وغريبًا جدًا، ولم يكن من الممكن أن يصمد تحت تأثيره. أدرك فيراك ذلك، فانتظر بهدوء. إذا كان هذا هو الثمن الذي يجب أن يدفعه، فقد تُلعن روحه.

بدأ هذا الوجود الذي لا يشعر بأي مقاومة في روح فيراك ينمو بسرعة مذهلة، ومع وصول تأثيره إلى مستوى مذهل، عندما شعر فيراك أن إرادته على وشك أن تُستهلك بالكامل، انبعث شعور بالدفء من نصله واجتاح روحه، وكاد فيراك أن يئن بصوت عالٍ من المتعة حيث بدا أن ثقل هذا الوجود قد خفف.

كانت هناك أصوات خافتة من الصراخ، حادة إلى ما لا نهاية ومليئة بالغضب لدرجة أنه من المستحيل تقريبًا فهمها، لكن هذه الأصوات هدأت ببطء مع مرور الوقت.

كان فيراك يشعر أن وجود هذا الورم المجهول لم يختف، بل تم قمعه فقط، ولكن لن يستمر ذلك طويلاً، فقد كان يشق طريقه ببطء إلى الوراء.

فتح عينيه ونظر إلى سلاحه بدهشة وذهول. بدا السلاح كما لو أن بريقه قد خفت، فضحك فيراك ضحكة ساخرة.

“لذا، فإن تكلفة مساعدتك باهظة الثمن. لم يكن عليك فعل ذلك، كان بإمكانك تركي أسقط. لذلك، لك مني جزيل الشكر.”

نهض ببطء على قدميه، وأراح نصبه على كتفه ونظر نحو العوالم العليا، “سأطعمك بدم الفوضى والنورانيين، وفي المقابل، ستحمي روحي. هل لدينا اتفاق، يا نصل ضوء القمر الأحمر؟”

صدر أزيز السلاح وهذه المرة ضحك فيراك بصوت عالٍ،

“حسنًا. لا أعرف مبتكرك ولا ما ينوي لي، لكنك الآن ملكي يا نصل ضوء القمر الأحمر، ومعًا سنسحق كل شيء، حتى مبتكرك، إن قرر الوقوف ضدنا. أنت في نظره مجرد فاشل، أما أنا، فأنت رفيقي.”

الترجمة : كوكبة