السجل البدائي - الفصل 1402

الفصل 1402: قتل النور (6)

لم يتم فتح الحافة النازفة، السلاح البدائي الذي استحوذ عليه بيريون الخالد بالكامل، لا يزال هناك ختم نهائي متبقي سيتم كسره عندما يستدعي روان الموجات الأخيرة من الأعداء الذين قُتلوا على يد بدائي الشيطان في نجم الهلاك، لكن روان كان قد قمع بالفعل روح هذا السلاح لفترة من الوقت ويمكنه استخدام بعض قدراته الفطرية دون فتح ختمه النهائي.

لا يزال روان متحفظًا بشأن فتح سلاح بدائي بالكامل، وإن أمكن، فسيمنحه لشخص آخر، حليفًا، أو ربما يستخدمه لنصب فخ لأعدائه. إذا كان من الممكن حصوله على هذا السلاح، فسيحتاج إلى معرفة أكبر بالسلاح البدائي وكيفية صنعه. لم يكن بإمكانه المخاطرة بأي عامل مجهول في هذه المرحلة المبكرة من حياته الجديدة؛ كان لا بد من بناء أساس أكثر متانة قبل أن يبدأ في الخوض في مسألة هذا السلاح البدائي؛ أما الآن، فعليه أن يلبي حاجته بأي طريقة محدودة يستطيع استخدامها.

كان هذا السلاح البدائي يخترق الإرادة والقدر والمصير بسهولة، محطمًا إياهم بضربة واحدة. وبهذه الطريقة، تمكّن روان من التلاعب بالدمار الذي يُلحقه فيراك، مع مراعاة الجوانب المزعجة للقدرات المصاحبة له. كما ساعده تركيز التنين الذهني على قتل ما أمامه، وعدم اهتمامه ببقايا القوة التي كان يُطلقها إلى الواقع.

“يا له من إهمال!” تمتم روان في نفسه وهو يواصل عمله، على الأقل نجح الأمر لصالحه. لم يعد يُدهشه قلة الخالدين الذين لا يستطيعون التحكم الكامل بأفكارهم عند بلوغهم الحد الأقصى، ولكن ربما كان هو فقط غريبا للغاية، كما أن تطور سلالته في الماضي جعله روبوتًا مُذهلًا، ولكن من كان يُسيطر على كل تلك النتوئات الصغيرة؟ ليس هو.

لولا الحاجز الذي فرضته الصحراء الكبرى، لتمكن روان بسهولة من نهب أكوان بأكملها، وأخذ حتى إرادتها. كان الدمار الذي أحدثته هذه الصراعات بين كيانين من أبعاد أعلى هو كل ما يحتاجه من ذريعة. لن يتمكن أحد من التدخل في الحروب التي تُبتلي الواقع، وفي الوقت الحالي، أراد أن يكون هذا هو الحال.

كان بالكاد قد انتهى من معالجة المائة كون الأولى عندما اندلعت موجات الصدمة من المعركة والتي من شأنها أن تحطم ما يقرب من أربعمائة كون آخر.

تنهد روان وذهب إلى العمل، كان من الجيد أنه يستطيع تغذية ورم تونغ بطاقة الروح، لأنه بدون إكمال أرضه الأصلية، لن ينتج جسده أي طاقة، أثير أو غير ذلك، كان يشتبه في أنه إذا أكمل عملية إنشاء أرضه الأصلية فلن يكون لديه إمكانية الوصول إلى الأثير أو الأثيريوم، ولكن إلى شيء آخر، وقبل ذلك سيكون عليه أن يكتفي باستخدام طاقة الروح كبديل وما تبقى من مخازن طاقته.

مع ذلك، كان معدل استنزاف طاقة روحه مُقلقًا. كان كنزه من مستوى المصدر – لسان الدودة – متينًا بما يكفي، ويمكنه التعافي من الأضرار التي يُلحقها به الخالدون من البعد الثامن، لكن المشكلة تكون في وجوب وجود طاقة كافية لتشغيل هذه العملية. مع أن روان لم يُؤخذ هذا الأمر في الاعتبار كثيرًا، إلا أنه مهما ضحّى بجوهر الروح، كان يكتسب القدرة على جمع المزيد في المستقبل.

كانت المعركة بين السماوي وفيراك قد حطمت بالفعل أكثر من ألف كون، وأصبحت جميعها غنائم لروان، ومهما بلغ من الإرهاق، فقد حقق مكاسب هائلة، ليس فقط في الأكوان التي انتزعها، بل أيضًا في تعلم المزيد عن الدمار من التنين الذي يحمله. كما أن تطبيقه للإرادة والقدر والمصير كان كاشفًا للحقيقة، وذاكرة روان المثالية نقشت كل تفصيل من تفاصيل هذه المعركة.

بالكاد كان يعيد تمثيل مشهد آخر من الكون المدمر المكون من عشرة أجزاء، فتوقف روان لالتقاط أنفاسه.

للحفاظ على طاقة روحه، كان يستخدم أقل ما تبقى من الأثير في روحه البعدية. قد يفتقر جسده البعدي إلى الأثير والجوهر بعد استهلاكهما بالكامل أثناء التحول، لكن مخزون الطاقة المتبقي في روحه البعدية بقي سليمًا إلى حد كبير؛ لم يعد بإمكانه التجدد بعد استهلاكه.

أول ما فعله روان هو القضاء على الوعي المتعدد في مخازن طاقته. كانت سمة اكتساب أثيره لنوع محدود من الحكم مثيرة للاهتمام، لكنها مُشتتة للانتباه. سيُحقق في الأمر لاحقًا، لكن في الوقت الحالي، أصبح سماع أصواتهم الحماسية وهو يستهلكها أمرًا مزعجًا بعض الشيء.

بسبب إنفاقه، كان يحرق تريليونات الوحدات من الأثير في كل لحظة، وسماع تريليونات الأصوات التي تمدحه بينما كان يقتلهم تقريبًا لم يعد أمرًا جديرًا بالملاحظة.

على الرغم من أن مخزونه من الأثير كان مثيرًا للإعجاب، بما يكفي لمنافسة ربما تريليونات متعددة من الخالدين على مستوى البعد الخامس، إلا أن الفرق في الجودة عند مواجهة قوى البعد الأعلى كان كبيرًا جدًا لدرجة أنه يستخدم الكثير منه لكل عمل صغير، وحتى مخزونه اللانهائي تقريبًا بدأ ينفد.

كانت المشكلة الأخرى تأتي أيضًا من جسده البعدي الذي وصل إلى النقطة التي كان مرتاحًا فيها في إنشاء أرض الأصل، وبدأ في سحب قوة الوعي من كل مصدر يمكنه العثور عليه، ومع امتلاك الروح البعدية لكمية أكبر من قوة الوعي من الجسد، تم وضعه تحت قدر كبير من الضغط.

“مجرد يوم عادي في المكتب.” ضحك روان، وتردد صوته الجهوري العميق في وعيه. لم يرَ في الصعوبة التي يواجهها أمرًا سيئًا. بل كان ممتنًا لوجوده هنا لمواجهة هذا النوع من التحديات، رغم كل ما شهده.

انطلق صدى صادم من الضباب الذي كان يلف هذه المعركة لفترة، ولم يُرِد روان أن يُمعن النظر فيه لمعرفة المزيد من التفاصيل حتى لا يُكتشف وجوده. كان يعلم أن هذا الضباب على الأرجح من صنع السماوي لسببين: الأول هو إلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر لتقليل حجم الدمار الذي كان سيُلحق بالعوالم الدنيا، والثاني هو صنع ساحة معركة يُمكن فيها التعبير عن المزيد من قواه دون سحق كل الواقع من حوله، مما سيؤدي في النهاية إلى نفيه إلى العوالم العليا، إذ لم يعد هناك أساسٌ يُمكّنه من تحمل وزنه.

لم يكن روان يعلم من سيفوز في هذه المعركة، ولكن إن اضطر للمراهنة، فسيكون السماويون. مع أن فيراك كان قويًا، عبقريًا استطاع إنجاز شيءٍ رائعٍ حقًا في كونه، إلا أنه كان صغيرًا جدًا وقليل الخبرة، ويفتقر إلى الجوانب الأساسية التي ستقوده إلى النصر، كالأسلحة مثلًا. مع أنه اكتسب قوةً هائلةً بحرق كل شيءٍ من أجلها – وهو أمرٌ استطاع روان فهمه بسهولةٍ من خلال مشاهدة الأحداث التي جرت حتى الآن – لم يكن لدى فيراك طريقةٌ للاستفادة من كل تلك القوة كما ينبغي. كان يحرق نفسه حيًا حرفيًا لاستخدام النيران لإيذاء أعدائه.

لو كان لديه حتى كنز من مستوى المصدر الأولي، ربما يكون قادرًا على تغيير حالة ساحة المعركة، وليس كما هي الآن.

من ناحية أخرى، كان السماويون يستخدمون موارد أقل بكثير لكسر الخالد الموقر من البعد الثامن، وكان روان يعلم أن هذه لم تكن معركة بالنسبة لهم؛ بالهي مجرد إعدام، ويجب أن يكونوا من ذوي الخبرة الكبيرة في هذه العملية.

على أي حال، كانت هذه المعركة بمثابة تجربة تعليمية لروان لأن حدسه وكل شيء من حوله أشار إلى أن مواجهته مع السماويين كانت تقترب حتما، ومشاهدتهم يقاتلون هي تجربة قيمة.

مع ذلك الصدى الهائل الذي اندلع من الضباب، تمزق أخيرًا وأصبح بإمكان روان رؤية نتيجة المعركة التي وقعت.

كما توقع، كان فيراك في حالة سيئة للغاية. فقد معظم كتلته، وأصبح الآن بحجم نجم صغير، بشقوق هائلة تملأ جسده، وجناحاه اللذان انتُزعا من جسده وهما يرقدان في الأفق، ولم يعد يتعافى. ربما يعود ذلك إلى الرماح العديدة التي غُرست في جسده، وبالأخص رأسه، حيث أن هناك ما يقرب من ألف رمح حوّلته إلى وسادة دبابيس.

كانت هذه الرماح قد ثبّتت فمه حتى لا يزأر، كما سُدّت عيناه على صدره بهذا الرمح. لا يُفترض أن يكون لسلاح عادي هذا التأثير الضار على التنين، لكن روان استطاع، حتى من هذه المسافة، أن يشعر بقوة الرماح التي تُشبه مصاصي الدماء، والتي تُزيّن جسد التنين.

الترجمة : كوكبة