السجل البدائي - الفصل 1380

الفصل 1380: الحصول على فئة (3)

في تشكيل فئته، فهم السجل البدائي أن الدوائر التسع العليا التي أنشأها روان كانت مستبعدة، وبالتالي ركز على الدوائر التسع التي لم تكن كذلك.

ربما كان ذلك بسبب الضرر الشديد الذي عانوا منه، ولكن عندما امتد السجل البدائي إلى الدوائر العليا، لم تكن صراعاتهم شديدة كما كان روان يظن، ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى انكسروا.

كانت الدائرة الأولى التي اختارها السجل البدائي هي الدائرة التاسعة، وربما كان ذلك بسبب أنها كانت الأقوى وكانت التفرد يحتاج إلى وقود لإنشاء فئته، ولكن السجل البدائي لم يبدأ من الأصغر، بل من الأعظم.

كان من السهل النظر إلى الدوائر كحلقة برونزية بسيطة، لكن روان كان يعلم أن الموارد التي ضخّها في دائرة واحدة منها كانت ستُنشئ عشرة آلاف كون. لولا الموارد التي جُمعت بواسطة لوحة العالم من أبعاد لا تُحصى، لاستغرق روان مئات الملايين من السنين، بل مليارات السنين، لبناء دائرة كاملة.

أصدرت الدائرة التاسعة أنينًا خافتًا، ثم انحنت إلى الداخل كما لو أن قوة جاذبية هائلة انبثقت من قلب روان. انهارت وسقطت في جسده، وعندما ركز وعيه على الدوائر عن كثب، كان كل جزء منها أكبر من كون، وكان بإمكانه بالفعل عدّ ملايين الأجزاء المتساقطة نحو قلبه.

تموج بُعده وهو ينظر بدهشة إلى الدوائر العليا وهي تتحطم وتسقط، كعشرة ملايين كون تنهار. كم من الخالدين في الوجود سينعمون بمشهد كهذا في حياتهم الأبدية؟

تتبع روان الجزء المنهار من الدوائر العليا عندما سقطوا في السجل البدائي واختفوا في التفرد دون ترك أي تموج، ثم اندلع انفجار قوي من السجل البدائي كما لو كان قد طرد للتو شيئًا كان داخل الدوائر العليا ولم يكن مطلوبًا.

هاجمت ومضة من الألم الرهيب عقل روان بالإضافة إلى صراخ خافت يحتوي على كلمات كانت غير قابلة للفهم تقريبًا … تقريبًا.

كانت هذه الكلمات من لغة إينوك.

لقد رافقت هذه اللغة الغامضة روان منذ أن كان فانيا، وفي جزء منه كرهٌ فطريٌّ لها، وكان هذا هو السبب في عدم استكشافه الكامل لهذه القوة. ببساطة، كان هناك شيءٌ ما فيها جعله يشعر بالقلق.

*****

تكوين الفئة: 73%

لاحظ روان ازدياد تشكيل فئته بعد إضافة دوائره عليا، فأومأ برأسه راضيًا. كانت توقعات السجل البدائي صحيحة، وكان هذا هو الطريق الصحيح لاكتساب فئته، ولم يعد روان يتردد، وسمح للتفرد بأن يسود.

سيعتبر معظم الناس أفعاله جنونية. كان امتلاك الدوائر العليا التسع شرطًا أساسيًا ليصبح بدائيًا في هذا العصر الأسمى، فماذا يعني أن يكون لديه ثمانية عشر دائرة؟! فبمجرد تدمير طبيعة الدوائر العليا، وخاصةً بالطريقة التي استخدمها روان، لم يعد من الممكن إعادة تشكيلها.

‘لا تخشَ التغيير أبدًا. لا تخشَ التخلي عن شيءٍ في سبيل رؤيتك. التغيير هو السبيل الوحيد للتقدم!’

انهارت دائرته العليا الثامنة، واندمجت في السجل البدائي، وبعد برهة، انبعثت قوة جديدة من التفرد، تلتها همسات غامضة ركز روان على سماعها. كانت أهميتها عظيمة، وتسللت إلى وعيه معانيها، ورغم الألم، أراد فهمها.

تكوين الفئة: 80%

تبعتها الدائرة العليا السابعة بعد فترة وجيزة، متهالكةً في قلب روان، واستوعبها السجل البدائي. ساد هديرٌ في وعيه، ولم يكن روان يُدرك حتى أنه في غمرة انفعاله من الهمسات التي كان يحاول التقاطها، كانت يداه المدمِّرتان تضغطان على مسند عرشه، مما جعل هذا البناء الكثيف للغاية يتوهج بحرارةٍ بيضاء، ويتقلص ببطء مع بدء تلاشي العرش.

تكوين الفئة: 85%

مع اختفاء الدوائر العليا الثلاث، شعر روان بانخفاض وزن الدوائر العليا التي كان يحملها.

كان دليلاً على صموده أن روان لم يُصَب بالجنون وهو يحمل مجموعتين كاملتين من الدائرة العليا كخالد من البعد الخامس. ومع ذلك، كانت هذه هي الفوائد الخفية الصامتة التي منحته إياها سلالة ثعبان أوروبوروس البدائية، وباعتباره بُعدًا حيًا، بلغت قدرته على التحمل مستوىً يستحيل على أي خالد في مستواه ما بعده.

لا يمكن أيضًا إنكار أن عتبة روان للانزعاج كانت عالية بشكل مستحيل، وكان تحت ضغط عقلي شديد لأنه كان يحمل كل قدراته، لكنه لم يظهر ذلك، وحتى لو كان وزن قدراته أثقل بعشر مرات، فلن يظهر أي علامة على التوتر في وعيه.

ثينوس، كاسر البعد الثامن القوي، توسل للموت عندما اجتاح الألم روحه، كما عانته كل روح عاشت في نجم الهلاك. كان هذا الفخ الأخير الذي نصبه روان لهذا الخالد، ولكي يشعر ثينوس بهذا الألم، كان على روان، حامله، أن يتحمله ألف مرة.

كان من المستحيل تقريبًا تخيّل ذلك القدر من الألم. كانت الأرواح التي ابتلعها روان من لوحة العالم لا نهائية تقريبًا، وكان لذلك ثمن. ثمن دفعه دون تردد. كل إنجاز حققه كان مستحقًا، ولم تكن قواه وحدها ما جعل روان مميزًا، بل إن أي خالد آخر مُنح قوى روان سيُصاب بالجنون في لحظة قبل أن يُمزق روحه إربًا إربًا للهروب من وطأة وجوده الهائلة.

ومع ذلك، كان هناك شيء خاطئ بشأن وزن الدوائر العليا، وفقط لأن روان كان مازوخيا لدرجة أنه لم يعتبر الوزن المبالغ فيه الذي تحمله شيئًا يجعله يتجاهله.

كان وزن كل واحدة من هذه الدوائر العليا، وخاصة التاسعة، مساويًا لوزن جميع الدوائر العليا التي صنعها.

لم يكن هذا طبيعيًا، وأوحى إلى روان أن هناك أجزاء أخرى من الدوائر التي لم يكن هو، باعتباره المبتكر المفترض، قادرًا على لمسها، وإذا كان مترددًا بشأن تدمير الدوائر على الإطلاق، فإن عدم رغبته هذه قد اختفى تمامًا.

*****

في هذه اللحظة لم يكن التحرر من ثقل الدوائر العليا الثلاث من شأنه أن يهمه، كان روان يعبس وهو يحاول فك رموز الكلمات الإينوكية التي كانت تنطلق من السجل البدائي.

عندما امتدت التفرد نحو الدائرة العليا التالية، وهي السادسة، ساعده روان، مما زاد من قوة الجذب. بدلًا من أن تسقط دائرة عليا واحدة في السجل البدائي، كانت هناك ثلاث. ظن أنه سمع تنهيدة غضب من السجل البدائي، لكن روان سيهدئه في المستقبل. ما كان بحاجة إلى معرفته هو المعنى الكامن وراء الأصوات الصادرة من الدوائر العليا المدمرة، تلك التي دغدغت لغزًا كان يقلقه منذ البداية تقريبًا.

خرجت ثلاثة انفجارات متتالية من السجل البدائي، وكاد روان أن يمسك رأسه تحت موجات الألم التي هاجمت وعيه، لكن عينيه كانت مشرقة ومحترقة مثل الشمس، وأصبح معنى الهمسات أكثر وضوحًا.

تكوين الفئة: 97%

موجة أخرى من الراحة من الوزن المنخفض الذي كان يحمله جعلت كتفيه مشدودة، وأغلق روان عينيه، مدركًا أن الحصول على فئته أصبح الآن نتيجة حتمية، وهكذا غرق في الكلمات التي تعلمها للتو.

بدأت آخر الدوائر العليا تهتز كما لو أنها أدركت أن النهاية آتية. لم يتراجع السجل البدائي، فتحطمت الدائرة العليا الثالثة وانجذبت إلى جوهره، وانفجر الألم وهمسات الأسرار الخافتة من جوهره.

تكوين الفئة: 99%

لقد بقي دائرتان عليا أخريان، كافية لدفع فئته إلى الاكتمال، والاهتزازات الصادرة عن الدائرتين العليتين المتبقيتين زادت في شدتها.

بدا الاهتزاز وكأنه أطلق آخر سلسلة من القيود التي كانت تمنع روان من فك رموز الكلمات الإينوكية، واصطدمت بوعيه مثل صخرة، وبالمصادفة، اختفى عرش روان وانهار على ركبة واحدة، وكانت حركته رشيقة مثل الرقص على الرغم من تركيزه على الكلمة التي وضعت علامتها على وعيه.

“الموت.”

*****

كل ما قام به أثناء سحقه للدوائر العليا كان يؤدي إلى هذه النتيجة الحتمية. لو كان روان خالدًا آخر، حتى لو أنه مستوى البعد الثامن عندما دمر الدوائر العليا التاسعة، لكان من المفترض أن يهلك، لكن عوامل معينة أبقت حياته على قيد الحياة.

أولها كان سجله البدائي. لأن تدمير الدوائر العليا حدث داخل التفرد، فقد استطاعت صدّ 99% من رد الفعل العنيف، وحقيقة أن جسد روان وروحه البعديين أبقاه منفصلاً عن الواقع ساعدته على النجاة من حكم الإعدام. دوائره العليا التي صنعها حافظت عليه، وسلالاته حافظت عليه، وثعابين أوروبوروس البدائية حافظت عليه، ونورانيوه حافظوا عليه، وقوة أبنائه حافظت عليه…

ومع ذلك، في كل مرة كان يدمر دائرة، كانت دعوة الموت تصبح أقوى، وبدا الأمر وكأنه يلعب الروليت الروسي، ولكن مع كل جولة ينجو منها، كانت تتم إضافة رصاصة أخرى إلى حجرة البندقية.

الترجمة : كوكبة