السجل البدائي - الفصل 999

الفصل 999: صحوة الجنون (1)

كان هذا شعورًا لم يرغب روان في تجربته مرة أخرى أبدًا.

لقد سُلبت منه ثلاثون مليون سنة، ومع ذلك فإن هذه القدرة… لم تتوقف عن جمع المزيد.

لو كان ساميا أو ساحرًا كبيرًا، لكان هذا العدد من الأعمار أكثر من كافٍ، ربما كان كافيًا لإحياء ألف سامي من أيدي الموت الباردة، لكن روان لم يكن ساميا.

أُزهِقَت مئة مليون سنة من حياته، وظهرت نهايةٌ لا تُرى. كان هناك وحشٌ لا يُسبر غوره بداخله، وشهوته قاسيةً لا تُطفأ، وتسائل متى سيكفيه حتى مع فقدانه خمسمائة مليون سنة من عمره.

تجدر الإشارة إلى أن لا شيء في روان كان طبيعيًا، حتى أن عمره كان مدفوعًا بحيويته التي لا نهاية لها تقريبًا مما يجعل كل ثانية منه أكثر قيمة بعدد لا يحصى من المرات مما كان ليكون في العادة.

ثانية واحدة من عمره تساوي قرابة مليار سنة بالنسبة لإنسان. هذا يعني أن حيويته كانت قوية جدًا، لدرجة أن ما غذّى جسده لثانية واحدة كفيل بإبقاء إنسان حيّ لمليار سنة.

من هذه الحياة السابقة، خمسمائة مليون سنة ضاعت في لمح البصر. ‘لم أعش جزءًا من عمري الذي فقدته، ولكن في الموت، عليّ أن أدفع ثمنًا باهظًا كهذا؟ لو فكرتُ أنني لم أبدأ حقًا بتطوير جسدي إلى القمة، إذا كان هذا هو مقدار العمر الذي ضاع وأنا لا أزال فانيًا، بمعنى الكلمة، فكم سأدفع عندما أبلغ قمة الخلود؟’

ستظل تكهنات روان تؤلمه لأن استنزاف عمره لم يتوقف، ويبدو أنه يتسارع بشكل خافت.

‘ألا يكون الأمر مضحكًا،’ فكر، ‘إذا كان في سعيه إلى القيامة، فإن العمر الذي سينتهي به الأمر إلى فقدانه سيقتله عندما ينفد هذا الوقود الثمين’

ما حدث بعد ذلك لم يكن مضحكا بالنسبة له.

مليار سنة… ملياري سنة… خمسة مليارات سنة، وأخيرًا بدأنا نشعر بالتغيير.

لقد خفف الاستنزاف وشيء كان مشابهًا لعكس الزمن ولكنه لم يكن كذلك، كانت عملياته معقدة بشكل مخيف ولكن روان لم يكن قادرًا على تعلم الكثير نظرًا لحالة وعيه المتضائل، لكن ساعده أنه كان في بُعد أعلى، وبالتالي كان قادرًا على فهم أن هذا الجزء من قدرته تمكن بشكل مدهش من الوصول إلى قوى أبعاد أعلى.

كانت الحفرة التي كان روان يقع فيها ذات يوم مليئة بتيار مزدوج من الطاقة يبدو أنه يتلاشى مع موت مضيفه المقصود، ومع ذلك ظهر شيء ما في الأعلى، وهو عبارة عن تمزق في الزمكان.

بدا الأمر وكأنه عين سوداء بالكامل، مثل بوابة إلى الهاوية، ممتدة لعدة أمتار.

أصبحت العين السوداء أكبر عندما تم سكب الوقود لقيامته فيها، وعندما تم الوصول إلى عتبة، ظهرت قزحية ذات شق ذهبي مثل قزحية ثعابين أوروبوروس في وسط العين البيضاوية السوداء.

انبعثت هالة باردة وقاسية من العين وهي تتأمل واقع هذا البعد الغريب. أطلقت العين صرخة غريبة انفجرت منها كموجة صدمة امتدت من الفوهة ووصلت إلى مسافة لا تُحصى.

لم يكن روان على علم بهذا التغيير ولكن هذه الصرخة عبرت نجم الهلاك بأكمله وتوقف البعد بأكمله حيث تجمد الجميع عندما سمعوا هذه الصرخة التي بدت وكأنها تخرج من أعماق الزمن، حتى ما وراء العصر البدائي.

كان هناك غضب وجنون داخل هذه الصرخة الغريبة التي جمدت أرواح عدد لا يحصى من الكائنات عبر مساحة يمكن أن تحتوي على ألف كون.

أعلن روان عن نفسه دون علمٍ منه لنجم الموت بأكمله. لو كان يعلم، لما اهتم، لأن روان كان يشعر بشيءٍ آخر، إذ دفنت القيامة فكره الواعي تحت وطأة غضبٍ لا يُطاق، سيُشحب وجوه جميع الكائنات الحية. فجأةً، اكتسبت قوقعته الحجرية الضخمة، التي كاد المخلوق أن يهضمها، حياةً خاصة، وبدأت تتجمع في نقطةٍ مركزيةٍ حول العين المُحلقة، مُنتزعةً من اللحم، مُبتلعةً إياه بقوةٍ هائلةٍ حتى أنها مزقت جروحًا نازفةً كبيرةً فيه.

أعادت البيضة الحجرية الضخمة تشكيل نفسها حول العين، وفي لحظة قصيرة أصبحت خالية من العيوب، ولكن كان هناك شيء مختلف بشأن البيضة، على قشرتها الفارغة سابقًا أصبحت هناك الآن تصورات واقعية لستة ثعابين أوروبوروس البدائية، كانت تدور حول نجم أخضر وأسود، وفتحت أفواهها العملاقة كما لو كانت على وشك التهامه.

غطّت هذه الصورة المرعبة تياران أحمر وأزرق غطّيا البيضة المُبعثة. دار تيارا الطاقة حول البيضة الحجرية، وكانا يهتزان بحماس.

خرج من البيضة هديرٌ خافت، كهدير وحشٍ عظيم. لم يكن وعي روان، الذي خفّضه نجم الموت بشدة، قويًا بما يكفي لاحتمال بعثه، وللحظةٍ تعطلت أفعاله الواعية، ولم يبقَ سوى الوحش.

كان الوحش مسيطرًا. أيقظه الجنون.

كان الوحش مدركًا لأمرين وحدهما، أنه خطر وأن الأدوات لتغيير هذه الحالة المزعجة تحيط به، بدأ الوحش يتصفح المعلومات التي تحوم فوق وعيه، هناك خياران أمامه، اختيار تيار الطاقة الأحمر أو الأزرق، ولكن بالنسبة للوحش، لم يكن كلاهما سوى أسلحة يمكنه إضافتها إلى أنيابه.

يجب أن يكون هذا مستحيلاً، ربما لو كان روان مستيقظًا، لكان قد نظر إلى مزايا وعيوب كل تيار من الطاقة واختار واحدًا، لكن الوحش لم يفهم شيئًا سوى القوة واختار كلا الطاقتين.

ثارا. اصطدمت الطاقتان، وكادتا أن تتبددا، فمن المثير للاهتمام أن هذين التيارين من القوة كانا حيين.

لم تُثر هذه المعرفة سوى غضب الوحش. إدراكه أن روان، بينما كان يجهد لفهم الأحرف الرونية للوصول إلى هذه الطاقات، كان لديه القدرة على فرض اتصال، جعل غضبه يتجاوز الحدّ غير المعقول الذي بدأ يحرق وعيه بالفعل.

أشرقت عيون صور الثعابين البدائية الستة أوروبوروس وانتفخت قشرة البيضة إلى الخارج عندما فتحت ستة ثقوب في القشرة وسحبت ثعابين أوروبوروس الطاقين بقوة، متجاهلة الخيارات الأخرى.

لم يكن روان قادرًا على التحكم بجسده الحجري بسبب ضعف قوة وعيه، لكن ثعابين أوروبوروس البدائية هي مخلوقات غرائزية بقدر ما كانت مخلوقات فكرية.

لم يهتموا بالفهم، فقط الغضب والرغبة غير المعقولة في الهيمنة والاستهلاك.

اهتزت الطاقتان حول البيضة يأسًا، وصدر هديرٌ كارثي من كتلتيهما المتعثرة، لكن قوة شفط الثعابين لم تُمحى، حتى عندما حاولت التلاشي، وصل نداء الثعابين إلى الواقع وسحبتها. في أعماق صدفة روان، اصطدمت الطاقة التوأمية المنجذبة إلى الداخل وانفصلت، ولكن مع ازدياد انجذابها، اضطرت إلى الاندماج.

انطلقت صرخة ألمٍ ترددت لأميال من صدفة روان، إذ امتزجت الطاقة وتجمعت تحت قوةٍ عاتيةٍ داخل جسده. حاولوا الانفجار إلى العدم مراتٍ عديدة، لكن إرادةً لا تُقهر قيدتهم، وفي أعماق الاضطراب وُلدت طاقةٌ جديدة… كانت أرجوانية.

الترجمة : كوكبة