السجل البدائي - الفصل 997
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
دعم مترجم لزيادة تنزيل رواية The Primordial Record
الفصل 997: عتبة الوعي
مع أن الوقت يفتقر إلى المعنى بالنسبة له، إلا أنه أصبح كل شيء في مواقف مثل هذه حيث كل ثانية لها قيمتها.
كان بإمكان روان أن يشعر بالضغط المتزايد ضده، فلم يكن الشعور بالعجز بهذا الشكل أمرًا ممتعًا، وعلى الرغم من أنه بدأ يتخلف عن الركب، إلا أن الجزء الأصعب من اللغز قد تم حله بالفعل، وما تبقى له أن يفعله هو التسارع.
متجاهلاً وفاته الوشيكة، بدأ روان في توسيع قوى وعيه إلى أقصى حد، وعمل بنشاط على خلق أساليب جديدة ومبتكرة لاستخدام القليل الذي كان لديه للعمل به أثناء حل اللغز الهائل أمامه.
لم يكن يريد فقط الرد على أي مشاكل جديدة ظهرت، بل أراد أيضًا التنبؤ بها بينما يبحث بنشاط عن أساليب جديدة ومبتكرة لإنهاء الترتيب الروني.
ابتكر آلاف التقنيات التي لم يكن ليُكلف نفسه عناء استخدامها من قبل بفضل قوة وعيه، ليمنحه ولو ميزة ضئيلة في هذا السباق المميت، وبدأت سرعته في كسر الأحرف الرونية تتزايد تدريجيًا.
منحه فك رموز الدوائر العليا أفضلية في مثل هذه المواقف، لكنه لم يكن بهذا الضعف من قبل حتى وهو داخل درع تينبريس. كان يعمل بالكاد بقوة خمسة بالمائة من قوة عمود وعي واحد.
هذه الكمية من قوة الوعي من شأنها أن تجعله مساويا للسامي أو رئيس السحرة، ولكن اللغز الذي كان يحله بنشاط سوف يستغرق آلاف السنين حتى يتمكن السامي من حله، ومع السرعة التي تم التهامه بها، بالكاد لديه قرن من الزمان.
لقد مضى قدمًا، متجاهلًا العمل الشاق الذي ينتظره، ولم يكن جزء واحد منه يركز على الشكوك أو الخوف، كان كل شيء موجهًا نحو حل هذا اللغز وهناك جزء صغير منه يشعر بمصيره المتزايد ويشعر … بالإثارة.
على شفا الموت، أصبح كل شيء أبسط. لم تكن هناك أمهات يحتضرن، ولا أقارب ماكرون، ولا سعي وراء السلطة، لم يكن هناك سوى العمل أمامك، وإدراك أن الفشل هو النهاية.
سحق روان هذا الجزء من نفسه الذي كان يستمتع بهذه المحنة. كون الموت تحررًا لن ينطلي عليه. فهناك الكثير من الرهان على نجاحه. لقد قطع شوطًا طويلًا جدًا بحيث لا يمكن أن تُقتلعه كتلة بلا وجه في قاع الأرض.
في غضون عشر سنوات أخرى، كان قد وصل إلى خمسة عشر بالمائة من الإنجاز، ومع ذلك فإن اللحم قد التهمه إلى النصف، وبدأ روان يشعر بتأثير جانبي جديد عندما تم ابتلاع نصف جسده بالفعل، لقد بدأت عمليات تفكيره في التباطؤ.
لم تكن هذه النتيجة مفاجأة حقًا، فقد توقع روان أنه قد تكون هناك مرحلة ثانية أو ثالثة أو رابعة لهذه العملية التهامية لذا لم يصاب بالذعر، بل قام ببساطة بتعديل سرعة حساباته العقلية، باستخدام تقنيات كان قد ابتكرها مسبقًا لمثل هذه النتيجة، وبالتالي بدلاً من إبطاء سرعة تفكيره بنحو ثمانين بالمائة، فقد خسر ثلاثين بالمائة فقط من حدة ذهنه مما جعله لا يزال في القتال.
واصل فك رموز الرونية، رافعًا تقدمه إلى أربعين بالمائة خلال عشر سنوات أخرى، لكن ما يقرب من ستين بالمائة من جسده قد ابتُلع. كان هذا خبرًا سارًا وسيئا في آنٍ واحد، فقد كان روان يتقدم، لكن المشكلة هي أنه لم يكن يعلم حتى لو نجح في فك رموز الرونية، هل سيكون ذلك كافيًا لإنقاذه من هذا الالتهام؟ من الواضح أن ما واجهه لم يكن مُخصصًا لأي شخص وصل لتوه إلى هذا النجم.
لقد شك في أنه كان من المفترض أن يخترق أي شخص الأرض إلى هذا الحد حتى يتمكن من الوصول إلى هذا الوجود المخفي.
لكن هذه المخاوف ستُؤجل لاحقًا، لأن احتياجاته كانت أكثر إلحاحًا، والتفكير كان يزداد بطئا كلما استهلكه، وبالكاد يصل إلى أقصى حدود قدرته على صد هذا الهجوم.
كانت استراتيجياته لمواجهة هذا الغزو محدودة باستخدام الموارد المتاحة لديه.
انخفضت حدة ذكائه إلى ما يقارب الخمسين بالمائة، وسرعان ما لن يتمكن من فك رموز الأحرف الرونية بسرعة مقبولة. ومع ذلك، فقد وصل إلى مرحلة أصبح فيها معتمدًا تقريبًا ليس فقط على قوة وعيه، بل على غرائزه أيضًا.
وصل روان إلى أدنى مستوياته، حتى أنه كان يقاتل بجهدٍ يفوق طاقته العقلية. وقد بدأت غرائزه تلعب دورًا في ذلك.
في البداية، كان قد قمع هذا الجزء غير المتوقع منه والذي نشأ بسبب القمع المتزايد لوعيه، ولكن مع مرور الوقت، لاحظ أن غرائزه كانت على الأرجح على الطريق الصحيح، وسمح لها بتحمل المزيد والمزيد من مسؤولية فك رموز الأحرف الرونية.
استمر هذا السباق القاتم والصامت نسبيًا من أجل البقاء على طريقه والتهام الجسد أدناه داخل الحفرة التي كانت تضم ذات يوم قارة عاش فيها عدد غير معروف من الكائنات الحية.
الشيء الوحيد الذي كسر الرتابة كان تيارات الطاقة المزدوجة التي تدور بعنف حول البيضة الحجرية التي كانت تختفي ببطة في اللحم النابض أدناه.
أصبح روان بالكاد يمتلك ثلاثة بالمئة من قوة وعيه في هذه اللحظة عندما ابتلعه الجسد النابض أخيرًا بعد خمسين عامًا. كان قد فكّ شفرة تسعين بالمئة من اللغة العليا، لكن الأوان قد فات.
لم تكن غرائزه كافية، فقد كانت قادرة اتخاذ القرارات الصحيحة، ولكن ليس دائما، وكان الهجوم العقلي على وعيه قد نما إلى لدرجة أن كل ما يمكنه فعله هو الحفاظ على ثلاثة بالمائة من وعيه نشطًا.
بعد أن قرر أن الوصول إلى تسعين بالمائة من اللغة ذات المستوى الأعلى سيكون كافياً، أراد أن يبدأ في تجميع ما يمكن أن تعنيه الرسائل حتى يتمكن من الاتصال بالتيار المزدوج للطاقة أعلاه، ثم ضربت الكارثة.
كما اتضح، كان التهامه هو الخطوة الأولى التي منحته فرصة للرد، الآن داخل بطن الوحش، كان عاجزًا، والقوة التي تحملها تتجاوز ما يمكن لقوقعته وقوة وعيه المثيرة للشفقة محاربته.
سمع روان فرقعة قوية، أم عدة فرقعات؟ لم يستطع الجزم، فمجرد تجميع فكرة متماسكة كان أكثر مما يطيقه.
ثم جاء الألم، ليس الألم العادي الذي يشعر به الفاني أو الخالد، بل كان ألمًا شديدًا للغاية يدل على أن كل شيء فيك كان يتكسر ويستهلك.
لو ان روان إملك القدرة لكان يصرخ، لكن في صمت، بقي جسده يُسحق ويُمتص ببطء لعدة أشهر.
جزءٌ صغيرٌ منه، كان يمتلك أدنى شعورٍ بالوعي، لم يتوقف قط عن تفسير رسالة الأحرف الرونية شبه المكتملة، وعندما وصله الإشعار الوامض، كان قد فاق كل تصور. ما تبقى من غرائزه بدأ يصرخ في وجهه، ليتخذ قرارًا، لكنه أصبح عاجزًا، فمجرد التفكير في اتخاذ قرار قد تلاشى من ذاكرته.
ثم سمع صوت تحطم قوي للغاية تردد صداه في كل ما تبقى منه، مما أدى إلى إزالة الضباب من وعيه وأدرك أنه يمكنه أخيرًا اتخاذ خيار، ولكن بعد ذلك أصبح الأوان قد فات بالفعل.
أدرك روان أن هذه كانت الومضة الأخيرة قبل الموت، وأن اليد الممدودة لخلاصه لم تلمس أحدًا الأحرف الرونية التي تومض أمامه.
لقد مات.
الترجمة : كوكبة