السجل البدائي - الفصل 983
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
دعم مترجم لزيادة تنزيل رواية The Primordial Record
الفصل 983: شيئ مكسور
وبعد أن قالت هذه الكلمات الغامضة، غرزت إلورا الإبرة في جبهتها التي بدت وكأنها قد وصلت إلى نهايتها، وعندما أسقطت يدها، اختفت إلورا وجلست أمه أمامه، وعيناها مغلقتان كما لو كانت في نوم عميق.
لم تكن هناك حاجة للكلمات، عرف روان على الفور أن المرأة أمامه هي التي أنجبته، مع أن وجهها ووجه إلورا متطابقين، لكن هالتها… كانت مشتعلة.
بينما كانت إلورا الأصلية باردةً وحسابية، لم تكن أمه سوى نار، كانت أثوابها دليلاً على روحها اللامحدودة. لم تكن تمشي في الظلال، ولطالما بقيت مشاعرها واضحةً جليةً. أحبت دون أحكام، وابتسامتها… ضحكتها…تُشبه ضحكتها فعلا. لا يزال روان يتذكر رقصته معها عندما تجمد الزمن وكان الكون لهما وحدهما.
قبل أن تتاح لروان الفرصة لفهم ما كان يحدث بشكل كامل، تجمع حقل الزهور اللامتناهي في الأسفل في عاصفة مرعبة سرعان ما تحولت إلى جسد إلورا مختلف.
نظر روان بين جسد أمه الساكن أمامه وإلورا الواقفة بجانبه، ولاح في عينيه لمحة حيرة، أراد أن يتكلم، لكن إلورا قاطعته مرة أخرى قائلة: “لا أستطيع أن أعطيك ما تريد، لكن ذلك لن يدوم سوى للحظة، وعليك أن تقدم تضحية صغيرة لاغتنام هذه الفرصة التي منحتك إياها. هذه التضحية…” ابتسمت إلورا، “… بطريقة ما، لا أعتقد أن ذلك سيشكل مشكلة بالنسبة لك.”
تنهدت وأشارت نحو الأفق، “هذا ممكن فقط لأن هذه المساحة مميزة، ولكن لها حدودها أيضًا. سلطة والدي قوية، لكن أعمدة سلالتنا تغار. ستغرق الشمس بعد قليل، وعندما تنتهي، سترحل إلى الأبد، أحبك يا بني.” بهذه الكلمات الأخيرة، اختفت إلورا تاركة إياه وحيدًا مع أمه التي كانت ترتدي رداءً قرمزيًا وعينيها مغمضتين.
بدا جسد روان وكأنه يتحرك من تلقاء نفسه وينجرف نحوها.
ذكريات طفولته الباهتة، ذلك الطفل الصغير الممتلئ وهو يركض في غابة خضراء لا نهاية لها، سعيدًا وراضيًا، يعلم أن لديه أمًا تحبه وتعتز به، والدموع في عينيها وهي…
ذكرياتٌ كثيرةٌ طغت عليه. رُوان، رغم ضآلته في ضخامة الأشياء، تحمل ذكرياتٍ أكثر بكثير من هذه الذكريات الخافتة، لكن كل واحدةٍ منها تحمل ثقل الحنان. رفع يده وكاد يلمس وجهها، لكنه تردد، ففي يومٍ من الأيام بدت له أمه قويةً جدًا، والآن بدت هشةً للغاية، ووجودها مقيدٌ بخيطٍ واحدٍ يتلاشى ببطئ.
لقد فهم التضحية التي تحدثت عنها إلورا، وكانت على حق، لم يتردد روان وأظهر بذرة الإلدار في يده وأطعمها بلطف لأمه.
تحتوي بذرة الإلدار على جميع ذكريات أرض المعجزات التي زرعتها إلورا له، كما كانت تعتبر واحدة من الطرق النادرة للحصول على الأثيريوم، وهو مورد نادر في كل الواقع ومرغوب فيه بشدة.
أخبره الرجل العجوز سِيد أن هذه البذرة ليست مجرد بذرة عادية، بل نقية من أي عيب، أي أنها خالية من أي إرادة بدائية، مما يجعلها ثمينة للغاية. بل إنها فريدة من نوعها.
على الرغم من كل هذه الإيجابيات التي تتمتع بها بذرة الإلدار، لم يكن أي منها مهمًا بقدر الجانب الأخير الذي تحتويه، ذكرياته.
مليون سنة من حياته فُقدت، أخذتها أمه حفاظًا عليها حتى يحين وقت روان لاستقبالها. ولكبح جماح عين بدائي الزمن، لم يستطع روان جمع أرواح أيٍّ من الانعكاسات، بل احتفظ بها كحاجزٍ فوق العين، مما منعه من قراةة ذكرياتهم.
كان قد خطط سابقًا لاستخدام بذرة الإلدار بعد دراسة مكوناتها بدقة، أو على الأقل محاولة فك شفرة عملية تكوينها، وذلك لاكتشاف كيفية تطوير القدرة على تجلّي الأثيريوم. كان العثور على بذرة ثانية من الأثيريوم دون إرادة بدائية مُدمجة فيها أمرًا شبه مستحيل، لكن روان ضحى بالبذرة دون تردد.
إذا استطاعت إلورا العثور على واحد، فسوف يكون قادرًا على العثور على آخر، وقد لا تأتي فرصة المصالحة مع والدته بعد مليون عام من الانفصال مرة أخرى، حتى لو بدا أن وقتهما معًا سيكون قصيرًا.
راقب روان والدته عن كثب، منذ اللحظة التي أطعمها فيها بذرة الإلدار، لم يمر سوى بضع ثوانٍ ولم يبدو أن هناك أي تغييرات في جسدها، لكن عينيه سرعان ما رأت بداية واحدة.
بدأت هالتها بالارتفاع، وجسدها الذي بدا جامدًا بدأ يسخن، ثم ازدادت سخونته بشكل لا يُصدق، حتى قاربت درجة الحرارة المنبعثة من جسدها حرارة قلب نجم. لم يتغير العالم من حولهما، فهذه الحرارة لا تُذكر بالنسبة لعالم إبتكره كائن من بُعد أعلى، ولم يُدرك روان ذلك حتى، لأن عيناه كانتا مُركزتين على والدته فقط.
احمرّ وجهها الشاحب، وارتفع صدرها. ارتجفت جفناها، وارتسمت على وجهها عبوسة خفيفة، حبس روان أنفاسه، ثم انفتحت عيناها فجأةً دون أي إشارة.
تغير لون العالم. ازداد ضوء الشمس الغاربة إشراقًا، وتحول العشب والأشجار في أرجاء العالم إلى لون قرمزي، ومن بعيد بدا وكأن العالم قد تحول إلى نجمة حمراء.
في البداية، كانت عيناها مشوشتين. كان هذا من امرأة توقعت ألا تستيقظ أبدًا، قبعد أن انتهت من دورها، يفترض بها أن تنام نومًا عميقًا، لكن فجأةً…
غمرت الذكريات وعيها وتدفقت القوى في عروقها، وشعرت بالخطأ في كل هذا،
“لا، هذا ليس لي… هذا خطأ، كان من المفترض أن يُعطى لابني. أين هو؟ أين ابني؟!”
استعادت وعيها تمامًا، وركزت عيناها المشوشتان، ونظرت إلى الجانب الآخر فرأته. ساد الصمت برهة حين التقت أعينهما، وكان التواصل بينهما صامتًا، لكن ذلك لم يقلل من عمقه.
شهقت إلورا بينما انهمرت دموعها الملطخة بالدماء من عينيها، واشتعلت كاللآلئ المتوهجة. أراد روان أن يرفع يديه ليفعل شيئًا، أي شيء، لكن الأمر كان صعبًا للغاية، كأنه نسي معنى العزاء… لم تعرف يداه سوى الموت، فكيف لهما أن تُعطيا حنانًا؟
اتسعت عينا والدته عندما أدركت الحقيقة وكسرت الحاجز غير المرئي بينهما وجذبت روان إليها في عناق من شأنه أن يسحق الجبال إلى غبار.
رفع روان يديه، ونزلا ببطء حتى أمسكها، وسمع أمه تهمس في أذنيه، والحزن في صوتها لمس جزءًا من وعيه الذي ظن أنه فقده منذ فترة طويلة،
“يا عزيزي، قلبك مكسور.”
الترجمة : كوكبة
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.