السجل البدائي - الفصل 976

الفصل 976: الدائرة العليا للمستوى الفاني الكامل

بلغ محيط حلقتي الضباب حول روان أربعة عشر مترًا، وتهتزّان بقوة لا تُوصف، لكنهما لم تصمدا طويلًا حتى ظهرت فوقهما حلقة أخرى من الضباب. بدا الفضاء المحيط وكأنه ينفجر، إذ بدأ صوت خافت، كان هادئًا من قبل، يزداد حدة.

بدا الغناء، ربما البكاء أو الثرثرة من حشد من الناس… من المستحيل فهم معنى الصوت، ولكن كان هناك دافع قوي بشكل لا يصدق يدفع المرء إلى التركيز بشدة مهووسة على فهم معنى الصوت.

سوف يصاب السامي بالجنون وهو يحاول فهم الأصوات التي تصدرها الدائرة العليا عندما تكتمل.

زادت الحلقات الثلاث قطرها إلى واحد وعشرين متراً وانفجرت القوة المنبثقة من روان، صرخ المجال بأكمله لقد أدرك روان بشكل خافت أن الرجل العجوز سيد يجب أن يفعل شيئًا للتحكم في مستوى الدمار لأنه ظل يشعر بضيق المساحة حوله.

مع ذلك، وعلى الرغم من تدخلاته، تحطمت الأرض تحت روان لأميال، فتشكلت حفرة أعمق مما يمكنه أن يراه، مما أدى إلى الظلام، ثم تحطمت السماء أعلاه إلى قطع، وتم الكشف عن العالم خارج النطاق للحظة وجيزة قبل أن يتم إغلاقه، وكأن مستوى الدمار لم يكن كافيا، ظهرت حلقة رابعة.

في هذه اللحظة أصبح من الممكن فهم جزء من الأصوات الصادرة من الحلقات حول روان، ولو كان وعي روان مركّزًا على ما يحدث حوله، لكان قد اكتشف أن الصوت هو لغة يمكن التعرف عليها.

مع أربع حلقات محيطة بجسمه، بمساحة ثمانية وعشرين مترًا، تضاعف حضور روان، وكأنه يحمل ثقلًا خاصًا به. سحقت هالته كل شيء، حتى السماء من فوقه جُرفت نحو الأرض، ولم يبقَ سوى سحابة أرجوانية دائرية تدور حول جسده وتمتد لأميال، مع برق أرجواني غامض يلمع عبر السحابة.

ظل إدراكه لا يزال داخل جسده، وما زال غير مدرك لما كان يحدث حوله، وكانت أغنية الدائرة العليا تسيطر على حواسه.

لقد اختفت أربع حلقات من أصل تسع من مساحته العقلية، وعرف أنه بمجرد فكرة يمكنه ربط نفسه بها، لكن أولاً، كان بحاجة إلى الاستمتاع بشعور الوزن الثقيل الذي يغادر وعيه.

لم يكن وزنًا ماديًا حقيقيًا، فهو أكثر من مجرد وعي يحمل جاذبيته الخاصة، كانت هذه هي الطريقة الأفضل التي يمكن لروان أن يشرح بها الشعور بحمل الدوائر العليا غير النشطة.

فهذه القوة فخًا، ولم تكن مُصممة أبدًا ليستخدمها فاني أو خالد. فثقل دائرة عليا واحدة كفيلٌ بسحق أي مساحة ذهنية.

إن الفضاء العقلي مرتبطًا بالروح، ولم يكن روان يعرف أحدًا يمكنه أن يساوِي قوة فضائه العقلي، مع لحمه الأبعادي الذي اندمج بقوة مع كل قواه، مما جعل الفضاء العقلي لروان يصل إلى مستوى من الاستقرار والقوة لم يسبق له مثيل.

إن جسده يُنظر إليه كفضائه العقلي، لأن جسده كان بُعدًا.

أُعطيت القوة اللاشكلية للفضاء الذهني صلابة وعمقًا لشكل مادي عبر بُعده. كان جسد روان معجزة.

رغم كل هذا، ظلّ يشعر بثقله. ربما تستطيع كائنات الأبعاد العليا حمل هذه القوة، لكنهم بحلول ذلك الوقت كانوا قد تجاوزوا الدوائر العليا، وبالتالي، كانت هذه التقنية عديمة الفائدة بالنسبة لهم، إذ لن يتمكنوا من تفعيلها.

إن تقنية خاصة مثل هذه لم يتم إنشاؤها للجميع، بل لشخص خاص، خاص جدًا لدرجة أن روان اعتقد أنه لا ينبغي أن يكون موجودًا على الإطلاق.

لم يكن هذا الشعور الثقيل مفاجئًا، فقد توقع روان شيئًا أسوأ. كل حلقة من حلقات الدائرة العليا تحمل إمكانيات كافية لتُعتبر لا نهائية. فهي تعتبر تتويجًا لعدد لا نهائي تقريبًا من التقنيات المعروضة في أبسط صورها.

أُنهي عصرٌ كاملٌ لصياغة الدوائر العليا من الرماد. كانت أهمية هذه الحلقات بالغة الأهمية، ولم يكن ذلك إلا في بداياته.

قرر روان أن الدائرة العليا الرابعة ستصبح النقطة المثالية بين المسخ المخيف والوحش المحبوب.

كانت أقوى سلالاته، أوروبوروس البدائي في تلك اللحظة، في الدائرة الرابعة، وقد طغت هالتها على سلالتيه الخالدتين الأخريين إلى مستوى جعل روان لا يعلم أن سلالتيه الأخريين كانتا في مستوى الخالد، وهو الدائرة الخامسة، ومن كل الدلائل الخارجية، سيعتقد أن كلاهما لا يزالان في الدائرة الرابعة.

لم يكن هناك عودة إلى الوراء في الكشف عن أنه أتقن الدوائر العليا في أقل من سبعة قرون، مما جعله غريبًا، لذلك كشف روان أنه أتقن ليس دائرة واحدة فقط ولكن أربع دوائر، مثل تمزيق ضمادة، قرر أنه إذا كان بإمكانه الكشف عن دائرة واحدة، فيمكنه أيضًا الكشف عن أربع دوائر، ولكن على الأقل، فقد أبقى فهمه غير المعقول تحت المستوى الفاني.

كانت الأفكار التي دارت في رأس روان بسيطة،

‘انظر… أعلم أنني غريب، لكن حتى أنا لديّ حدود، لا أستطيع إلا فك رموز أربع دوائر عليا من الدوائر التسع، وحتى لو كان عليك الحذر مني، فإن حماسك سيوازن هذا الحذر، وربما تفكر أن حدودي في الدائرة الرابعة هي فقط لأنني ما زلت فانيًا، وهكذا سيتحول تركيزك من فهمي غير المنطقي للدائرة إلى اكتشاف حدودي الحقيقية واستكشاف ما يمكنني أن أصبح عليه عندما أصبح خالدًا. ما زلت مشروعًا يمكنك العمل عليه وفهمه جزئيًا، وسيعود الجميع إلى منازلهم سعداء. يمكنني أن أكسب بعض الوقت مع هذا.’

راضيًا بهذا الخط من التفكير، لم ينشر روان إدراكه للخارج كما اعتاد أن يفعل من قبل، بعد التعرف على إشعاعات الروح، سيكون من الحماقة أن يرى العالم الخارجي باستخدام وعيه عندما يكون هناك كائنان من أبعاد أعلى هنا معه، ولذا استخدم الأدوات الجديدة المتاحة له الآن – الدائرة العليا الأربعة التي أظهرها للتو.

كان إدراكه من خلال الدائرة العليا مشابهًا لبصره الروحي، لكن الفرق كان في أن إدراكه أصبح منقسمًا إلى أربعة أجزاء، مع رؤية شاملة تتراكب على جميع تيارات الرؤية الأربعة الداخلة إلى ذهنه. وهكذا، استطاع رؤية خمسة تيارات رؤية منفصلة في الوقت نفسه.

كانت كل رؤاه واضحة، وكان قادرًا على رؤية كل شيء حوله وفهم ما يراه على بُعد ملايين الأميال. لم تُرِه الدوائر العليا العالم فحسب، بل فسّرته له أيضًا. كلاعبٍ مُفعّل قدرته على التعرّف بشكل دائم.

حُلل كلُّ شبرٍ من العشب وكلُّ هبةٍ من الريح وفهما. استطاع تحديدَ المعنى الكامن وراء كلِّ ما كان يشهده، ورأى التفاعلَ المعقدَ للطاقةِ تحتَ قشرةِ الواقعِ السطحية.

مع العلم أنه ينظر إلى أعماق تقنيات الرجل العجوز، كان الفكر مثيرًا للقلق بعض الشيء.

ولكن كانت هناك فروق دقيقة في كل الرؤى الفردية، ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى يتمكن من تحديد تلك الاختلافات، وعندما فعل ذلك، أخذ روان نفسًا عميقًا.

لقد صنف الدوائر العليا على أنها واحدة من أقوى قدراته، وحتى قبل تفعيلها، كانت هذه القوة تتسلل إلى المراكز الثلاثة الأولى لديه.

الترجمة : كوكبة