السجل البدائي - الفصل 961

الفصل 961: أسرار ألف عام (2).

استغرق إدراك روان الذي أطلقه داخل الكون الحي عشرات الآلاف من السنين لفهم عقل كل كائن حي في العالم الرئيسي، ولكن بسبب حقيقة أن التعويذة كانت قد جمدت الوقت داخل الكون، شعر وعيه أنه كان يشهد مرور الوقت.

لا يزال الوعي قادرًا على التجول داخل الكون المتجمد، والانتقال من روح إلى روح، وتمشيط كل وعي داخل هذا الفضاء، في حين أن الوقت لم يمر حقًا.

كانت ظاهرةً مثيرةً للاهتمام أتاحت لروان تجربةَ الطبيعة الغامضة للزمن، وكيف أن أفعاله تُمليها أحيانًا إدراكاتُ من يمرّ بها. لم يكن أحدٌ في الكون المُتجمد يعلم أن الزمن قد توقف، حتى لو حافظ روان على هذه التعويذة لمليار سنة أخرى، فلن تمر ثانيةٌ واحدةٌ بالنسبة لهم. في اللحظة التي يرفع فيها التعويذة، سيواصلون حياتهم جميعًا دون أن يدركوا أن الكثير قد تغيّر.

أدرك روان أن تعويذته لن تكون قوية إلى هذا الحد بدون فهمه الغريزي للوقت والذي تجاوز أي نوع من أنواع الحس السليم.

يجب أن يكون أحد الأسباب هو سلالة أوروبوروس البدائية التي شاركت أيضًا قرابة مع الزمن، لكنه ولد أيضًا من جوهر إيروهيم، الذي كان آخر بقايا حية من بدائي الزمن.

لكن القول بأن شيئًا لم يتغير في الكون المتجمد كان كذبة. الانعكاسات وكل خالد شارك في المعركة وما زال موجودًا في الكون الحي آنذاك كان يتلاشى تدريجيًا.

انفصل الزمن إلى نصفين، لكن روان أعاد ربطهما معًا. الحاضر والماضي، السبب والنتيجة. جاعلاً الحاضر يحمل السبب والماضي، النتيجة، وهي نتيجة تُشبه جشع سلالة أوروبوروس. لولا تأثيرات تجميد الزمن، لكان هذا الحدث لحظيًا، لكنه الآن يستطيع أن يُلاحظ هذه العملية ببطء بينما بدأت أجسادهم المتلاشية تتفتت إلى طبقات. اختفاء كان من المفترض أن يحدث في لحظة، ويمتد لآلاف السنين.

أولاً، كانت المجالات أو حقول الطاقة المختلفة حول أجسادهم هي التي اختفت، ثم تقشرت جلودهم ببطء، وانهارت إلى غبار، وانهار الغبار إلى العدم.

لقد أتاح له ذلك فرصةً ليتعلمَ بلا مبالاةٍ كلَّ شيءٍ عن قدراتهم الطاقية المتنوعة والقدرات التي أتقنوها طوال حياتهم، لأنَّ جميع أسرارهم انكشفت بالموت، وتعلم روان الكثير في آلاف السنين التي مضت. كلُّ هذا ساهم في إثراء معرفته العامة، لكنَّ معظمه كان بلا فائدةٍ له عمومًا.

كان إدراك روان داخل الكون مُزينًا برؤية عشرات الملايين من الخالدين المتجمدين بدون جلدهم، بينما بدأت العضلات الموجودة تحتهم تتآكل ببطء.

لقد أتاح له ذلك فرصةً ليتعلمَ بلا مبالاةٍ كلَّ شيءٍ عن قدراتهم الطاقية المتنوعة والقدرات التي أتقنوها طوال حياتهم، لأنَّ جميع أسرارهم انكشفت بالموت، وتعلم روان الكثير في آلاف السنين التي مضت. كلُّ هذا ساهم في إثراء معرفته العامة، لكنَّ معظمه كان بلا فائدةٍ له عمومًا.

تذكر مجددًا الفجوة الهائلة التي كانت قائمة بينه وبين الجميع. كان كلٌّ من هؤلاء الخالدين عبقريًا متميزًا، يتمتع بقدرة على التحكم في الطاقة والتعاويذ تجعل أي شخص آخر يشعر بالخزي، لكن بالنسبة لروان، بدا كل ما يملكونه بدائيًا وضعيفًا للغاية.

ما أمضوا ملايين السنين في إتقانه كان عاديا، وذكرياتهم… آه، ذكرياتهم كانت رائعة بطريقتها الخاصة. سنوات من الكفاح والخيانة والمعارك والدموع والدماء والعرق التي سُفكت في طريقهم نحو العظمة.

لقد شاهد عددًا لا يحصى من المشاهد للخالدين وهم يتنافسون على الموارد والأشياء الثمينة لتعزيز سمات أرواحهم أو أجسادهم بمئات النقاط البائسة ورأى كيف أصبحت قلوبهم سعيدة بمثل هذه الدرجة البسيطة من التقدم.

استحوذ روان على عالمٍ أعلى واكتسب ملايين نقاط السمات، وكانت تلك البداية فقط، إذ كان بإمكانه اكتساب المزيد من السمات مع مرور الوقت، بلا حدود على ما يبدو. كانت الفجوة بينه وبينهم شاسعةً لدرجة أنها كادت أن تكون سخيفة.

في تلك اللحظة، بينما كان يبحث في أرجاء الكون، اكتشف آخر خطة احتياطية من خطط الأمير الثالث. امرأة تُدعى أميرة. كانت هناك العديد من الخطط الأخرى التي وضعتها الانعكاسات لحماية أرواحهم، لكن جميعها تبيّن أنها بلا جدوى، فقد استولى روان على أرواحهم، وأصبحت أي خطط وضعوها بلا جدوى عندما عكس روان مبدأ السبب والنتيجة.

لقد تحولت أرواحهم إلى أعظم هداياهم ونقاط ضعفهم.

ومع ذلك، لم يُفاجأ بقدرة الثالث على تجاوز هذه المشكلة. ابتسم روان في سره قائلًا: “يا له من عدو!”

لم يكن الأمير الثالث عاطلاً عن العمل طوال العصور التي عاشها، بل ازدادت معرفته بالروح. ولعله بفضل تعلمه من محرك الروح الضخم داخل عين البدائي الذي يحصد طاقة الروح من كرات أصل الروح، بدأ الأمير الثالث البحث عن أصل روحه!

سواء كان ذلك بالحظ أو التصميم، فقد اقترب من النجاح، على الرغم من أن القرب قد يعني مليارات السنين في المستقبل، بالنسبة للخالدين مثله، كان ذلك غمضة عين.

لقد تم تجويف روح أميرة بسبب التجارب المروعة التي فرضها الأمير الثالث، وحيث كان ينبغي أن تكون هناك أضواء ملونة بجميع الألوان لتمثل حيوية روح الإنسان، لم يكن هناك سوى اللون الرمادي.

كان لون روحها هو ما جذب انتباه روان في البداية، وعندما تعمق أكثر، رأى أن الأمير الثالث قد نقل روح أميرة من جسد إلى آخر لقرون، ومع مرور الوقت، كطفيلي، بدأ يتسرب إلى روحها، ويسكب إرادته ونواياه فيها. كان هذا بمثابة وسيلة لاحتواء أجزاء صغيرة من روحه.

لقد استطاع فعل ذلك مع أميرة لأن هذه المرأة كانت مميزة، فسلالتها فريدة، تحمل أثرًا طفيفًا من سلالة متعلقة بالأرواح. ليست سلالة الحراس البدائيين، بل سلالة أخرى لها علاقة بالروح.

عرف روان أن الحراس البدائيين ليسوا الوحيدين الذين يملكون سلطة على الروح في الواقع، بل ربما كانوا الأقوى بين سلالات الأرواح، لكنهم لم يكونوا الوحيدين. أثار اكتشاف سلالة أرواح حماس روان. في الكون بأكمله، كانت هي الوحيدة التي تمتلك سلالة كهذه، مما يُثبت ندرتها.

كان الأمير الثالث على دراية بشكل الروح، بما في ذلك روحه الخاصة، لم يكن بإمكانه التلاعب بها، لكنه كان يعرف كيفية التأثير عليها، وفهم أن بعض الإجرائات من شأنها أن تنقل جزءًا من طاقة روحك إلى الآخرين.

بالنسبة للفانين، كان نقل طاقة أرواحهم أمرًا بسيطًا، نظرًا لبنية أجسادهم المتينة، أما بالنسبة للخالدين، فكان الأمر في غاية الصعوبة. اكتشف الأمير الثالث أن المشاعر الجياشة قادرة على استنفاد قوة الروح، وبفضل سلالة أميرة المميزة وكراهيتها له، استنزفت هذه المرأة بعضًا من روحه تدريجيًا.

حرص الأمير الثالث على ألا تستطيع النمو، فلا تجد سبيلاً لإيذائه. أميرة، غافلة عن إمكانياتها، استُخدمت كحاوية لنقل روح الأمير الثالث، ومع مرور الوقت، ربما وجد العبقري المجنون طريقةً لتوليد ما يكفي من طاقة روحه ليصنع أميراً ثالثاً آخر.

إذا ما سقط في الموت، فسوف يكون لديه روح احتياطية، وهذه كانت مجرد الخطوة الأولى في العثور على أصل روحه.

الترجمة : كوكبة