السجل البدائي - الفصل 946
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
دعم مترجم لزيادة تنزيل رواية The Primordial Record
الفصل 946: رغبة من الدم
في حياته القصيرة التي استمرت لأكثر من ألف عام، رأى روان العديد من رؤى الماضي وبعض المستقبلات المحتملة، لكنه لم يُؤخذ جسديًا إلى الماضي أبدًا، مما جعله يتسائل عن البعد الذي يتحكم فيه هذا الرجل العجوز المجهول.
في البداية، باستخدام برج الجشع، كان قادرًا على إعادة وعيه إلى الماضي، وبعد استدعاء جسر الشفق، لم ينتقل روان حقًا من الحاضر إلى الماضي، بل تم التضحية بأعمدة وعيه في الحاضر لإنشاء جسر يربط الماضي، في حين أن طبيعة ثعابين أوروبوروس جعلت من الممكن بالنسبة له سرقة المكاسب التي حققها من الحاضر وإعادتها إلى الماضي.
كما ترى، رحلته الحقيقية الأولى إلى الماضي تركته مع الكثير من التساؤلات، لأنه لم يكن يسافر إلى الماضي باستخدام وعيه، بل جسده بالكامل. كيف يُمكن تحقيق إنجاز كهذا؟ هل سيعود حقًا إلى الماضي، وإذا كان الأمر كذلك، فهل يُمكنه تغيير الحاضر برؤية الماضي؟
كانت الأسئلة في ذهنه كثيرة، لكن روان لم يكن بحاجة إلى أن يسأل أي شيء في هذا الوقت، بل كان يفضل المراقبة، وعندما تأتي الفرصة له لطرح أسئلته، كان عليه أن يتأكد من أنها على الأقل مهمة.
لم يكن روان بحاجة إلى مراقبة محيطه بشكل نشط؛ لأنه، بسبب تأثيرات ألقابه العديدة وإدراكه غير المعقول، كان يتم تحليل كل ما يراه وتسجيله، ولكن مع ذلك لازال الأمر صعبا للغاية.
كان الطريق الذي سلكاه مألوفًا وغريبًا في آنٍ واحد. ورغم سرعتهما الخاطفة، حتى بالنسبة لروان، إلا أنه استطاع تمييز أجزاء من الطريق الذي سلكاه.
رأى وميضا من سلاسل، حددها على أنها سلاسل الزمن من خلال تلوينها الداكن الغريب، ومشاهد كارثية من المآسي الماضية التي حيرت العقل ولكنها مرت بسرعة كبيرة حتى بدت وكأنها سراب، وتماثيل ضخمة جعلت المجرة كحبة الرمل، وحروب خيالية ذات أبعاد ملحمية، استمرت في الوميض بسرعة كبيرة لدرجة أن إعادة بناء المشهد في وعيه كان إنجازًا لقدرة حسابية عليا، وبطريقة ما فهم روان أنه كان يرى جزءًا فقط من المجد الحقيقي لهذا الطريق، حيث قام الرجل العجوز بكل ما يسمى بحكمته يحجب بصره عن هذا المسار.
أراد روان أن يلعن بصوت عالٍ، كان هناك الكثير مما يمكنه تعلمه، الكثير من الألغاز تحت أطراف أصابعه التي يمكن أن تدفع براعته في التعويذة إلى ارتفاعات سخيفة، وكان هذا الرجل العجوز الملعون يحميها.
من المرجح أن يكون هذا التصرف منه جديرًا بالثناء، قد يبدو هذا الرجل العجوز متهورًا، لكنه لم يكن غبيًا، حتى سامي أو حامل إرادة في بعد ضعيف ربما يصاب بالجنون عند عبور هذا المسار، لذا إعتقد أنه كان يحمي روان من الأذى.
يا له من قديس مذهل! أراد روان أن يقلب عينيه، المشكلة أنه أراد أن يرى، لم يكن مثل أي شخص آخر، إن أسرار الزمن مدفونة في دمه، ‘أرني الجنون أيها الرجل العجوز، أرني الأسرار، لا يهمني إذا أحرق عيني أو أحرق روحي، ليس لدي روح، فقط هاوية لا نهاية لها تتوق إلى أن تمتلئ!’.
ومع ذلك، لم يستطع الاعتراض كثيرًا، وإلا فقد يفهم الرجل العجوز أعماق روحه الحقيقية أو افتقارها. كاد يكشف عن طبيعته الحقيقية لينكشف له الستار الذي يحجب طريق الزمن هذا، وكان عليه أن يكبت رغباته باستمرار. كان هناك شيء ما في هذا الطريق، لغزٌ مُثيرٌ يخدش أبواب عقله. ها هي القوة، خذها!
أدرك روان أن هذه الرغبة ليست طبيعية، فمهما اشتدّت رغبته في السلطة، لم تبلغ حدّ فقدان السيطرة على حواسه. هذا الطريق… كونه قريبًا من قوة الزمن، كان يؤثر فيه أكثر بكثير مما توقع، وهو الآن ممتنٌّ للغطاء الذي كان هذا الرجل العجوز يستر به الطريق، وإلا لكان ضائعًا.
لم يعد روان يُركز على المسار، بل حوّل إدراكه إلى الداخل، باحثًا عن أصل هذه الرغبة في وعيه، لكن الأمر كان أشبه بمحاولة العثور على حبة رمل على شاطئ. شعر أنه يفتقر إلى بعض الأدوات اللازمة لفهم طبيعة الزمن.
كان الجواب واضحًا، عليه أن يصعد إلى بُعد أعلى ويطلق العنان لقوة الزمن، وربما تنكشف بعض الحقائق التي كانت تائهة. لكن هذا لم يمنع روان من محاولة تحديد مصدر تلك الرغبة التي تسري في دمه والتي كانت تُهدده بالجنون.
مع ازدياد وضوح أنه حيّ، مع أنه قد لا يكون من سلالة الزمن الكاملة، إلا أن تأثير الزمن على وعيه أصبح مصدر إزعاج. هل كان هذا أحد الآثار الجانبية لكونه القريب الوحيد من عين بدائي الزمن؟
“هذا مكانٌ لإقامةِ كائنٍ من مكانتي، لكني نادرًا ما أسيرُ في هذا الطريق، ذكرياتٌ كثيرة، ومعظمها سيئ، والكثير منها… أسوأ” سحبَ صوتُ الرجلِ العجوزِ المهيبُ روانَ بعيدًا عن تأملاته، شيءٌ في صوتهِ إنتشله من أفكارهِ المظلمة، “مهلًا، هل لديكَ المزيدُ من النبيذِ غيرِ السام؟” ألقى الرجلُ العجوزُ جرتي النبيذِ اللتين تركهما للحراسِ وأبعدهما بنفسِ السرعة.
‘لذا فإن هذا هو المكان الذي اختفت فيه الخمور،’، ومضت عينا روان، حل لغزًا صغيرًا لفت انتباهه وأخيرًا أكد أن الرجل العجوز وإلورا كانا يراقبانه منذ البداية، على الرغم من أنه كان منزعجًا بعض الشيء من أنهما سيقاطعان تجربته في أي لحظة، إلا أنه كان أكثر دهشة من أنهم تمكنا من اكتشاف وجود خطأ ما في النبيذ الذي صنعه، على الرغم من أنه كان من المفترض أن يعطي فائدة لا نهاية لها.
من الناحية الفنية لم يكن هذا النبيذ سامًا، وإذا لم يكن هو، فلن يتمكن أي شخص آخر من فعل أي شيء ضار به، فلماذا تم اعتباره سامًا؟
لم يكن روان يحمل أي كراهية تجاه الحارسين، وعندما صنع النبيذ كان يكافئهما فقط، وعندما لاحظ التأثير، أثير فضوله وأراد أن يفهم فقط مقدار ما يستطيع أن يشعر به من روحيهما وما هي التغييرات اللاحقة التي ستحدث عندما يشربان ما يكفي من النبيذ.
في هذا الوقت، باستثناء استشعار نيتهما من روحيهما، مما منحه إحساسًا خافتًا بالاستبصار ضد أي إجرائات كانا على وشك اتخاذها، لم تكن هناك أي تأثيرات أخرى وكان يعلم أن معظم الناس الذين يعرفون هذا التأثير الخفي لنبيذه سيظلون يختارون شربه، لأن تأثيرات تقوية الروح الخاصة به تستحق.
إذا اختار الحارسان عدم حمل السلاح ضده أبدًا، فحتى نهاية الزمان، لن يستخدم روان القوة التي اكتسبها على روحيهما لطعنهما في الظهر أبدًا.
الترجمة : كوكبة